أخبار السودان

(الغاز المسيّل للدموع).. قصة قمع مُتجاوز للقوانين..!!

العفو الدولية: السودان يتصدر قائمة الاستخدامات الصارخة
* دراسة: الغاز المسيل للدموع من الأسلحة الكيميائية التي يحظر استخدامها
* ميزانية (بمبان) مواكب ديسمبر (٤٠,٥٠٠,٠٠٠) جنيه سوداني، غير القنابل الصوتية، المطاطي، والرصاص الحي، والوقود والأعاشة
* استخدام (١٠٠٠) عبوة من النوع الرخيص في اليوم بمختلف مدن السودان، تعادل (٨,١٠٠,٠٠٠) جنيه
* شُرطي: الاصابات تقع أحيانا عن طريق الصُدفة أو في حال محاصرة الثوار للقوات، لهذه الاسباب تقع العبوة في المستشفيات
* تتفاوت أسعار عبوات الغاز بين (١٨، ٣٠، ٥٣) دولار للعبوة الواحدة
* (٢) عبوة بمبان تعادل مرتب شُرطي، ومُستهلك يوم من البمبان يعادل مرتبات (٤٥٠) شُرطي.
* ضابط شُرطة: نعاني أيضاً من آثار الغاز بعد ارجاعه لنا من قِبل الثوار، والقُوة غير مجهزة بأدوات لتفادي استنشاق الغاز

الخرطوم: مروه الأمين
خرج (خالد) كـعادته يتصدر الموكب يملؤه الحماس بضروة التغيير، كان يؤمن بأن الحل يكمن في الشارع، والسبيل للخلاص بالضرورة أن يعبر من هنا، مصطحباً معه أحلامه تجاه الوطن، أشعار (حميّد، القدال، ومحجوب شريف) الثورية التي يحفظها عن ظهر قلب لا ينفك عن ترديدها، على أكتاف الحماس والهتاف اقترب موكبه من تخوم إحدى المؤسسات (السيادية)، الآلة القمعية كانت حاضرة لتفريق جموع الثوار، ملايين الدولارات تم رصدها من أجل ذلك، رفعت الدولة يدها عن دعم الخبز، الدواء والوقود لكنها مازالت تهبُ بسخاء من أجل القمع..، علت في تلك اللحظة هتافات (خالد) بأشعاره الثورية المُحببة ومطالبه بمدنية الدولة، وتشقُ هتافاته طريقها للسماء (سِلمية.. سِلمية، سِلمية.. سِلمية) رافعاً علامة النصر ومتصدراً للموكب، الهتافات حوله تعلو ممتزجة بالزغاريد وقرع الطبول لتعانق هتافه الأخير وتشدو في لحن عنيد، يقتربون أكثر من الآلة أكثر.. فأكثر في مشهد بطولي عظيم، في تلك اللحظة.. اطلق العسكر وابل من عبوات الغاز المسيّل للدموع، تفرق الجميع وتحول الشارع الى شيء اخر، حزين.. ضبابي ومُعتم، يكاد احدهم أن لا يرى الآخر، يلتقطون انفاسهم بصعوبة.. عبوة الغاز استهدفت صدر (خالد) ليسقط أرضاً، عبوة البمبان تسببت في عِدة كسور بعظام قفصه الصدري.. اعاقت حركته تماماً، استنشق الغاز بكميات كبيرة جداً، النزيف الداخلي يتزايد، تراكم مادة (السيانيد) في جسده أدى الى نقص (التأكسج) النسيجي، وبعد دقائق ارتقت روحه النقية للسماء، تحمل معها احلامها الناقصة، حسرة الاصحاب، آهات أمه وقلب ابيه المكسور، ليظل خالداً في آلامهم الى الأبد شهيداً لكلمة الحق وأحلام الحرية..
تُرى.. مامدى خطورة وسميّة هذا الغاز؟ كيف يتم السماح باستخدام غاز محرم دوليا لفض التظاهرات السلمية؟ لماذا يتم ضرب المتظاهرين واستهدافهم مباشرة بعبوات الغاز المسيل للدموع، بديلاً للرصاص؟ هل يتم تدريب الشرطة والقوات الأمنية على كيفية استخدامه؟ هل هناك معاهدات دولية تنظم استخدام الغاز؟

