في ذكري شاعر الوطن والعامية.. حميد

الشاعر الذي انتصر للانسانية
ظل الحيز الثقافي السوداني مجهولاُ فترات طويلة عربياً باستثناء بعض الاسماء التي ظلت محفورة في الذهنية العربية مثل الشاعر الفيتوري والاديب الطيب صالح او بعض الكتاب السودانين الذين وجدو لهم نصيباً من الوجود العربي والاقليمي نتيجة لظروف موضوعية .
ان عدم تناول الادب السوداني خارجياً قد يكون نتاج عدة عوامل منها تحوصل وتقوقع الادب السوداني نفسة وعدم وصولة الي القراء والنقاد في ظل تغيرات اجتماعية واقتصادية يعاني منها السودان .
يعد شاعر العامية محمد الحسن سالم حميد من ابرز شعراء العامية في السودان اكتسبت اشعارة ثوباً فكرياً وفلسفياً وعبر من خلالها انحيازة التام لكل قضايا الوطن ، يمتاز شعر حميد باالرمزية والمعاني والدلالات العميقة في نقد الاوضاع الاجتماعية والظروف السياسية والاقتصادية المتردية التي يعيشها الموطن العربي بصورة عامة والسوداني بصورة خاصة بالرغم من انه لم يجد حضوراً في الوسط العربي نتيجة للعوامل التي ذكرت سابقا
لفترة ليست بالقصيرة كانت اشعار شاعرنا يقدرها فقط فئة قليلة من المثقفيين من قصائد واشعار بها فلسفة وافكار يصعب علي الكثيرين تداركها فكثير من اشعاره بها رمزية قوية فهي معارضة بقوة في محتواها لكل انواع الظلم والقهر الانساني ، لذلك ظلت قصائده محظورة ولم يتم تناولها او تحليها نقدياً الا نادرا استمر هذا الوضع لزمن ليس بالقصيروتغير المشهد فجاءة وفرض حميد نفسة علي الواقع السوداني بتلك الاشعار التي تعبر عن معانات شعبة وكل الشعوب التي تنادي بالحرية وتبذ العنف وتبحث عن الامل وحياة جديدة للمظلومين ، ساهم المغني المبدع مصطفي سيد احمد في شيوع اشعار محمد الحسن حميد واكتسبت بعد ذلك شعبية واسعه ودخلت كثير من نصوص وكتاباته في متن المقتبسات التي تنادي بقيم العدل والمساواة وتنهي عن الظلم والاستبداد
سني علي النضال ايدي سوكي بالهتاف فمي
شوارعك لي دويها علي أذا ما اخر العلاج الكي مراويدك حمر ياأمي
هردت لهاتي بالغنوات وقلت يبرد حشاك ياأمي من التعب البلا صالح عقب تروقي تنجمي
تسوي مكانسك المطرة تضوي البيت وتنحمي
تمرقي صبوحة للجيران قدح فوق ايدك وفي ايد المي
يلاقوك شفع الكتاب نضاف وظراف بلا النسمي
يغنو ليك غناوي الساب وفي بيوضة مافي سراب جبال كجبي وفيافي الكاب تميد بالخضره منقسمي
فيافي الصي وبيوضه البراسيم فيها مطلوقه
خدارها يراري شوف عيني علي الابواب طواريها وحواريها وقماريها بقت روضه
بقت تشرب من الحامداب تشوفو رهاب بعيد بعد نجمي واشوفو قريب قرب نضمي*
وأشوف العالم التحتاني هيلا هوب وقف ناهض وهد عمائد الفوقاني وجوه الجب رمى العارض
عريق الحب قبض نابض غناوينا القبيل رقراق علينا تصب برد قارض
وأدودي لهاتي بالغنوات عقب يبرد حشاك ياأمي
وطني ولا ملي بطني سكاتي ولا الكلام الني
بليلتي ولاضبائح طي قليلي ولا كتري سمي
سلام ياأمي سلام ياأمي سلام لاهكمي ولادكمي سلام ياأمي سلام ياأمي

