مقالات وآراء

في قبضة الظلام ..!!؟؟

د. عثمان الوجيه
في قلب سودان يعاني من نيران الحرب ، حيث تتلاشى معالم الإنسانية تحت وطأة الصراع ، تبرز قصة مأساوية جديدة ، قصة مئات الأرواح البريئة التي هربت من جحيم بلدانها لتجد نفسها حبيسة جحيم آخر ، جحيم الظلم والانتهاك في أرض الملاذ الأخير ، ففي مدينة الخرطوم ، عاصمة السودان ، تحتجز السلطات الأمنية مئات اللاجئين من دول جنوب السودان ، إريتريا ، إثيوبيا ، الصومال والكونغو في ظروف مزرية ، يرزح هؤلاء اللاجئون ، بينهم نساء ، تحت وطأة المعاناة ، محرومون من أبسط حقوقهم الإنسانية ، تدور أحداث هذه المأساة في مسرح ميدان “جامسكا” ومدرسة العاشرة بالثورة ، حيث يحرم اللاجئون من الطعام والدواء ، ويتعرضون للابتزاز المالي والاعتداء على ممتلكاتهم ، تصدر أحكام صورية بحقهم ، ويُحرمون من الاتصال بعائلاتهم ، تروي رحاب مبارك ، المحامية الحقوقية للغراء الوطن ، تفاصيل هذه الانتهاكات ، مشيرة إلى أنها مخالفة صارخة للقانون الدولي والإنساني ، وتكشف عن وجود شبكات منظمة تستغل هذه الظروف لابتزاز اللاجئين ، وتؤكد أن هؤلاء اللاجئون يتعرضون لخطر الموت نتيجة القصف العشوائي وسوء التغذية ، فتتفاقم معاناة اللاجئين مع كل يوم يمر ، يتعرضون لخطر الموت المحقق ، سواء من القصف أو من الجوع والأمراض ، تصرخ أصواتهم من بين الأنقاض، ولكن لا مجيب ، ونختم بصرخة استغاثة موجهة إلى العالم أجمع ، وننادي بضرورة التدخل لإنقاذ هؤلاء الأبرياء ، وتسليط الضوء على معاناتهم ، ونطالب بضرورة إطلاق سراحهم وتأمين عودتهم الآمنة إلى بلدانهم أو نقلهم إلى مكان آمن .. هنا تحضرني طرفة فليسمح لي القارئ الحصيف بأن اوجزها في هذه المساحة وبهذه العجالة وهي:- أعيش في مصر ، تلك الدار التي احتضنتني وفتحت لي ذراعيها ، لا أبالي بمرور الأيام ، وأنا أرى في نفسي جزءًا من نسيجها الاجتماعي ، ولكن ، هبت رياح التغيير فجأة ، وحملت معها قرارات قاسية لم أكن أتوقعها ، فقد أعلنت الحكومة المصرية ، قبل أشهر قليلة إلغاء جميع إقامات الأجانب المقيمين على أرضها ، دون استثناء ، حتى أولئك الذين استثمروا أموالهم فيها أو تزوجوا من مواطناتها ، وأعطت مهلة محدودة لجميع الأجانب لتسوية أوضاعهم ، وإلا فإنهم سيواجهون المساءلة القانونية ، أما أنا ، فلم أكن قلقًا على نفسي ، فقد كنت لاجئًا سياسيًا ، وتحملت الأمم المتحدة ، ممثلة بمفوضيتها السامية لشؤون اللاجئين مسؤولية تسديد جميع الرسوم المستحقة عليّ ، كنت أرى في هذا القرار استهدافًا واضحًا للسودانيين خاصة بعد اندلاع الحرب الأهلية في بلادي ، والتي أدت إلى دمار هائل وتشريد الملايين ، لقد فتحت مصر أبوابها لاستقبالهم في البداية ، ولكنها سرعان ما تراجعت عن ذلك ، وألغت الاتفاقيات التي تربط بين البلدين ، والتي تضمن حريات التنقل والإقامة والتملك والعمل ، وعندما حاولت توضيح هذه الحقيقة في إحدى اللقاءات التلفزيونية المحلية ، قاطعني المذيع ، وأكد أن الحكومة منحت الجميع فرصة كافية لتسوية أوضاعهم ، وأنهم أصبحوا أمام خيار واحد: البقاء والتكيف مع الشروط الجديدة ، أو المغادرة ، أشعر الآن بحيرة شديدة ، فإلى أين يذهبون؟ مصر كانت ملجئهم ، وهي الآن تطالبهم بالمغادرة ، وهم لا يريدون سوى العيش بسلام وأمان ، ولكن الظروف لا تساعدهم على ذلك ، يا رب ، أخرجنا من هذا الضيق إلى سعة من فضلك .. واللهم اسألك اللطف بالسودان والسودانيين في الداخل والخارج ..
O God, I ask you to be kind to Sudan and the Sudanese at home and abroad
وعلى قول جدتي:- “دقي يا مزيكا !!”.
خروج:- “عصفة نارية على الأبيض وما أدراك ما أبو قبة فحل الديوم !!” ففي يوم أربعاءٍ مشؤوم ، هبت أمس عاصفة من نارٍ على مدينة الأبيض ، عاصمة ولاية شمال كردفان لتغرق شوارعها بدماء الأبرياء ، ففي خرقٍ سافرٍ لكل القيم الإنسانية ، أقدمت مليشيا الدعم السريع المتمردة على قصف المدينة بقذائف الكاتيوشا ، متخذة من الأحياء السكنية هدفاً سهلاً حيث سالت الدماء بغزارة ، وساد الرعب والهلع أرجاء المدينة ولم يفرق القناصة بين طفلٍ يلعب في الشارع أو امرأةٍ تبحث عن لقمة عيش ، أو طالبٍ يطمح لمستقبلٍ أفضل ، فقد استهدفوا كل ما هو حي ، وكل ما هو جميل ، وأصوات الانفجارات المدوية مزقت هدوء المدينة ، وغطت سحب الدخان الأسود على سمائها الصافية ، وتحولت المدارس إلى ساحات حرب ، والمستشفيات إلى ثلاجات لحفظ الجثث ، ولم تقتصر جرائم المليشيا على القتل والتدمير ، بل تعدتها إلى قطع أرزاق الناس ، وتعطيل الخدمات الأساسية ، فبفعل القصف ، انقطعت شبكات الاتصال ، وأغلقت المحال التجارية ، وفر الكثيرون من بيوتهم خوفاً على أنفسهم وأسرهم ، ولم يقف أهل الأبيض مكتوفي الأيدي أمام هذا العدوان الغاشم ، فقد تصدت قوات الجيش السوداني لهذه الهجمات الشرسة ، وردت على مصدر النيران ، وبينما كانت المدينة تحاول أن تلتئم جراحها ، كانت الأسئلة تزداد حول أسباب هذا التصعيد العسكري ، وكيف يمكن وقف نزيف الدماء ، وإعادة الأمن والاستقرار إلى السودان ، وإن ما حدث في الأبيض هو جريمة حرب لا يمكن السكوت عنها ، وستظل محفورة في ذاكرة التاريخ..
#أوقفوا – الحرب
ولن أزيد ،، والسلام ختام.
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..