الانقسامات تهز تماسك حزب المحافظين البريطاني

مع بدء مؤتمره العام في مانشستر، يجد حزب المحافظين البريطاني نفسه في موضع حرج مع تجدد ظهور الانقسامات القديمة حول أوروبا والمعركة لخلافة زعيمه ديفيد كاميرون. لكن المراقبين يعتقدون أن ذلك التباين قد يزيد من صلابة الحزب الذي يقود الحكومة، في ظل العديد من الأزمات الدولية التي لطالما كانت لندن طرفا فاعلا فيها.
العرب
لندن- افتتح حزب المحافظين، أمس الأحد، مؤتمره السنوي وسط أجواء مشحونة بعد أن طفت على السطح مرة أخرى مسألة بقاء بريطانيا ضمن الاتحاد الأوروبي، رغم حرارة الملف السوري والحرب على الإرهاب.
كاميرون كان يفضل انطلاق المؤتمر في أجواء أفضل، فهي فرصة لرفع معنويات أنصاره خاصة بعد الصدمة التي تسبب فيها زعيم حزب العمال الجديد حينما فاز في انتخابات زعامة الحزب الشهر الماضي.
ولم يستبعد رئيس الوزراء البريطاني القيام بحملة لمغادرة الاتحاد، وقال في تصريحات لـ?بي بي سي? خلال اليوم الأول للمؤتمر إنه سيقوم بحملة لبقاء بريطانيا في الاتحاد إذا قدم له زعماء آخرون تنازلات يريدها، لكنه حذر من أنهم في حالة رفضهم فلن يكون هناك شيء مستبعد عندئذ.
وفيما يتعلق بموقف البلاد من التدخل الروسي في سوريا أشار إلى أنه ?من المؤسف أن ما حدث هو أن معظم الضربات الجوية الروسية، كما يمكننا أن نرى حتى الآن، استهدفت أجزاء من سوريا لا تخضع لسيطرة الدولة الإسلامية لكن تخضع لمعارضين آخرين للنظام. وعليه فإن ما يحدث هو أنهم يساندون الأسد، وهو خطأ فادح بالنسبة لهم وبالنسبة للعالم?.
وكشفت صحيفة ?ديلي تليغراف? في تقرير على موقعها الإلكتروني بالتزامن مع ذلك أن كاميرون أشار إلى أنه سيمضي في خطط لإجراء تصويت بالبرلمان للموافقة على العمل العسكري ضد الدولة الإسلامية في سوريا.
ومع ذلك، سيكون لهذا المؤتمر نكهة خاصة بالنسبة للمحافظين بعد فوزهم غير المتوقع في الانتخابات التشريعية في مايو الماضي، ما أتاح لهم تشكيل أول حكومة محافظة بالكامل منذ حوالي عشرين عاما، بعد خمس سنوات من الائتلاف مع الليبراليين الديمقراطيين.
والعلاقة مع أوروبا التي كانت موضوع انقسام في صفوف العماليين في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي باتت من نقاط الخلاف الرئيسية بين المحافظين، إلى حد ?كادت تقضي على? الحزب المحافظ باعتراف رئيس الوزراء السابق جون مايور نفسه.
ويرى مدير الأبحاث في مركز ?ديموس″ للدراسات دانكن أوليري أن المحافظين سيكونون في وضع نفسي ممتاز، إذ لم يعد يترتب عليهم الدخول في تسوية مع الليبراليين الديمقراطيين ويعتقدون أنهم في موقع جيد للفوز في الانتخابات المقبلة بعد اتخاذ حزب العمال منحى راديكاليا.
ولن تكون الملفات الخارجية وحدها في خضم هذا المؤتمر، بل إن تثبيت أقدام المحافظين في المرحلة القادمة سيدفع أعضاء الحزب في البرلمان إلى الوقوف كحجر عثرة أمام ?ثورة? كوربن.
ومن المتوقع في مواجهة هذه الهيمنة أن تكون التظاهرات المرتقبة ضد المحافظين غير مسبوقة بحجمها، إذ نظم ائتلاف ?جمعية الشعب? الذي خاض حملة ضد التقشف أسبوعا كاملا من التحركات تحت شعار ?استعادة مانشستر?.
وجرت تظاهرة كبرى بالتزامن مع بدء مؤتمر المحافظين في وسط هذه المدينة الواقعة في شمال إنكلترا والتي استضافت المؤتمر السنوي للمحافظين أربع مرات منذ 2009، فيما تنظم فعاليات أخرى متنوعة من مناظرات وسهرات وتجمعات مفاجئة (فلاش موب) حتى نهاية المؤتمر الأربعاء المقبل. واللافت في هذه الفعاليات أن الزعيم اليساري المتطرف كوربن الذي أصبح رئيس وزراء حكومة الظل سيشارك في مناظرة حول خدمات البريد مساء اليوم الإثنين.
ويقول تيم بايل أستاذ العلوم السياسية في جامعة ?كوين ماري? في لندن إن حزب العمال انتخب زعيما يعتبره المحافظون غير مؤهل لانتخابه رئيسا للوزراء، ما يسمح لهم بالدخول في سجالات فيما بينهم بدون المجازفة كثيرا.
وحذر في مقابلة أجرتها معه وكالة الصحافة الفرنسية من أن ?البعض قد يسرفون في استغلال هذه الحرية?، ولا سيما المشككين في أوروبا الأكثر تشددا، تحسبا للاستفتاء حول استمرار انتماء المملكة المتحدة للاتحاد الأوروبي أم لا.
ويزيد زعيم المحافظين المؤيد للبقاء في الاتحاد مع ?إصلاحه?، الغموض بشأن التعديلات التي يسعى لانتزاعها من شركائه الأوروبيين. وكان نايجل لوسون وزير المال السابق في عهد رئيس الوزراء الراحلة مارغريت ثاتشر أكد، الخميس الماضي، أنه سيقود حملة المحافظين المؤيدين للخروج من الاتحاد، وهو ما سيضع كاميرون أو الزعيم الجديد للحزب في ورطة حقيقية.