مقالات سياسية

مصر لم تقوي على إحتلال السودان على مر التاريخ بل العكس صحيح

مصر لم تقوي على إحتلال السودان على مر التاريخ
بل العكس صحيح لذا كانت حلايب الضحية وستكون أرض التضحيات
(الجزء الأول)

الكرامـة هبة ربانية للبشر، أعزهم بها دون غيرهم من المخلوقات، وهي قيمة حياتية تتسامي على كل الضروريات، ويجب أن يعيش الإنسان كريماً وليس ذليلاً، صحيح حفظ النفس واجب لكن حفظ الكرامة أوجب لذلك يمكن تقديم النفس رخيصة دفاعاً عن هذه الهبة الإلهية. للأســـف الشديد يتعرض السودان والسودانيين في الإعلام المصري بمختلف وسائله إلي عداء ممنهج غير مبرر، يٌصيب المرء بالدهشة من إهانة وإستخفاف بكل ما هو سوداني على المستوي الرسمي والشعبي على السواء، حتي في مواقع التواصل الإجتماعي المصرية تجد فيها الفجور في الخصومة، وحتي الذين ينافقون بمدح السودانيين بعض كتاباتهم يبتغون من وراء ذلك مصلحة لاتخفي على أي عاقل وهي محاولة أخــري مكشوفة للإستخفاف والضحك بعقول بعض السودانيين.

والسؤال الذي يفرض نفسه لماذا هذا العداء المصري اتجاه السودان ؟ ولماذا هذا التعالي والكبرياء والنظر الدونية للسودانيين ؟ لماذا هذا الهجوم الإعلامي المصري المتواصل مع السخرية والإزدراء على مر السنين ؟ عادة يكون سبب الكلام الفاحش والبذيء لردة فعل من تصرف مشين أو قول ضدك، فتثور نفسك لتثأر لما سمعته من إيذاء ! ماذا فعل السودانيون حتي يقابلون بهذا الجحود المصري ؟! لماذا دائماً نحن في حالة الدفاع عن كرامتنا والرد على هذا الإهانة والسخرية ؟ والمطالبة برد الإعتبار؟ لماذا لا يتعالي المصريين على الدول الخليجية ودول المغرب العربي والعرب عموماً ؟ لا ينكر أي عاقل مشروعية هذه التساؤلات وغيرها التي تحاول أن تحط من قدر السودانيين !ولكن سنحاول أن نتلمس أسباب هذه الغيرة والحقد المتوارث عبر التاريخ.

في مخيلة أي مصري إن السودان كان جزء من مصر وبصيغة أكثر وضوحاً مصر كانت محتلة السودان ؟! وهذا مصدر سعادتهم التي لا توصف وتباهيهم في السر والعلن، بل يفتخر أي مصري بهذا المورث التاريخي في كل مناسبة وحتي من غير مناسبة، ويخيل لهم بهذا التاريخ المزيف سيادتهم المطلقة على السودان ويرجح علو كعبهم ! وللأســف الشديد هذا الإدعاء يوافقهم عليه بعض شواذ الشعب السوداني – الأوصياء – على مصر في السودان ؟! وهو إعتبار غاية الأهمية غاب عنهم في خضم صراعهم مع الآخـــر السوداني حول أضحوكة وحدة وادي النيل ومصر أم الدنيا والذين ينادون بإعادة تقسيم مياه بعدالة ووضع حد لهذا الإستهتار المصري؟! حتي بدأ لهم مصر بالنسبة للسودان كالروح للجسد والأوكسجين الذي يتنفسه، وساهم في تتثبث هذ المفهوم المناهج التربوية السودانية “الممصرنة”.

والحقيقة المصريين هم الذين كتبوا ومازلوا يكتبون عن تاريخنا ؟ وهنا لا نسجل لهم حتي صوت عتاب ! ولكن لماذا هذا التسليم المطلق بهذه الحقائق المصرية المزيفة والتي تدرس من جيل إلي جيل، كحقائق مشوهة ومعلومات مغلوطة لأطفال المدراس والجامعات عن مجد مصر وعظمة تاريخها، وتغيب تام للإرث الوطني من ثقافة وتاريخ ضارب في أعماق الجذور !. ولكن الحقيقة التي يحاول يتجاهلها كل مصري هي إن مصر على مر تاريخيها لم تقوي على إحتلال السودان بل العكس صحيح مملكة كوش السودانية النوبية حكمت مصر أكثر من 250 سنة في عهد الارا النوبي أول ملوك الأسرة الخامسة والعشرون النوبية، وبسطت سيطرتها الكاملة على مصر وفرضت ثقافتها وحضارتها العظيمة التي ضرب صيتها الآفاق وعم أرجاء الكون.

