أهم الأخبار والمقالات

الهُويات المُتعددة والأُمة السُودانية الواحدة

المشرُوع الوطني لِبناء الدولة السُودانية (5) ..

نضال عبدالوهاب

واحدة من أكثر الأشياء التي مزّقت هذا الوطن وجعلت من أهل السُودان شُعوب مُتفرقة و إنتشرت الحرب والصراعات وضَعُف مفهوم الدولة الواحدة فيه هي مسألة الهُوية ، فشلت جميع الحُكومات السابقة مُنذ الإستقلال في إدارة تنوعنا العِرّقي والقبلي والثقافي وتبايننا الكبير داخل حُدود الدولة السُودانية ..
 لا شكّ أن السُودان معروف عنه التعدد في الهُويات .. فتجد فيه الهُوية الإفريقية و الهُوية النوبية والهُوية العربية سواءً إسلامية أو مسيحية كانت ، و هُوية البجا ، وكذلك لدينا هُويات حُدودية تتقاطع فيها الهُويات ، خاصة في غرب السُودان ، في منطقة دارفور أو في الشرق علي الحُدود الإرترية الأُثيوبية ، حيث نجد كثير من القبائل المُتداخلة والتي تتعايش في تلك المناطق ولها إمتدادات حُدودية داخلية تشترك مع دول مُتجاورة أُخري ، كمثال البني عامر والأرومو في الشرق والزغاوة والمساليت والفولاني في الغرب ، وحتي العبابدة و البشاريين في الشمال وأيضاً النوبيون ..
إذن كُل هذا الخليط العِرّقي والقبلي والثقافي في الهُويات السُودانية هو ما يُميز هذا الوطن السُوداني والشُعوب السودانية .. فالسُودان بلد قديم نشأت فيه حضارات قديمة تمتد لآلاف ومئيات السنين والقرون البعيدة في كرمة وكوش و مروي ونبتة وعلوة وسنار ودارفور  .. وتوجد ووجدت به الديانات الأفريقية والمسيحية والإسلامية واليهودية واللادينين أيضاً .. وهو بلد مُنفتح ومركز ومِعبر للتجارة الإقليمية والدولية و للهِجرات ولقوافل الحج والعُمرة مُنذ عُهُود بعيدة ..
إذاً نحن أمام نتيجة لا فكاك منها وهي أننا بلد ووطن مُتعدد الهُويات .. ولكي ننجح في إدارة تنوعنا هذا من حيثُ الهُوية يجب الإعتراف أولاً بتعددنا في الهُوية ، وكذلك لا بُدّ من الإعتراف بضرورة إحترام إختلافاتنا هذه والقُبول بها ..
أيُّ مُحاولات في كُل العالم قديماً وحديثاً لفرض هُوية أو ثقافة أو قومية مُحددة علي بقية الهُويات والثقافات والقوميات كانت النتائج لهذا الفرض كارثية ، حدث هذا في أُوروبا وفي آسيا و حتي في أفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط ، فأنتشرت الحُروب بسبب التناحر بين القوميات والديانات المُختلفة والقبائل والأعراق والثقافات داخل حدود الدولة الواحدة ، فالحُروب والصراعات في الأغلب تحدث كنتيجة مُباشرة عند فرض هُوية مُعينة علي ماعداها ، أو حدوث إستعلاء عرقي أو ثقافي أو قومي .. ففي أوروبا كانت الحربين الأولي والثانية نتيجة لصِراع القوميات فيها و كذلك كُل أو مُعظم  الحُروب الأهلية في آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط حدثت لذات السبب ..
السُودان بطبيعة الحال لم يكُن إستثناء من الوقوع في مصيدة مُحاولات فرض هُوية مُحددة علي ماعداها .. ففرض الهُوية العربية الإسلامية نتجت عنه حروبات أهلية وإختلال في موازين الثروة والسُلطة والتنمية وتفشّت العُنصرية والصِراعات الإثنية و أنتهت بإنفصال الجنوب ، وإن إستمرّ هذا الفرض في مسألة الهُوية وعدم الإعتراف بتعددها و القُبول بإختلافاتنا فإننا بلا شك سنسير في ذات المسار للحرب و الصِراع والإنقسامات وبالتالي إختلال في التنمية و في المساواة ، وسنفشل بالتالي في صُنع دولة ذات دُستور ديمُقراطي حقيقي تُحترم فيه جميع الهُويات وحقوق كُل الأقليات فيه ..
للخُروج النهائي من أزمة الهُوية يجب النّص في الدُستور صراحةً علي هذا الإختلاف ، بالإشارة فيه إلي أننا دولة ذات هُويات مُتعددة .. وأن ما يجمعنا جميعاً هو (سُودانيتنا ) كأمة واحدة تُعرف بالشعب السُوداني ( we are all sudanese ) فالسُودانية هي ما تجمعنا كأمة واحدة ، لا تجمعنا الثقافات ولا الأعراق ولا الأديان ولا اللغات و لا اللهجات .. ولاءنا جميعاً يجب أن يكون لسُودانيتنا ، فليس هُنالك أي نقاء عِرّقي أو ديني أو لغوي بيننا .. ننظُر فقط لمُشتركاتنا ونحترِم إِختلافاتنا وتعددنا ..
أخيراً و في تأسيسنا لمشرُوع وطني لِبناء الدولة السُودانية يجب التأكيد علي أننا دولة مُتعددة الهُويات .. وفي ذات الوقت نمضِي في تأكيدنا علي أننا أُمة سُودانية واحدة برُغم كُل إختلافاتنا الثقافية والعِرّقية والدينية والقبلية واللُغوية .. يجب أن نحترم إختلافاتنا هذه ونقبل بها ونجعلها مصدر قُوة في بناء دولة مرِنة و ديمُقراطية حديثة ومُنفتحة غير مُنغلقة ، تقوم علي حق المُواطنة المُتساوية ، تشبه وتتناغم مع كُل تارِيخنا وتنوعنا الفريد والثرئ ! ..
نُواصل ..

