نجوم لا تأفل.. مصطفى سند..صاحب البحر القديم.!

ربما تكون شاعرًا وتنسب إلى مدرسة شعرية معينة ولكن أن تكون شاعراَ وتصبح مدرسة فتلك محطة وجب علينا الوقوف فيها كثيرًا للتأمل والتفكر بما فيها وما لها وما عليها لذلك وجب علينا أن نخلع نعلينا وننكس قبعات الاحترام لواحةِ ظل الجمال فيها يمشي حافياً كحراس المدن القديمة خاصة ونحن في حضرة شاعرٍ بحر بغير سواحل بحر هلامي عنيف.
(1)
ولد مصطفى محمد سند في عام 1939م في أم درمان ونال بكالوريوس التجارة- وبكالوريوس شعبة العلوم البريدية واحترف العمل الصحفي في عام 1980م وعمل بوزارة المواصلات وتمّ انتدابه في وزارة الخارجية لمدة أربعة أعوام، وكان مديراً لتحرير جريدة ( الخليج اليوم) القطرية، وترأس مجلس إدارة الهيئة القومية للثقافة والفنون، كما ألفّ عدداً من الدواوين الشعرية منها (البحر القديم) (عودة البطريق البحري) (أوراق من زمن المحنة ) ( بيتنا في البحر) ( نقوش على ذاكرة الخوف) (ملامح من الوجه القديم).
(2)
كان مصطفى سند مدرسة شعرية متفردة انسابت حروفها بين العربية والإفريقية فعندما يريد أن يؤكد سند عروبيته تستبين ملامح إفريقيته في بيت آخر وكذلك العكس عندما يريد أن ينحاز لإفرقيته ولكنه جاهر مرة في احدي مقولاته وقال(نحن عرب العرب) ولكن جاء ذلك الرد منسوخًا عنده في قصيدته البحر القديم عندما قال:- (تحوي توابيتي دقيق الموت تزحف من سراديبي ثعابين الشتاء…سبري عجين السدر سن الحوت هيكل مومياء) فتلك الطقوس (والأسبار) والثعابين ما هي إلا طقوس (كجورية) إفريقية لذلك نجد أن سند ماهو إلاعبارة عن دفق إنساني منسابُ عوان بين هذا وذاك كما اتسم شعره بالتراكيب اللحنية الجميلة والأخيلة العميقة ونلحظ في أبياته قوة النظم وسلاسة الألفاظ والمفردات رغم أن سند استحدث كمية كبيرة من العبارات والجمل التي استطاع أن يوظفها وبمهارة فائقة في قصائده وهي قوة التأكيد اللفظي أو ترسيخ المعاني بشاعرية عالية.
(3)
كما يعتبر مصطفى سند من رواد مدرسة القصيدة النثرية فكانت بدايته فيها مع رفيق دربه محمد المكي إبراهيم الذي أصدر ديوان (بعض الرحيق أنا والبرتقالة أنت) الذي كان يعتبر تحفة شعرية رائعة نافست كل المنتوج الشعري في تلك المرحلة وجاء سند (بديوان البحر القديم) الذي مثّل إضافة وقمة أخرى مع ديوان (بعض الرحيق أنا والبرتقالة أنت) لمحمد المكي إبراهيم وذلك في بداية سبعينيات القرن الماضي ومن روائع شعرسند النثري الحر قصيدته الشهيرة بعنوان (الكمنجات الضائعة)، لذلك نجد أن كثيراً من الشعراء والنقاد الأدبيين شبّهوا تجربة الأستاذ مصطفى سند بتجربة الشاعر العراقي الشهير بدر شاكر السيّاب كما برزت مقدرات أخرى لمصطفى سند في براعته لكتابة القصة القصيرة التي كان يكتبها بـ (مجلة القصة السودانية) التي كان يرأس تحريرها الراحل عثمان علي النور ولمصطفى سند تجربة مميزة في الشعر الغنائي أجبره على دخولها رفيق دربه وصديقه الفنان صلاح مصطفى الذي ألّح عليه وبإصرار شديد أن يكتب شعراً غنائياً فاعتذر سند ولكن إلحاح صلاح مصطفى المتواصل جعله يكتب كلمات غنائية نافست كل المطروح في الساحة في ذلك الوقت فكتب لمحمد ميرغني ولصلاح مصطفى.
(4)
بذلك يكون مصطفى سند قدم أنموذجًا رائعًا للشاعر الفصيح والعامي والصحفي والكاتب والقاص فلذلك نجد أنه استحق وبكل جدارة لقب الأديب الشامل ، توفي مصطفى سند إلى رحمة مولاه بالمملكة العربية السعودية بأبها في 24/مايو2008م وذلك بعد وفاة رفيق دربه وصهره الشاعر محي الدين فارس بأيام قليلة.