وهي أول من بني الأهرامات والمعابد في التاريخ القديم وأول من إبتكرت صناعة الفخار والتعدين والصناعات الحديدية وآليات الري والزراعة ، وتعتبر أول مملكة في التاريخ تؤسس لاقامة دولة مدنية بمفهونا اليوم، هذه الحقيقة التي يتجنبها الإعلام المصري والنخب المصرية ؟ لأنها إرث سوداني وعليهم مسحه من ذاكرة الوجود؟!. مع العلم لولا مملكة كوش لما كان للمصريين تاريخ بين الأمم، وإهرامات تفتخر بها، لأن الحضارة النوبية وأصلها السوداني هي التي شيدت إهرامات مصر من فكرة الإهرمات السودانية القديمة، ذكرت البروفسوراليانورة كورميشيفا في كتابها :”عالم الالهة فى مروى” اهرامات السودان عددها يفوق 230 هرما! وضعت السودان فى المركز الاول عالمياً من ناحية العدد تليه مصر فالمكسيك

علماء اجلاء في قامة رايزنر، وكروفورد، بيتر شيني، فانتيني ووليام آدمز ، بروفيسور شارلس بونيه، وديريك ويليسبي، وريتشارد لوبان ،البروفيسور كلود وغيرهم كثير أثبتوا الحضارة المصرية تدين بالفضل للحضارة النوبية السودانية ولولاها كانت مصر اليوم مجردة من هذا الإرث الذي تفتخر به وتنسبه لنفسها. اما الأكذوبة الكبري هو إدعاء المصريين إحتلال السودان ؟! في مارس 1896 يقول التاريخ المدون بأيدي مصرية : ” زحفت الجيوش المصرية إلى السودان تحت قيادة القائد البريطاني لورد هربرت كتشنر لإعادة استعماره تحت التاجين المصري والبريطاني” ويضيف :”تم وضع السودان تحت إدارة حكم ثنائي بموجب اتفاقية عام 1899 ، بين إنجلترا ومصر التي نصت على أن يكون على رأس الإدارة العسكرية والمدنية في السودان حاكما عاما إنجليزيا ترشحه حكومة إنجلترا ويعينه خديوي مصر. وتمتع الحاكم العام بسلطات مطلقة في إدارة السودان”.

أرجو من القارئ الكريم أن يتأمل مليئاً في هذا النص المقتبس ! كيف لـ دولة محتلة ومغصوبة الإرادة أن تحتل دول أخري ؟ كان الواجب عليها التحرر من الإستعمار أولاً ومن ثم التفكير فمن تستعمر ! والطريف في الأمر “زحفت الجيوش المصرية” ولكن تحت أي قيادة وأي سيادة ؟ تم إستخدام المصريين كخدام للإنجليز ليس أكثر، ويكونوا دروع بشرية لأن مقتل غردون أوجس في نفوسهم الرعب، وحتي إدارة السودان وقتها كانت للحاكم البريطاني فهو الآمر الناهي للخدم المصريين أولاً والسودانيين المستعمرين ثانياً، وحتي تعين الحاكم من قبل الخديوي مسألة تشريفة لان الترشيح يكون من الحكومة الإنجليزية وما على الخديوي إلا البصمة ؟

نواصل بإذن الله الجزء الثاني

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. (علماء اجلاء في قامة رايزنر، وكروفورد، بيتر شيني، فانتيني ووليام آدمز ، بروفيسور شارلس بونيه، وديريك ويليسبي، وريتشارد لوبان ،البروفيسور كلود وغيرهم كثير أثبتوا الحضارة المصرية تدين بالفضل للحضارة النوبية السودانية ولولاها كانت مصر اليوم مجردة من هذا الإرث الذي تفتخر به وتنسبه لنفسها. )
    يا استاذ هذا الكلام غير صحيح بالمرة، فهؤلاء العلماء لم يقولوا هذا اطلاقا، وأمامي كتاب وليام أدمز “النوبة رواق أفريقيا) الطبعة الثالثة، الذي ترجمه محجوب التيجاني: في ص 39 يقول أدامز “حكام مصر الطامحين منذ أقدم العهود كانت لهم تطلعاتهم التوسعية الامبرالية، والنوبة أقرب جار مأهول كانت على الدوام أول ضحاياهم” وهو يقر في أكثر من موضع أن النوبة السودانية كانت تحيا في ظل الحضارة الشمالية الفرعونية وكيف لا وهي تبنت ثقافتهم وآلهتهم وطريقتهم في الحياة بما في ذلك بناء الإهرامات وكثرة عددها في السودان لا يعني أنه السباق، فكثرة القباب في السودان لا تعني أننا أول من بنى قبة، النوبة رغم أنها اضافت للحضارة الفرعونية وحكمتها لفترة محدودة لكنها – نبتة وكوش ومروي – كانت امتداد للأثر الفرعوني جنوبا
    أما حلايب فهي سودانية بالتاريخ والجغرافية والمعاهدات الدولية ولا تحتاج منا لأختلاق أو إدعاء ولا تشبه بجعاجع المصريين بل بل تحتاج لحكومة قوية لها بعض النخوة والصلابة

  2. منعك الله بالصحة والعافية وأكثر من أمثالك ليستفيد فلذات أكبادنا من هذه الحقائق قبل ان تندثر

  3. مقال جميل أرجو التركيز والايضاح في فترة مملكة كوش اخي العزيز فهنالك الكثير من الخطأ المتعمد في تزيف الحقائق من قبل المصريين فهم يتباهون بحضارة لم تكن لديهم ابدا

