أهم الأخبار والمقالات

ما انعكاسات الفيتو الروسي على حرب السودان؟

ملخص

عكس الفيتو الروسي ضد مشروع قرار مجلس الأمن نهج الكرملين الاستراتيجي الأوسع، إذ ظل يقاوم القرارات المدعومة من الغرب ويعدها “تدخلية”.

استخدمت روسيا حق النقض ضد مشروع قرار في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، اقترحته بريطانيا، لوقف الأعمال العدائية في السودان والتمهيد لحوار يؤدي إلى خفض التصعيد، والاتفاق على وقف لإطلاق النار، وحماية المدنيين من الحرب المشتعلة هناك منذ أبريل (نيسان) 2023 بين قوات الجيش بقيادة الفريق عبدالفتاح البرهان، وقوات “الدعم السريع” بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي).
وفي حين تعرض الفيتو الروسي لانتقادات، منها وصف وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي بأنه “مشين ويظهر مجدداً للعالم الوجه الحقيقي لروسيا”، تعللت روسيا بمخاوفها في شأن انتهاك السيادة الوطنية للسودان وسلامة أراضيه. كما انتقد نائب المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة، ديميتري بوليانسكي، القرار وشكك في فاعليته. ورأى أنه لا ينبغي للمجلس أن يفرض هذا الاتفاق بطريقة “متبلة بنكهة استعمارية”، وأنه سيعمل على تفويض السلطة إلى جهات فاعلة غير حكومية، مما يعد تقويضاً للحكومة السودانية “الشرعية”.
وهذه ليست المرة الأولى التي تتخذ فيها روسيا موقفاً سلبياً ضد قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالسودان هذا العام، إذ امتنعت عن التصويت على قرارين سابقين أيدتهما 14 دولة. الأول، في مارس (آذار) الماضي، وكان قد دعا إلى وقف فوري للأعمال القتالية خلال شهر رمضان. والثاني في يونيو (حزيران) الماضي، وكان قد طالب بوقف حصار قوات “الدعم السريع” لمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور. وطالب القراران معاً بإتاحة وصول المساعدات الإنسانية بصورة كاملة وسريعة وآمنة ومن دون عوائق.

عرقلة التحركات

حين تساءل ديفيد لامي “كم عدد السودانيين الذين يجب قتلهم، وكم عدد النساء اللاتي يجب اغتصابهن، وكم عدد الأطفال الذين يجب حرمانهم من الطعام قبل أن تتحرك روسيا؟”، كان نحو 25 مليون شخص، أي نصف عدد سكان السودان، يحتاجون إلى مساعدات مع انتشار المجاعة في مخيمات النازحين، بحسب ما أوردت الأمم المتحدة. وقدرت من فروا من منازلهم بنحو 11 مليوناً، منهم 3 ملايين لجأوا إلى بلدان أخرى.
يذكر أنه في سبتمبر (أيلول) الماضي كان مجلس الأمن الدولي قرر تمديد العقوبات المفروضة على السودان منذ عام 2005، لمدة عام آخر، ونص القرار 1591 على “فرض حظر على الأسلحة، وعقوبات ضد بعض الأفراد والمؤسسات المشاركة في الصراع في دارفور”. وحظي مشروع قرار التمديد الذي قدمته الولايات المتحدة بإجماع الأعضاء الـ15 في مجلس الأمن. ونص على “تمديد العقوبات التي تشمل حظر الأسلحة على البلاد، وحظر سفر بعض الشخصيات والمؤسسات، وتجميد الأصول حتى الـ12 من سبتمبر 2025.

حسب الأمم المتحدة هناك نحو 25 مليون شخص يحتاجون إلى المساعدة في السودان مع انتشار المجاعة في مخيمات النازحين

