حتي فجر يوم الجمعة 30 يوليو 1998

حتي فجر الجمعة 30 يوليو 1998 كانت احجام واشكال الوزراء وعموم المسئولين الذين اسقطهم إنقلاب الإخوان المسلمين عادية جدا تتفاوت بين النحافة والسمنة,النحافة لكون اصحابها ورثوا من ابائهم او امهاتهم او جدودهم المرئيين وغير المرئيين تلك الخصائص البيولوجية التي تميز بين البشر,علي ان الظاهرة الجديدة والتي برزت مع قدوم الإنقاذ الي حكم السودان قلبت نظرية dna العلمية واسقطت مصطلحها العلمي ففشت نضارة الوجوه “المغرورة “واللحي المدببة والوجن الملساء التي عليها لمعة زيتية بعد ان كانت عليها غبرة واخاديد وفجوات, وكان اصحابها اشبه بموميات قدماء المصريين فصارو اشبه بمصارعي السومراي علي اكتافهم زوائد لحمية طرية ,وكروش يتدلي شحمها حتي تكاد تلامس مناطق حساسة منهم, وإذا تتبعت عملية نشوؤهم وإرتقائهم حسب نظرية العالم البريطاني تشارلز دارون فأنك تصاب بالدهشة والعجب إذ ان معظم الذين ابتسم لهم الحظ وكسبوا ” لوتري” التمكين وصاروا وزراء مركزيين اوولائيين لم يمروا بالمراحل الدراونية المعروفة وإنما وجدوا انفسهم فجأة في حالة جديدة ابرزها تغير السلوك الغذائي ومن ثم الإجتماعي ,وبعد ان كان االعديد منهم يجتهد حتي يمني نفسه بوجبة فول عار دون جبن او بالعدم “بوش” مع الأصدقاء كشريك ,صارت تاتيه وجبات الفطور والغداء والعشاء من الفنادق الدرجة الأولي علي حساب الوزارة ينهمك في تناولها مستغرقا كراهب بوذي يمارس طقوسه في خشوع او مستغرقا في عناقي كما قال الشاعر,, تحولت وسيلة المواصلات فجأة من الركشة والحافلات الي ثلاثة سيارات ذات دفع رباعي بكل مستلزماتها ,واحدة للمسئول الكبير يقودها سائق شهيد جاهز عند الطلب, وواحدة للزوجة , واخري للاولاد لزوم المدارس ,,وتحول السكن من الجالوص الذي ينضح رائحة الزبالة عند الخريف ,الي القصور ذوات الحديقتين ,حديقة منتجة للفاكهة ,واخري خلفية بها حمام سباحة وهي لشراب شاي العصريات والتامل في النعمة التي قسمها لهم الله, قلنا حتي إنقلاب الجماعة كان الوزراء وكبار المسئولين في كل العهود الديمقراطية يأتون الي مكاتبهم بعضهم يقودون سياراتهم بأنفسهم دون حراس يتبعونهم فهم امنون مستأمنون لم يرتكبوا جرما ولم تنغمس اياديهم في فساد يخشون من عاقبته, كان الموكب الوحيد الذي تسبقه المواتر كبروتوكول وليس كحراسة هو موكب الزعيم اسماعيل الازهري بدءا من منزله وحتي وصوله القصر الجمهوري يرد علي تحايا المواطنين وفي احايين كثيرة يتوقف موكبه ليتسلم عريضة من امراة مسكينة لها ظلامة.
لم يكن هناك مسئول في حاجة الي حرّاس شخصيين ويرفض ان يكون له ذلك حتي لو عرض عليه ,فالبيئة السودانية كانت بطبيعتها مسالمة والزمم نظيفة ولم يفكر المسئول في السرقة او الإختلاس لان راتبه يكفيه هو وعياله ,بل اكثر من هذا إن المسئول في الأصل ينحدر من بيت هو نتاج تربية طويلة راسخة تنبذ اكل الحرام وتري فيما يناله من مقابل هو مال الشعب وليس نتاج تربية حزب يستخدم المصحف والجامع في نهب المال العام حتي شاعت ثقافة سوداء جديدة جعلت جيل بأكمله ينظر الي المختلس والسارق باعتبارهما شطارا وذوي قدرة علي كسب المال ولا يهمهم ولا يسألون عن اي الأساليب إستخدموها حتي تحولوا من الفقر الي الثراء الفاحش , واي طرق سلكوها ليصلوا الي هذا الوضع الجديد.
إن ظاهرة الحرّاس الشخصين وهي وظيفة لها ميزانية مخصصة من مال الشعب صارت لها شركات امنية تمد المسئولين بفتية ذوى عضلات مفتولة ووجوه عابسة تتنقل نظراتهم العدوانية بين الناس مراقبة حتي لوكان الوزير تافها وغير معروف اساسا, ولكنها المسطرة التي ينقل بها الإسلامويون كل ما يرونه جديدا من حولهم في عالم السياسة.
,في زمن الفورة النفطية قبل ان ينفصل الجنوب فيضيع الكنز لم يكن احد يعرف اين تذهب عائدات البترول , فهي ممنوع ان تضمن في ميزانية الدولة الرسمية, ولا تعرض غلي البرلمان,مليارات الدولارات استولي عليها التنظيم ووكّل شخص واحد لادارتها وهنا ظهر المرض الخليجي حتي كاد المسئولون ان يلبسون القطرة والعقال فتطاولوا في البنيان ,وعبرو الحدود ليتملكوا الأبراج السامقة في ماليزيا وتايلاند وتركيا حتي وصلوا روسيا والبوسنة والهرسك, هذه النقلة الهائلة خلفّت طبقتان , طبقة مترفة هي طبقتهم تغطس في الديباج والحلي والحلل, مهراجات جدد علي جباههم “غرر”الصلاة ,وفي ذممهم ندوب سوداء وطبقة اخري تغطس في الفقر ويأكل السعداء منها لحم الحيوانات النافقة, مهراجات جدد تلمع في معاصم حريمهم الوان من الذهب والألماس والعقيق وكل المعادن الثمينة.
حتي فجر يوم الجمعة 30 يوليو 1998 كانت الوفود الرسمية للخارج للمشاركة في مناسبات دولية يختار لها المؤهلون من ذوي الخبرة والإختصاص وكان عدد افرادها لايتعدي الثلاثة , اما الان فقد يصل عدد افراد البعثة الواحدة خمسون شخصا , انظر كم تكون كلفة تذاكر السفر والإقامة البدلات التي تصل الاف الدولارات وعادي جدا ان تسمع ” اتركوا هذه الرحلة لفلان ليكمل بناء منزله”
وعلي هذا النحو كثرت البعثات الخارجية لدول الخليج خصوصا بعثات لبيع قطع الأراضي واخري لمخططات سكنية جاهزة غيرالمشاركة في اي مؤتمر خارج السودان حتي لو لم يكن ذي جدوي , المهم البدلات, انه الإنيهار المدوي فقد ضرب الزلزال السودان وتغيرت معالم الأشياء ولم يبق إلا الإعلان عن النهاية !

