من قفص الخاصة إلى قفص العامة

عبدالعزيز السويد
صورة تاريخية لأول رئيس عربي يحاكم في بلده وبيد أفراد من شعبه، صورة الرئيس مبارك وهو على السرير الأبيض باللباس الأبيض ومعه إبناه يوم الأربعاء الماضي. وأسوأ ما حصل عليه مبارك هو إعلان الإسرائيليين تعاطفهم معه وحزنهم عليه، وهم بهذا «الوفاء» المصطنع والمنافق يؤكدون جملة اتهامات ضده، فما يتوافق مع مصالح إسرائيل يتعارض مع مصالح مصر والعرب، هذه حقيقة لا يختلف عليها اثنان.
كان الرئيس محمد حسني مبارك سجيناً، وهو في القمة قيدته الحلقة الضيقة من حوله بأسوار المصالح الشخصية والنفاق و«كله تمام يا أفندم». جعلته العزلة عن حقيقة أوضاع شعبه دمية في يد المحيطين به، استخدموه درعاً برغبته أو عدم رفضه، ثم تدحرج ليعود أسيراً لقفص الاتهام في القاع، من قفص الخاصة إلى قفص العامة، والحدث الكبير الذي نقل على الهواء مباشرة هو ما يحذر منه جملة من الرؤساء العرب، وخاصتهم الذين يقاتلون الآن للبقاء مستخدمين كل ما تصل له أيديهم من أسلحة، وبمشهد المحاكمة يمكن القول إن مصر تخطو الخطوات الأولى لتأسيس دولة القانون، والملاحظ أن مبارك لم تنفعه خاصته من السياسيين ورجال الأعمال ولا أميركا ولا إسرائيل، هذا المثلث الذي سيطر على سياساته وحدد اتجاهاته وحوله من بطل ساهم في حرب رمضان إلى ديكتاتور تفنن الشعب المصري في نقده، كان الإعلام المصري في السنوات الأخيرة من عهد مبارك يحفل بنقد غير مسبوق للحاكم وخاصته لكن كل هذا لم يحقق ثغرة في أسوار الغفلة، نسج طول أمد البقاء في السلطة والتعود عليها عازلاً صعب الاختراق فكانت الثورة، وكانت المحاكمة. والثوار المصريون الآن مدعوون – أكثر من أي وقت مضى – لتأمل رسالة نيلسون مانديلا لهم.
* * *
من اللافت، أن قناة «الجزيرة» أهملت تغطية اغتيال اللواء الليبي عبدالفتاح يونس ومرت عليه مرور الكرام، مع أن الغموض الذي يلف هذه الحادثة مادة إعلامية مغرية للنبش والتنقيب «والرأي والرأي الآخر». مدينة بنغازي مهد الثورة على نظام القذافي، التي وقع فيها حادث الاغتيال، لا شك تعج برجال الاستخبارات من كل الجنسيات تقريباً بمعنى أن كل حركة تحت الرصد والمتابعة، وهو وضع لا يتوافق مع سهولة نجاح الاغتيال بتفاصيله المثيرة.
* * *
يظهر أن هناك نية أممية لفتح ملف إريتريا، ففي تقرير للأمم المتحدة نقلته رويتر، ولم يسلط الإعلام الضوء عليه بالشكل الكافي، أكد مراقبون للأمم المتحدة «أن بعض العاملين في مخابرات إريتريا لهم نشاط في أوغندا وجنوب السودان وكينيا والصومال، وأن ما تفعله إريتريا يهدد الأمن والسلام في المنطقة».
www.asuwayed.com
دار الحياة