  4. غرور المصريين مفادة الجهل هل تعلم بان اغلب المصريين عندهم وهم مطلق بان النيل ينبع بمصر والسودان ياخذ الفيض عن حوجتهم وهذا الفهم المغلوط عند المتعلم والجاهل عى حد سوا فمتى يعرفو الحقيقة من الذى يعطى الاخر ولا تستغرب فى كلامى اسال وجرب

  5. إلي كل ألمصـريون شعبا.. وحكومة ..حاكم ومحكوما..إليكم هـذا البيان..
    نحن جيل ألسودان الواعي لمصالح هذا الوطن ندعوكم إلي ألتخلي عن تلك ألأوهام والكذب والنفاق وتزوير التاريخ.. فالشعب المصري وحكومتهم يقولون الإكزوبة ويصدقونها ويفرضونها علي خلق الله لتصديقها…
    أولا نبدأ بدور مصـر القيادي الزائف لقيادة الأمة ألعربية وألإسـلامية وزودها ودفاعها عن مصالحهم!!!
    من المبكي .. مايضحك .. فمصـر لم تكن يوما تملك قرار نفسها !!! فمن أين أتت بدورها هذا ؟؟ كانت علي مر ألأزمان تردح تحت ظلال المسـتعمر تلو الأخـرعلي مدي التاريخ القديم والحديث …وكانت دائما عونا ومنفذا لكل مستعمرا لجاراتها من الدول قديما..
    وتقوم حديثا بنفس ألأدوار للإستعمار كماهوألحال قي مسـاهماتها في إحضار المستعمر الي الخليج بحجة تحرير الكويت !!!! ثم التسهيل للمستعمرين ولأساطيلهم لإحتلال دولة عربية وتفتيتها..مقابل إعفاء ديونهاوبعض حبيبات من القمح ..! كما هو ألحال ما حدث لشقيقنا العراق ..
    تقوم مصر بتجويع وحصار شعبا عربيا ومسلما!!! بحجة إتفاقية إنهزام وتطبيع أبرمتها مع عدوة الله والمسلمين والعرب إسرائيل مقابل مصالحها من معونات ومساعدات إقتصادية…فمصر لم تكن يوما تحارب وتدافع عن العروبة أوألأسـلام..!!
    فمن
    أجل سيناء قاتل المصريون .. وليس من أجل القدس الشريف..! وبمأن المصريون شعبا وحكاما وإعلاما خصاهم المولي عزة وجل بالقدرة الفائقة في خدع وإستغلال العرب والمسلمين سياسيا.. وسياحيا..! فجعلوها معركة كل العرب والمسلمين..
    فهل كان الملك فيصل ( رحمة الله عليه) يدعم مصر من أجل سيناء ؟ لقد إستغل الفراعنة ومازالوا يضحكون علي ألأمة العربية والأسـلامية بقيادتهم الزائفة وحرصها علي مصالحهم!!!! والدليل علي ذلك ضربهم لكل العرب والمسلمين بالحائط من أجل سلام الذلة مع إسـرائيل !!! فمتي يستيقظ الشعوب العربية والإسلامية لهذا الطاعون الخبيث الذى يسمى مصالح مصـر!!! متي تكتفي مصـر وشعبها من المصالح وتشبع ؟ حتي يسـلم من كيدهم العرب والمسلمين !
    فمصـر كانت تستنفذ موارد العرب بحجة حربها مع إسرائيل من أجلهم ودرء الخطر عنهم وأحلام القدس الشريف !! فإستغلها الفراعنة لبناء بلادهم إقتصادياوسياحيا وترميم الأهرامات لجذب سواح المستعمريين وقليل منها عسكريا..لتحرير سيناء …!!
    فماهي إنجازات مصر في قيادتها الزائفة للأمة العربية والإسلامية غير ذلك السجل الحافل بالهزائم للعرب أمام إسرئيل والتخاذل والذلة والإستسلام والتأمر علي كل الشرفاء الذين رفضوا تلك القيادة الكاذبة الغاشمة التي صنعها
    الفراعنة لأنفسهم…!

  6. نحن دولة غريبة . لقد درسنا في الابتدائي منهج فية اتاريخ الفراعنة الذي كتبه احد المتمصريين اسمه محي الدين صابر . ودرسنا ايضا نفس التاريخ في الثانوية العامة في منتصف السبعينات . السودان فيه طبقة تمجد مصر وتتكلم لهجة مصرية وحاجات كثيرة . ان الحدود المصرية كانت تنتهي عند الاقصر وكوم امبو فمددها احد الاتراك الي جنوب اسوان والان تم تحريكها جنوبا لتشمل مناطق داخل السودان. المصريون سيتمددون في السودان الي ان يصلوا جنوب الخرطوم . قال احد الهبل الذي يحكموننا: يحكمونا المصريين ولا الغرابة. هذا حديث احد الغربان الذي كان والده يعمل غفيرا ام طباخا لاحد الخديويين. لعلمكم مافي واحد من العينة ترقت الي مستويات عليا الا في السودان. اي زائر الي مصر يراهم ووجوهم ترهقهم ذلة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..