هل نظام البشير ايل للسقوط؟

نعم ولكن الضعف والتعفن والهشاشة لا تكفى لكى يسقط. يمكن ان نردد عبارة ان النظام ضعيف ونكرر ونعيد لكن هذا السلوك لن يزيد النظام الا قوة. والحل هو ان نستفيد من نقاط ضعف النظام ونحولها الى نقاط قوة فينا نستخدمها فى نشاطنا الهادف الى اسقاط النظام. والامر الاخر هو ان نظام البشير او اى نظام دكتاتورى اخر هو نظام يعتمد على اجبار الناس على الطاعة ومن دون هذه الطاعة سوف لن يعمر يوما واحدا. اذن الهدف هو ضرب مصادر قوة النظام وفى نفس الوقت توسيع قاعدة العصيان, فكلما زاد عدد العصاة كلما اقتربت ساعة النصر

النظام يدعى انه نظام شرعى ويقدم للعالم الادلة المزورة ويدعى بانه يحظى بتاييد الشعب. هذا الزعم باطل بدليل انه يخوض حربا اهلية شرسة فى ثلاثة اقاليم سودانية ويمارس عنفا وحشيا ضد المحتجين السلميين فى شمال السودان وشرقه ووسطه ممن ظلموا بعد انشاء مشاريع السدود المدمرة و تعطيل المشاريع الزراعية و الحرب والافقار والتهميش. لكن هذا لا يمنع من القول ان هنالك من اثرت فيهم سياسة الجزرة والعصا وهذه الفئات هى
جهاز الامن والمخابرات
حزب المؤتمر الوطنى وحلفاؤه من الاحزاب الكرتونية
الميليشيات شبه العسكرية وعصابات البلطجية
الموظفون الحكوميون
الجيش

صحيح ان الوظيفة الحكومية تضمن دخلا ثابتا لكنها مجرد دريهمات لا تسمن ولا تغنى من جوع. واحيانا كثيرة يلجأ قادة المؤتمر الوطنى الى استخدام الرشوة مع هؤلاء من اجل ضمان ولاءهم فيما عرف عند السودانيين بالظرف الاتى من تحت الطاولة. وهو ظرف مملوء بالجنيهات يعطى للموظف المشكوك فى ولاءه. ولان الحالة المعيشية تردت الى درك سحيق فان ذلك الظرف اصبح عديم الفائدة وكذلك الرشاوى التى ياخذها الموظف عديم الضمير وهو مطمئن الى انه سيفلت من العقاب فى ظل وجود قانون التحلل الذى يبيح لسارق المال ان يرجع ما سرقه فينجو من العقاب. والحقيقة ان موظفى الحكومة اغلبهم نظيف اليد وكذلك السواد الاعظم منهم معارض, وهذا ما دلت عليه نتائج العصيان الاول والثانى من عام 2016

الجيش السودانى له مواقف وطنية مشرفة كثيرة, امثلة لذلك وقوفه مع الشعب خلال انتفاضتى اكتوبر 1964 وابريل 1985. وبالرغم من ان العسكريين تطبعوا على طاعة اوامر القائد الاعلى, وهو البشير فى هذه الحالة, الا ان الامل كبير فى ان يعصوا الاوامر يوما ما وينحازوا الى جانب الشعب. والجيش مغبون لان الكيزان اشهروا فى وجهه سيف العداء فى بداية عهدهم فعزلوا كل الضباط وضباط الصف ممن تحوم حولهم شبهة عدم الولاء لحزب البشير. والجيش مهمش خلال العمليات العسكرية حيث تؤول قيادة العمليات لضباط جهاز امن الدولة وتكون القوة الرئيسية الضاربة من الجنجويد وبعض كوادر الدفاع الشعبى, او ما يسمى بالدبابين. والجيش يمتلك مدافع ودبابات وطائرات واجهزة مراقبة وانذار لكنه لا يستطيع ان يستخدمها لان الذى يتحكم فيها هو جهاز الامن. والكيزان جبناء, خفاف عند الطمع وثقال عند الفزع. والكيزان حكموا السودان 27 عاما وما زالوا مذعورين من تحرك محتمل يقوم به الجيش ضد حكومتهم. فلماذا لم يستطيعوا خلال ثلاثة عقود ان يبنوا جيشا يكون عماده من كوادرهم؟ لانهم لا اهل للقتال بل تنظيم من اجل السرقة والفساد والشهوات. خدعوا الشباب الغر بشعارات الجهاد ابان حرب الجنوب ولما حلت بهم الهزيمة تنكروا لشعاراتهم كلها.

