تمخض الجبلُ .. وليس الجملُ ..!


كثيرا ما يستعمل بعض الناس ولاسيما الكتاب في الصحف الورقية والإسفيرية بعضاً من الأمثال الشائعة عربية قديمة كانت أم سودانية محلية بصورة خاطئة تبدل من مبناها الذي يخل في مدلولها ومعناها..!
بل ان البعض يضع أمثالا للتدليل على أمر قصده فيكون المثل في غير محله وقد يغير من مقاصد الكاتب في مخيلة القاريء الذي يراوح مكانه عند مدلول المثل ولا يتعداه للتبحر فيما عناه الكاتب في الآساس !
فتجد كاتبا يدلل على أن فلانا قد مدح فلانا وقال فيه ما قاله مالك في الخمر ..وهو بالطبع الذم بعينه ..والصحيح ما لم يقله مالك في الخمر لانه لم يقل أن فيها ثمة خير !
و كثيرون ينطقون المثل السوداني المتداول كثيرا بين الناس هكذا
( لابريدك ولا بحمل بلاك )
ظنا منهم أن سيدة تكره بعلها و لكنها مضطرة لتنجب منه ..وهذا خطأ لان الصحيح
( لابريد ك ولا بحمل فيك )
والمثل يعود لقصة زوجة إشتكت على زوجها للقاضي بسوء عاملتها وضربها ..فأمر بجلده ..وحينما أحست بألم السياط يبدو على تعابيره .. خاطبته بالعمارة التي صارت مثلا
يضرب في حالة تضارب الشعور تجاه شخص ما .
فالكثير من المقالات التي سودت الصفحات الحبرية و رسمت حروف مفاتيح أجهزة الحاسوب في مساحات الأسافير ..عقب تشكيل الحكومة الجديدة أخيراً .. قد إستخدم كتابها مثلا يضرب في حالة خروج النتائج عن بطن الحدث الكبير أو هكذا يظن المنتظرون خارج غرفة الولادة بشي صغير لا يتناسب و حجم الجهة التي ولدته ويكون مخيباً لأمال التوقعات المرجوة أو في حالة عدم توافق الإنجاز المعلن عن عمل وجد من الضوضاء أكثر مما يجب !
إذا قال الكثيرون في سياق تلك الخيبة التي أصابتهم بعد إعلان تلك التشكيلة بعد طول ترغب و تكهنات شتى !
( تمخض الجمل فولد فأراً )
فالجمل ذكر فكيف يلد فارأً أو أوحتى صرصارا والصحيح هوأن يقال..
( تمخض الجبل فولد فأرا)
إذ أن المقصود إن الجبل على ضخامة حجمة وهيبة شموخه وصلابة جسده يمكن أن يخرج من شقوقه فأر صغير وكان عليه تبعا لتلك الصفات أن يلد جبلا من جنسه ..!
والولادة دائما في اللغة تنسب للمؤنث في المعنى المباشر..كأن يقول الشاعر العربي..
(ً وما زالَتِ الدُّنْيَا يَخونُ نَعيمُهَا ? وتُصْبِحُ بالأَمْرِ العَظيمِ تَمَخَّضُ )
ولكن لا ضير أن يشار بالمذكر في المجاز الإستثنائي الى بعض الإستدلالات الرومانسية الحالمة والنثر الخيالي كأن يقال ..
تمخض الليل ،
وظل يصرخ ،
حتى انبثقت ..
من جبينه الشمس ،
بهيبة باردة ،
لا دفئاً ،
ولا تغني من برد.
ولعل الرجوع الى المراجع والمعاجم ومصادر المعرفة المتوفرة الآن حيال كل أنامل من يقصد المعلومة الصحيحة قد يغني عن الوقوع في مثل هذه الأخطاء الشائعة .. ومن قال علمت فقد جهل ومن قال لا أعلم فقد أفتى ..!




أحسنت
Big Like