(هدير الشوارع)..إعلام شعبي جاد

فضيلي جماع
شاهدت اليوم عملاً إعلامياً شعبياً بعنوان (هدير الشوارع)، وأظنه بعض النشاط المحمود
الذي يقوم به جناح لشباب حركة 27 نوفمبر. شاهدت الفيديو من أوله إلى آخره. هذا جهد إعلامي شعبي مقدر أهنيء من قام به وهو الأستاذ عبد الرحمن مساعد، مسجلاً إعجابي الشخصي به كمواطن يهمه أمر بلده وشعبه. وأرجو أن يسمح لي الأستاذ مساعد وزملاؤه بالملاحظات التالية.
بقليل من التنظيم الجيد يمكن لمثل هذا العمل الإعلامي الشعبي أن ينشر الوعي بصورة جادة بين الجماهيرالتي يرفدها نظام الخرطوم البائس صباح مساء بإعلام التهريج وتغبيش الوعي وغياب المعلومة. وحين أقول (التنظيم الجيد) إنما أقصد أنكم تحتاجون شبكة مراسلين يقومون بنفس المهمة (فيديو استطلاع عفوي من الشارع السوداني في مدن وقرى السودان المختلفة.) آفة هذا البلد هي أنّ كل هموم إنسانه تختزل في هذه المدن الثلاث: الخرطوم وام درمان والخرطوم بحري..وكأنّ الملايين التي تنتشر من حلفا إلى كاودة ومن الجنينة إلى بورتسودان لا تنتمي إلى هذا البلد. يمكنكم في عصر ثورة الإنترنت والهواتف الذكية أن تتبادلوا مع زملاء لكم من مدني وسنار والأبيض والفاشر والدلنج وشندي وبورت سودان ودنقلا وحلفا والدمازين ومدن أخرى- يمكنكم أن تتبادلوا معهم فيديوهات تقوم بنفس المهمة التي قمت بها مشكورا في هذا الفيديو المفيد يا أستاذ عبد الرحمن مساعد من أطراف السودان المختلفة. تحتاجون إلى شبكة تتلقى الأعمال التي تصلكم من أطراف السودان المختلفة وتقومون ببثها تباعاً. فالإعلام المرئي في أي بلد ينتشر عملياً أكثر من الإعلام المكتوب على الورق.
الإعلام الشعبي هو ما نحتاجه في هذه المرحلة يا شبابنا .. فالحاجة ست كفتيرة الشاي ومنظفو السيارات – هؤلاء الذين استطلع آراءهم هذا الفيديو هم آخر من تصلهم مايكرفونات الأستديوهات الأنيقة ومذيعات تبييض البشرة في محطات تلفزيونات يملكها نظام البشير وعصابته مباشرة أو باللفة. كل محاط التلفزة : بدءاً بمحطة ما يعرف بتلفزيون السودان (وهو التلفاز الرسمي لحزب المؤتمر الوطني ولا قومية له مطلقاً) وانتهاء بقنوات تغبيش الوعي وصرف الجماهير عن جادة الثورة والتغيير مثل قناة “ساحور” وقناة “قون” وهلم جرا..أقول كل هذا الخمج الذي لا يساوي بلغة إعلام اليوم غير تهريج بحت- لا ينتظر منه أن يقدم وعياً وتنويراً لشعبنا.. بل المقصود من إنشائه أصلاً أن يصب في الغرض السيء الذي أنشيء من أجله هذا الضرب من الآلة الإعلامية ذات البعد الواحد : تغييب وعي الجماهير وإبعادها عن همومها الحقيقية وطموحات المستقبل.
بمثل فيديو (هدير الشوارع) الذي شاهدته اليوم وشاهدت فيديوهات مثيلة له من قبل، يستطيع الإعلام الشعبي المنظم تنظيماً مدروساً ومخططاً له أن ينجز رسالة أكبر مما نتوقع. فقط عليكم أن تعلموا يا شبابنا أن رسالتكم في توعية الجماهير للتغيير المنشود تتخطى رقعة المدن الثلاث التي يحسبها البعض- جهلا- هي السودان كله. السودان أكبر بكثير من ثلاث مدن تدير آلة الحكم والإقتصاد والإعلام فيها نخب أوصلت بلادنا إلى أسقل سافلين..وهل من قاع تصله أمة أدهى مما وصلته أمتنا ووطننا اليوم؟
تحياتي لكم يا منجزي هذه العمل من التوعية والتنوير الجاد.
11 ابريل 2018
[email][email protected][/email]