مقالات وآراء سياسية

أشققت قلب 6800 (متعاون)

عثمان يس ود السيمت

 

لو أن من يقتلون الأبرياء في الكنابي حرقا وتمثيلا بالجثث وذبحا أمام الناس وعلى الطرقات وينفذون الإعدام رميا ليس برصاصة في القلب (كما هو متبع في القانون) وإنما بوابل ووافر من الرصاص. ما هي جريمتهم؟ هي (شبهة) تعاونهم مع الدعم السريع. إذا لنفترض أنهم متعاونين مفرده (متعاون) ، والمتعاون لم يحمل السلاح ولم يمارس أي مهام قتالية وإلا لأطلق عليه مصطلح آخر وهو (مقاتل). المتعاون عند هؤلاء الناس هم :

من لم ينزحوا مع النازحين لظروف شتى غالبا لقلة الحيلة أو عدم ضمان دخل في أي منطقة نزوح وعدم وجود اقارب (مغتربين) يساعدونهم ماديا ، وأسباب كثيرة أخرى.

من فضل البقاء لمساعدة الذين لم ينزحوا مثل الطواقم الصحية وربما التعليمية كالمعلم الذي ظهرت صورته في فيديو يدرس لفصل فارغ تماما.

الأسوأ حظا هم الشباب الذين يشرفون على التكايا يطعمون الجوعى وهم يتسلقون سلم الحوجة والعوز والجوع منذ أن كانوا يذبحون عجلا لعمل الطبيخ حتى لم يتوفر لهم غير البصل فطبخوا السخينة وبدون خبز ، يعني بنديك سخينة ودبر خبزك. لو كان هؤلاء الشباب متعاونين مع الدعم لاستمرت التكايا تطعم الناس الثريد والخبز والأرز تماما مثلما يأكل الدعم السريع ويأكل الجيش وحلفاؤه. ألم يستولوا على الإغاثة وأحجموا عن توزيعها حتى قاربت انتهاء صلاحيتها لأنها فوق حاجتهم.

الفئة الأخيرة هم (المتخلفين عن النزوح) لخوفهم علي مصادر رزقهم كالمزارعين واصحاب البقالات والأعمال الصغيرة والحلاقين والمهن الأخرى العديدة واصحاب وسائل النقل الصغيرة وكاروهات نقل المياه ونقل المرضى (ألم ينقل الشاعر الفذ الراحل هاشم صديق بكارَو) ، إذا من نقله في عرفهم متعاون. واصحاب دردوقات الصبية والأطفال. هب أن (دعامي إبن دعامي لابس كدمول) وجاء الحلاق وشال الكدمول وركز (المدفع) الذي يحمله ، حيث لم يعودوا يحملون الكلاش والذي اصبح سلاح المستنفرين الغلابة ، هل يستطيع الحلاق أن يرفض الحلاقة له (ومجانا كمان) وذلك حتى لا يواجه بجريمة (متعاون مع الجيش) ، وقس على ذلك جميع المهن.

اصبح مصير الإنسان السوداني بعد 25 أبريل 2023م كالآتي :

نازح بالخارج.

نازح بالداخل.

مغترب عالق بغربته.

متخلف عن النزوح وهذا يصنف كالآتي:

في مناطق سيطرة الدعم (متعاون مع الجيش).

في مناطق سيطرة الجيش (متعاون مع الدعم)

هناك الفئات الأقل تضررا (جسديا) وهم اصحاب الجنسيات المزدوجة وهم أكثر المتضررين نفسيا.

أما الفئة التي لم تتضرر وظلت مرطبة فكلكم تعرفونها.

ثم فئة الأموات والقتلى الذين (فازوا بقبر محترم) فهناك من دفن بالشوارع ولم يستطيعوا توصيله للمقابر.

وآخر الفئات الموتى والقتلى الذين تعفنوا وتحللوا بالبيوت أو أكلتهم الكلاب والقطط والتي باتت تقول (بل بس) حتى لا ينقطع رزقها.

فيديوهات الإعدام رميا بوابل من الرصاص أمام أعين الأطفال واليافعين. والرمي من فوق الكوبري. والحرق حتى تفحم الجثث. والذبح. والضرب واللطم على الرأس والوجه. ما هو موقفها من سنة سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. والذي نفى عنه من رغب عن سنته. وفي هذه السنة وضح للمسلمين والمؤمنين بما جاء به كيفية التعامل في ظروف الحرب ، وجواز القتل والتعذيب والمثلة (التمثيل بالجثث) من عدم جوازه بل حرمته. وما حرم الرسول حرام كحرمة ما حرم الله وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن طاعته من طاعة الله ، والنبي -عليه الصلاة والسلام- لا يأمر إلا بالشرع الذي شرعه الله تعالى له ولأمته ، فإذا أمر بشيء ؛ فهو شرع الله سبحانه وتعالى ، فمن أطاعه فقد أطاع الله ، ومن عصاه فقد عصى الله. وفي القرآن الكريم (مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ۖ وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا (80) النساء (آيات كثيرة في هذا المعنى).