انتقاد أميركي

وربطت مندوب الولايات المتحدة الدائم لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد بين هذا القرار والقرارات السابقة، قائلة إنه “من المذهل أن روسيا استخدمت حق النقض ضد جهود إنقاذ الأرواح، على رغم أنه ربما لا ينبغي لها ذلك”. وأضافت أن “روسيا عرقلت وأعاقت على مدى أشهر تحرك المجلس لمعالجة الوضع الكارثي في السودان ولعبت على كلا جانبي الصراع، لتعزيز أهدافها السياسية على حساب أرواح السودانيين”.
أما مشروع القرار البريطاني فدعا طرفي النزاع إلى “احترام الالتزامات التي تم التعهد بها في عام 2023 لحماية المدنيين، وعدم استخدام العنف الجنسي كتكتيك حرب، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية بسرعة وأمان وبلا عوائق”. وطالب مشروع القرار قوات “الدعم السريع” بوقف هجماتها فوراً في مختلف أنحاء السودان، كما طالب الطرفين المتحاربين بوقف الأعمال القتالية فوراً.
وعلى غير المتوقع، أيدت الصين حليفة روسيا مشروع القرار، وأشار السفير الصيني لدى الأمم المتحدة فو كونغ إلى الخسائر المتزايدة في الحرب والوضع الإنساني “المزري بصورة متزايدة”. وقال “تؤيد الصين تحقيق وقف إطلاق النار الفوري وتهدئة الوضع من أجل حماية المدنيين. لذلك، صوتنا لمصلحة مشروع القرار”.

دوافع روسيا

وعكس حق النقض (الفيتو) الروسي ضد مشروع قرار مجلس الأمن نهج الكرملين الاستراتيجي الأوسع، إذ ظل يقاوم القرارات المدعومة من الغرب ويعدها تدخلية. وفي الغالب، عمدت موسكو إلى ذلك، لتعزيز علاقاتها السياسية والاقتصادية مع قوات الجيش السوداني بعد تذبذبها خلال وقت مضي، ما بينه وبين “الدعم السريع”.

يرجع المتخصص في مجال السياسة الخارجية بالجامعات السودانية، عبدالرحمن أبو خريس، لجوء روسيا إلى استخدام حق النقض، إلى عوامل عدة بعضها يرتبط بالداخل السوداني وأخرى ذات طابع خارجي.
ويشير أبوخريس إلى أنه “على مستوى العلاقات الثنائية السودانية – الروسية فقد أصبح لدى روسيا مصالح وتطلعات معلومة ترتبط بمشروعات كبيرة في مجالات الموانئ والذهب والبترول، إلى جانب مشروعات إعادة الإعمار ما بعد الحرب”.
أما على المستوى الخارجي بحسب أبو خريس، فقد سعت روسيا من خلال استخدامها الفيتو في مواجهة جميع أعضاء مجلس الأمن إلى تعزيز مكانتها الدولية وبدت أكثر تعاطفاً مع الدول الأفريقية بما يكسبها أرضية كبيرة في القارة الأفريقية وهو بالضبط ما تبحث عنه في هذه المرحلة. وتابع “يبدو أن روسيا أجرت حسابات كثيرة وكبيرة وجيدة بالنسبة إلى مستقبل علاقاتها الخارجية بالسودان وأفريقيا عموماً في استخدامها حق النقض في مواجهة مشروع القرار البريطاني، مستفيدة من التغييرات التي أفرزتها الانتخابات الأميركية وفوز الرئيس الجمهوري دونالد ترمب المعروف بصداقته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وموقفه المعلن من الحرب الروسية – الأوكرانية وتوجهاته الإيجابية تجاه روسيا، وهو ما سيشجع روسيا على التمدد في القرن الأفريقي، كون الإدارة الجمهورية الجديدة لا تمانع في التمدد الروسي بالمياه الدافئة شريطة ضمان مصالحها”

وأشار أبو خريس إلى أن “استخدام حق النقض يهيئ لروسيا المسرح السوداني الداخلي ويفتح الأبواب مبكراً أمام شركاتها، ويجعل الملف السوداني الخارجي ضمن أجندة السياسة الخارجية الروسية مستقبلاً، وتبدو في ذلك وكأنها قرأت الساحة السياسية السودانية الداخلية بصورة جيدة في دفاعها عن سيادة الدولة الحالية وشرعية الحكومة القائمة”. وأضاف الأكاديمي أن “المندوب الروسي استفاد من التناقضات التي تضمنتها صياغة المشروع البريطاني، وقدم مسوغات تبدو منطقية لقرار بلاده استخدام حق النقض في إجهاض مشروع القرار، كونه يلمح إلى عدم الاعتراف بالحكومة القائمة حالياً في السودان، بينما هي المنوط بها التعاون في تنفيذ القرار حال مروره”.

