مقالات سياسية
احتكار السلطة التنفيذية لتصدير المعادن والثروة الحيوانية وبعض المنتوجات الزراعية
سعد مدني

وجدت الحكومة الانتقالية الخزينة العامة خالية من الدولار، واصبحت هنالك مشاكل وصعوبات لا حد لها واجهتها في عمليات توفير دقيق القمح والوقود والغاز والدواء، حيث يقع على عاتق الحكومة استيراد هذه المستهلكات بالدولار من الخارج، وبيعها مدعومة للمواطن، والذي يشتريها بأسعار رخيصة، لا تعكس قيمتها الحقيقية.
ولان وزير المالية من المدرسة الاقتصادية التي تحرم تدخل الدولة في الاقتصاد، فلم يعمل على تكوين شركة تابعة له تشتري الذهب وتصدره، بل ذهب للاتفاق مع شركة خاصة، ومدها بمليارات الجنيهات من بنك السودان، للقيام بشراء الذهب بأي سعر، والاستفادة من عائدات الصادر في استيراد القمح والوقود والدواء.
وجدت هذه الخطوة انتقادات كثيرة من بقية الشركات الخاصة، حيث وصفت بأنها تفتقر للشفافية وتم اعتبارها من مظاهر الفساد الإداري.
لمعالجة هذا الخلل الخطير للغاية، وهو عدم توفر اي دولار في الخزينة العامة لاستيراد المستهلكات اليومية، ووقف ظاهرة صفوف الخبز والوقود والغاز، وتوفير الأدوية الضرورية في كافة مشافي البلاد، لابد للحكومة من استخدام سلطتها باتخاذ قرار مصيري وحازم، وهو احتكار تصدير المعادن والثروة الحيوانية وبعض المحصولات الزراعية.
عبر هذا القرار يمكن حل مشكلة عدم توفر النقد الأجنبي في بنك السودان، والذي نعتبره المشكلة الاساسية في تدهور الوضع الاقتصادي بالبلاد.
يجب ان تعمل الحكومة على تكوين شركة حكومية متخصصة للتصدير، يمكن تسميتها بشركة التصدير الوطنية، تعمل على احتكار تصدير المعادن مثل الذهب، والسمسم والصمغ العربي والفول السوداني والقطن والثروة الحيوانية. تصدير هذه الأشياء مجتمعة، سوف يجلب للخزينة العامة مليارات الدولارات التي تحتاجها في شراء الوقود والأدوية والدقيق ومدخلات الإنتاج.
من المهم لوقف تهريب الذهب من إقامة بورصة خاصة بأسعاره، تطرح قيمته وفقا لسعره العالمي، وان تقوم الحكومة بعمليات الشراء وفقا لأسعار الدولار في السوق الحر.
هذا الاحتكار سوف يكون مؤقتا حتى يقف الاقتصاد السوداني على رجليه، ومن ثم يتم خصخصة هذه الشركات عبر فك الاحتكار، ويمكن تحويلها إلى شركات مساهمة عامة تمتلك فيها الحكومة ما يزيد عن النصف من الاسهم حتى يكون لها السيطرة المناسبة على عمليات التصدير، ورفد الخزينة العامة بالدولار.
هنالك الكثير من المصانع في السوق السوداني تعمل في تعبئة الصمغ والسمسم والفول السوداني، أو إنتاج اللحوم. وحتى لا يتضرر أصحاب المصانع عند صدور قرار الاحتكار، فلابد للحكومة من شراء المصانع القائمة الآن من اصحابها والتي تختص بما ذكر اعلاه، وضمها لتعمل ضمن شركتها المختصة بالتصدير الى الخارج.
تنشئ شركة التصدير الوطنية المسالخ الحديثة، حسب المواصفات العالمية، في مناطق تواجد الثروة الحيوانية بالسودان، لتقوم بعملية الذبيح، وتصدير اللحوم الى منطقة الخليج وبقية انحاء العالم. كما تنشئ هذا الشركة عدة مصانع تعمل في تحويل الصمغ العربي والسمسم والفول السوداني لمنتجات ذات معالجة ثانوية، وذات قيمة عالية، الى أمريكا، والدول الاوربية والخليجية وبقية العالم.
وتنشئ هذه الشركة لها فروعاً في مختلف دول العالم لتسويق الصادرات السودانية في هذه الدول، وربط هذه الافرع بالسودان، بأحدث التقنيات الحديثة، لمتابعة كافة أمور التصدير، وتحويل الأموال.
سعد مدني