وجدت قصائد حميد طريقها الي دوائر النقاش والاقتباس حتي علي وسائل التواصل الاجتماعي ، المفردة عند شاعرنا السوداني تنتمي الي عمق الواقع والي قضاياه فهي ترفض الاستلام والهزيمة تتسلسل الي فضاء النفوس هادئة ، فالنص عنده لم يكن قوافي وسجع وانما قضية وجراح وامال فكل شاعر يحاول ان يخرج نص متكامل من الناحية الادبية والابداعية الا ان النص عند حميد قضية انسانية بقدرات و ابداع ادبي ، اشتد رفض الشاعر للواقع المرير الذي يعيشة الوطن والمواطنين وظهر هذا الرفض في اشعارة زمنها :-
يا غضبان في وجه الباطل
ويا مستهجن كل الحاصل
ويا مغبون
ويا مسجون
ويا مطعون
ويا ممكون مع باقي
عقاب الشعب الفاضل
ايوة معاك في انك تغضب
ايوة معاك في انك تشجب
لكن لمن تغضب
لازم تعرف
انو تفرق بين محتال
هو النهبك وسلبك
وهو القهرك وضربك
وبين الوطن الضاع بي سببك
اختار حميد اللهجة العامية لعلمة التام بان المفردة المحلية بدخولها الي قاموس الادب الشعري تعمل علي مد اللغه الام وتساهم في تطويرها ، فالشعر العامي بصوره عامة هو كلمات مقفية تكون تلك الكلمات منسوبة الي ما يتكلمة اهل تلك الجغرافيا في حياتهم اليومية اذن من ناحية اخري يمكننا القول بان الشعر العامي هوالشعرالمنظوم بلهجة غير العربية الفصحي .
أغنى لشعبى ومين يمنعنى
أغنى لقلبى .. إذا لوّعنى
مخيـّر دربى الما رجعنى
إذا طلعنى دخلت القرب ..
ولا الغربة الكدروبية
تنزل غنوتى بى قمرية
أو وقـّعنى فى بطن الجـُّبْ
بطلع يوسف بالأغنية
يؤمن الشاعر بفكرة الوطنية وله دوافع فكرية وايضاً سياسية خلف الرمزية في اشعارة ابررزها انحيازة التام للطبقة الشعبية الفقيرة وقد يكون هنالك دافع اخر يمكننا ان نشير ا لية لاختيار حميد للهجة المحلية العامية بانحيازه الكامل للهوية السودانية وكتعبير خالص لروح وقضايا وهموم الموطن السوداني وايضا العربي .
ساعة الرجال سكنوا التُرَبْ ..
والدنيا موية وسط حريق
تصبح كُرَب تتمسى ضيق
قامت نصيرة تحِت تعب
بِرَت الفريق ..
يا اخواتي ستات البيوت
ناولني قوت
قبّال أموت
دور والعيال
ما فكُّوا ريق
طبق الدهب
بي مِدْ دقيق
دهب الجبال
صافي البريق
بي مد دقيق
أُن كان مريق
الشعر العامي الذي صاغه حميد تكتمل عناصرة الشعرية و الي جانب الوزن والقافية نجد الابداع والرمزية وايضا التشكيلات الجمالية وتبرز عنده بصورة كبيرة الرؤية الفكرية لذلك كانت كل قصائد شاعرنا تخرج متماسكة واثقة ترتكزعلي خلفية ثقافية مثل الثقافة السودانية .
يا بِت العرب
النوبية
يا بت النوبة
العربية
بي ريحة قهوة بجاوية
أو شدر الصّحوة الزِّنجية
ويا فردة نخوة صعيدية
دسيِّني من الزمن الفارغ ..
من ريح المتع الوكتية
من شر السّاحِقْ
والماحِقْ ..
بين دَبَش المدن المدعية
والليل إتحكّر بيناته
كحّل بي دبشو عويناته
يا شمس الله المسبية
ومن الملاحظ ان هنالك علاقة قوية يمكن ان تكون علاقة طردية مابين الحالة النفسية التي يعيشها الشاعر ومخرجات نصوصه الشعرية فالبئية السياسية والثقافية تساهم بصورة كبيرة في تشكيل نفسية الشاعر ووجهته الشعرية ويكون ايضا للنشاة دور كبير في القاموس العامي لكلمات شعراء العامية كل تلك العوامل تداخلت فكان مشروع محمد الحسن سالم حميد شاعر العامية السودانية.
قد نجد نفس المشروع الشعري في مصر ممثل في الشاعر احمد فؤاد نجم فهنالك تشابهاً واضحاً في الملامح الفكرية في التجربة الشعرية بين الشاعرين وينبع ذلك التوافق نتيجة احساسهما بمعاناة الاخرين والظلم الواقع علي طبقات محددة من المجتمع
يا ناسي بطاقتي عويناتا
البضهب عنِّك بيناتا

تلمحني الفقراء ..وتلفحني
في ليلها أغني معاناتا

الفجر الكاذب يرْشَحْني
ترشَعْ بي الواطة سماواتا

شدرات السّافِل تَنْتَحْني
بالحاصل أعبِّي مساماتا
ولد محمد الحسن سالم حميد بجمهورية السودان في العام 1956 بقرية نوري وهي احدي قريي الولاية الشمالية توفي اثر حادث حركة بطريق شريان الشمال في العام 2012وهو في عمر 56
لة عدد من الدواوين حجر الغش ..مجموعه نورا …الجابرية …ست الدار …الرجعه للبيت القديم …مصابيح السماء الثامنة وطشيش …ارضاً سلاح

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..