دبلوماسية ” الشبل بَندر “!ا

عدنان زاهر
كان المذيع الرياضى طه حمدتو واحد من أشهر المذيعين فى ستينات القرن الماضى،كما كان عضوا فاعلا فى نادى الشاطئ الرياضى ببيت المال بامدرمان و مدافعا متعصبا له.فى احدى المباريات الدورية لفريق الشاطئ تمت هزيمته من قبل الفريق المنافس بسبعة اهداف مقابل هدف واحد.
طه حمدتو و هو يذيع أخبار الرياضة و نتائجها فى اليوم التالى ذكر أن نادى الشاطئ قد هُزم بسبعة أهداف مقابل هدف واحد (ولو لا بَسالة الشبل بَندر لكانت الهزيمة ساحقة )!
اللاعب بندر “ثيرد باك” فريق الشاطئ لم يكن شبلا فى ذلك الوقت، و كانت هزيمة فريق الشاطئ ساحقة بحق و حقيقة.تعليق المذيع عمنا طه حمدتو و دفاعه المستبطن عن ناديه فريق الشاطئ صار مثلا للتندر و الفكاهة وسط قبيلة الرياضيين فى مجتمع الكورة الأمدرمانى يُستدعى وسط الحاجة اليه.
تستحضرنى “الحكوة ” بالقرار الصادر من مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة بجنيف فى دورته الواحدة و العشرين قبل يومين بابقاء السودان تحت البند العاشر، و التجديد لاستمرار الخبير المستقل فى السودان لمدة عام آخر،كما أصدر المجلس توصية بأن تتم اتاحة الفرصة للخبير المستقل لزيارة مناطق النزاع فى دارفور،جنوب كردفان و النيل الازرق.
فى اليوم الثانى للقرار صرح المندوب الدائم لبعثة السودان بجنيف،المدعى العام لحكومة السودان ووزير العدل “دوسه ” ان القرار انتصار ” للدبلوماسية السودانية “،ذلك لأن المجلس لم يضع السودان تحت البند الرابع ” الرقابة ” و ظل كما هو عليه فى البند العاشر ” الدعم الفنى و التوجيه “.
ابتهاج ممثلو الدبلوماسية و القانون فى المؤتمر الوطنى بالقرار و تعليقاتهم تبعث على الضحك و التهكم كما تثير الرثاء فى نفس الوقت،لابراز وجهة نظرنا لا بد التوضيح ماذا يعنى القرار بصيغته الحالية :
1-ابتداءا نقول ان القرار الصادر من مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة بارسال خبير مستقل لحقوق الانسان للسودان كان يعنى فى الأساس أن هنالك تجاهلا و تجاوزا لحقوق الانسان تستدعى ارسال خبير لمتابعة الوضع هنالك و عن كثب،ذلك لأن المجلس لا يرسل خبراء لحقوق الانسان لكل الدول.
2- ان تمديد فترة الخبير يعنى ان احوال حقوق الانسان لا زالت كما هى عليه و لم تتقدم للامام،ذلك ما استدعى تجديد الاجراء.
3- فى هذه الدورة تحدث عدد كبير من ممثلى الدول الكبرى و منظمات حقوق الانسان عن تردى حالة حقوق الانسان فى السودان، خاصة فى دارفور،جنوب كردفان و جبال النوبة.
4- القرارألزم السودان بأن يتيح للخبير زيارة مناطق النزاع التى يُتهم فيها السودان بارتكاب تجاوزات و ذلك يعنى ان الخبير ملزم بكتابة تقارير عن حالة حقوق الانسان فى تلك المناطق و رفعها للمجلس ليتخذ على ضوئها ما هو مناسب من قرارات، و هذا هو الشئ الجديد الذى اضيف للقرار السابق.الخبير فى سنته الأولى كان قد منع من زيارة تلك المناطق.
السؤال المنطقى الذى يتبادر للذهن مباشرة، كيف يكون هذا القرار انتصار للدبلوماسية السودانية؟!
يبدو أن تعليق مسؤولئ المؤتمر الوطنى و كما- حدث فى مرات سابقة عديدة- المقصود منه تغبش الرؤيا لدى المواطن،خداعه و ارباكه. المقصود ايضا الاستمرار فى ” دسدسة ” الحقائق عن المواطن و عزله عما يجرى فى السياسة الخارجية و الداخلية، بالطبع ذلك يتناقض و الديمقراطية التى يتحدثون عنها كثيرا.
إن الحديث عن هذا القرار يقود للحديث بالضرورة عن سياسات الحكمومة الفعلية فى مجال حقوق الانسان الآن ، هذا ما يهمنا و يهم المواطن…..
– لازالت هنالك انتهاكات كبيرة و كثيرة بصورة يومية لحقوق الانسان فى دارفور، جنوب كردفان و النيل الازرق بما فيها منع الاغاثة من الوصول لتلك المناطق مما جعل الآلف يموتون جوعا و ينزحون بشكل جماعى اما الى دولة الجنوب أو الجارة اثيوبيا.
– لا زالت و بصورة يومية تُصادر الصحف و يمنع الصحفيين عن الكتابة و يتم اعتقالهم و يقدمون للمحاكمات الجائرة.
– يتم حجب المواقع التى تتناول بشفافية الوضع فى السودان.
– يتم اعتقال المواطنين و يبقون لشهور رهن الاعتقال بما فيهن النساء، و يعذبون و يمنعون من الأشياء الضرورية، خير مثال لذلك المعلمة جليلة خميس كوكو تيه التى لا زالت رهن الاعتقال منذ عدة شهور.
نعود لحديثنا عن القرار و ” انتصار الدبلوماسية “،و هو فى تقديرى حديث مشابه لحديث عمنا طه حمدتو عن ” بسالة الشبل بندر “!!