نفاق عبد الحي الذي فصل الدين عن السياسة

حين ضيعت الصيف اللبن فصل التكفيري عبد الحي يوسف الدين عن السياسة، والدولة كذلك، بكل سهولة. المحك الذي كان فيه، ونحن معه، عظيم. ولذلك لم يتح له حتى التفكير فقال لنا بما معناه: لا. لا. يا شباب. لا تدخلوا شؤون السياسة، أو الدولة، إلى المسجد الطاهر، أي ناقشوا الصاخب من مشاغلكم مع من ترونه ديكتاتورا، أو مستبدا، بعيدا عن المنبر، وآدابه. يا سلامممم! ولكن ما قبل ذلك كانت مآسي غزة المؤلمة حاضرة في خطب عبد الحي، ودعم مجاهدي الحكومة في حرب الجنوب ثيمة أساسية في خطبه، ووعظه، وتصريحاته. وحين كان هو الذي يُؤْمِ المصلين في المسيرة التي خصصت لشجب مقتل أسامة بن لادن بدا سياسيا بامتياز. ولكنه الآن في مسجده لا يريد هتافا: كلمة حق عند بشير جائر. ببساطة لأن فضل البشير كثير عليه. دعمه من مال الشعب السوداني، وسهل له سبل الحياة حتى إنه يخاطبنا وهو يمرح في حياة الدعة بينما الذين قضوا ما يوازي عمره في مدرجات التعليم لا يملكون قوت يومهم. لا أدري كيف يكون حال عبد الحي لو لم يستثمر في الدين؟
هذا النفاق المر لا يتعلق بعبد الحي وحده، وإنما سائر خطباء الوهابية، والأئمة الذين يتحدر مرجعهم من “نظرية الإسلام دين ودولة”. إشمعنا الشعب السوداني رخيص عند هذا الحد لدى من قدموا أنفسهم شيوخا، وكيف يرون الرصاص يحصده، ولا يوظف معظمهم خطبة واحدة لشجب الحكومة بلا مواربة؟. ولكن هؤلاء في الأساس خطباء السلطان، إذ يقدمون لنا نموذج الدين الجديد الذي يصدره لنا فقهاء البترودولار؟
فالشيوخ، والأئمة الوهابيون، والإسلاميون الفقهاء، يتضامنون مع كل زملاء النظرية في الأرض من أبناء، وبنات الشعوب. ولكن عندما يتعلق الأمر باستبداد، وقمع شعوبهم، فإنهم يمارسون الازدواجية الوقحة. عندئذ فالإمام الحبر يشتغل في السر مع شيخه، أو أميره، إذ يفتي له بجواز قتل المتظاهرين بتأويل آيَاتِ، وأحاديث، كيفما اتفق. ولو بلغ به التذاكي حدا ما خرج الإمام للناس محايدا بين الحاكم وبين ضحاياه المحكومين. يقول بكلام مربوك يعادل الضحية بالجلاد، مرسلا خطابه للاثنين بدلا أن يتضامن مع الضحايا زجرا للجلاد.
إن عبد الحي التكفيري المؤيد لتفجير أماكن العدو حتى لو كمن وسطه أطفال، وأبرياء، واحد من علماء السوء الذين باعوا ضمائرهم للحكام، بل ويجالسون لحظات سمرهم، بعد أن سكتوا عن نقد ممارساتهم التي لا يقرها الدين نفسه. وظاهرة عبد الحي ليست بجديدة في تاريخ الفقه الإسلامي وإنما هو حالة محدثة في علاقة الحاكم بعلماء السنة، والقرآن الكريم، وذلك كسبه ولا ينكره أحد. ولكن ما قيمة هذا الكسب لو أن رجل الدين يوظفه للثراء، وعليه يبقى أداة من أدوات الاستبداد، وحليفا له، وفِي ذات الوقت يدلس على الناس، ويمنعهم من استخدام الجوامع لمقاومة اغتيالات الحكومة المقصودة للأبرياء؟
للحقيقة هناك الكثير المتصل بأمن، وسلام، ومعاش الناس الذي ينبغي أن يتناوله الخطباء بدلا عن زجر المصلين، وجعل سلوكهم سبب البلاء، كونهم، كما يقول الخطباء، تَرَكُوا عباداتهم فصب الله عليهم جام غضبه.
والجرائم التي ارتكبها هذا النظام متعددة، وشهد بها حتى المشاركون فيها. ولكن عبد الحي، وبعض خطباء المساجد، يمارسون إعمال مبدأ السلامة بشخوصهم من خلال موقعهم لنصرة الدين، ومعانيه الحاضة على العدل، والمساواة، والسلام!. ذلك لأنهم يدركون شوكة الحاكم إذا تناولوا موبقاته ضد المسلمين، وغير المسلمين. بالعكس أن عبد الحي، وما شاكله، هم الذين لا يريدون لجوهر معاني الدين أن تكون حاكمة، وملموسة، ضمن معان عظيمة أفرزتها الإنسانية، وتعقلتها أجيال لنهضة، ونماء، وتمدن، الإنسان. إن امثال عبد الحي وفروا لأنفسهم غطاء لحمايتهم بعد أفتوا بعدم الخروج عن الحاكم. وبهذا جعلوه دينا يغض الطرف عن أصحاب الشوكة الذين وطنوا الاستبداد في مجتمعات المسلمين لقرون عديدة حتى أمسى سبب تأخرها. ومع ذلك يحملون المصلين عند كل جمعة وزر الحالة المأسوية. إنهم يستسهلون الحكم على فداحة أحوال المسلمين، والتي نجمت لكونهم لا يملكون معارف حديثة تتعلق بتنمية العمران البشري. وأحيانا تدرك جماعة عبد الحي حقائق تطور الإنسان، ويبعثون أبنائهم لدراسة علوم طورت الغرب بيد أنهم في خطبهم لا يربطون بين العلم والدين لنهضة المسلمين، ويخدرون الناس بالجهاد، وحثهم على تفجير أنفسهم ليجدوا حياة أبدية هناك تحفها الحور. وتراهم يتحدثون للميديا بأن هذا الجهاد هو سبيل المسلمين لوراثة الأرض. أما أبناء الشيوخ فيدخلون مجال الاستثمار بعد الدراسة في الغرب في الزمن الذي فيه يفوج آبائهم أبناء وبنات المساكين انتحاريين لضرب دول الغرب.
إن كثيرين يخلطون بين مفهوم فصل الدين عن الدولة وبين مفهوم فصل مفهوم السياسة عن الدين. ولعل عبد الحي مارس الفصلين معا عندما ثار الناس ضد البشير في الجامع الذي دعمته دولة الإنقاذ. فالدولة جماع مؤسسات خدمية لصالح الكل. أما الدين – وفِي العمق نعني تفسيره – فهو ملك لطوائف المسلمين المختلفين حول معاني النصوص القرآنية، والسيرة النبوية، وتاريخ المسلمين الأوائل. فإذن أي مذهب يصلح لقيادة الدولة؟. أهو المذهب الشيعي، أما السني، أم مذاهب الطرق الصوفية المتعددة في فسيفساء الوجود المسلم الغالب، أم هو مذهب الإخوان المسلمين، أم هو مذهب الإخوان الجمهوريين، أم هو مذهب الداعشيين، أم هما مذهبا أنصار المهدي والميرغني مؤتفلين؟. وكم من الوقت نحتاج إليه لتجريب كل هذه المذاهب عند ربطها بالدولة حتى نصل لنتيجة متفق عليها، هذا إذا أسقطنا التي جربت، ومع ذلك يسعى معتنقوها إلى إعادة إنتاج فكرهم بقواني جديدة؟
هذه الاتجاهات الفقهية، أو التفسيرية، التي تمثل كتلة الدين، وَعَبَد الحي في وسطها، ستظل ناشطة سياسيا بحكم حرية الفرد في اقتناع ما يناسبه من أفكار. بل إنها تمثل جوهر التيارات السياسية في عالم المسلمين إذا أضفنا إليهم المستقلين، والمسلمين الذين أجبرتهم التجربة الإنسانية، والإقليمية، على استلاف منظومات فكرية ليبرالية، وشيوعية، وبعثية مع الاحتفاظ بعقيدتهم الإسلامية، أو عدمها.
عبد الحي، أو فكره، يتموضعان وسط هذه التنويعات الحتمية في العقلانية الإسلامية، وهو بالضرورة جاء إلى المسجد لدعم سياسته من خلال الدين. ولا نعتقد أنه جاهل بأمر السياسة عموما، ومنطلقاتها. وبالتالي فهو منغمس فيها حتى اخمص قدميه بدلالات الخطب، والإفتاء، وتصريحاته. ولذلك لم يكن جميلا منه أن يوعظنا بألا نجلب شؤون السياسة إلى المسجد في ذات الوقت الذي يمرر فيه أجندة عقيدته السياسية بوعيه، ولاوعيه، حين يكتب، أو يرتجل خطبة الجمعة.
السلفيين لامبدأ لهم ما كان حراما قبل حين أصبج حلالا ومندوب عندما يرغب ولي الأمر في ذلك ولا حرج في الدفاع عن قتلى غزة وكازخستان والروهينقا وبلاد ماوراء النهر ولعنة ايران طالما أن الأمر لايكلفك خسران رضى سلطانك المضحك المبكي إلتفاف العامة حول هؤلاء المنافقين بل وتقديسهم .
هكذا هم الوهابية منذ إتفاقهم
مع آل سعود وحتى يومنا هذا
إنهم كلاب جهنم
عبد الحي طرد من الامارات من ابوطبى وكان شغال امام مسجد و هو لا يملك حق التذكرة ويعنى السلفين الذين قتلوا خاشقجى يعرفون كيف يحمون بلادهم من هذه العينات ..عبد الحي مطرود و عصام البشير مطرود من الكويت
وكان صاحب المقال يروج للفكر اليساري عبر بوابة عبدالحي يوسف .. عبد الحي مخطئ بلا شك لكن الخطأ الاكبر ان يعمم النفاق البترودولاري على طائفة بعينها
كلام ضال ومضل وان دل على شيء انما يدل على سطحية الكاتب، والقائه الملام والتهم جزافا..
ان الهجوم على شيخ عبد الحي وهو هجوم مبطن على الإسلام،، فنفث بغضه وحقده على الدين فيما بدا له انه موقف سلبي من فضيلة الشيخ حفظه الله،،
ولقظ سمعت كلامه عن تلذين هتفوا في مسجده، وقبله تحدث عما تحدث عنه في الخطبة من وسائل الإصلاح على ضوء سيرة السلف الصالح رضي الله عنهم.
ولكن حال الكاتب كما في المثل الشعبي: ال ما بريدك يحدر ليك في الظلمة.
فربنا يهدينا ويهديك ويصلح حال العباد والبلاد