أدب وفن.. متفرقات ثقافية متفرقات ثقافية3

النساء في مكعبات كريستالية.. ثلاثة معارض للتشكيل السوداني في الشارقة
ترجمة: محمود الدنعو
تحت عنوان: “اكتشف حركة الفن الحديث بالسودان”، كتب كريشنا كومار تقريراً فنياً لصحيفة (غولف نيوز) الإماراتية، مشيراً إلى أن هناك ثلاثة معارض فنية تحتضنها حالياً مؤسسة الشارقة للفنون، تعكس كيف أن التشكيليين السودانيين يقودون التحول والتغيير، ليس على السياق الأفريقي فحسب، بل على الساحة الدولية.
وبعد عروض حركة السيريالية وروادها الأوائل في مصر، اتجهت مؤسسة الشارقة هذا الخريف إلى التعرّف على حركة الفنون الحديثة في السودان والساسية المحيطة بها، والمعارض الثلاثة التي تحكي قصة التشكيل السوداني الحديث، يشارك في تقييمها الشيخة حور القاسمي؛ مديرة مؤسسة الشارقة للفنون، والدكتور صلاح محمد حسن، والبروفيسور غولدوين سميث، وكلاهما من معهد الحداثيات المقارنة بجامعة كورنيل.
وتعكس سلسلة المعارض التشكيلية التي تحتضنها مؤسسة الشارقة عناونين توثق لحركة الفنون التشكيلية في السودان، حيث تعرض أعمال لكاملا إسحق وأمير نور تحت عنوان: “مدرسة الخرطوم: صناعة حركة الفن الحديث في السودان من 1945 والآن”، ويكرس هذا العرض لعكس عمق جماليات مدرسة الخرطوم وأساليبها المتنوعة وروادها أمثال عثمان وقيع الله وإبراهيم الصلحي وبسطاوي بغدادي وأحمد شبرين ومحمد عمر خليل وتاج السر أحمد وآخرين.
المعارض كذلك تضيء على المدرسة الكريستالية أو (مدرسة الواحد)، وأعمال كبار فناني هذه المدرسة مثل حسن موسى وعبد الله بولا.
كما تعكس المعارض كيف أن للسينما والصحافة والتلفزيون ووسائل الإعلام الأخرى دورها الحاسم في الحداثة منذ فترة الاستعمار البريطاني ومرحلة ما بعد الاستقلال.
التصوير الفتوغرافي كفن حاضر من خلال أعمال راشد مهدي وجاد الله جبارة وعباس حبيب الله ومحمد يحيى عيسى.
فى معرض فردي تقدم كمالا إبراهيم إسحق إبداعاتها التي تعكس تأثرها بمدرسة الحداثة في معرض بعنوان: “النساء في مكعبات كريستالية”.
أما النحات السوداني عامر نور، المقيم في شيكاغو الأمريكية، فيقدم معرضه الفردي بعنوان: “سعة الأفق.. إيجاز العبارة”، الذي يقدم أسلوبا مميزا يستوحي منحوتاته عادة من صور القباب والتلال الرملية في السودان.
**
أكملي القصيدة ثم ارحلي
محمد علي بشير
لا ترحلي إني أهديك أغلى عشقنا
تهب الحنين جوانحي ثراً كعطر السوسنة
لا ترحلي يا حلوتي فزهو ذاك المنحى
ترجو الهوى أيامه تخضر فيه تيمنا
بالسعد بالعشق الذي يا حلوتي يهفو لنا
ينساب توقاً في دمي وتخوم قلبي دندنه
ويقطر الصبح الوضيء ألقاً بهياً من سناء
*****
ورحلتِ أنتِ مليكتي وتركتني فإذا أنا
شوق تعاصف في دمي أدمى الفؤاد المثخنا
تأتين لي في ومضة درب يناجي خطونا
عيناكِ لما تأتني فيها الحنان مهيمنا
عيناكِ من لحن الضباب أناقة وتفننا
عيناكِ صمت مترع بالهمس ذوقاً فاتنا
ومراكبي قد أبحرت للصحو ذاك وللدُّنى
قولي فإني أرتجي.. قولي فإني محزنا
قولي هواه حفظته قد كان شطري ميمنا
قولي لهم يا جنتي عادت قديم الأزمنة
عاد الهوى بربيعه يخضر حتماً وعدنا
وأعوده لأبثه شوقي ويورق دربنا
وتضمنا ليلاته وتضمنا وتضمنا
وأعود ألقى حبه هو قبلتي والموطنا
***
“الخيانة” في المان بوكر
رواية تسخر من التفرقة العنصرية
د. عزة مازن
مثلما خابت التوقعات مع جائزة نوبل للآداب في السنوات الأخيرة، خابت التكهنات بالفائز بجائزة المان بوكر العالمية، خاصة بعد أن فتحت أبوابها لكل من يكتب بالإنجليزية خارج بريطانيا ودول الكومنولث منذ عام 2014. فبعيداً عن كل التوقعات ذهبت الجائزة هذا العام (2016) لرواية “الخيانة”
The Sellout 2015) للكاتب الأمريكي “بول بيتي” (54 عاماً)، وهي رواية تدين الممارسات العنصرية ضد السود في الولايات المتحدة الأمريكية بأسلوب ساخر مرير، يقترب من الكوميديا السوداء.
