الصحافة السودانية… البحث عن خارطة طريق !!

يقولون.. الصحافة السودانية علي حافة الخطر الحقيقي وهي تمضي نحو نهايات حزينة ولكن في توصيف ( العلة) هناك فرق وتفاوت وبل تناقض وتضارب بين مختلف الجهات ،واقع المؤسسة الصحفية في السودان حديث يبدأ ولاينتهي وفي أكثر من مناسبة تم دق ناقوس الخطر ولكن الصحافة ظلت تصدر كل صباح رغم كل الصعاب وحتي هذه اللحظة هي عصية علي الموت ? ويقال الكثير والمثير حول مشاكل الصحافة وحول الحلول ومنها علي سبيل المثال : ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه، وارتفاع أسعار مدخلات إنتاج الصحف التي تستورد من الخارج و أن الدولة لاتقدم الدعم اللازم للصحافة…ألخ.
(1)
وكانت دراسة لمركزالرؤية لدراسات الرأي العام قد أبانت بعض خطوط الأزمة عدم تحرك الدولة لحل المشاكل التي تعاني منها الصحافة وأضافت وقالت:
و لا توجد مؤسسات صحفية بالبلاد، بل هي صحافة يسيطر عليها أفراد
أدى سوء الأوضاع الاقتصادية بالبلاد إلى ضعف القوة الشرائية لدى المواطن لشراء هذه الصحف. وتمضي الدراسة وتقول الصحف تعاني من مشاكل مالية وبعضها غير قادر علي سداد استحقاقات المطابع وهناك شح الإعلان وحجبه عن بعض الصحف وضعف البنيات التحتية للصحف. ويقال الكثير عن المهددات التي تواجه الصحافة وعن تقاعس الجهات المعنية بحماية الصحفيين وتطوير المهنة عن القيام بأدوارها علي الوجه الأكمل.
(2)
الصحافة السودانية تمر بصعوبات جمة وإشكالات معقدة بسبب عوامل سياسية واقتصادية ومهنية، ، وهذه العوامل الحادة تجعل الصحافة السودانية على حافة الخطر الحقيقي وهكذا وصف رئيس المجلس القومي للصحافة والمطبوعات البروفيسور علي شمو حال الصحافة ومن قبل ذكر علي شمو أن تدخلات الأجهزة الأمنية تجعل المجلس بلا قيمة.. وهنا تكمن الأزمة المجلس بلاقيمة ولكن المؤسسات الصحفية واتحاد الصحفيين وجهات أخري أيضاً تتحمل وزر واقع الحال كما يقول دائماً الأمين العام للمجلس القومي للصحافة والمطبوعات العبيد أحمد مروح. يقول الصحفي المعروف محجوب محمد صالح: متى ما إنتقصت حرية التعبير فأنت بذلك وضعت مهنية الصحافة في محك.. والمشكلة ان القارئ يبدأ يفقد الثقة في هذه الصحافة.. ويأتي مجلس الصحافة يصرخ محتجاً قائلاً: إن هنالك انخفاضا في مستوى الإقبال على الصحف.. نعم صحيح هنالك انخفاض في مستوى الإقبال على الصحف من القراء لأنها ما عادت صحفا تمثل هذا القارئ ولا يجد حاجته فيها.. ولذلك هذه أزمة شكلها دائري.. كل عنصر يؤثر على العناصر الأخرى.
(3)
وتعاني وسائل الإعلام في السودان من مشكلات كثيرة ومعقدة ويمثل التدخل الحكومي عبر أذرع الدولة العديدة التحدي الأكبر الذي يواجه وسائل الإعلام المختلفة المقروءة والمسموعة والمرئية – الصحف الورقية فيها نسبياً هامش للحرية ولكنها تعاني من أشكال متعددة من الرقابة والتدخل ومنها مسألة ( الإعلانات) وهناك شركة حكومية تحتكر الإعلانات الحكومية وكان الأستاذ محجوب عروة قد أشار للفساد المتفشي في سوق الإعلان تحت سمع وبصر الأجهزة الرسمية…وهناك الملاحقات القضائية للصحف المعارضة وفي الغالب توقع المحاكم عقوبات مالية قاسية جدا علي الصحف والصحفيين.