كسب الوقت

وجاء ترحيب الجيش السوداني باستخدام روسيا حق النقض في مجلس الأمن معبراً عن الإشادة بموسكو أكثر من كونه “التزاماً بمبادئ العدالة واحترام سيادة الدول والقانون الدولي” كما جاء في ثنايا حديث السفير السوداني لدى الأمم المتحدة، الحارث إدريس، الذي قال إن الخرطوم مستعدة للتعاون مع جميع الدول المستعدة لإدانة قوات “الدعم السريع” والميليشيات المتحالفة معها، ووقف تدفق الأسلحة إليها، و”احترام سيادة السودان من خلال تنفيذ خطة لحماية المدنيين”. وأضاف أن “السودان في معركة وجودية إذ الخيارات محدودة. إما أن يظل السودان حراً ومستقلاً وموحداً، أو يختفي”.
من جانبه قال الصحافي كمال الطيب إنه “منذ أن نفذ الفريق عبدالفتاح البرهان انقلابه على الحكومة المدنية بقيادة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك في أكتوبر (تشرين الأول) 2021، ظل يبحث عن الشرعية، ويمكن للفيتو الذي استخدمته روسيا أن يمكن الجيش ويعزز وجوده باعتباره سلطة أمر واقع”. وأضاف الطيب، “كما يمكن أن يستفيد الجيش من كسب الوقت لإحكام سيطرته على البلاد، خصوصاً أن هناك مناطق تسيطر عليها قوات ’الدعم السريع‘، ويأمل الجيش أن تمتد سيطرته لاستعادتها والتحرك بحرية، وأن يكون مسؤولاً عن فتح مسارات آمنة لمرور المساعدات وتوزيعها من دون تدخل ’الدعم السريع‘، مما يسمح له باستخدامها كوسيلة ضغط في الصراع. ومن شأن الفيتو الروسي أن يعوق هذه الرقابة حتى يحقق تقدماً على ’الدعم السريع‘”.
وأشار الطيب إلى أن “المطلب الحالي للجيش هو إبعاد شبح نشر قوات أممية سواء للسماح بمرور المساعدات أم الإشراف على وقف إطلاق النار”. ورأى أن “أفضل من يدعم الجيش في منع التدخلات الدولية هي روسيا، فإضافة إلى استخدام الفيتو، يساعد دعمها الجيش على مقاومة العقوبات المحتملة أو العزلة الدولية، والحفاظ على قدراته العملياتية والاقتصادية”. وأضاف أن “الفيتو الروسي يمنع أو يؤجل التدقيق على موارد الجيش، خصوصاً بعد استعادة العلاقات الدبلوماسية مع إيران، والعلاقات الاقتصادية والعسكرية أيضاً، تمثلت في مد طهران الجيش السوداني بطائرات مسيرة، رصدت خلال الاشتباكات بين طرفي النزاع قبل أشهر في مدينة أم درمان”.

عزلة دبلوماسية

في المقابل، استنكرت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” الفيتو الروسي، ووصفته بأنه يشكل غطاءً لاستمرار المذابح في السودان، ويعوق جهود التصدي لأكبر مأساة إنسانية في العالم، ويترك الشعب السوداني يرزح تحت شبح الجوع والمرض والفقر.
وأوردت المحامية وصال عبدالله هذه الخسائر في أن “الفيتو يمنع فك حصار ’الدعم السريع‘ المفروض على مناطق مثل مدينة الفاشر، مما يعوق وصول المساعدات الإنسانية إليها”. ورأت أنه “إذا لم ينجح المجتمع الدولي في أكثر المناطق حاجة إلى هذه المساعدات، فإن تصاعد الأزمة الإنسانية سيؤدي إلى تآكل الدعم المدني الذي تتمتع به قوات ’الدعم السريع‘، ولن تكون مصدر ثقة بالنسبة إلى بعض القوى السياسية التي كانت تعول عليها لمساندتها في القضاء على تنظيم الإخوان المسلمين، كما سيتلاشى الوضع المنوط بـ’الدعم السريع‘ إذا كان المجتمع الدولي يضعه في كفة واحدة مع الجيش، عندما كان هناك أمل في عقد حوار يفضي إلى وقف إطلاق النار”. وواصلت عبدالله، “من ناحية أخرى، على رغم استعداد قوات ’الدعم السريع‘ لمتابعة القتال، لكن بعض القيادات بدأت ترى في طول أمد القتال مزيداً من الخسائر، لا سيما مع نضوب مواردها واحتمال فرض عزلة دبلوماسية عليها، إذا فقدت تعاطف القوى المدنية، ومن ثم قدرتها على الدفاع عن الديمقراطية”.

