وماذا بعد الاعتداء على الكنائس

وماذا بعد الاعتداء على الكنائس

هلال زاهر الساداتى
[email][email protected][/email]

وكان الانسان ظلوما جهولا ،ولا يزال كذلك وكان الناس لديهم بصيص من امل فى ان يتم القاء القبض على الارهابيين الخوارج الذين احرقوا ودمروا الكنيسة الانجيلية فى الجريف غرب ،وكذلك كنيسة نيالا ،وان يقدموا لتقتص منهم العدالة ،ويبدو ان عدم تحرك سلطات الأمن وسكوت الحكومة على ذلك ،وان لم يفسر السكوت بانه علامة الرضا ،بما حصل ،فانه تقصير فاحش فى أداء الواجب وتقاعس عن حماية المواطنين وعقيدتهم وممتلكاتهم ويبدو ان سلطات الأمن المختلفة فى شغل شاغل بملاحقة الصحف الحرة والصحفيين الأحرار بمصادرتها وتوقيف ومنع بعض الصحفيين من الكتابة ،وامثلة قريبة ،استهداف صحيفة الميدان واعتقال الصحفى الحر فيصل محمد صالح ،وتعرض صحفيون من قبل للاعتقال والتعذيب ،وصار وجه الحكومة الثخين يجرحه هواء خفيف من النقد .ويبدو ايضا”اننا اسرفنا فى التفاؤل ،فما كان ان نفعل ذلك ،بل الصحيح ان نتوقع ونجد غير ذلك من حكومة ظالمة مستبدة فاسدة وقادتها مطلوبين للعدالة الدولية .
لقد كان السودان فى عهد الأستعمار وبعد الاستقلال يتمتع برحابة من التسامح بين المسلمين والمسيحيين ،وحتى بين المسلمين بينما كان المذهب السائد هو المذهب السنى ويشمل المذاهب الأربعة الكبرى أو ما يتفرع منها من طرق صوفية،وكان الأخوة والأخوات الأقباط المسيحيين فى حى المسالمة بامدرمان يعيشون بيننا فى سلام و وئام ومحبة ،وكانت لبعض اخواتى صديقات وزميلات دراسة قبطيات يزورونا فى منزلنا .
وتعود بى الذاكرة الى مدة عملى فى الجنوب ،وكنت مدير أو عميد كما كان متعارف عليه بمركز تدريب المعلمين فى مدينة التونج فى جنوب السودان فى اعوام 1962- 1963- 1964 وذلك فى العهد العسكرى للفريق ابراهيم عبود ،ولم يكن هناك اضطهاد أو تضييق على المسيحيين الجنوبيين أو أكراه لتغيير ديانتهم ، وللحقيقة فان ما اتخذه نظام الفريق عبود من طرد القسس الأجانب من الجنوب كان قرارا سياسيا وليس دينيا لأن اولئك القسس كانوا يؤلبون الجنوبيين ضد الشماليين مستغلين وموظفين الماضى الأسود لاسترقاق الشماليين للجنوبيين ، واستبدلوا القسس الاجانب بقسس جنوبيين ،ولكن لم يمسوا المسيحيين وكنائسهم بسوء ومن تجربتى الشخصية فى مركز التونج لتدريب المعلميين ،فقد كان لدينا مدرسة اولية للاطفال ،يتدرب فيها المدرسون المتدربون الجنوبيون بالمركز،ولقد ذكرت ما سيأتى عن الدين فى كتابى (ايام التونج — مذكرات معلم قديم)،ففى مطلع كل عام دراسى جديد يفد للمركز ابناء الدينكا الصغار ومعهم اباؤهم أو أولياء أمورهم ليلتحقوا بالمدرسة ، وكانت تنعقد لجنة لقبول التلاميذ الجدد مكونة من سلطان التونج الجنوبى وضابط المجلس الريفى الجنوبى وحكيمباشى المستشفى الشمالى وشخصى كمقرر للجنة ،وكان الدين يشكل لنا امرا هاما وحيويا ولذلك صممنا ما أسميناه (اورنيك) الدين،وعملنا فيه اربع خانات لنوع الدين الذى يرغب ولى أمر التلميذ أن يتلقاه ابنه فى المدرسة ،وكانت الخانات هكذا :مسلم ـ مسيحى كاثوليك ـمسيحى بروتستانت ـ،ولا دينى .وكان يتولى الترجمة كاتب مركز التدريب الدينكاوى لوكا دال ،اوجه اليه السؤال عن الدين الذى يريد ان يدرس له فى المدرسة ،واولياءالتلاميذ لا يعرفون الفروق بين المسيحيين ،فان لدينا فى التونج كنيستين ،واحدة للكاثوليك وقسها يدعى فازر زيزيولا ،والكنيسة الأخرى للبروتستانت وقسها جنوبى يدعى مارتن ،ويرد والد او ولى امر الولد بانه يريد ان يتعلم ابنه دين ابونا فلان ،ونعرف انه الكاثوليكى ،وادون ذلك بنفسى فى خانة الدين ،ثم يوقع على الاورنيك كل اعضاء اللجنة ،ويحدث هذا مع كل تلميذ جديد فمنهم من يختار لابنه الاسلام ،واخرالبروتستانت ومنهم من يقول ان يترك ابنه بلا دين . وبعد الانتهاء من القبول نحتفظ بهذه الارانيك فى ملف خاص. وفى حصة الدين كان ياتى القسيسان ليدرس كل منهما مجموعته ،ويدرس مدرسونا الشماليين الاسلام ،واما الغير دينيين فاننا نعطيهم كرة قدم يلعبون بها داخل المدرسة.
