أخبار السودان

عطشان يا ? نيل

عطشان يا ? نيل

كمال كرار

لو قالت الإنقاذ أن الزراعة انهارت بسبب الآفات الزراعية التي تحورت بيولوجياً وأصبح لديها مناعة ضد المبيدات الحشرية لصدقها بعض( الداقسين ).

ولو قال سدنتها وتنابلتها أن الفيضانات والسيول جرفت المحاصيل الزراعية وسببت فجوة غذائية لوجد هذا الكلام رواجاً من الانتهازيين والمؤلفة قلوبهم .

ولو قال من لحس كوعه ذات مرة أن سبب انهيار الزراعة يرجع إلي المعارضة التي حرضت ملاك الأراضي بالجزيرة والمزارعين على عدم بيع الأرض لفائدة الأخوان المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، لوجد حديثه صدى لدى صندوق النقد الدولي والجامعة العربية التي ( أفتت ) بنزاهة الانتخابات المضروبة.

ولو قال سفراء الإنقاذ بالخارج أن انهيار مشروع الجزيرة سببه تراجع الفاصل المداري والاحتباس الحراري وتعرج خط الإستواء الذي أفقر السافنا الغنية ، لصدق الخواجات وأصحاب العقالات دعاويهم ومنحوهم بعض المساعدات .

ولو قال السدنة لإخوانهم في الإسلام السياسي المصري والتونسي أن أوكامبو سبب بلاوي الزراعة في بلادنا لنالوا بعضاً من الأموال الخبيثة التي تدور هنا وهناك .

ولكن من بيدهم أمر الزراعة هنا يقولون أن العطش هو سبب فشل الزراعة بمشروع الجزيرة .

ويذهبون مع كاميرات التلفزة لضواحي المدينة عرب من أجل أن يتصوروا مع ( كرّاكة ) تشطف الطين من ترعة جافة.

ويجمعون بعض الهتيفة لقاء منح مالية من أجل التصفيق والهتاف للمسؤول الكبير الذي أتي خصيصاً لحل مشكلة العطش .

وقد يجلبون ( تنكر موية ) لضخها في الترعة العطشانة ليقولوا بعد ذلك أن المياه تنساب بصورة طبيعية .

ثم يعود السادن أدراجه للخرطوم بطائرة هيلوكوبتر ، ولا يكلف نفسه عناء النظر من نافذتها لتلك الفيافي الخالية من أي زرع أو بقرة .

يقع مشروع الجزيرة بين نهرين لم يجفا منذ عهد الكنداكة ملكة مروي ، أما خزان سنار فهو قائم منذ 80 عاماً أو يزيد ولم يتعرض لأي زلزال أو قنبلة نووية في تاريخه البعيد أو القريب ، كما لم تضربه صواريخ كلينتون التي جعلت مصنع الشفاء أثراً بعد عين .

على طول وعرض المشروع امتدت مئات الكنارات والترع والجداول بمختلف مسمياتها أبو عشرين وأبو ستة تحمل المياه جيلاً بعد جيل للقطن والذرة واللوبيا والفول السوداني والموليتة.

عطش المشروع لأن الإنقاذ نشّفت ريق الاقتصاد السوداني ومن ضمنه الزراعة ، ولأن سماسرتها أرادوا أن يبيعوا الموية للمزارع ( بالكوز ) ، فلا وجدوا القطن ولا وجدوا الموز .

عطش مشروع الجزيرة زي ( قاوت ) عبد الله الفكي الذي ذهب يوماً لطبيب يشكي من آلام في المفاصل فقال له ( إنت عندك قاوت ) فأجابه صديقنا ساخراً: إلا من المرقة يا دكتور !!

الميدان

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..