مناهضة القرارات

ويؤشر الفيتو الروسي واستخدام موسكو الدائم له إلى انقسامات عميقة داخل مجلس الأمن، كذلك فإن دفاع روسيا عن موقفها وتبريره بأحاديث عن السيادة يندرج ضمن إطار مواجهتها النفوذ الغربي، إذ إن منع المبادرات المدعومة من الغرب يسمح لروسيا بجذب دول الجنوب المناهضة للاستعمار الحديث. وقد يكون تعطيل القرار مستهدفاً به الغرب وبريطانيا أكثر من الوقوف مع السودان، ورسالة روسيا هنا هي أنه يمكنها أن تعمل كل ما بوسعها للرد على الغرب وحلف الناتو لموقفهم من الحرب الروسية – الأوكرانية، لا سيما أن موسكو في هذا التوقيت نفذت هجمات أخرى.
وتخشى موسكو أن الموافقة على قرار وقف إطلاق النار ستسمح بدخول قوات أممية تشرف على العملية إذا لم يمتثل طرفا النزاع إلى تنفيذه، وذلك يعني تهديد الوجود الروسي ليس في السودان وحسب، وإنما في أفريقيا خصوصاً جنوب الصحراء، لا سيما بعد تكوين تحالف بين بوتين وجنرالات دول الساحل الثلاث (النيجر ومالي وبوركينا فاسو). كما أنها تطمح إلى ترسيخ قاعدة لدى السودان وغيره من الدول الأفريقية قائمة على مناهضة قرارات مجلس الأمن لا سيما إن كانت تتعارض مع مصالحها في القارة السمراء.