ومن المشاكل والعقبات التي تواجه الصحف غياب التدريب والتأهيل وغياب الجسم النقابي الذي يدافع عن حقوق الصحفيين حيث يفتقد الصحفيون النقابة التي تدافع عن مصالحهم وإتحادإالصحفيين الحالي الموجود حوله جدل كثيف . في حلقة خاصة عن واقع المؤسسات الصحفية في قناة النيل الأزرق كان الدكتور محي تيتاوي رئيس اتحاد الصحفيين في مواجهة هجوم متعدد المنطلقات ودافع تيتاوي بشدة عن عضوية الإتحاد من غير ( الصحفيين) موظفي العلاقات العامة وغيرهم ولكن يظل إتحاد الصحفيين غريب الوجه واللسان في أوساط الصحفيين الذين يبحثون عن نقابة تحمي ظهرهم المكشوف في مواجهة عواصف الأيام والمقادير.
(4)
ويظل (الناشر) في مرمي نيران الصحفيين وخاصة أن القانون لم يحدد صفات ومؤهلات الناشر ولذلك دخل في بلاط صحابة الجلالة عدد من أصحاب والأهواء والمقاصد وفي هذه النقطة توقف العبيد أحمد مروح في أثناء حديثه لقناة النيل الأزرق وأبدي ملاحظات حول معايير ومواصفات الناشر وقال للأسف القانون يتيح لهؤلاء إصدار الصحف… ويقول عادل الباز هو ناشر سابق ورئيس تحرير : هناك بعض الناشرين (المغامرين والمغفلين) وأسهموا في تردي بيئة العمل الصحفي و هؤلاء الناشرين لهم علاقة غريبة مع الصحفيين وهم في الأساس من خارج الوسط وجل وقتهم وجهدهم موظف لخدمة أجندة خاصة وصراعات صغيرة نسفت الوسط الصحفي. والحديث عن الناشرين ذو شجون وقال ضياء الدين بلال رئيس تحرير صحيفة السوداني هنالك صحيفة صدرت فقط لمدة 3 أشهر لتصفية بعض الحسابات والقيام بأدوار محددة ومن ثم قام الناشر بإغلاق الصحيفة بعد أن قامت بالمهمة الخاصة علي الوجه الأكمل.
(5)
وتمر الصحافة السودانية بظروف عصيبة جداً وتتناسل المشاكل بمتوالية هندسية، حيث شهدت الفترة القليلة الماضية إرتفاعاً كبيراً في أسعار مدخلات الإنتاج وتسعي المؤسسات الصحفية لإبتداع وسائل وحيل عديدة حتي تظل الصحافة السودانية علي قيد الحياة إلي حين إشعار آخر وكان قرار تمرير زيادة سعر النسخة من جنيه إلي جنيه ونصف ووإصطدم خيار رفع سعر الإعلانات برفض الشركات الكبري ( شركات الإتصالات) ، وتري الشركات أن حالة الركود الحالية وإرتفاع تكاليف التشغيل وتدهور قيمة العملة الوطنية تحول دون فرض أي زيادات في أسعار الإعلانات. وللأزمة العميقة أبعاد كثيرة وأكثر من عنوان ولافتة ولعل أبرز عناوين أزمة الصحافة السودانية ..الأوضاع الاقتصادية المتردية في المؤسسات وتدهور بيئة العمل جراء تدني المداخيل والضرائب المتعددة والمتنوعة التي تفرضها السلطات علي الصحف.. والتدخلات الرسمية في سوق الإعلانات والرقابة الأمنية بكل أنواعها (قبلية وبعدية) والتي تتحول إلي رقابة ذاتية وهي أسوأ أنواع الرقابة علي الصحف.

حسن بركية
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..