كيف وصلنا إلرحالة (طيران رحمن القلب ؟)

إذا طبقت مشاهداتك في أي موقع لتلقي أي خدمة على بقية المواقع، ستعرف معنى التعبير السوداني ( رحمن قلبو طاير ) . ففي صف الوقود مثلا، ومع الصبر الطويل وربما قضاء عدة ليال في الصف، ستجد نفسك اما حزمة سلوكية غريبة.في البداية، ستجد عددا كبيرا ممن هم في الصف داخل مظلة المحطة . الكل يريد أن يطمئن بالمشاهدة بعينيه ان الخدمة قد بدأت .والانتظار حتى بداية دخول المسدس في الخزان . والكل يتوجس من الحشاوي والعربات التي تاتي من امام الصف بالمحسوبية.
ورغم استهجان ذلك، ستجد احدهم يفاخر انه لم يدخل الصف ونال نصيبه! ثم يجري كل منهم إلى عربته في اواخر الصفوف وكل يوصي من في الصف الا يسمحوا لأحد بالدخول من خارج الصف وربما يكون في ذات اللحظة قد اتصل باحدهم ليخطره ببداية العمل وبمكن ان يقسم باغلظ الايمان بأن من اتصل به كان خلفه وربط حبلا في سيارته وخرج لطارئ! ثم يعاود الكرة في كل مرة مقطوع النفس بين المحطة ومكانه بالصف وهو يصيح في الآخرين ( قفل قفل ) !وربما يفرغ خزان وقوده ليقف في آخر الصف مرة أخرى خاصة اصحاب الدراجات النارية! فالبيع في السوق الاسود ، صار مهنة البعض .وإذا اضفنا المسهلين لهم من المستفيدين لاحقا، ستكتشف اننا قد وضعنا في أيادي اراذل القوم.وأي فرد في المجموعة التي تشرف على التوزيع ، متهم في ذمته ويوصم بالتلاعب ، وحق لهم فالكثير منهم قد امتلك سيارات لم يكن ليحلم بها. ومعظم من في الصف يحمل جالونه الفارغ عساه يجد فرصة ملئه .ثم الاحتجاجات على كثرة الجوالين!
قس تلك المشاهدات على أي صف لتقديم أي خدمة أخرى فستجد تشابها غريبا مع اختلافات حسب نوع الصف.هنا ساتجاوز عن الفساد وأركز على محاولة توصيف الحالة. فالهلع ليس كافيا لوصف الحالة. ولا حتى الندرة كسبب. فأنت امام انسان أصابه الهلع وفقد الثقة في الجميع إلا في نفسه .لذلك،يسعى إلى الوقوف بنفسه على كل شئ.ولو وجد سبيلا لاصبح هو المسئول الاول وينزل في السلم حتى يكون هو المستهلك الوحيد!نفس حالة فقدان الثقة في الغير بالكامل ستجدها عند أي تاجر .فالجشع لا يصلح هنا تفسيرا للزيادات الكبيرة المتوالية في أسعار بضائعهم.بل في حالة من الخوف على تآكل رؤوس أموالهم التي لن تمكنهم من مواصلة شراء نفس كمية البضاعة مع توالي تباين الاسعار.فتم ربط أي سلعة بسعر الدولار .ومع ذلك قد يزيد من السعر اكثر للتحوط من انفلات سعر الدولار.هنا هو وحده وليست أية سياسات،هي المنوطة بتأمين رأسماله. بالمجمل. كل مسؤول ضعيف وخائن مهما كانت مؤهلاته وتاريخه.ولا ثقة في احد مطلقا.وكل الدول في الخاطر تسرقنا .
فما العلة ؟ لا جد تفسيرا غير التدمير الممنهج للدولة عبر فساد الحكم.والانسحاب إلى القبيلة ثم الفرد الذي بدوره يورط القبيلة. وإلا كيف يمكن تفسير ذهاب نفوس بريئة في خلاف على تقسيم ذهب انتجوه ؟ وتستعمل نفس لغة المؤامرة المخطط لها بين قبيلتين في البطانة تماما كمل تعودنا في دارفور؟ بإيجاز عودوا للدولة ولا تلوموها على عدم المجئ.فكل عليه خطوات واجبات في اتجاه الآخر
معمر حسن محمد نور
[email protected]