كان كاتب جنوب أفريقيا (جي إم موتسي) الفائز بالجائزة مرتين والفائز بنوبل للآداب عام 2002، قد تصدر القائمة المكونة من ثلاثة عشر عملا روائيا، بروايته (أيام دراسة المسيح)، وهي الجزء الثاني من روايته السابقة (طفولة المسيح) (2013). ولكن (كوستي) خرج من السباق بعد أن أعلنت القائمة القصيرة من ست روايات تصدرتها رواية (الحليب الساخن) للإنجليزية (ديبورا ليفي)أجمعت لجنة التحكيم على منح الجائزة لرواية بول بيتي، لما بها من سخرية لاذعة تدين سياسات التفرقة العنصرية في أمريكا، وجاء في حيثيات منح الجائزة أن (بيتي) استحق أن يفوز بالجائزة الأدبية المرموقة التي رشح لها 155 عملا روائيا، ويصبح أول أمريكي يفوز بالجائزة، لسخريته اللاذعة من السياسات العنصرية في الولايات المتحدة الأمريكية، فروايته ترفعه إلى مكانة أعمدة الأدب الساخر، مثل الأمريكي “مارك توين” والإنجليزي”جوناثن سويفيت”، وأضافت اللجنة أن الرواية من تلك الأعمال الأدبية النادرة القادرة على أن تعتمد على السخرية وتغوص في أعماق المجتمع الأمريكي المعاصر ببراعة وقسوة، فهي مضحكة ومؤلمة في نفس الوقت، إنها رواية تعبر عن عصرنا بجدارة. تنتمي الرواية إلى الكوميديا السوداء، فتتناول تراث العبودية وغياب العدالة العرقية والاقتصادية في أمريكا في سخرية مريرة.
صدّر الكاتب روايته بشكر وعرفان ذكر فيه أنه استلهم عمله من أعمال عالم النفس “وليام كروس”، خاصة ورقته البحثية عن تجربة التحول في حياة السود الأمريكيين، المنشورة عام 1971. وعن استخدامه الفكاهة اللاذعة في تناول موضوعات جادة يقول “بيتي” إنه يرى جانبا فكاهيا في كل شيء. “الخيانة” هي روايته الرابعة، واحتفى بها أيما احتفاء، لما بها من سخرية لاذعة كاشفة، وكان “بيتي” قد نشر قبلها ثلاث روايات هي: “سلمبرلاند”
Slumberland
و”تف
“tuff” و”الفتى الأبيض شفل”
The White boy shuffle? وقبل أن يتفرغ للكتابة كان قد حصل على الماجستير في علم النفس، من جامعة بوسطن الأمريكية.