والجيش من داخله يكره النظام وهو متذمر لكن طبيعة تركيبته وتجاربه تجعل تحركه مرهون بالانتفاضة الشاملة كما حدث فى اكتوبر وابريل. وهنالك من من المعارضين من يستهزء بالجيش ويسخر ويحمله مسؤولية التفريط فى سيادة وارض السودان. هذا السلوك خاطئ واستفزاز لا يفيد بل يضر. ونحن نعلم ان من فرط فى سيادة السودان وارضه وسمعته هو البشير وزمرته من نافذى المؤتمر الوطنى وهم فاسدين ولصوص ومجرمين متورطين فى جرائم محلية ودولية وبعضهم مطلوب للعدالة الدولية. والنتيجة انهم اصبحوا مستعدين لتقديم كل ما من شانه ان يحول بينهم وبين ملاحقة العدالة الدولية. هنالك عشرات الالاف من الجنود وصغار الضباط يهيئون انفسهم لكى ينحازوا الى الشعب فى الوقت المناسب

جهاز الامن مؤثر ليس لانه قوى ولكن لانه يمتلك مصادر مؤثرة. وعونا على الشركات الكثيرة التى يمتلكها والاساليب المتعددة التى يجمع بها الاموال, فان هذا الجهاز يستخدم احدث الوسائل القذرة لكى يخرب عمل المعارضة. وكلنا يعرف الحرب القذرة التى يقوم بها الجهاز لتحييد النشطاء بواسطة التهديد واشانة السمعة واغتيال الشخصية وغيرها. واضافة الى الحرب القذرة فان الجهاز يستخدم بالاتى

ما يسمى بالجهاد الالكترونى (او الجداد): تتم الاستعانة بمهندسين وخبراء فى تكنولوجيا المعلومات جلبتهم الحكومة من الصين والهند واليونان ومن كيزان الدول الغربية ومهمة هؤلاء هى تدريب كوادر الجهاد الالكترونى السودانيين والتخريب والتجسس على المعارضين. وقد افاد جهاز الامن ايما افادة من هذا الفرع حين تمكن عدة مرات من بث رسائل مشوشة وتخريب صفحات لنشطاء والسطو على بعضها وتزوير وانتحال هويات نشطاء معروفين

البروباغاندا: ويستخدم الجهاز وسائل الاعلام التى يمتلكها من صحف ومحطات تلفزيون واذاعة اضافة الى شراء ذمم ذوى النفوس الضعيفة من الصحفيين
المليشيات وعصابات البلطجية: امثلة لذلك الجنجويد وعصابات النقرز وميليشيات على عثمان طه ونافع على نافع
الاختراق: وخير مثال لذلك حدث ابان صدور امر القبض على البشير من المحكمة الجنائية الدولية فى لاهاى. فى تلك الاثناء قام جهز الامن بتدريب المئات من الكوادر والزج بهم الى داخل منظمات المجتمع المدنى فى الدول الغربية. وقد نجح بعض هؤلاء اما فى جعل بعض هذه المنظمات تقود حملات مضادة ضد قرار المحكمة الجنائية او فى ان ينشق بعض قياديها ويكونوا منظمات بديلة. والنتيجة هى بروز اصوات تؤيد البشير وهى نفس الاصوات التى كانت تجأر بالشكوى من نظامه وتستجدى حق اللجوء السياسى فى الغرب. هؤلاء وجدوا ضالتهم فى تسامح السوادنيين واعلاء شان الرابطة الاجتماعية عندهم فتمكنوا من الاختراق

الجنجويد ميليشيات اضيفت الى جهاز امن الدولة بقرار رئاسى لكن هذا لا يزيح عنها الصفة الاجرامية فهم مجرد لصوص وقطاع طرق وقتلة مأجورين. وهم جبلوا على النهب والسرقة واخيرا وجدوا ضالتهم فى سرقة الذهب من مناجم دارفور وخاصة منجم جبل عامر. حميدتى لص الحمير يستخدم مطار الخرطوم لتهريب الذهب المسروق الى دول معينة فى الخليج والى الهند والصين. وهو كذلك يستخدم بدو الصحراء ملاك العربات المصفحة لتهريب الذهب الخام الى تشاد. قريب حميدتى موسى هلال زوج ابنته للرئيس التشادى ادريس دبى ليس من اجل الحماية فحسب لكنها كانت صفقة تجارية. والملاحظ ان حميدتى وموسى هلال يتقاتلون احيانا حول السلطة لكن الذهب يجمعهم من جديد. والسؤال هو هل الجنجويد حليف دائم للبشير؟ بالطبع لا. هم يعرفون ان البشير يستخدمهم استخداما تكتيكيا. وهم يخافون من الملاحقة الدولية وحجز اموالهم المكدسة فى ماليزيا وتركيا وغيرها.وهم لا تنظيم دولى يجمعهم ويوفر لهم ملجأ عند الضرورة. وهنالك مؤسسات عدة تتابع مثل هذه الانشطة القذرة وتقوم فى الوقت المناسب بعمل من شانه ان يضع حدا لها. ومن ضمن هذه الجهات مؤسسات الشفافية الدولية ومنظمة التجارة الدولية ومنظمة التعاون الاقتصادى والتنمية وغيرها. هذه المنظمات تقوم بالرقابة وتحذر السلطات من التعامل مع شركات تعمل فى الثروات المشبوهة او تلك المستخرجة من مناطق النزاع. وفى كل حين ستصل المعلومات الى هذه المنظمات سواء كانت عن انشطة حميدتى اوغيرها

هل ستنجح حركات العصيان؟ نعم. والواضح ان نقاط ضعف النظام اكبر بكثير من نقاط قوته. وكل ما زاد الضغط عليه كلما ازداد ضعفا

محمد مهاجر
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..