العباقرة والمبدعون.. تصرفات غرائبية تنتج ابتكارات لافتة.. الفنون جنون

الخرطوم – نمارق ضو البيت
هناك رابط لافت بين الإبداع وغرابة الأطوار، أشبه بخطوط وهمية تزج بالمبدع في خانة الغرابة دون أن يدري، بذات الطريقة التي حددت الشعرة الفاصلة بين العبقرية والجنون، والتي لا تتراءى لأولئك المبدعين على أنها عادات غريبة، لكن الأشخاص خارج ملعب الإبداع تسترعى انتباههم تلك التصرفات، التي لا يجدون لها تفسيرا منطقيا، فيكتفون برفع حواجبهم دهشة من سلوكياتهم غير المبررة لهم.
ما حدث دفع الكثير من المبدعين لإبقاء تلك العادات سرا بينهم وبين المقربين، ولم تخرج بعض هذه التفاصيل عن دائرة الكتمان إلا بعد وفاتهم، أو من خلال تصريحات خجولة لهم للأعزاء وأحيانا لوسائل الإعلام.
أسماء وتصرفات
يصف البعض معظم عباقرة العالم بالمجانين أو (غريبي الأطوار) لاختلافه عن الغالب الأعم من المُحيطين به. وفي السياق قال الكاتب الفرنسي اندرية موروا مُعلقا على خلفية وصف الروائيين بالمجانين “إنهم كانوا سيصيرون عُصابيين لولا أنهم أصبحوا روائيين، فالعُصاب هو الذي يصنع الفنان والفن يُشفيه”، وليو ناردو دافينشي من أكثر الشخصيات التي وُصِفت بغرابة للأطوار في عصره، حيث عُرف بدقة تفاصيله في أعماله وغرابتها دائما، وذلك بعد أن قام بابتكار تصاميم لمروحيات وأسلحة كانت مستحيلة الصنع آنذاك، ما دفعه لقول: “المستحيل كلمة تجعلني أحاول بجهد أكبر”، كما قال أنه يرى أشياءً غير مرئية ويحاول تجسيده لواقع، ما جعل الكثيرين يسخرون منه فاختار أن يعمل في سرية لوقت طويل، وفي المجال الفني كانت للموسيقار المتمكن بيتهوفن عادات أثارت سُخرية الكثيرين، وهي أن لا يُبدع في تلحين الموسيقى إلا أثناء دخوله للحمام، وكذلك الكاتب (دان براون) كان يقف رأسا على عقب كي يكتب بشكل أفضل.
ضرب الرأس على الحائط
المخرج الطيب مهدي ? رئيس جماعة الفيلم السوداني والرئيس الفخري لجائزة تهارقا هذا العام ? قال إنه يقوم بضرب رأسه بالجدار أكثر من مرة إلى أن يُصاب بالصداع، عندما يبدأ الإخراج. وأضاف: العمل الإخراجي صعب جدا ويحتاج لمجهود ذهني كبير، أكبر من المجهود الذي يُبذل في الأعمال الكتابية، فالعمل هنا يكون جماعياً وليس فردياً، ويتطلب قدراً عالياً من التركيز حتى لا أصاب بالنعاس أو تشتيت الأفكار، حتى لا يضيع مجهود فريق عمل كامل، لذا أقوم بضرب رأسي بالحائط كي أعود إلى مزاج العمل مرة أخرى.. الطيب أخرج العديد من الأعمال الفنية منها الفيلم الروائي (الضريح)، الذي حاز على جائزة أفلام معهد السينما ومهرجان الأفلام التسجيلة بالقاهرة لعام 1977م، ولا يزال يقوم بضرب رأسه كلما تملكته حالة الاستغراق في العمل.
عادات الشعراء
لكل شخص عاداته الخاصة التي تُعبر عنه وتمثل شخصيته، وأيضا هنالك عادات تُريح المتوترين كهز إحدى القدمين في حركة سريعة، أو قضم الأظافر على سبيل المثال، كذلك هو الحال عند الكتاب أو المبدعين، تختلف عاداتهم لكنها تصب في نهر الإبداع وعكس الجمال، بحسب الشاعر إسحق الحلنقي الذي مضى قائلا: حين يستعصي عليَّ النص أستدعي الإلهام من بعض أصابعي، وأجد نفسي قمت بهذا الفعل لا شعوريا، ومعظم أعمالي الكبيرة كتبتها وأنا أعض على إبهامي، وهي عادة أعتدت عليها منذ طفولتي، ورغم ذلك لا أقوم بها في كل الأوقات. وأضاف الحلنقي: الغريب عن الشاعر إسماعيل حسن أنه يقوم بالدخول لأسفل السرير حين يتملكه الإلهام، وكذلك الراحل أبو آمنة حامد لديه أوقات معينة للكتابة، فهو لا يكتب إلا أثناء الليل، وهناك كثير من المبدعين في مختلف المجالات لهم عادات خاصة يقومون بها حين يجودون بالإبداع

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..