تركيا ..علاقة (معرفيه) جديده..!

منكم

اصبت بالدهشه والوجوم ..! معا صبيحة يوم امس لحظة ان وطات قدماي ارض مدارس اوقاف المعارف التركيه الواقعه في حي كافوري بالخرطوم بحري.
مصدر اندهاشي ووجومي كان بسبب مشاهدة منظر تلك المدارس (المهيب)..!شكلا ومضمونا ..حيث انني ومنذ ان تلقيت الدعوة لحضور افتتاحها بواسطة الصديق العزيز (اسامه عبدالله اسماعيل) عضو مجلس اباء ذلكم الصرح العلمي العجيب! لم يصل خيالي الى مرحلة ان تكون تركيا قد وصلت حد ان تبني صرحا تعليميا بهذا الحجم وتلك الصخامه في السودان ابدا.
كل الذي توقعته هو ان اجد مدرسه عاديه من (اوضتين وبرنده..!) وبها اثاث متهالك وعدد المعلمين والطلاب بها لايتجاوز العشرات كما تفعل العديد من الدول التي تدعي رسوخ علاقتها بالسودان.
لكن الذي شاهدته با ام عيني هاتين ..كان شيئا مختلفا جدا ولم يحدث ان فعلته دوله اخرى للسودان والسودانيون منذ خروج المستعمر البغيض..! قبل اكثر من سته عقود ماضيه.
بمجرد ان توغلت الى داخل مبنى مدارس وقف المعارف التركيه طلبت من (اسامه) صاحب الدعوة ان ياخذني في جوله داخليه لكي اتعرف اكثر على مابداخل المكاتب والفصول.. فزادت دهشتي ..اثناء تجوالي..حيث وجدت كل المكاتب والفصول قد رص فيها اثاثا تركيا خالصا وجديد( لنج) و(متيين جدا ) كما ان (الرصه..!ذاتها ) غير معهوده.. بالنسبه لنا في السودان فالفصول (كراسيها وادارجها ودواليبها شيء ولا في الاحلام)..!.
قلت لود( عبدالله) الطلاب (ديل بعد يتخرجوا من المدارس دي بيمشوا يقروا )في جامعاتنا السودانيه ام انهم سيذهبون الى الدراسه خارج البلاد) ..كان رده بنعم ..واضاف ولكن بعضهم سيحصل على منحة دراسيه الى تركيا خصوصا الطلاب المتفوقون الذين يحرزون درجات عليا في الشهادة السودانيه..فقلت له مازحا (غايتو) الذين سيدرسون في السودان سيعانون كثيرا لان الفرق شاسع جدا مابين بيئة هذه المدارس وبيئة جامعاتنا ..اذ لايمكن ان يدرس طالب سنينه الاولى في مدارس بمواصفات عالميه تتوفر فيها كل سبل الراحه ثم ينتقل الى قاعات وسوح جامعيه (حدث ولا حرج..!)..من حيث سوء وتردي بيئتها ..اخيرا قلت معلقا لا اسامه (ياخي لاقاك زووول بياكل التحليه قبل الطعام..!) فضحك الرجل (مقهقها)..!.
في الاعراف الدبلوماسيه يقولون اذ اردت ان تعرف حجم العلاقه بين دولة ودوله اخرى انظر الى حجم مباني السفارات هنا وهناك ..فاذا كان حجمهما كبيرا هذا معناه علاقة الدولتين ستكون قويه وراسخه وان كان العكس فان العلاقه ستكون ضعيفه وفاتره.
في الحقيقه ليس لدي علم بحجم مبنى السفاره التركيه بالسودان ولكن عندما سئلتهم عن مساحة مباني مدارس اوقاف المعارف التركيه قالوا لي تبلغ 15000 كيلو متر مربع .
في اعتقادي لاتوجد اي دوله لديها صرح تعليمي في السودان بهذا الحجم الان ..مايعني ان العلاقه بين السودان وتركيا وصلت مرحلة متقدمه جدا من الصداقه والاخوة .
مالفت نظري اكثر الهائل من الطلاب الذين يدرسون بهذه المدارس حيث وصل عددهم الى 1400 طالب وطالبه على حسب ماذكره المنسق العام للمدارس فخر الدين كيسكي ..والذي يثير الانتباه اكثر هو ان هولاء الطلاب ومنذ سنينهم الاولى يتعلمون اللغه التركيه ويتحدثونها بطلاقه كما ان هناك ملاحظه مهمه وهي ان جميع المتحدثين من الجانب التركي في الاحتفال كانوا يقولون ان هذه المدارس هدفها تربية الطلاب على القيم والاخلاق الاسلاميه.
كيسكي قال المدارس وفرت 217 وظيفه للسودانيين من معلمين وعمال في مقابل 13 موظف تركي.
كل ذلك يدعوننا الى ان نشد الخطوة ونمتن العلاقه مع هذه الدوله التي ظلت تعطي شعب السودان من غير (من ولا اذى)..فهولاء اهل (حاره) لا( بارده) فقط..وكيف لايكونون كذلك وهم احفاد السلطان العثماني محمد الفاتح.
في تقديري ان تركيا مايزال لديها الكثير المثير..! الذي تريد ان تقدمه لشعب السودان ..وعلى الحكومه ان تمهد الطريق لذلك بتجاوز تلك الدول التي ظلت تبيع (الوهم) للسودانيين وتقف حجر عثرة امام عقد علاقة استراتيجيه مع السلطان رجب طيب اردوغان..!.

الوطن عدد الاحد 13 اغسطس
[email][email protected][/email]2018