إذا كان الثأر يشفي فإن نفسي فداء..!!.

كوال الحكيم
إذا كان الثأر يشفي فإن نفسي فداء..!!.

في الأيام الماضية حملت لنا الأنباء مقتل سلطان دينكــا نقوك الأخ كوال دينق مجوك وكان بالنسبة مفاجئة من العيار الثقيل لما يربط بيننا من علاقات جغرافية وصلات كثيرة، ومن هنا أقدم التعازي الحارة لقبيلة الدينكا كافة، وإلى دينكا نقوك خاصة في هذا المصاب الجلل إن فقد المرحوم كوال اليوم ليس فـقـدكم أنتم لوحدكم بل فقدنا جميعاً، فالفقيد كان كالحبل الوشيج يربط بيننا جميعاً بالمحبة وصادق الأخاء إلا إن للاقدار موعد، ومكان وزمان محدد لا يتعداه إي كائن لأنها سنة الله سبحانه وتعالى الذين كتب علينا جميعاً الأجل المحتوم، فلا نريد في هذه السانحة أن نعدد الأسباب التي أدت لمقتل السلطان فتتعدد الأسباب والموت واحد، ذلك لأن البكاء على اللبن المسكوب لا يجدي شيئاً، لكن هناك عدة عوامل بشكل أو آخر ساهمت في أن يحدث هذا الرحيل المؤلم.
إن الفقيد كوال دينق رجل سياسي محنك ونبيه وحكيم ساقته المنية والاقدار في أن يكون في مكان أهله مشحونين باحداث سبقت وقريبة حيث فقدوا فيها الشيب والشباب وأموال وأنفس بريئة فإن زيارة السلطان لذلك المكان وبتلك الطريقة فهم منه الآخرون على أنه استفزاز لمشاعرهم، وقد ارتكب الطرف الاخر الخطأ الذي أودى بحياة السلطان أكول بسبب الجندي المرافق للفقيد ساعتها عندما صوّب بندقيته على أحد المتجمهرين الذين فاض بهم الغضب فأرداه غتيلاً وأشعل بذلك النار التي كانت في الصدور الأمر الذي أدى لحالة من الهرج والمرج قادت فيما بعد لتبادل إطلاق النار مما أدت لموت السلطان كوال في المكان الذي يقف فيه.
ولا نريد أن ننكر حقائق الحدث والمنطق فإن الشخص الذي قتل السلطان كوال دينق قد أخطى التقدير وهو نفسه قد قتل في الاشتباك بين الطرفين، وقد فقدت في هذه الحادثة أرواح من الجانبين مما يستدعي النظر بعمق في هذه القضية التي تأخر حلها ويروح ضحاياها من البشر، وكأنك حكومات البلدين لا يهمها فقد الأنفس البشرية من أبناء الطرفين المسيرية ودينكا نقوك، لكن الأمر المهم هو أن الفترة التي تم فيها احتجاز السلطان ثم الاشتباك بين الطرفين كانت كفيلة بوصول انقاذ سواء من الطرف السوداني أو الجنوبي واربع ساعات فترة كافية لأنقاذ الأرواح التي فقدت في ذلك اليوم.
فكوال هو مسيري قبل ما يكون دينكاوي من نقوك فموته تأثرنا نحن به جميعاً أبناء المسيرية، فالحكمة المعروفة تقول أنه مهما تضيق بنا الدنيا والمشاكل هناك بريق أمل في الحياة وكلما تضيق تفرج، لذلك أرجو أن لا ننقاد لأي عمل ثأري بين الطرفين فإطلاق أي رصاصة اليوم من أحد الأطراف سيؤدي لدمار المنطقة بكاملها ويجعلها رماد ولن يستفيد منها أهلها البته بل سينتفع أخرون على ترابها وسط جماجم الموتى، ولذلك أخشى ما أخشى أن تشتعل المنطقة في حرب بسوس أخرى لا تبغي ولا تزر، ولا تنطفئ نارها أبداً.
منطقة أبيي فيها أجيال ولدت اليوم، وستولد غداً أجيال جديدة فمن الحكمة أن نعمل على إعادة القلوب إلأى ما كانت عليه بالنظر للمستقبل المشرق الذي ينتظر الأجيال القادمة من رحم الغيب، فلا ينبغي أن تجرنا حادثة مقتل السلطان أكول دينق إلى متاهات فعلينا الالتزام والتصرف بحكمة حتى نصل بالمنطقة لبر الأمان والعمل على إزالة الغبن المتراكم في الصدور، حتى لا يزيد ويصبح كراهية سوداء تعمي الأبصار وتدفع بالثأر والانتقام، فإن ذلك لا يجدي نفعاً يجب أن لا ننساق لتلكم الاصوات الناشزه، فأذا كان الثأر لكوال دينق يطفيء نار البغيضة والالم والحسرة فانا باخت محمد حميدان بطيطة شخصي الضعيف خذوني وأقتلوني بدل الناظر كوال وإن كنت لا أسوى درجته ومكانته.
ومن هنا أذكركم هناك من يفقد إبنه في الحال يجعله فداء لقومه وهناك من يقدم نفسه فدى لأهله وبلده لكي لا تنكأ الجروح أكثر فأكثر، نفسى فداء لكم أنتم لكي لا يتحارب الطرفان بقتل المزيد من الرجال، فنحن مسيرية ودينكا أبناء من أسسوا اللبنة الأولى في هذا المكان المُسمى أبيي نود عماره لا خرابه، والايام متداولة بين الناس فالموت سنة من سنن الحياة فينبغي أن لا نجعل من حادثة مقتل السلطان سبباً في اراقة الدماء بل العكس تماماً.
من هنا نبارك للسلطان الجديد الدكتور بلبك ونقول له نتمنى ان يسود السلام في عهدكم وأن تكتسي كل المنطقة الطمأنينة والمودة والألفة بين الناس بعيداً عن التعارك الذي لا يفيد شيئاً وقد خلقنا الله سبحانه وتعالى أن نعمر الأرض لا أن نزرع فيها الأحقاد والكراهية.

وشكرا / باخت محمد حميدان بطيطة
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. لك التحيه الاخ باخت ما قلت عين العقل ولو كان في ديارنا التي يباع فيها الموت بالمجان اصوات مثل صوتك وحس مث حسك لما اريقت تلك الدماء النفيسه لاسباب اتفه من تافهه اشبار من ارض كلبنا تحتها ذاهبون.لعلك عايشت ماساة الحرب المجانيه بين مكوناتنا ليست لها اسباب وجيهه كما هي جاهلية حرب البسوس. اقيفوا في وجه اهل الشر وتجار الموت ومقاوليه اصحاب الافق الضيق الذين تمثل الحياة لهم نفع ذاتي ولو هلك اهل الارض جميعا فهؤلاء هم اس البلاء في بلادنا واتت الانقاذ تحمل الشر بين جنبيها ووزعته في تلك الديار التي كانت امنه والناس فيها يعيشون حياتهم بقناعه وصدق ولكن الحياة الرقطاء اهلكتهم وانهكتهم بفعلها وتجربتها المريره.

  2. الاخ الاستاذ باخت
    تحية طيبة
    اعتقد ان هذه الروح هي من المفترض ان تسود لغة التصالح والمودة لا لغة الغدر والقتل والكراهية
    شكرا على موقفك الانساني الواعي.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..