‫4 تعليقات

  1. للاسف ما استفدنا اى شىء من المقال
    اعتبر مقالك ده كلو بقى جزء من الدستور ،
    ما هى الخطوات العمليه لإنجاز ذلك،
    يعنى من بكرة توقف اللغه العربيه(موافقين)لا امتحانات لا تخاطب فى الشارع باللغه العربيه،
    الحل نتخاطب من بكرة بياتو لغه نورونا يا ناس الهويه
    انجليزى مثلا او لغه اى قبيله. او ممكن لغه كوش
    يا ناس الناس فى شنو انتو فى شنو،
    خليكم من رفاهيات الافكار وركزوا على الواقع وحتى لو كلامك صحيح ده كلام منبره قاعات الجامعات ومنتديات الافكار،
    ببساطه لانو الحلول فيه بتاخد دهور و اجيال،
    والدليل الجنوب ما زال بيتكلم عربى جوبا

  2. كلام انشاء وفي الانشاء بتاع المدارس الأولية ( بالقديم) …
    دا لا بطقع لا بجيب الحجار …

  3. والله انت ماتعرف عن الهوية السودانية شيء او انت نفسك تفتقد للهوية السودانية للأسف لو اعتقدت ان البني عامر الاريتريين والاورومو الإثيوبين سودانيين. شي مضحك والله. انت ماتعرف الحدود السودانية ولا الهوية السودانية.
    نحن عاشيين في الشرق ونعرف من هم السودانيين.
    كل يوم يدخله الاجانب للسودان ويقولو سودانيين وعندهم تخطيط لحكم السودان وطرد اهله الاصليين وتقول لي تنوع عرقي. بهذا الكلام يدخل الأجانب ويستغلو الوضع ويهددو الأمن والسلم الاجتماعي. مافي شي اسمه قبائل حدودية كل واحد في بلده ويحترم نفسه. نحنا لو مشينا إريتريا او إثيوبيا بيدونا الجنسية ولا بنكون في السجون اكيد في السجون. طيب ليه نعامل بعدم وطنيه واستهتار نحنا. التعامل بالمثل.

  4. تحياتى الاخ نضال من الملاحظ إنو كتابه مواد فى الدستور او القانون توضح التعدد فى الهويه السودانيه و تضمن حقوق كل الإصول و الاعراق قد تم فى الماضى فى أكثر من محاوله و كانت النتيجه صفر . نعم كتابه هذا النوع من النصوص القانونيه شئ يجب أن يتم ولاكن الحل الناجز فى إستيعاب و ممارسه كل مواطن للمكتوب فى الورق و ده هدف يحتاج لزمن طويل و عريض …. ياريت نصحى يوم و نلقى كوكو خطب نعمات الشايقيه و أدروب مع حوه فى عش السعاده . بإختصار الكوره فى ملعب الشعب فرد فرد و مافى الورق و الدساتير.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..