وفى تقديرى انه لا توجد حرية عقيدة اكثرمن ذلك.. (لا اكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى) (البقرة/256) (ولو شاء ربك لجعل الناس امة واحدة ولا يزالون مختلفين)(هود/119)
وحتى الان وبعد استقلال الجنوب بعد حرب ضروس قاسى فيها الاهوال مواطنينا الجنوبيين السابقين على ايدى الحكومات الشمالية المتعاقبة ،وان بقى منها الان كلمات الازدرآء والتحقير مثل العبد والفرخ والفرخة ،ولكن الجنوبيين سموا فوق جراحهم والامهم ،فها هو رئيس جمهورية جنوب السودان ورئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان الحاكمة سلفا كير ميارديت يعلنها داوية من منبر البرلمان،ثم فى حشد جماهيرى خارج البرلمان بان لا يمسوا بسوء اخوتهم الشماليين القاطنين والعاملين فى الجنوب ،ولا تزال مساجد المسلمين هناك ترتفع فيها اصوات المؤذنين ،الله أكبر ـالله أكبرـ اشهد الاالله الا الله ـواشهد أن محمد رسول الله
وهنا بالمقابل فى السودان يطردون الجنوبيين من وظائفهم ،واقسى من ذلك كله اخراجهم من منازلهم وطردهم من وطنهم الذى ولدوا فيه وعاش فيه اباؤهم واجدادهم ! وربما يجد الأخوة فى الجنوب قليلا من العزآء فى ماتفعله حكومة المؤتمر الوطنى من الكيزان فى مواطنيها الشماليين من المسلمين من تقتيلهم وتعذيبهم واخراجهم من ديارهم واحراقها وتجويعهم وتركهم هائمين على وجوههم واحلال اعراب بدو اجلاف اجانب من الجنجويد فى اراضيهم واوطانهم ،وما زال يحدث هذا فى جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق . فيا للخزى ويا للعار فما الحل؟
الحل هو ثورة شعبية جامعة شاملة تقتلع هذا النظام المستبد الفاسد من جذوره .
هلال زاهر الساداتى
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. احترام الأديان الاخرى دليل تحضر دليل معرفة دليل ثقة حتى فى دينك الذى تعتنقه والا فلماذا حرق الكنائس هل لانه الخوف من انتشار المسيحية وسط المسلمين وتغيير دينهم ؟ ام لانه التعصب الأعمى والفهم المغلوط للإسلام ،،، ، اذا كان المسلم بهذا الضعف الإيماني الذي يجعله يغير دينه فقط لوجود كنيسة يرتادها مسيحي لممارسة طقوسه الدينية فعليه وعلى الاسلام السلام!
    هذة ظاهرة خطيرة الهدف منها الإساءة للإسلام نفسه. واحدة من الظواهر الغريبة والسيئة التى برزت الى السطح فى عهد حكم الكيزان ، قتل الابن لابيه ،، انتشار المخدرات كثرة اللقطاء ممارسة اللواط فى مرافق الدولة وبيوت اشباحهها وما الى ذلك من ظواهر تنخر فى قيم وأخلاق الشعب السوداني ،،، قبل مجئ الإنقاذ التسامح الدينى هو سمات السودانين كلهم متحابين مسيحيين و مسلمين وحتى انك لا تستطيع ان تمييز بينهم فى زيهم فى عاداتهم اعرف مهندس مسيحى من أبناء امدرمان كان يصلى كل جمعة فى المسجد فسألته عن ذلك فقال لى كل الناس ماشية الجامع وانا قاعد اعمل شنو فى البيت ؟؟؟ لا سبيل الى اعادة السودان الى ماضيه الناصع التقى وإعادة السوداني الى جوهره المسالم المسامح الا بإزالة هذا النظام العنصري البغيض
    مقال جيد جداً واصل فى هذا المنحى علك تساعد فى وقف تلك الفتنة الكبرى ولك منا كل الشكر والتقدير