السوداني

تعليق واحد

  1. توفي بالرياض ووصيته ان يدفن بابها لتعلقه بابها لسنوات حسب ظني …. وله علاقة وطيدة جمعته بالامير الشاعر خالد الفيصل بحكم الامارة …. حسب ظني… ايضا…

    لي عشق كبير لهذا الشاعر الفذ… له وللأديب الراحل صلاح احمد ابراهيم واذكر في لقاء اذاعي ذكر مصطفى سند طيب الله ثراه ورحم الله شاعرنا الاديب صلاح احمد ابراهيم… حيث ذكر سند بداياته الشعرية وصلاح احمد ابراهيم في عمره …ذكر انه كتب قصيدة او قصيدتين وذهب كي يريها لشاعرنا الاديب الفذ صلاح احمد ابراهيم ولم يجده في المنزل .. فتركها لحين عودة صلاح للمنزل .. وقرأ صلاح قصائده .. ولم تعجبه … وجاء سند فرحا كي يعرف رايه في ما كتب … غير ان صلاح صارحه انه قد اتلفها جميعا … وذكر له بسان الشاعر المحب والخلوق ان ما كتبه لا يشبهه وطالبه بكتابة افضل مما كتب … مصطفى سند الشاعر الكبير يحكي بكل تواضع ان بداياته شهدها صلاح احمد ابراهيم وبكل تواضع يقول عن نفسه اي تواضع هذا من شاعر كبير لقد هزني هذا التواضع الجم وهذه الروح الطيبة ياله من زمن جميل يالهم من ادباء وشعراء تركوا لنا ارثا نفخر ونفاخر به على مر الدهور ….اليس هذا الذي ذكرته يوضح شخصية هذا الشاعر الانسان ….طيب الله ثراك وجعل مسكنك الجنة …. ورحم الله مبدعينا جميعهم ….
    …. اين انت يا كتيابي طال غيابك… واين انت يا الفيتوري … اين كل الادباء بركة ساكن كل الذين يحملون نبض ارواحنا …اين انت يا الصادق الرضي .. شكرا لكل المبدعين في كل المجالات الذين لم نلتقيهم لكنا نتلهف لسماعكم ونهنأ لذكركم … اين انت يا محمد المكي ابراهيم … اين كل ابناء بلادي الاحباء نحن نتوق اليكم كثيرا كثيرا …. هذا الزمن قد انهكنا واتعبنا … اين انتم كي نراكم ونسمعكم فنستريح .. اراح الله بالكم مبدعي بلادي الحبيبة لما تركتونا هكذا…..
    الله اسال ان يزيل عن بلادنا هذه الطغمة الظالمة .. ببركة هذا الشهر الكريم … امين .. امين امين ..

  2. رحمة الله كان استاذنا بمعهد البريد وكان يشرف على اليوم الثقافى فى كل يوم اربعاء
    وقد اصانا نحن اوائل الدفعة ان نلتحق بالطيران المدنى للعمل بالاسلكى وليتنى سمعت نصيحنه
    كان المعهد يعج بالجو الثقافى الرقيق مصطفى سبد والشاعر عبد الله النجيب شاعر العيون وصلاح مصطفى
    فقد كانت سنين الثمانيات سنين ملئ بالادب والفن الراقى الا ان حكم العسكر يطرد الادب من معاقله فهويكره الكلمة الرقيقة
    لعنةالله عليهم عهود الظلام حكم نميرى وحكم البشير فقد كسد الادب كما كسد السوق

  3. تعلقت مند أن كنت طالبا بالمدرسة المتوسطة بشعراء وأدباء حظيت بالجلوس اليهم فما أنبلهم وأوفرهم ثقافة وألقا وابداعا وكان الشاعر مصطفى سند جم الأدب قوى كقوة بحره القديم رقيق رقة النسيم الدى لمسته فى غنائياته متعدد المواهب جم الجوانب يعجبك وهو يلقى على مسمعك من بحره القديم أو كمنجاته الضائعة
    شكل هو ورفاق دربه واحة لايدخلها الا من كان مجيدا وبديعا فى سبكه ونظمه . لقد افتقدناهم كثيرا ألا رحم الله الأديب مصطفى سند ومبارك المغربي وفارس الدى صال وجال فى دهاليز وساحات الأدب وصلاح أحمد ابراهيم وكا من رحل عن دنيانا وخلف لنا ارثا بديعا نحتفى به كل يوم ونصطحبه فى حلنا وترحالنا

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..