إذا الذين مارسوا القتل والحرق والمثلة والذبح ، لأي شرع يستندون وأي رسول يتبعون وما حجتهم عند الله .

عن أبي نَجِيح العِرْبَاض بن سارية رضي الله تعالى عنه قال : وَعَظَنَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم موعظة وَجِلَتْ منها القلوب وَذَرَفَتْ منها العيون ، فقلنا: يا رسول الله كأنها موعظة مودِّعٍ فأوصنا ، قال «أوصيكم بتقوى الله عز وجل والسمع والطاعة ، وإن تأمَّر عليكم عبد ، فإنه مَن يَعِشْ منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا ، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عَضُّوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة». [صحيح] – [رواه أبو داود والترمذي]

 

أما عن قتل المسلم بأنواع القتل المختلفة والذي ما زال يحدث على مدار الساعة بمدني وريفها والكنابي ، هذا ما جاء عنها في القرآن الكريم :

قوله تعالى {ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً فلا يسرف في القتل إنه كان منصوراً } سورة الإسراء الآية 33.

وقوله تعالى {ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً} سورة النساء الآية 93.

وقال تعالى : (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا ءَاخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا) سـورة الـفـرقان الآيتان 68 – 69.

 

وفي سنة محمد بن عبدالله صل الله عليه وسلم :

1. عن النهي عن القتل.

عن عبدالله ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، إلا بإحدى ثلاث : الثيّب الزاني ، والنفس بالنفس ، والتارك لدينه المفارق للجماعة) رواه البخاري ومسلم.

2. وعن النهي عن لطم الوجه :

قوله عليه الصلاة والسلام: إذا قاتَل أحدكم فليجتنب الوجْـه . رواه البخاري ومسلم .

وفي رواية لمسلم : إذا قاتل أحدكم أخاه فليجتنب الوجه .

وفي رواية له : إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه .

3. وعن التعذيب بالنار والحرق بها :

حديث أبي هريرة الذي رواه البخاري في صحيحه، قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعث، فقال : “إنْ وجدتم فلانا وفلانا فأحرقوهما بالنار”، ثم قال : “حين أردنا الخروج إني أمرتُكم أن تُحرقوا فلانا وفلانا ، وإن النار لا يعذب بها إلا الله ، فإنْ وجدتموهما فاقتلوهما”. وقال الشيخ إبن باز رحمه الله : وهذا يدل على أنه لا يجوز التعذيب بالنار ، ولكن يعذب ولي الأمر بما يراه بقتله إذا كان يستحق القتل ، بالضرب بالسجن ، أما التعذيب بالنار فلا ، مثل ما قال ﷺ: لا يعذب بالنار إلا رب النار. حتى الحيوانات والكائنات كالنمل والحشرات لا يجوز حرقها إلا من اراد أن يأكل لحما مذبوحا أو جرادا مثلا. وقد اوردت قول إبن باز لأنه من شيوخهم.

وقد حرم حتى الإعدام بالكرسي الكهربائي.

ولولا مخافة التطويل عليكم لأوردت عددا من الأحاديث في هذا الأمر.

أما عن أخذ الناس الشبهات وعدم (تحري) الحقيقة فقد قال :

عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال : (سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : «إن الحلال بيِّن وإن الحرام بين ، وبينهما أمور مُشْتَبِهَاتٌ لا يعلمهن كثير من الناس ، فمن اتقى الشُّبُهات فقد اسْتَبْرَأ لدينه وعرضه ، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام ، كالراعي يرعى حول الحِمى يوشك أن يَرْتَع فيه، ألا وإن لكل مَلِك حِمى ، ألا وإن حِمى الله محارمه ، ألا وإن في الجسد مُضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب).

عن أَنسٍ أَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم “وَجَدَ تَمْرَةً فِي الطَّرِيقِ فقالَ : لَوْلا أَنِّي أَخافُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَةِ لأَكَلْتُها متفقٌ عَلَيْه”.

وعن النَّوَّاسِ بنِ سَمعانَ ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : “البِرُّ حُسْنُ الخُلُقِ ، وَالإِثْمُ مَا حاكَ فِي نفْسِكَ ، وكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ“ .

