خمسة جنيهات قيمة أداء الصلاة بموقف (كركر) بالخرطوم

ايها السادة.. سبق وان دفعت 2 جنيه من اجل أداء مراسيم صلاة الظهر أو العصر لا أتذكر.. وفي احد مساجد ميدان جاكسون بالذات.. ويبدو مع ارتفاع الدولار ان قيمة الصلاة ارتفعت هي الاخرى لتصل لخمسة جنيهات كاملة الدسم كما جاء في مانشيت احدي الصحف..
الواقع الماثل أمامنا يقول كل العجائب التى كانت تحدث في (بلاد أليس) صار مكانها السودان.. ففي ظروف الأزمات الاقتصادية الطاحنة والمروعة.. إنبعثت مهن غريبة لم ندر بها إلا لاحقا .. فلاحت امامنا عيانا بيانا حتى غدت أمرا عاديا لا تشد إلا انتباه الغريب..
ففي ذات ميدان جاكسون تجد هناك أرتال من (الفريشة) وهم يبيعون الفكة أمام ناظر الحكومة – بكل أريحية ووداعة- علما أن بيع النقود بالنقود حرام شرعا وفقها ولا اختلاف فيه.. لكن (مجهر الحكومة العجيب) لا يراهم إنما يرى إزياء الفتيات وتموجات أجسادهن فيكن لقمة سائغة لقانون النظام العام.. وفي ذات الميدان تجد من يبيعك صابونة تعالج كافة أمراض الجلد والبنكرياس معا.. بالله أين البنكرياس من الجلد.. وأضاف (دكاترة الوهم) بعض التوليفات الخارقة للاعشاب وجعلها بقدرة قادر تعالج امراض السرطان والايدز وتضخم المثانة.. أما (المضفراتي) فهذا أمره عجاب هو الشخص الذي يقوم بقليم الاظافر وقصها وتهذيبها نظير مبلغ قليل من المال..وفي زوايا الميدان هناك يعطى المواعظ الدينية باسلوب رقيق وممتع ثم يشرع في بيع المحايات والتمائم والحجبات للمستمعين المندهشين.. عندما تمر بميدان جاكسون تشعر بأنك في سيرك الغجر بقرية ماكندوا الذي ذكره ماركيز في رواية مائة عام من العزلة..
لا تهينوا الذين ياخذون 5 جنيهات نظير اداء صلاة واحدة وهم في العادة من الصبية الصغار.. فالدين أصبح اعظم استثمار.. فهؤلاء الصغار هم حكام المستقبل وولاة اموره اذا سارت الامور على نحو ما تجرى عليه الان.. لقد رأوا بأم أعينهم كبار الساسة وهم يتاجرون بالدين ويتكسبون المليارات ويتطاولون في البنيان ويكنزون والذهب والفضة.. ثم يقولون عن اموالهم المكنوزة دون خشية انها من ريع بيع أرض زراعية موروثة..
أطرف تعليق قرأته ان أحدهم كتب في الفيس ( لو أدوني خمسة جنيه ما بصلي في ميدان جاكسون)..
ربما لزحام الميدان وقذارته وكثرة النشالين..

النذير زيدان
[email][email protected][/email]