سُمية عالية..
وفق مواقع شركات مختصة بصناعة القنابل غير القاتلة، تكشف أن الغاز المسيل للدموع له أكثر من (١٥) نوعاً، وجميع انواعه تكون في الحالة الصلبة عند درجة الحرارة العادية وتستخدم في صناعتها مذيبات لتحويلها للحالة الغازية ولكل نوع من هذه الغازات مادة تصنع منه وهي والرائج تصنيعة منها اما غاز CS او غاز(CR أو CN) وتتفاوت هذه الغازات في سميتها ومدى خطورتها على صحة الانسان ووظائفة الحيوية. فالغاز (CN) جرت تجربته أثناء الحربين العالميتين الأولى والثانية، لكنه لم يستخدم أبداً بسبب سُمّيته العالية، قبل أن يتحول لاحقاً إلى “غاز مسيل للدموع” يستخدم على نطاق واسع في فض التجمعات الاحتجاجية. اما الغاز (CS) هو اكثر فعالية وسمية واضرار بالبيئة وهو الاوسع انتشارا لعلو فعاليته وانخفاض نسبة السمية فيه كما أفادت التصنيفات العالمية انه “غير قاتل” إلا أن العديد من الدراسات أثارت الشكوك حول هذا التصنيف، فبالإضافة إلى أنه قد يتسبب في أذى شديد للرئتين، فقد يؤثر أيضاً تأثيرات بالغة على القلب والكبد، كما يسبب الإجهاض في أغلب الحالات لتأثيره المباشر على الكروموسومات، كما يطلق (CS) أبخرة شديدة السمية تؤدي الى تكون مادة السيانيد داخل الجسم ” وهي مادة خطرة فضلا عن سميتها العالية” التي تسبب ما يعرف بالتسمم بالسيانيد هو التسمم الناجم عن التعرض لعدد من أشكال السيانيد. والأعراض المبكرة: الصداع، الدوخة، زيادة معدل ضربات القلب، ضيق في التنفس، والقيء. ويمكن أن يعقب ذلك حالة طبية تعرف بالاختلاج وهي حالة تؤدي لانقباض لاإرادي لمجموعة من العضلات بشكل سريع ومتكرر، وقد ينتج عن ذلك انتفاضات لا إرادية، كذلك من اعراضه بطء معدل ضربات القلب، انخفاض ضغط الدم، فقدان الوعي، والسكتة القلبية. تبدأ الأعراض عادة خلال دقائق معدودة، و إذا نجا الشخص قد يكون هناك مشاكل عصبية على المدى البعيد. ومن ثم غاز(CR) هي مادة مسيلة للدموع ومسببة للشلل المؤقت كما يحدث السي آر حروقاً في الجلد في المناطق المرطبة بالعرق أو في حالة التعرض للشمس الحارقة. وقد يتسبب في حدوث سُعال شديد وقيء متواصل قد يفضي إلى الوفاة اذا كان تركيزه عاليا، كما يُذكر أن مذيب MiBK” الذي يستخدم في إذابة مادة (CR) لتحويلها إلى رذاذ هو مادة ضارة هي الأخرى، تتسبب في حدوث التهابات وحروق في الجلد وإلى تلف في خلايا الكبد.
مفارقات..

