العُملة والعمايل

بشفافية
العُملة والعمايل

حيدر المكاشفي

٭ فاجأت أو هكذا ظنت حكومة جنوب السودان الوليدة، حكومة السودان التليدة بأن أشهرت في وجهها عملتها الجديدة التي عملت على سكها سراً دون إعلان، لتعلن بعدها سريانها في غضون الايام القليلة القادمة بديلاً عن العملة القديمة التي كانت سائدة في إطار الدولة الواحدة لتصبح غير مبرئة للذمة، ولكن هل حقاً تفاجأت حكومة السودان، لا لم تفاجأ، إذ سرعان ما ردت على المفاجأة بأخرى بأن أبرزت عملتها الجديدة التي عكفت على إعدادها سراً برعاية شخصية من الرئيس البشير والمستشار المقال صلاح قوش اضافة الى اثنين آخرين وفقاً لبعض التسريبات.. هذا ضرب من الكيد والدس المتبادل تم على طريقة (حبيبي احفر لي وانا أحفر ليك)، فرغم أن الاتفاق المشترك بين لجانبين فيما يخص العملة كان يقضي باستمرار العمل في الدولتين بالعملة القديمة دون تغيير لمدة ستة أشهر، إلا أن كلا الطرفين كان يضمر شيئاً آخر، فلا حكومة الشمال كانت راضية عن سريان عملتها في الجنوب خشية إغراقها بعمليات التزييف والتزوير، ولا حكومة الجنوب كانت مقتنعة بسريانها ولو ليوم واحد بعد الانفصال، ولهذا عمل كل طرف على أن يضرب عملته ويضرب ضربته، الأمر الذي يعيد للاذهان سيناريوهات كل التكتيكات والمكايدات والممحاكات التي اكتنفت مسار اتفاقية السلام عندما كان كل طرف (يتكتك) ويخطط بعيداً عن الآخر لتحقيق اكبر قدر من المكاسب ولو على حساب الاتفاقية ونصوصها وبنودها وجداولها، فما وضح في موضوع العملة أن كل طرف قد اكمل جاهزيته ليجهز على الآخر فأعد عملته دون علم الآخر ولذلك حين أعلنت حكومة جنوب السودان عملتها كانت حكومة السودان جاهزة للرد حيث قالت بلسان المقال أنها أيضاً أعدت عملتها وكأني بها تقول بلسان الحال (بركة الجات منك يا بيت الله) على قول الطرفة المشهورة..
إن الذي حدث في موضوع العملة يعد مؤشراً سيئاً على بداية غير مبشرة بين دولتين يربطهما ببعض الكثير فضلاً عن التاريخ المشترك الممتد في عمق الازمنة والحقب الذي عاشاه في إطار دولة واحدة جمعتهما معاً حتى الاسبوع الاول من الشهر الجاري من العام الحالي، فما حدث من عمل في العملة لا شبيه له إلا في (عمايل) الضرائر، فبمثل هذه التصرفات غير الراشدة لن يكون الذي بين هاتين الدولتين إلا الذي يكون بين (الضرتين) المتناقرتين المتباغضتين اللتين تتبادلان الكيد والدس على بعضهما ولا تثق إحداهما في الاخرى بل تتنافسان حول أيهما تكون الاكثر كيداً للأخرى، فلو كان الامر غير ذلك لما كان لتغيير العملة هذه الدرجة المتقدمة من الاولوية للظروف التي تكابدها كلا الدولتين، بل ان التكلفة المالية التي سكت بها العملة الجديدة هنا وهناك كانت اولى بها العديد من الاحتياجات والخدمات الاساسية لبلدين يعانيان من أبسطها وأيسرها بينما هما يمارسان سياسة الكيد المتبادل شفاهما الله من هذا الداء وهداهما سبل الرشاد فلم يعد للشعبين في الجانبين أي قدرة على إمتصاص أو إحتمال الاثار السالبة لمثل هذه الرعونة….

الصحافة

تعليق واحد

  1. كيف تكون الخيانة والكيد من الجهتين يا مكاشفي ، عليك أن تكون منطقياً في التحليل ، أو في الحد الأدني أن تحترم من تكتب إليهم . فإن كانت الحكومة قد قامت بطباعة عملتها سراً أو علناً فلن يؤدي ذلك لتدمير إقتصاد الجنوب ، ولكن العكس صحيح تماماً ، لذلك عملت الحكومة بالحيطة ، ولها كذلك معلوماتها التي كانت ترصدها فتحققت من الخيانة مبكراً ، فكيف تساوي الحركة التي تريد إلحاق ضرر ماحق بالدولة الأم ، والحكومة المحترمة التي تعمل لتدارك الكيد المحتمل أو الأكيد.

