من الجروف إلى خلف القضبان… مزارعو نهر النيل: أرهقتنا الديون والمحصول مهدد بالمخاطر

تقرير: منى فاروق
بعد مرور أكثر من شهرين عادت للسطح قضية مزارعي ولاية نهر النيل إلى السطح بشكل أقوى من وضعها السابق بإختلاف المكان والزمان، فهم مزارعون يعتمدون على التمويل الأصغر لتوفير مدخلات الموسم الزراعي إلا أن الموسم بدأ متعثراً نسبة لتأخر التمويل مما انعكس سلباً بتراجع الإنتاج.
وبالرجوع لأصل القضية نجد انها دأت في مطلع سبتمبر 2014 باعتصام مزارعي ولاية نهر النيل أمام مدخل مقر اتحاد عام مزارعي السودان فلم يمنعهم بعد المسافة بين نهر النيل والعاصمة الخرطوم من تحمل مشقة السفر في اثناء انقطاع الطريق القومي بسبب الأمطار الغزيرة والسيول الجارفة، وقد تجاوز عددهم (900) مزارع لم تجمعهم إلا مصيبتهم وأصبح الخيار إما الاعتصام لتوصيل قضيتهم أو دخول السجن.
أوضح ممثل مزارعي جنوب شندي عثمان جادين الحسن والبالغ عددهم (500) مزارع قائلاً: إن المشكلة تتكرر سنوياً ويعاني منها كل المزارعين في مختلف الولايات والتي تنعكس سلبياً بتراجع الإنتاج مما يضطر المزارعين لتقليل المساحات المزروعة والتي يلحظ أنها في انحسار مستمر، وقال قضيتنا تتمثل في التمويل وتراكم الدين علينا موسماً بعد الآخر حتى دخل عشرات المزارعين السجن بالرغم من نجاح المحاولات لإخراجهم عبر الضمانات إلا أنه لا يستبعد أن تتكرر المشكلة موضحاً بأن معظم المزارعين من ذوي الدخل المحدود والفقراء ويعتمدون في التمويل على المصارف والبنوك والتي تضع شروطاً تعجيزية للتمويل بالإضافة إلى تأخر منح التمويل الذي أدى إلى تأخر بداية الموسم مما ينعكس بتراجع الإنتاج وأحياناً لا يتناسب التمويل مع تكلفة مدخلات الإنتاج والتي ارتفعت إلى الضعف هذا العام فيقل العائد ولا يغطي التمويل ولا منصرفات (نفقات) الموسم ويقع المزارع في مصيدة الديون ثم يتقدم بطلب جديد وهكذا إلا أن يجد نفسه غارقاً في الديون بتراكمها ويصبح مطالباً قانونياً بسداد المبلغ أو السجن فيضطر إلى بيع المحصول بالكسر أو المزرعة وغيرها من الأصول إلى الجهات الممولة بسبب ارتفاع مدخلات الإنتاج حيث لا يجد المزارع تمويلاً كافياً لتغطية احتياجات الموسم مما يجعله يلجأ إلى الاستدانة وفي الغالب تتراكم الديون ويدخل المزارعون السجون ويوجد العشرات منهم وتابع قائلاً: نعاني أيضًا من مشكلة الضمانات التقليدية وعبرها يضيع حق المزارعين إذا كان المحصول والذي يباع بنصف الثمن أو الأرض الزراعية، مطالباً بتدخل الدولة في التمويل لحماية المزارعين عبر شرائها المحصول بشرط أن يكون السعر مجزياً، موضحاً أن اتحاد المزارعين يتفاعل مع الموضوع ولكن من دون معالجة جذرية للمشكلة التي تتكرر سنوياً للمزارعين.
أيضاً من المشكلات ضمانات التمويل غير الميسرة، وكذلك مشكلة التمويل في الوقت المناسب قبل بداية الموسم، مطالباً البنوك بمراعاة ظروف المزارعين والاهتمام بتمويلهم لضمان استمرار الإنتاج الزراعي.
ومن جانبه تحدث رئيس اتحاد مزارعي نهر النيل الرشيد فضل عن عدم مقدرة المزارعين على سداد التمويل، وقال: إن التمويل- دائماً- ما يكون قليلاً وغير كافٍ مقارنة مع السرعة التي ترتفع بها أسعار مدخلات الإنتاج فأسعار التقاوى المحسنة ترتفع بسرعة البرق كل موسم والمبيدات وكذلك آليات الزراعة ونظافة الأراضي والجازولين ورسوم الري وإيجار العمال الذي يأخذ نصف التمويل وحتى الحصاد مكلف ولا توجد مخازن مما نضطر معه إلى إيجارها أو عدم حصاد المحصول وتركه في الأحواض الزراعية حتى نجد أسعاراً مجزية تغطي تكلفة الإنتاج كما حدث لمحصول البصل والطماطم في العام الماضي، ولكن للأسف تلف المحصول ونحن الآن مطالبون بدفع التمويل والأسعار غير مجزية وتابع قائلاً: “إن هذه المشكلة متكررة في كل المناطق الزراعية لذلك يوجد مئات المزارعين في السجون، مطالباً الدولة بمراقبة أسعار مدخلات الإنتاج حتى يتمكن المزارعون من استرجاع التمويل، وأن يتم تنظيم المزارعين في جمعيات للتوسع في التمويل، وقال نحن في نهاية الموسم مستعدون للحصاد، ولا توجد سيولة كافية لتغطية تكاليف الحصاد مما سنضطر معه إلى بيع المحصول بالكسر لسداد الدين أو الاستعداد لدخول السجن، مطالباً اتحاد المزارعين بالتدخل، وحماية المزارعين.
وأبدى الأمين العام لاتحاد مزارعي السودان عبد الحميد آدم مختار انزعاجه مع عدم معالجة مشكلة مزارعي ولاية نهر النيل وأن تراكم الديون أصبح هاجساً يؤرق المزارعين، وقال أسباب تراكم الديون لقلة العائد المادي مقارنة مع مدخلات الإنتاج المرتفعة، مؤكداً تكرار المشكلة سنوياً، وتابع قائلاً المقدرات المالية للمزارعين محدودة مما يضطرهم إلى اللجوء إلى التمويل من البنوك والتي تفرض شروطاً تعجزية وفوائد فوق طاقة المزارعين، وما يفاقم المشكلة أن تكون أسعار المحصول غير مجزية، مؤكداً أن الاتحاد دائماً ما يكون تدخله فنياً بطرح المقترحات والتقريب بين الجهات الممولة والمزارعين، تتكرر المشكلة سنوياً في الموسم الصيفي والشتوي ومن دون إيجاد حل جذري إلا أن شكوى المزارعين لم تقف عند التمويل وتأخيره، فهم متخوفون من دخول السجن وضياع الموسم الزراعي، وأكدوا أن البنك الزراعي يقف إلى جانبهم ولكن بعد أن يقوم بشراء المحصول مقابل التمويل وإلزامهم في الموسم القادم بشراء التقاوى عبر نافذة البنك وهذا حكر وسياسات خاطئة في التمويل الزراعي.
التيار
تيعو في كيلو الطماطم ب 20000ج وربطة الجرجير ب 5000ج انتم اتعبتو المواطن ان شاء الله ناس الحومة يركبوكم