وهذه أحاديث يجب أن ترتعد منها الفرايص ، فهي تتحدث عن حمى الله (لكل ملك حمى) وهو ملك الملوك وعن حماه جاء حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  ((المسلم أخو المسلم ؛ لا يخُونُه ولا يَكذِبُه ولا يخذُلُه ، كلُّ المسلم على المسلم حرامٌ: عِرضُه وماله ودمه ، التقوى هاهنا ، بحسْبِ امرئ من الشرِّ أن يَحقِرَ أخاه المسلم)) ؛ رواه الترمذي وقال : حديث حسن. (لاحظوا أن يحقر أخاه فويلكم أين تذهبون).

وروى الإمام البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال : (إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حله).

 

واختم الأحاديث بهذا الحديث الذي يعرفه الكثير من الناس :

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال رأيت رسول الله ﷺ يطوف بالكعبة ويقول: (ما أطيبك وأطيب ريحك ما أعظمك وأعظم حرمتك والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك ماله ودمه وأن نظن به إلا خيراً) رواه ابن ماجة.

وفي النهاية ، على أي شريعة استند القتلة في الجزيرة ومدني والكنابي ، هل تحروا الحقيقة ، هل ساقوا (المشتبه في تعاونهم) للقضاء والمحاكم، هل قائمة ال 6800 (متعاون) تحرت عدم أخذ الناس بالشبهات. هل كل من قتل وحرق وألقي به من فوق الكوبري وذبح ذبح الشاة وسحل وكسرت عظامه ضربا ولطما ، ومن حرقت بيوتهم في الكنابي وهم داخلها. هل تحروا فيهم حكم الله الذي يزعمون أنهم يأخذون بشرعه. لقد وقعت لعنة الدم الحرام بيننا منذ أن تقاتلنا في الجنوب ودارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق والخرطوم لا ننسى دماء ثوارها. فهل إلى ذلك انتهاء

وأختم بهذين الحديثين الذين احسب لو أن في قلب أي من القتلة والمعذبون الآخذون الناس بالشبهات ذرة من إيمان قرأهما ، لما غشي طرفه النوم ولا النعاس حتى يلقى ربه:

عن ‌أسامة بن زيد بن حارثة رضي الله عنهما يحدث قال: «بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة من جهينة ، قال : فصبحنا القوم فهزمناهم ، قال : ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم ، قال : فلما غشيناه قال : لا إله إلا الله ، قال : فكف عنه الأنصاري ، فطعنته برمحي حتى قتلته ، قال : فلما قدمنا بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : فقال لي : يا أسامة ، أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله ، قال : قلت : يا رسول الله ، إنما كان متعوذا ، قال : أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله ، قال : فما زال يكررها علي ، حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم». أخرجه البخاري

والحديث الثاني :

“حَدَّثَنَا يَعْقُوب بْن حُمَيْد حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن سَلِيم عَنْ هِشَام بْن حَسَّان عَنْ الْحَسَن أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ خَيْلًا إِلَى فَدْك فَأَغَارُوا عَلَيْهِمْ , وَكَانَ مِرْدَاس الْفَدْكِيّ قَدْ خَرَجَ مِنْ اللَّيْل وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ أَنِّي لَاحِق بِمُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ فَبَصُرَ بِهِ رَجُلٌ فَحَمَلَ عَلَيْهِ فَقَالَ إِنِّي مُؤْمِن فَقَتَلَهُ فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَلَّا شَقَقْت عَنْ قَلْبه : قَالَ فَقَالَ أَنَس : إِنَّ قَاتِل مِرْدَاس مَاتَ فَدَفَنُوهُ فَأَصْبَحَ فَوْق الْقَبْر فَأَعَادُوهُ فَأَصْبَحَ فَوْق الْقَبْر مِرَارًا فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ أَنْ يُطْرَح فِي وَادٍ بَيْن جَبَلَيْنِ ثُمَّ قَالَ : إِنَّ الْأَرْض لَتَقْبَلُ مَنْ هُوَ شَرٌّ مِنْهُ وَلَكِنَّ اللَّه وَعَظَكُمْ “.

قصدت بهذا المقال تنوير قلوب وعقول اصابها واستحكم فيها الجهل بالدبن مع الغلو. وعسى ولعل أحدا منهم يقرأه فتطيب نفسه ويتغير ما بعقله فأكون قد انقذت نفسا بريئة. ولن نيأس من فعل الخير.

(يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87) يوسف.

 

[email protected]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..