التاريخ الأسود لإخوان الشيطان

لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ
صدقَ اللهُ العظيمْ
إنَّ محاولةَ فهمِ مايجريْ في منطقتنا والتفاعلاتِ التيْ تمسُّ أمنها ومصالح شعوبها تستدعيْ قراءة الأبعاد الجيوسياسيَّة والإجتماعيَّة وبروز الدولة الوطنيَّة وحركات التحرُّر وماتلى ذلك مِنْ تفكُّكِ بنى الإستعمار ورحيله أواسط القرن الماضيْ وهواجس الطموحاتِ القوميَّة للـ: ?عربْ ? و?إيرانْ ? و?التُركْ ? و?الأكرادْ ? ,, وتشكُّل أنظمة الحُكم آنذاك في بقعتنا المركزيَّة والمهمَّة في آنْ متَّصلْ.
وكذا إرهاصات الفكر الدينيْ وإطلالاتهِ الزمنيَّة أواخر القرن ? 19″ وأوائل القرن ? 20″ ,, ورؤى الشيخين ( جمال الدين الأفغانيْ ) و( محمد عبده ) ,, ونزعاتِ التحديث لدى الشيخ ( رفاعة الطهطاويْ ) .
وبالعودةِ إلى تعثر وكبواتِ أنظمة حكم دول المنطقة في غالبها وممارساتها التسلطيَّة ,, وتجذُّر الردّة الفكريَّة والأزمات الإقتصاديَّة وعدم قدرتها تلبية متطلبات مواطنيها ,, بما استتبع سيادة أنماط التفكير المتخلِّفة / البدائيَّة وردود الفعل الحادَّة والرافضة للمجتمع / الحاضنة ,, وهو ماوفرَ أرضيَّة خصبة لنمو الأفكار المتطرفة واحتلالها لمساحاتٍ كبيرةٍ من مشهد الفعل والحِراك ومرتكزات الرفض لما هو حاصل وتجنيد قطاعاتٍ هائلةٍ من الفئات المسّحوقة في تلك البلدان ,, والتيْ رزحتْ لعقود طويلة تحت الحكم ? التركيْ / العثمانيْ ? وماتلاه من استعمار ومعاناةالفقر والبطالة والجهل والأميَّة الضاربة بأطنابها في مفاصل المجتمعْ .
وهيَ جملة عوامل نمتْ بها ومعها أفكار التيارات الدينيَّة أجمالاً ,, وبالذات ? جماعة الإخوانْ ? التيْ أسَّسَها ? حسن البَنَّا ? في ? الإسماعيليَّة ? بتاريخ 22 مارسْ 1928م ,, لينتقل بها بعد ذلك إلى ? القاهرة ? .
وقد ارتكزتْ مفاهيم ? البنَّا ? الذي اغتيلَ في العام 1949م على ضرورة تطبيق الشريعة الإسلاميَّة ? وفقَ رؤيته ? والبدء بالأسرةِ / المجتمعِ / والحكومةِ الإسلاميَّةِ وصولاً إلى ? الخلافة الإسلاميَّة ? واعتماد مبدأ السريَّة لدواعيْ التمكينْ.
وقامتْ ? الجماعة ? ومنذ تأسيسها بعدة إغتيالاتٍ أبرزها تصفية رئيس وزراء مصر حينها / محمود فهميْ النقراشيْ سنة 1948م ,, وهو نهجها الذي ازدادَ بعد ظهور ? السلفيَّة الجهاديَّة ? التيْ أفرختْ الكثير من ? القوى الإرهابيَّة ? في أرجاء العالم المختلفة ومروراً باغتيال رئيس مصر السَابق / محمد أنور السّادات في 6 أكتوبر 1981م ,, ومِنْ قبلهِ محاولة اغتيال الزعيم المصري / جمال عبدالناصر الذي قام بإعدام أحد أهمّ منظريْ ? الجماعة ( سيد قطبْ ) هو وستة من ? الجماعة ? في 29 أغسطسْ 1966م
و( سيد قطبْ ) هو العرَّاب الحقيقي لـ? جماعة الإخوانْ ? عبر كتبه التيْ ألفها ومِنْ أهمها ( معالمْ على الطريقْ ) الذيْ يُعدُّ الهاديْ والمنطلق لتنظيماتِ التطرف والإرهاب في مجملها ,, حيثُ يتحدَّثُ عن الـ? جاهلية ? الجديدة ويبشر بالجهاد ومحاولة تغيير المجتمع بالقوة والعنفْ ,, وهو ماتبنته ? السلفيَّة الجهاديَّة ? بعد ذاك في مختلفِ ممارساتها عبر العقود التيْ تلتْ تلك الفترة الزمنيَّة وإلى اللحظة الراهنة ,, وهو ماعمل على تشويه صورة الإسلام وربطه بالعمل الإقصائيْ ورفض الآخر والقتل المجانيْ والتصفيات الجسديَّة والمعنويَّة وفق طروحاتِ وخطاب هذه الجماعات على تعدُّدِ ألوانه وتمظهراته .
وقد انتشرت أفكار هذه القوى ومنها ? جماعة الإخوانْ ? في أكثر من 72 بلداً حول العالم بنسبٍ متفاوتةٍ ,, ولكن بذات النهج من السريَّة والتآمر وزرع بذور الفتن لخلق حالاتٍ من الفوضى تسمح لعناصر ? الجماعات المتأسلِمَة ? باستغلالها لبعض انتكاساتِ وتدنيْ مستوياتِ المعيشة وأنماط التعليم التلقينيَّة وقصور الوعي لدى شرائح عريضة من الناسْ.