في مراجعة للرواية بجريدة النيويورك تايمز الأمريكية (2015)، يرى الناقد الأدبي “كيفين يونج” أن “الخيانة” حلقة من حلقات تراث الأدب الساخر للسود الأمريكيين، سواء في شكله الشفهي، وقت أن كان يسخر العبيد السود من السادة البيض وأنماط سلوكهم، أو في شكله المكتوب في القرن العشرين، خاصة خلال نهضة الهارلم، التي امتدت من نهاية الحرب العالمية الأولى وحتى منتصف الثلاثينيات، وهي نهضة ثقافية اجتماعية وفنية اتخذت من حي هارلم للسود مركزا لجذب الكتاب والفنانين والباحثين من السود الأمريكيين. ومن أهم كتاب هذه الحركة الأديب والمناضل الأمريكي الأسود: “لانجستون هيوز”، يرى “يونج” أن “بيتي” تأثر في روايته بمجموعته “هيوز” القصصية “أساليب جماعات البيض”
The Ways of White Folks
(1934)، كما أن بها مؤثرات من تراث الحكايات الشعبية التي جمعتها الأديبة الأمريكية السوداء “زورانيل هرستون”. وجدير بالذكر أن “هرستون” واحدة من أبرز رموز الحركة الأدبية في العشرينيات والثلاثينيات.
ربما منحت لجنة تحكيم جائزة المان بوكر جائزتها لرواية “الخيانة” هذا العام، تعبيراً عن إدانتها للممارسات العنصرية، التي تتخفى وتتوارى خلف قناع الدفاع عن حقوق الإنسان ومساندة الحريات، وإلى جانب القيم الجمالية التي أشاد بها النقاد في الرواية مهد “بول بيتي” بروايته الطريق أمام إعادة استلهام التراث الشعبي والموروث الأدبي الساخر للسود الأمريكيين.
**
نوبل للأدب..
هل لكتاب السينما نصيب؟
أمجد جمال
هل نستيقظ يوماً على خبر فوز (تشارلي كوفمان) بجائزة نوبل للأدب عن نصوصه السينمائية؟ السؤال الذي كان ليصنف كمزحة قبل عامين، أصبح يراود بجدية ذهن الكثيرين من عشاق السينما بعد نتائج الجائزة في العامين الأخيرين، والتي ذهبت لكل من الصحافية البيلاروسية (سفيتلانا اليكسيفيتش) ثم إلى المغني الأمريكي والشاعر (بوب ديلان)، بما أثاره الاختياران من صدمة لمتابعي الجائزة بسبب تمردها على الفهم السائد للأدب.
يتفق الكثيرون على أن التتويجات الأخيرة تدلل على تغير نوعي في سياسة الأكاديمية السويدية القائمة على منح جائزة نوبل للأدب، حيث يبدو أن توسيع رقعة الفائزين لم يتم بشكل عارض، أي أن الجوائز لا تستهدف بالضرورة تقدير أشعار ديلان الغنائية أو كتابات اليكسيفيتش بعينهما، بقدر ما تهدف لتوجيه خطاب ضمني أو إعلان بأن الأدب يتسع لأشكال عديدة من التعبير، ويمكن توجيهه من خلال وسائط أخرى غير الرواية والشعر والنثر المطبوع أو المدون بالشكل المتعارف عليه.
إن الجوائز التي قدمتها الأكاديمية ليست بجوائز عن الأدب وحسب، بل هي جوائز إلى الأدب نفسه، فأكبر خدمة يمكن تقديمها للادب حاليا هي أن نعيد التفكير في ماهيته، أن نبدأ من الصفر بهدمه وإعادة بنائه، أن نستفز الوقار الذي يحده فيتحرر من قيوده وبكشف عن جوهره. لعلنا بذلك نفهمه بشكل أعمق، وهذا هو ومحور الإجابة عن سؤال إمكانية ذهاب الجائزة لأحد كتاب النصوص السينمائية في الأعوام القادمة.
**
أشواك ثقافية
أمير تاج السر
في مساء أحد الأيام ، كنت أجلس في مقهى بصحبة صديق شاعر، كنا نتحدث عن الشعر قديمه وحديثه، وكان صديقي منطلقا بحماس في قراءة قصائد له، خصني بها بوصفي مستمعه الوحيد في ذلك المساء، حين انتهى، سألته عن صديق شاعر آخر، كنت أعشق قصائده ولم أره منذ زمن، فذاب حماسه وابتهاجه فجأة، حدثني بلهجة بعيدة تماما عن صفاء الأدب والشعر، وذكرني بأنه أهم كثيرا من ذلك الشاعر، ولا ينبغي أن أسأل عنه في حضوره.
يقودني ذلك الموقف غير المبرر، للحديث عن كون بعض المبدعين، في وطننا العربي، مبدعون فقط في الظاهر، وشديدو القسوة والقتامة، إذا ما دققنا جيدا في أعماقهم، أو اخترعنا لهم مواقف إنسانية، ينبغي أن تبرزهم متربعين على قمة الصفاء الروحي، يصادف كثيرا أن شاعرا أو كاتبا مهتما فقط بما ينتجه، ولا يتحمل ما ينتجه الآخر على الإطلاق، كاتبا يقرؤك سرا، وينتشل بعض عباراتك أو أفكارك ليضيفها إلى رصيد كتابه، ويلغيك بشدة إذا ما صادف أن التقيت به في مكان يتسع لعشرين كاتبا وما يكتبون، وأزعم أن هذه المأساة تنتشر أكثر بين أبناء الوطن الواحد، داخل الوطن العربي الكبير، فلا نجاح لأحد يسر أحدا، ولا خطوة يتقدمها مبدع للأمام، تحتسب خطوة، ولكن تلقى خلفها آلاف السنانير والشباك الصائدة، لإعادتها إلى ما قبل نقطة انطلاقها، وكذا تتحول الحياة الثقافية، المفترض أنها حياة موهبة وحكمة وتنوير، إلى حياة قاسية، يفكر من يعيشها أو يسكنها، في هجرها والبحث عن حياة أخرى، بلا حجارة أو أشواك لا تدمي العقل الموهوب فقط، تدمي حتى المجتمع الذي يتلقى الثقافة، ومن ثم شيء جدي يحدث في النهاية.
في قراءتي الطويلة للنجاحات والهزائم، ومن خلال وسائل التواصل الحديثة التي أصبحت بالقطع ? توصل حتى دبيب النمل إلى أي بقعة في الدنيا، شاهدت النجاحات التي يحققها البعض لا تلفت النظر أبدا، تمر عليها العين ولا تشاهدها، والإخفاقات، تستطع عناوين رئيسية للحديث المتمكن، والمتعمق، وهناك من يتلصص على السير الإبداعية، والتواريخ الكتابية، والحوارات التي تجرى مع المبدع هنا وهناك، وتحوي شيئا من بوح الذات، في لحظة استنطاق يجيدها بعض الصحافيين، ويستخرجون منها عبارات ربما كانت خاطئة قليلا، أو متسرعة، ليقوموا بنشرها ويقرؤها الناس بعد ذلك بوصفها هي المبدع الذي يعرفونه ولا شيء آخر.
أذكر أنني حين كنت أكتب الشعر الغنائي سرا، وأنا طالب في المرحلة الثانوية، أن كتبت قصائد أو أغنيات أعجبت بعض المغنين المعروفين في المدينة، فلحنوها وغنوها، ونجحت كثيرا في الحفلات العامة، ليأتي إلى بيتنا ذات يوم عدد من الشعراء الغنائيين، ممن خضعت قصائدهم للمقارنة مع قصائد طالب مثلي، أخبروا والدي بما أكتبه، وأمارسه من نشاط، خارج حدود الدراسة، ما يؤثر على تعليمي، وكان أن تعقدت أموري بعد ذلك، وخضعت لمراقبة دقيقة من والدي الذي يريدني طبيبا وليس شاعرا، ولم أكتب الشعر بعد ذلك إلا بعد أن تحررت من السلطة الأبوية، حين سافرت للدراسة في مصر
اليوم التالي
لدى السودانيين وجبة لطيفة ؛ عصيدة يصنعونها من عجينة الدخن فهي ذات طعم خاص ؛ خاصة إذا أضفت لها الحليب بالسكر ؛؛ خلال اليومين الماضيين كنت في حضرتها فأكلت نصفها ؛ الصورتان (1) و (2) ؛؛
اليوم غمرتها بالحليب حتى صعب على معرفة الجهة الفارغة الصورة (3) ؛؛
عرفت حليبئذ لماذا يجعلون حوض السباحة يتدرج في العمق هنا ضحل وبعده عميق وبعده أعمق ؛؛ أنا لم أدخل حوض سباحة في حياتي قط وبالتأكيد لم ولن أدخل النيل الأزرق أو الأبيض لأنني أخاف من الموت غرقا ؛؛ كما أخاف من الموت بأنواعه المختلفة ؛؛؛
مع تحياتي الأستاذ
🖋️🖋️📚📚☘️