بكم نشتري الغاز المسيّل للدموع؟ تساؤل يجب أن يفكر فيه القائمين بالأمر الاقتصادي، والشُرطي قبل أن يلقي بمقذوفه في أوجه المحتجين، حيث تفيد متابعات (الجريدة) أن أسعار العبوة تتفاوت بين (١٨، ٣٠، ٥٣) دولار حسب الأسعار في العام ٢٠١٩م، حسب الأنواع المستوردة، بحسابات أولية سعر العبوة بقيمة (١٨) دولار أي ما يعادل (٨,١٠٠) جنيه، وحسب مراقبون فأنه يتم أطلاق أكثر من (١٠٠٠) عبوة في اليوم بمختلف مدن السودان، فأن التكلفة تعادل (٨,١٠٠,٠٠٠) جنيه في يوم واحد، أما إذا تم استخدام العبوة بقيمة (٥٣) دولار فإن القيمة تصل (٢٣,٨٥٠,٠٠٠) جنيه سوداني، وبحسابات بسيطة يمكن القول أن (٢) عبوة بمبان من النوع الرخيص تعادل مرتب شُرطي، ومُستهلك يوم من البمبان يعادل مرتبات أكثر من (٤٥٠) شُرطي. الصرف على القمع بـ(البمبان) خلال مواكب ديسمبر الـ(٥) إذا استثنينا القنابل الصوتية، الرصاص المطاطي، والرصاص الحي، والوقود والأعاشة يصل إلى (٤٠,٥٠٠,٠٠٠) جنيه سوداني.

اتفاقيات الحظر
في مفارقة ضخمة تستحق التفكر فيها ملياً يعتبر الغاز المسيل للدموع من الأسلحة الكيميائية التي يحظر استخدامها في حالات الحرب وتم التوقيع في عام 1925 على بروتوكول حظر استخدام الغازات بأنواعها كسلاح في الحرب من جميع دول العالم وهنالك إرشادات دولية من جانب الأمم المتحدة وأخرى من منظمات دولية أخرى تخص استخدام الغاز المسيل بالدموع لا تلتزم بها أغلبية دول العالم، ويلف الغموض والسرية أستخدامات جميع دول العالم الديموقراطية والدكتاتورية استخدام الغاز. وحسب تقرير منظمة العفو الدولية “يتصدر السودان قائمة الأستخدامات الصارخة للغاز المسيل للدموع من قبل الشرطة تجاه المتظاهرين إذ أطلقت قوات الأمن السودانية قنابل الغاز داخل جناح طوارئ بأحد المستشفيات أثناء الثورة ضد نظام عمر البشير”.. كما تستهدف القوات رؤوس المتظاهرين مباشرة مما يتسسب باصابات قاتلة او مستديمة في افضل الفروض ولازالت تستخدم نفس الأساليب حتى اللحظة.

معاناة مزدوجة
هل تمتلك قوات الشرطة المعرفة الكافية بخطورة استخدام الغاز؟ وهل تم تدريبهم على طرق استخدامه وتفادي تأثيراته على البشر؟ في رده على التساؤلات السابقة أفاد (ملازم أول) شُرطة (فضلّ حجب اسمه قائلاً).. ليس هناك تدريب بالمعنى الحقيقي لكلمة تدريب، ويتلخص في تركيب المقذوف وأطلاقه، الاصابات تقع أحيانا عن طريق الصُدفة أو في حال محاصرة الثوار للقوات، حينها يبحث الشُرطيون عن مخارج لتفادي اصابتهم، لكن ليس هناك استهداف مباشر من القوات للمواطنين، ألقاء العبوات داخل المنازل والمستشفيات خارج قدرة تحكمنا في المقذوف وغالباً التظاهرات تكون بالقرب من هذه المؤسسات مما يجعل التحكم صعباً، نحن نعاني أيضاً من آثار الغاز خاصة في حال ارجاعه لنا من قِبل الثوار والقُوة غير مجهزة بأدوات لتفادي استنشاق الغاز، وبعد يوم كامل من الأطلاق نتضرر كثيراً وتعترينا نفس الأعراض التي يعاني منها من هم في الجهة الأخرى.
(نواصل)
الجريدة

تعليق واحد

  1. انا لست متخصصا في القانون ولا بنتمي لحزب لكن بكل فخر انتمي لهذا الوطن واهله وخاصة شبابه اين دور نخب الوطن اغلبهم يقيمون باوربا امركا ويعملون بالامم المتحدة او مكاتبها لماذا لا ترفع مذكرات ضد القتلة وضد الدول التي تمول مصر الامارات اسرائيل

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..