  2. السودان كان به تسامح ديني غير عادي اذكر ان لنا جارا مسيحيا كان يذبح في عيد الاضحي وكان يقول اشمعنى انا براي وسط الجيران اولادي ما يضحوا وكان الجيران يتشاركون في رحلات شم النسيم يقومون باعداد الفسيخ وتلوين البيض وكانت غابة السنط بالخرطوم تمتلئ عن آخرها قبل هجرة الأقباط الجماعية لكندا واستراليا ونيوزيلندا وكنت لاتفرق بين مسيحي ومسلم وكنت تجد في الاسرة الواحدة جرجس صليب متى وعبدالله صليب متى وكنت تجد عبدالله دينق ولوال دينق دون اكراه او ضغط او حساسيات بل عن قناعة تامة (لا اكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى) (البقرة/256) (ولو شاء ربك لجعل الناس امة واحدة ولا يزالون مختلفين)(هود/119) كان هذا هو السودان الذي احببنا متعدد الثقافات متعدد المعتقدات لاتطغى فئة على فئه ولا تمييز الا بالعمل الجاد لصالح المجتمع السوداني

  3. this government is against the christians since the 1990 when alhausseni the Wali of kordofan confiscated the church that near his house …and Alsanoussi was against the churhes too …

  4. احييك يا الاستاذ هلال علي هذا التاريخ الطويل المليئة بالحقائق كما اقف معك في رايك بانتزاع حكومة الكيزان من علي وجه الارض واقامة حكومة ديمقراطية تعترف بحقوق المواطنة والمواطنين حتي يعود السودان كسابق عهدها, فالتحية لك ولكل من ساهم في تقدم الشعبيين الشمالي والجنوبي.

  5. يصل تعداد الاقباط السودانيين خارج السودان الي 3 مليون – داخل السودان حتي عام 2000 كان 300 الف قبطي حاليا العدد يصل الي مائتان – اتمني ان يختفي كل الاقباط من السودان يتركوا كنائسهم ومدارسهم ويزهبوا بغير رجعة مثل الارمن والاغريق والشوام والاجانب – السودان اصبح بلد يمارس عنصرية اللون والجنس والدين – الاقباط سوف يكونون مضطهدين مثل اوطانهم الاصلية – انا شخصيا خارج السودان وبحاول اقناع كل المسيحيين بمغادرة السودان : كنائسهم سوف تفجر – بناتهم سوف يختطفون – ابناءهم سوف يتعرضون للاساءة لانهم كفار حطب النار مثل ما كان يقال لي وانا صغير – مع احترامي لكل الاصدقاء والشعب السوداني – السودان لا يمكن ان يستوعب اي ثقافة او شعوب مختلفة – الكراهية اصبحت سائدة -الاقباط الافضل لهم مغادرة العالم العربي مثل ما فعلت كل الاقليات الدينية سوء الاسلامية او المسيحية – هزا واقع للاسف لا نستطيع تغيروا

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..