“يتوسط الجميلة ومستحلية” شارع “المين”.. علامة فارقة في النشاطيْن السياسي والثقافي

الخرطوم ? عمر الفكي

ثمة إحساس بالهيبة ينتابك وأنت في حضرة شارع (المين رود) مقهى جامعة الخرطوم السياسي، من واقع عبق المكان وعراقته، الداخل للشارع للوهلة الأولى يشعر بالدهشة نسبة للفن المعماري العريق الذي على شُيد على امتداده، ففي الجانب الشرقي للمين تجد (الإكزام هول)، وهي قاعة الامتحانات الكبرى لجامعة الخرطوم التى كانت قاعه للطعام في عهود سابقة.

وهي بجانب هيبتها في نفوس طلاب الجامعة تمتاز بتصميم هندسي غاية في الروعة والجمال، حيث شُيِّد ثقفها على شاكلة (تاج الملكة اليزابيث)، وفي نهاية الشارع في الاتجاه الشمالي تقبع مكتبة المين العتيقة، وهي شامخه شموخ التاريخ الطويل الممتد لما يضاهي المائة عام وأكثر.

تاريخ سياسي عريق

فيما يخص تاريخ الحياة السياسية في شارع المين يرجع إلى أوخر التسعينيات، تحديداً عام (1998)م، بعد حادثة اغتيال الشهيد محمد عبدالسلام، وهو ليس بالتاريخ البعيد، مقارنة بما اكتسبه المين من ذياع صيت، لكنه أصبح بعد ذلك يضج بالحراك السياسي لكافة التظيمات السياسية من أقصى اليمين إلى اقصى اليسار، وتعقد فيه أركان وحلقات النقاش للقوى السياسية في جامعة الخرطوم، وكذلك تُدار فيه المناظرات والمقارعات الفكرية بشتى أنواعها، ومن هُنا أصبح يشكل مطبخ السياسة في الجامعة العريقة، وظل مُشكلاً أساسياً للرأي العام في أروقتها، بات شارع المين المحرك الأساسي لمعظم أحداث جامعة الخرطوم في المدة الماضية وحتى يومنا هذا.

نجوم سياسية

شكل (المين رود) علامة فارقة في النشاط السياسي لمختلف كوادر الأحزاب السياسية السودانية وساهم في رفد الساحة السياسية والاجتماعية والاقتصادية بقيادات مؤهلة ومن الوزن الثقيل، وكثيراً ما ضج بحركة سياسية طلابية نشطة لا تمل ولا تفتر في طرح برامج أحزابها بكل عنفوان الشباب وثقة لا تحدها حدود تطلعاً للمستقبل، فكان نقطة انطلاق لمعظم القيادات التي تسلمت سابقاً وتقود حتى الآن زمام مفاصل الدولة السودانية.

ميلاد العلاقات

بجانب الحياة السياسية، فقد أضحى شارع المين يشكل مكاناً لميلاد العلاقات الاجتماعية الراسخة وبوتقة للانصهار والتمازج الاجتماعي ووعاءً جامعاً لكافة ثقافات البلاد المختلفة والمتعددة حتى قال البعض عنه البعض إنه يمثل وطناً مصغراً لما يرسمه الطلاب خلاله من أروع لوحات التعايش السلمي وتقبل ثقافة الآخر، يأتي إليه الطلاب من مختلف نواحي السودان يحملون سحناتهم وثقافاتهم، ويأخذون من جلساته أشياء عديدة ومفيدة، أهمها الذكريات الجميلة ومــلامح تشكل الشخصية والتنشـئة وينخرطون في الحياة العامة فيما بعد وهم يحملون خبرات مذهلة في التعاطي مع كافة الثقافات السودانية، ولا يعجزهم ذلك إذا تنقلوا إلى الشرق وأعالي الشمال وأدغال الجنوب وتخوم الغرب، المشاهد اللافتة أغرت الجميع لزيارة الشارع الشهير كل يوم لأفراد مساحه مُقدره من وقتهم لاحتساء القهوة التي تتميز بمذاق خاص ومميز في المين علاوة على تجاذب أطراف الحديث والنقاش الممتد لساعات طوال، وفي مجالات مختلفة داخل أسوار الـ (جميلة ومستحيلة).

مكانة كبيرة

أوجد شارع المين لنفسه مكانة متميزة، وتربع على عرش الأماكن المهمة في مجمع الوسط، فأصبح عالماً له خصائصه ومجتمعه ونكهته الخاصة لطلاب جامعة الخرطوم، وما يميزه أيضاً أنه أضحى مكاناً لتجمع بعض طلاب الجامعات المختلفة داخل وخارج العاصمة وقبلة لكل المنشغلين بقضايا الفكر والثقافه والسياسة ومتنفساً للجميع ومعرضاً الكل يعرض فيه بضاعته ويروج لها حسب طريقته ويبدأ حولها النقاش، الحجة بالحجة والفكرة بالفكرة، وكلهم يحدوهم شوق وأمل بالعبور بالوطن إلى بر الأمان وبناء مجتمع سليم معافى تسود فيه روح النقاش والتسامح.

شهرة واسعة

من كل هذه الأسباب اكتسب المين رود شهرة فاقت الأرجاء لتميز موقعه، حيث أنه يقبع تقريباً في منتصف مجمع الوسط، بجانب أشجاره ذات الظلال الوارفة، التي تضفى على المكان جانباً آخر من القداسة وتغريك على الجلوس لأطول مدة ممكنة، فضلاً عن لعبه لأدوار محورية في تاريخ جامعة الخرطوم، وظل أيضاً يرفد البلاد بكوادر وساسة وناشطين في المجتمع المدني صقلوا تجربتهم من خلال أنشطته.
مش

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. آل ١٩٩٨ آل…يا ولدنا العمل السياسي في هذا الشارع قديم شديد..ولو شفتنا ايام عبود كنا عاملين كيف..اجتماعات ومظاهرات..وصحف وملصقات واشعار مازلنا نذكر منها ورغم الذاكرة الخربة
    نوفمبر الشهر العاطل
    اعياد مجوس واسافل
    شهر العطلات المتكاسل
    إغلاق مدينتنا الكبري
    اجهاض ثكالى وحوامل

  2. سقف وليس ثقف انت من ثقيف و لاشنو ؟ تاريخ المين رود أقدم من تاريخ أغتيال التاية و بشير ومحمد عبدالسلام وغيرهم من شرفاء الحركة الطلابية

  3. فيما يخص تاريخ الحياة السياسية في شارع المين يرجع إلى أوخر التسعينيات، تحديداً عام (1998)م………… هذا بالنسبة لك؟؟

  4. يا حليل المين رود و ياحليل الجامعة – المين رود لغاية بداية التسعينات 1990 كان مكان الحناكيش و ما كل زول اغبش كان بيقعد فيهو فنحنا الغبش مرات بنجي شاقيين بيهو ساي ماشيين للمكتية فكنا بنستمتع بالحناكيش وكلامهم الطاعم وسلامهم العجيب داك و ريحتهم الحلوة و على فكرة معظم الحناكيش في الزمن داك كانو شهاده عربية و فيهم الكتير ما شافو السودان قبل كده و اتو للدراسة في جامعة الخرطوم وكانو وكنا بريئيين لدرجة ما تتوقعوها لكن بعد داك جات العولمة و الموبايلات و اخطلط الحابل بالنابل و بقي مافيش مين رود ما فيش جامعة مجرد اولاد وبنات مراهقيين و لسه ما كملو لعبهم

  5. جامعة الخرطوم الاتحرجو منها يا بقو كيزان يا شردو من البلد(والاتنين ما دفعو حق القروش الدرسو بيها)
    اصلا دي معقل الوسخ? مفروض اي خريج من الجامعة دي يشغلو مدة خمسة سنين من غير راتب

  6. إن التاريخ الحقيقى بجامعة الخرطوم أعرق واقدم من ذلك بكثير فكانت الأنشطة كلها تدار فى كل أركان الجامعه من دار الإتحاد والمين رود و النشاط وغيرها مروراً بأركان النشاط التى كانت تقام حتى بكافتريات الكليات المختلفه وليس محصورة على نشاط بعينه وانما يسمح للجميع وبشفافيه تامه تحت شعار الحريه لنا ولسوانا من سياسه وثقافه وإجتماعيات وأنشطه فى كل المجالات حليل أيامك ……يا الجميله ومستحيله (من دفع الثمانينات)

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..