وتقومُ ? الجماعة ? باستخدام المال وشراء الذِّمم وتلميع بعض العناصر في مختلف المجالات ,, بدعمها لبعض المبتدئين والهواة من الكُتَّاب والأدباء والفنانين ومن يرغبون في الاشتغال بالسياسةِ والمالِ مِنْ أصحاب الطموحاتِ الفرديَّة بمحاولاتِ فرضهم وبث سمومها من خلالهمْ وتدمير نسيج المجتمعات المُستَهدَفة عبرهمْ ومِنْ خلالهمْ.
وهو ماجهدتْ فيه في ? إرتريا ? وخذلها أنَّ جلَّ مَنْ قامتْ بتلميعهمْ ممنْ ينتسبونَ لـ? إرتريا ? اسماً لاغير هُمْ ممن لمْ يروا إرتريا البتَّة ,, ومَنْ رآها منهم أو أقامَ فيها كان ذلك لمدَةٍ محدودة لاتتيح له الإلمام والتماهيْ مع وقائعها إلا بالنذر اليسير ,, لذا لَمْ يملكوا أيّ تأثيرٍ يُذكر في الواقع سواء داخل ? إرتريا ? أو في المهجر ,, حيث يقيم الإرتريون الذين يتمتعون بوعيٍّ نادر في معرفة واقعهم ودعمه بشتّى الوسائلْ ولفظهم للأفكار الدخيلة .
وتمكنتْ ? جماعة الإخوانْ ? بأساليبها الشيطانيَّة من الوصول لسدَّة الحكم في قليلٍ من الدول ,, ومِنْ أبرزها ? تركيا ? ,, حيث استلم حزبُ ? العدالة والتنمية ? السُّلطة فيها.
وقد أسَّسَ الحزب ? نجم الدين أربكان ? وفق تصورات ? جماعة الإخوانْ ? وأفكارها واستطاع نسف دعائم الدولة الحديثة في ? تركيا ? لتُضحيْ البلاد منذ ذلك الحين رأس حربة ? جماعة الإخوانْ ? ومقر تنظيم ? جماعة الإخوانْ ? العالميْ ,, وكذلك ? لندن ? التي تعدُّ مركزاً مهماً للـ? جماعة ? ,, حيثُ يوجد فيها العديد ممن تحاول صناعتهم هناك وتفريخهم عبر مايُسمى ? المراكز الإسلاميَّة ? ونشرهم في مجتمعاتهم الأصليَّة متى ماسنحت الفرصة بذلكْ.
وتعتبرُ قناة ? الجزيرة ? القطريَّة هي المعولُ الإعلاميُ الذي تستخدمهُ ? جماعة الإخوانْ ? وتنفذ عبره أجنداتها في شقِّ الصف الوطنيْ لأيِّ بلدٍ تستهدفه ? الجماعة ? وتسعى للتغلغلِ فيه ,, والأدلة على ذلك لاحصر لها ,, و أهمها ماتمَّتْ تسميته بالـ? الربيع العربيْ ? وهو ليسَ إلا ? خريفٌ / خرابٌ ? لمْ يبقِِ لاأخضر ولانماءْ .
ونحن نرى حالة الدمار والفوضى العارمة التيْ لايرضاها دينٌ او إنسانيَّة أو ضميرٌ قويمٌ,, ومايحدثُ في ? ليبيا ? الآن مِنْ رجوع إلى عهودِ ?النخاسة ? و? تجارة البشر ? وصراعٌ دمويٌّ ماهو إلا نتاجٌ لتدخلات ? الجماعة ? وممارسات دعاوى التأجيج والفتنة التي بثتها ? الجزيرة ? وهو ماتحاوله ?الجزيرة ? في ? إرتريا ? مراراً وعناصرها من ? إرتريين ? وغير ? إرتريين ? وتفشل فيه دوماً بسبب تماسك البناء الوطنيْ في بلادنا ووعيْ إنساننا الإرتريْ الذيْ عركته التجارب الطويلة .
وهو ماحاولته في ? مصر ? أيضاً فترة حكم ? الجماعة ? هناك التي استمرتْ لعامٍ واحد ? يوليو 2012م ? يونيو 2013م ? ,, وحاولتْ فيه ? جماعة الإخوانْ ? رهنَ القرار المصري وأمنها الوطنيْ بيدِ أعدائها وقناة ? الجزيرة ? تؤدّيْ دور التحريض والإثارة وتأجيج المشاعرْ.
وقد تمَّ نفي ? الجماعة ? وأقصائها من الحُكمِ مِنْ ? مصر ? وإلى الأبد بفضل الوعي الشعبي وقيادة ? الجيش الوطنيْ ? وبسالة الشعب والنُخب الحكيمة هناكْ .
هذا ونجد قيادات ? الجماعة ? والمتنفذين فيها يحيون في بذخٍ إقتصاديٍّ وضلالاتٍ وفجورٍ اخلاقيٍّ عكس الشّعارات والمباديء التي تدعيها أدبياتُ وخطابُ ? الجماعة ? ,, وفي تناقضٍ سافرٍ مع الأخلاق والقيم والنزاهة ,, حيث تقوم ? الجماعة ? بخداع الجماهير ومحاولات تضليلها والزجِّ بها إلى أتون صراعاتٍ وحروب لايرضاها الله ولا النقاء البشري والضمائر الحيَّة .
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ? صدقَ اللهُ العظيمْ .
فالخالقُ المعبودُ دعا إلى إعمار الأرض لاخرابها
وفقنا الله لما فيه الهداية أجمعينْ
وللحديثِ أكثر مِنْ بقيَّة.
كاتب وباحث اريتري: