منتخبنا وعودة الروح ..

طارق يسن الطاهر
من أكثر الأشياء التي تجمع الشعوب ،وفي الوقت نفسه تلهيهم وتنسيهم أزماتهم ومشكلاتهم هي كرة القدم .
وحينما يكون الحديث عن منتخب الوطني “الفريق القومي”، يكون الالتفاف أكبر ، والاتحاد أقوى .
أخيرا تحسنت الرؤية للمنتخب ؛ فأصبح المواطن السواني يهتم بمنتخبه أكثر ، ليس كما كان من قبل ، فالحسّ الوطني داخل الإنسان السوداني وجّهه بشكل جيد لحب منتخبه الذي يرتدي شعار الوطن، ويلعب باسمه، فتضاءلت وانزوت النعرة “الهلاريخية” ، لمصلحة المنتخب ، ربما يعود ذلك لفشل القطبين مقابل نجاح المنتخب ، وهو قد يكون بمثابة السلوك التعويضي الذي وجده السودانيون بديلا مهما لفشل هلاريخ ، وربما لشعور متعاظم من السوداني تجاه وطنه في الفترة الأخيرة ، وربما لأسباب أخرى.
حقق المنتخب نتائج مميزة في الفترة الأخيرة ، وبها تأهل لنهائيات أمم إفريقيا بعد غياب ، فقد أقصى أعتى منتخبات القارة من غانا إلى جنوب إفريقيا وزامبيا ، وأقصى ليبيا ليتأهل إلى نهائيات كأس العرب ، حينها وجدنا الدعم المعنوي للمنتخب يكبر، والاهتمام يتعاظم .
بدا الانسجام واضحا بين أفراد المنتخب ، وبدا اللاعبون بلياقة ذهنية أكثر اتقادا ، تلمحها في الملعب ، فكثير مما يُشاهّد داخل الملعب يحس المتابع أنه من فكر المدرب ، وهذا تقدم جيد كنا نفتقده في لاعبينا .
بدأ الاهتمام بلاعبينا المحترفين خارجيا – رغم قلتهم – وكان ذلك واضحا في استدعاء شرف الدين شيبوب المحترف في الدوري الجزائري ، لكنني أتحدث هنا عن اللاعب يسن حامد ، ذلك اليافع الوطني الغيور الذي حضر من الدوري المجري لمرات عدة ، وفضَّل اللعب لموطنه الأصلي ، ولمسنا فيه وطنية حقة وحرصا عميقا ، من خلال تلبيته لنداء الوطن كلما يُستدعى ، كذلك من خلال متابعة أدائه داخل الملعب تحس بأنه يلعب بقوة ولا يخشى الإصابة ، ليس مثل كثير من المحترفين الذين تجدهم يلعبون مع منتخبات بلادهم بنصف طاقتهم خشية الإصابة ، ويركِّزون جدا مع أنديتهم.
هذا الشاب يسن نموذج مثالي لمن نمت في داخله بذور الوطنية وأثمرت ، وهو يملك مهارات كروية متميزة ، وبحاجة إلى قليل من التركيز داخل الملعب ، وسيكون له شأن كبير ، فهو مازال في الحادية والعشرين.
لكن المتتبع لاختيارات اللاعبين في المنتخب يجد خللا كبيرا جدا ، فهناك لاعبون لهم وزن كبير ، وقيمة فنية عالية ، لم يشملهم الاختيار مثل رمضان عجب وطيفور ومحمد الرشيد، وحتى لو رأى اتحاد الكرة أن بينهم لاعبين موقوفين ، فهنا تدق ساعة المنتخب ؛ فيلبي الجميع نداء الوطن ، فمصلحة الوطن هي الأعلى ، فليتجاوز الاتحاد عقوبة بعض اللاعبين ، ويرجئها إلى حين انتهاء المنتخب من مسؤولياته .
كذلك هناك لاعبون انتهت صلاحياتهم مع احترامي لهم مثل نصر الدين الشغيل وأمير كمال والسموأل ، فبعضهم لا يستطيع مجاراة سرعة الخصم ، وبعضهم تائه في الملعب، وبعضهم حركته بطيئة بسبب زيادة وزنه .
ومن الغريب في الاختيارات الأخيرة ،كما ذكرت أنها تجاوزت لاعبين لهم قيمة كبرى ، كذلك أن الاختيارات شملت لاعبين لا يلعبون لأنديتهم كأساسيين ، فذلك أمر عجيب .
حقق المنتخب نجاحات لا جدال فيها ، ولكن القادم أصعب سواء في نهائيات أمم إفريقيا أو نهائيات العرب ؛ لذا لابد من إعادة هيكلة قوام المنتخب، كذلك لابد من تكثيف الإعداد وزيادة الجهود ومضاعفة الدعم المادي والمعنوي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