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. لقد صدقت …بالنسبه للحراسه كنت جارا لعضو مجلس السياده..و الذي كان في الحقيقه يقوم بكل اعباء رياسه الجمهوريه..ولشده تواضعه لا يعرفه كثير من الناس بل وكل ابناء هذا الجيل…اسمه خضر حمدكان ياتي لمنزلنا المتواضع لغداء الجمعه حيث يلتقي ساسه ذلكم الزمان الجميل …متواضعين بملابسهم العاديه.وعند عودته الي منزله في اخر اليوم يكون قد جري تغيير طاقم الحراسه ويبدا الرجل العالم.الذي كاد ان يتسلم امين الجامعه العرليه في بدايه الخمسينات لولا ان جمال كان يراه نصيرا لمحمد نجيب اذ لم يدع فرصه زار فيها القاهره الا وانطلق الي المرج . اقول تبذا الحجه او الشمطه والمحاولات الاقناع للشايقي ااصارم الذي لا يصدق ان هذا هو الرجل الكبير..وعند تكرار هذا الخطا قابل الجل الشريف (ابورنات )وطلب الغاء الحراسه تماما ..واخيرا كحل وسط اقنعه(ابو رنات بانهم سوف يحتفظون يشخصين ثابتين للحراسه.
    لا يزال منزل هذا الرجل يكسي بالزباله كل عام .
    ..

  2. لقد صدقت …بالنسبه للحراسه كنت جارا لعضو مجلس السياده..و الذي كان في الحقيقه يقوم بكل اعباء رياسه الجمهوريه..ولشده تواضعه لا يعرفه كثير من الناس بل وكل ابناء هذا الجيل…اسمه خضر حمدكان ياتي لمنزلنا المتواضع لغداء الجمعه حيث يلتقي ساسه ذلكم الزمان الجميل …متواضعين بملابسهم العاديه.وعند عودته الي منزله في اخر اليوم يكون قد جري تغيير طاقم الحراسه ويبدا الرجل العالم.الذي كاد ان يتسلم امين الجامعه العرليه في بدايه الخمسينات لولا ان جمال كان يراه نصيرا لمحمد نجيب اذ لم يدع فرصه زار فيها القاهره الا وانطلق الي المرج . اقول تبذا الحجه او الشمطه والمحاولات الاقناع للشايقي ااصارم الذي لا يصدق ان هذا هو الرجل الكبير..وعند تكرار هذا الخطا قابل الجل الشريف (ابورنات )وطلب الغاء الحراسه تماما ..واخيرا كحل وسط اقنعه(ابو رنات بانهم سوف يحتفظون يشخصين ثابتين للحراسه.
    لا يزال منزل هذا الرجل يكسي بالزباله كل عام .
    ..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..