  2. هكذا انفصل السودان …… تبادلت الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني الادوار احدهما يمسك المقص والثاني يشد له خريطة الوطن ليقتطع ثم يتحول الممسك بالمقص الي شد الوطن ويقص الآخر ولما اقترب الوطن من الانفصال وضعا المقص جانبا وشد كل منهما الرقعة التي تليه حتى انكفأ كل منهما على وجهه حينما اكتمل تمزيق الوطن ولما انتهى العبث بالوطن فصار وطنين انقلبا للعبث بمصائر الشعبين كحال المقامر الذي يضع على منضدة القمار بيته واملاكه ثم زوجته واولاده فقط من اجل رد الصاع على زميله المقامر وحينما تنعدم وسائل القمار تخرج السكاكين فنصل الي قمة الملهاة ورقصة الموت .. الطرفان مؤهلان جدا للعب دور البطولة ولكن .. هل سيكون منتجع نيفاشا مهيئاً هذه المرة وسيكون هناك شركاء واصدقاء ؟
    ام ان تراجيديا النهاية ستكون بانشطارات اخرى بمقصات اجنبية وشد اجنبي……………؟

  3. الاخ مكاشفي حقا ما قاله الاخ اسامه ويا ليت تكتب مقالا تستعرض فيه مكايد وخداع الحركة الشعبية من التجمع الوطني وقطاع الشمال وتحالف جوبا وحديثهم عن وحدة السودان وعلاقاتهم باسرائيل التي باتت واضحة . الحركة الشعبية ستقود حربا بالوكالة ضد الشمال مستخدمة قطاع الشمال والحركات المتمردة لتدمير الشمال . الاخ مكاشفي لقد هانت الحركة الشمال بقطق الكهرباء من المنصة في حفل الانفصال من الرئيس عمر البشير . ولم تدينوا يومها ذلك المسلك الغير حضاري.

  4. اعتقد أن ما قاله المعلق اسامة سيداحمد هو بالمقلوب تماما … الحركة تعلم كل نوايا حكومتنا الرشيدة و لكن حكومتنا لا تعرف شيئا عن الحركة … الحركة عرفت أن الحكومة تعد العدة سرا لتغيير العملة فاتخذت احتياطياتها … نحن نعرف ناس الحكومة من الانتخابات و كل الانتخابات في الاتحادات و النقابات و كيف أن كوادرهم يدبرون المؤامرات بليل ، يزورون و يرحلون كوادرهم بالطائرات على ميزانية الحكومة و يكذبون ، هؤلاء ناس لا يأمن أحد جانبهم … الحكومة زرعت في خاصرتها خازوق أو قل : السم القدر غداها … و الفرحانين بانفصال الجنوب باكر يشربو ما يروو

  5. تغيير وطباعة العُمله خطوه طبيعيه ستتغير بعدها أمور سياديه كثيره .. تغيرت الخرائط وستتغير المناهج والوجود الجنوبى الكثيف .. ستتغير الخدمه المدنيه والعسكريه فليه الضجه فى ضرب العُمله وأثارة (حرب العُملات) .. لا داع لشيطنة الامور بأخراجها من سياقها بوضع الافخاخ والقنابل تحت طاولة كل موضوع .. لابد من أعادة صياغة الخطاب مع دولة الجوار وتحريره من عقلية المؤامره وأنا لا أدعى أنك تفكر كما يفكر جماعة (غفلة الانتباهه) فأنت أميز وأكبر من ذلك .. مع رجاء ياأخ (حيدر) أن تقودو خط تصالحى مع اخوتنا من اجل بناء الدوله الوليده التى مازالت تستخرج شهادة ميلادها من (هيئة الامم) فهى دوله تحتاج صبر ورعايه وتقدير لاوضاع جنوبيو الشمال ومراعاة اوضاعهم واولادهم فى المدارس وأحمد للباشمهندس ( أحمد عباس) والى ولاية سنار انه لم يمنع طالباً من التعلم والدراسه بل ظل رفيقاً بهم يرعاهم ويرتب شؤونهم بكل شفقه وانسانيه فى مدينة الدندر .. دا نموذج مباشر للوالى الرحيم النقى الخلوق المتواضع الذى لم تغيره المناصب العامه ظل كما هو والعهد به ولدينا نموذج طيب لنواب المنطقه منهم الاستاذ ( عبدالوهاب آدم مصرى) ظل يتابع شئؤون ابناء جنوب السودان وظل يعمل فى حلحلتها وكل قضايا المنطقه من (مياه وكهرباء) دا النموذج اللى بيخلق جوار صادق طيب ومباشر من خلال العمل الشعبى يامكاشفى .. متعك الله بالصحه والعافيه …

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..