صراع مصالح أم بداية النهاية للنظام

صراع مصالح أم بداية النهاية للنظام
زين العابدين صالح عبد الرحمن
[email protected]
في الاجتماع الأخير للهيئة القيادية لحزب المؤتمر الوطني قال الرئيس البشير للمجتمعين أن قضية الفساد التي يتحدث عنها المجتمع يجب العمل لمعالجتها و كل من يثبت اشتراكه في الفساد يجب أن يتحمل مسؤوليته باعتبار أننا لا نستطيع حمايته و في نفس الوقت طلب عدم التعرض للصحف التي تنشر أية أخبار عن الفساد هذا الحديث ربما يختلف الناس في المعارضة أو الرافضين داخل المؤتمر الوطني في تقيمه و لكن قضية الفساد أصبحت تشكل تهديدا حقيقيا للنظام و العديد من عناصره القيادية التي تورد أسمائها في قضايا الفساد مما يجعل الخيارات المتاحة قليلة جدا.
إذا نظرنا إلي القيادات التي كانت تتحكم في مشروع الجزيرة و التي بيدها أنهار المشروع بقيادة الشريف عمر بدر كانت هذه القيادات محمية من قبل النائب الأول لرئيس الجمهورية السيد علي عثمان محمد طه و هو الذي يشكل لها حماية رغم كل إخفاقاتها و فشلها و هناك اتهامات كثيرة تتعلق بفساد داخل المشروع تضرر منها أغلبية المزارعين هذه الفئة الآن تجد هجوما عنيفا و ربما تكون هي نفسها كبش فداء يقدم في قضايا الفساد و إذا تم اتهامها يجب محاسبة مركز القوة داخل السلطة الذي شكل لها حماية طوال هذه السنين التي تم فيها تفتيت للمشروع.
تقول بعض الأصوات أن الرئيس عمر البشير شخصيا هو الذي طلب من الشريف عمر بدر أن يقدم استقالته قبل أن تتم إقالته علي أن يتم تعين شخص أخر يقوم بإقالة جميع العناصر التي شاركت في ضياع المشروع لذلك هناك اجتماع سوف يعقد غدا أو بعد غد في قاعة الصداقة في الخرطوم للنظر في قضية مشروع الجزيرة و قد تمت دعوة عددا كبيرا من المزارعين هذه الخطوة تبين الصراع الذي بدأ يحدث في مراكز القوة داخل حزب المؤتمر الوطني كما هناك دعوة أن إقالة إدارة مؤسسة الأقطان ليست النهاية أنما يجب تقديم عناصرها لمحاكمة علنية و مفتوحة لأجهزة الإعلام و الصحافة و هي مؤكد سوف تجر عناصر كثيرة مشاركة من خلال مواقعها الوظيفية و لكن إذا أكتفت بالإقالة فقط ذلك يؤكد ضلوع عناصر قيادية كبيرة في ذلك الفساد و في كل الأحوال أن حكم الإنقاذ مسؤول عن كمية الفساد الحاصلة.
إن البديل الاقتصادي الذي تتحدث عنه قيادات الإنقاذ قضية الاستثمارات في مجالات الزراعة و التي بدأ تتكشف أنها تعاني من فساد كبير إن كان في مشروع الجزيرة أو غيرها من المشاريع و المؤسسات التي تخدم قضية الزراعة هي تعاني من قيادات متهمة بفساد كما هو حادث في مؤسسة الأقطان و مشروع الجزيرة و التي أقعدت بالزراعة في السودان و كان المتضررين منها هم صغار المزارعين الذين فقدوا حواشاتهم و أراضيهم بسبب مجموعة لم تراعي فيهم الله و بما أن السيد النائب الأول كان يشكل لهم حماية تقع عليه المسؤولية الأخلاقية و هو السبب في فشل مشروع الجزيرة و كل الكوارث التي واجهته و واجهت المزارعين فهل السيد النائب الأول يستطيع أن يقدم استقالته أم سوف يستمر في موقعه لحماية عناصر فاشلة أخري.
قضية الفساد التي بدأت تثار في العديد من الصحف خلقت في الجانب الأخر حالة من الملل داخل حزب المؤتمر الوطني حيث بدأت مجموعة تعتقد أن الحوار الوطني أصبح ضرورة و بعض من هؤلاء قالوا أنهم كانوا يستبشروا خيرا قبل التشكيل الحكومي أن المؤتمر الوطني سوف يفتح حوارا حقيقيا مع القوي الحية في المجتمع و لكن للأسف أن المؤتمر الوطني ما زال يعتمد في حواره مع القوي الضعيفة في المجتمع و التي ليس لديها سندا جماهيريا فاعلا لكي يحمي عناصرها التي فشلت في تحقيق السلام و الاستقرار و و حتى السيد الميرغني جاءهم مع الفئة التي تبحث عن مصالحها الذاتية و بقيت جماهير الحزب بعيدا عن المشاركة و قال الذين يعتقدون أنهم دعاة إصلاح في المؤتمر الوطني أن الدولة التي تستمر فيها الحروب لمدة أثنين و عشرين عاما هي سلطة فاشلة و السلطة التي تفصل جزء من الوطن و لا تستطيع أن تحقق السلام أيضا هي فاشلة و أن السلطة التي لا تستطيع أن تجدد نفسها هي أيضا فاشلة و السلطة التي تعاني من مشاكل اقتصادية هي فاشلة و السلطة التي تعتمد في بقائها علي الأجهزة القمعية فقط هي أيضا فاشلة هذا الفشل يجب أن يجبر الناس لفتح حوارات حقيقية لحسم قضية الصراع حول السلطة و كيف بناء الدولة و وقف كل الحروب و النزاعات الدائرة فيها فهل تستطيع فئة الإصلاح أن تقود حوارا حقيقيا مع القوي الحية في المجتمع.
و لكن هذه الفئة التي تعتقد أنها كانت تشكل السند الحقيقي للنظام و تدعمه سوف تجبره للرضوخ لمطالب الواقع و القيام بثورة داخلية تقتلع بها الفساد و المفسدين قبل أن تقلعه الثورة و لكن لا يتم ذلك إلا بتقييم نقدي حقيقي للواقع و التحديات المفروض إن كانت داخلية أو خارجية و لكن نسيت تلك الفئة أن العقلية التي تحكمت في البلاد أكثر من عقدين من الزمان مع استمرار المشاكل و الحروب هي عقلية لا تستطيع أن تتغير و ليس لديها قابلية التغيير و ستظل مستمرة تناطح الصخر بهدف مصالحها و ليس مصالح الوطن لآن الذي يفشل و يستقيل لأنه فشل هو الذي يبحث عن الصالح العام و الذي يفشل و يبحث عن مسوغات للفشل هو الذي يجري وراء المصالح الذاتية لذلك سيظل الصراع داخل الدولة مستمرا ما دامت تلك الذهنية باقية و الصراع الذي بدأ يحدث داخل الحزب الحاكم هل يكون بداية النهاية و لكن في كل الأحوال نسأل الله أن يوفق الجميع من أجل الوطن