المذيع محمد عثمان: “من بركات كورونا جعلت دمعتي البعيدة قريبة”
لم نبيع ذممنا من أجل لعبة سياسية

حوار: محاسن أحمد عبدالله
مرَ المذيع محمد عثمان، بتجربة مرضية صعبة مع فيروس “كورونا” قلبت حياته رأساً علي عقب.
صحيفة “السوداني” أجرت حواراً مع عثمان عقب تعافيه من الفيروس، وعن تجربته مع المرض وردة فعل أسرته حتى تماثله للشفاء، “الراكوبة” تنشر ما جاء في الحوار:
بعد تعافيك من المرض وفي أول ظهور لك على قناة الحدث كان هناك مشهد عفوي من محبيك على الهواء ماذا حدث؟
كنا بالقرب من تقاطع “شروني” عندما ظهرت على قناة الحدث علي الهواء، كنت أريد الحديث عن سيناريوهات سد “النهضة” الإثيوبي، وفجأة سمعت ضجيج من خلفي لكني لم أهتم به كثيراً، وبعدها لاحظت المصور ترك الكاميرا وطلب من أشخاص خفي الابتعاد لكنهم تجاوزوه وتقدموا نحوي يسلمون على بـ”الأحضان”وأصبح كل شخص ينزل من سيارته ويلقي على السلام بتلقائية وعفوية ليس حبا في الظهور أمام الكاميرا إنما لتحيتي، وبعد التصوير طلبوا رقم هاتفي وقالوا لي إنهم “يحبوني في الله” وقدموا لي “عزومة”، ولقد اثلجوا صدري بحبهم الكبير تجاهي.
المرض أظهر لك حب إضافي من معجبيك؟
بكل صراحة كان موقف صعب بالنسبة لي وانا أشاهد محبة الناس وهم يطوقوني بذلك الحب الكبير فهو أغلى تعبير وأحلى هدية وأجمل مشهد، “رأيت عافيتي فيهم”.
عندما تأكدت إصابتك بالمرض هل إنتابك هاجس الموت وانت تشاهد آلاف الموتى حول العالم بسببه ؟
قد تكون الطاقة الإيجابية التي وجدتها خففت بعض الشئ، و لكن كان هناك شعور بأنك متقدم إلى أجلك خطوات، وفي لحظة من اللحظات تخيلت منظر الموتى محمولين على النعش، لكن إيماني بالقضاء والقدر كان الأقوى.
متي شعرت بالأعراض؟
بحكم عملي في مراكز العزل أُصبت بكحة “ناشفة” بعدها فقدت حاسة الشم والتذوق، كان هذا مؤشر خطير، وبعدها عزلت نفسي مباشرة، ثم أجريت اتصال بالوبائيات لأخذ العينة، وكان يتملكني إحساس بنسبة ٨٠% ان النتيجة كورونا.
بعد تأخر النتيجة هل كنت متفائل ؟
بعد أن تأخر رد الوبائيات بشأن النتيجة لأيام عدة، تفاءلت بعض الشيء، وقلت ربما تكون النتيجة خالية من الإصابة لذلك لم يهتموا بها، ولكن لم تستمر فرحتي ٢٤ ساعة إذ تلقيت اتصال من طبيبة قالت لي:”انت محمد عثمان؟” .. أجبتها.. بنعم، فقالت لديك نتيجة بطرفنا لكن للأسف هي ايجابية، وطلبت مني عزل نفسي.
كيف كانت ردة فعلك؟
كنت محبط وقتها.
كيف استقبلت أسرتك خبر إصابتك؟
أمي كانت تتصل بي يوميا لإفطار رمضان كما هو معتاد معها، وهي لا تعلم بإصابتي كذلك والدي فقط شقيقي الذي كان يعلم بمرضي، وفي أول يوم في رمضان كنت في العزل فقررت أن أخبرها واخترت الوقت الذي لا تنتابني فيه نوبة الكحة، اتصلت عليها ومهدت لها فطلبت مني الابتعاد من الأماكن التي يتواجد فيها المرض، قلت لها ذهبت والآن أشعر بالتهاب بسيط ثم أضفت:” شكلها كورونا يا أمي بعدها رفضت الحديث معي”. ولاحقا أخبرني شقيقي أنها جلست على الأرض وهي تبكي “ذلك الموقف لن انساه ابدا”.
بعد أن تماثلك للشفاء من هو أول شخص ذهبت لمقابلته؟
في ذلك اليوم وبعد غياب طويل، وفي آخر يومين من شهر رمضان ذهبت للقاء الوالدة لم أخبر أحد غير شقيقتي ،بمجرد وصولي بسيارتي أمام المنزل قبل الإفطار بدقائق شاهدني خالي من على البعد، وكان يحمل “صينية”، و بدأ يضرب عليها بصورة هيستيرية حتي وصل باب المنزل ووقتها خرجت أمي من المطبخ وهي تصرخ فرحة بصوت عالي كذلك والدي وأشقائي امسكوا ببعضهم وهم يبكون وأبناء شقيقاتي وأشقائي كانوا مندهشين ثم خرج الجيران جميعهم غير مصدقين وجودي بينهم كان بالنسبة لي مشهد لن انساه ابدا.
ما هو ردك على الذين كذبوا إصابة المشاهير بفيروس كورونا وأتهموهم ببيع ذممهم للحكومة لتأكيد وجود المرض؟
أقول لهم مشهد والدتي وهي تبكي بحرقة بعد أن علمت اصابتي بالمرض وقبل فترة أصيبت بجلطة فهو أمر صعب، هل يعقل لو دفعوا لي مال الدنيا أن أقبل بالحسرة والأذى لوالدتي؟.. “من المفترض الناس تكون واعية لن نصيب أهلنا وأقاربانا بالأذى أو نبيع ذممنا مقابل لعبة سياسية.
هل وزارة الصحة كانت تعلم بأن صاحب الفحص إعلامي مشهور؟
ابدا، الوزارة لم تعلم بأنني المذيع محمد عثمان إلا بعد كتابة أهل الإعلام النشر على مواقع التواصل.
ماذا استفدت من تجربة مرضك؟
واحدة من “بركات كورونا قربت دمعتي البعيدة”، ربنا أكرمني بمحبة الناس الذين كانوا يأتون يوميا أمام المنزل للاطمئنان على صحتي، شكري بلا حدود لكل من سأل عني وكل من رفع الأكف بالدعاء “حبي لكم أكبر”.