اندبندنت عربية

‫2 تعليقات

  1. (1)
    المشروع لو كان المقصود منه حماية المدنيين كان يجب أن يذكر الجهة التي تقوم بأعمال عدائية تجاه المدنيين وتسميه وتدينه وتطلب منه وقف تلك الأعمال وتطلب من مجلس الأمن تصنفيها جهة إرهابية ومساعدة السلطات الرسمية في الدولة للقضاء عليها، ولكن المشروع مقصود به حماية تلك الجهة من الهزيمة بتجميد الحرب في هذه النقطة بإشراف قوات دولية، ليحتفظ الجيش بالمناطق التي يسيطر عليها، وتحتفظ مليشيا الدعم السريع بالمناطق التي تسيطر عليها من اجل التفاوض بها مع الجيش، فإما أن يعترف الجيش بالوجود الشرعي للدعم السريع في الساحة العسكرية والسياسية ومقاسمتها السلطة ومعها حاضنتها السياسية المتسلقة على ظهرها (قحتقدم)، وإما أن يستمر التقسيم القائمإلى مالا نهاية مثلما هو حاصل في ليبيا واليمن والصومال وسوريا، والقوات المتدخلة ليست لها صلاحية أخراج أي (طرف) من مناطق سيطرتها. فأين مصلحة الشعب السوداني عندما تأتي قوات دولية لمنع الجيش السوداني والشعب من طرد محتلي البيوت والقرى والمدن التي تحتلها، وتجميد الوضع على ما هو عليه؟
    (2)
    إمتناع روسيا عن التصويت على الهدن في رمضان وغيرها لم يعطل إصدار قرارات الهدن، ولكن كانت روسيا بذلك تلفت نظر إلى أن هدف (شركاء الحرب على السودان) من الهدن لم يكن لمصلحة المواطن أو من أجل وقف الحرب ولكن كان هدفهم إستفادة المتمردين منها كإستراحة محارب يمارسون خلالها التوسع في احتلال البيوت والأعيان المدنية، ويستريحون ويغتصبون الحرائر، ويتزودون بالسلاح والذخيرة والطعام والشراب ويخططون لمعارك ما بعد الهدن، وليس الهدف منها على الإطلاق مساعدة المدنيين أو وقف الحرب، وكل الهدن كان يلتزم بها الجيش دون التمرد.
    الغاية الكبرى (لحلفاء دعم المليشيا المتمردة وحاضنتها السياسية قحتقدم) هو تفكيك الجيش السوداني وإبداله بمليشيا الجنجويد وحاضنتها السياسية، لأنهما الجهة الوحيدة التي تضمن لهم تحقيق مصالحهم في السودان المدمر، فهم يقبلون كل ما يُملى عليهم من داعميهم الذين ساعدوهم في الوصول إلى السلطة بلا مجمجة ولا كلمة (بغم).
    (3)
    أما إعتراض روسيا على مشروع القرار الأخير فلأن المشروع ساوي بين الجيش الشرعي ومليشيا الجنجويد وسماهم (الطرفين) ونسب الإنتهاكات إليهما (بالتساوي) على الرغم من أن الجيش لا يمارس الإنتهاكات إلا ما كان فرديا أو عن خطا، كما طالب مشروع القرار بفرض حظر السلاح في دارفور على كلا الطرفين، وهذا لا يمكن أن يقبل به أي جيش في العالم أو أي وطني قلبه على بلده وإن قبله الكرزايات الخونة.
    (4)
    حين التساؤل المنافق للمندوب البريطاني ديفيد لامي عن “كم عدد السودانيين الذين يجب قتلهم، وكم عدد النساء اللاتي يجب اغتصابهن، وكم عدد الأطفال الذين يجب حرمانهم من الطعام قبل أن تتحرك روسيا؟” كان يجب أن يوجهه إلى دولته قائلا: “كم من السودانيين يجب قتلهم وتشريدهم واغتصابهم وقتلهم جوعها وكم من البنية التحتية يجب أن تدمر وكم من الممتلكات العامة والخاصة يجب أن تُنهب قبل أن تتحرك بريطانيا وصويحباتها للطب من دويلة الشر التي تبتزهم بالعقود وحقائب البترودولار إيقاف هذه الحرب بوقف دعم مليشيا الجنجويد وحاضنتها السياسية الخائنة وتزويدهم بالمال والسلاح وترتيب اللقاءات لهم ونقلهم والتكفل بإقامتهم في الفنادق البريطانية والأوربية للإجتماع مع أركان الحكومة البريطانية للتنسيق والتآمر على السودان؟”
    (5)
    أما مندوبة الولايات المتحدة الدائم لدى الأمم المتحدة ليندا توماس التي إنتقدت روسيا على اعتراضها على غزو دولة ذات سيادة بقوات أممية وزعمت أن “روسيا عرقلت وأعاقت على مدى أشهر تحرك المجلس لمعالجة الوضع الكارثي في السودان”، وصمتها عن حليفتها العربية التي تدعم مليشيا الجنجويد دبلوماسيا وسياسيا وتمدهم بالسلاح والمال والمرتزقة فيقال لها:
    أيهما الفيتو الأخزى والأنكى: فيتو منع التدخل الأجنبي في السودان لتجميد الحرب وتقاسم الجغرافيا بين الجيش الوطني والتمرد للتفاوض على التموضع العسكري والسياسي، ، أم الفيتو الأمريكي الذي وقف ضد وقف القتل من طرف واحد من قبل إسرائيل للمدنيين الأبرياء العزل من الأطفال والنساء والرضع والمرضى في المشافي والمساجد والشيوخ، وحتى الواقفين في صفوف الطعام والماء الذين بلغ تعدادهم حتى اليوم اكثر من خمسين ألف قتيل مدني أعزل ومائة وخمسين ألف مبتور الرجل أو الرجلين واليد أو اليدين ومفقوع العين أو العينين أو مقطوع من خلاف فضلا عن تشريد أكثر من 4 مليون مدني في غزة؟
    التدخل الأجنبي الذي أوقفته روسيا لا يوقف الحرب، إنه فقط مصمم لتجميد الحرب بوضعه الحالي من أجل تكريس تقسيم السودان بين الجيش والدعم السريع وحاضنتها السياسية قحتقدم، ما يوقف الحرب في السودان فورا هو إلزام الحليف العربي للولايات المتحدة الداعمة للمليشيا بالمال والسلاح والمرتزقة بوقف ذلك، فلماذا لا تفعل ذلك؟
    أما الفيتو الأمريكي الذي أبطل الإبادة الجماعية المستمرة منذ عام في غزة ثم الضفة الغربية واخيرا لبنان فهو إعتراض على وقف الإبادة الجماعية لا غير. وهو توصيف المحكمة ا لجنائية الدولية التي أصدرت الخميس مذكرة إعتقال بحق القائمين بها.

    (6)
    وموسكو باعتراضها على التدخل الأممي في السودان وقفت في الجانب الصحيح من حيث الواقع ومن حيث الأصول، فالمصالح (المشروعة) بين الدول تحققها الجهات الشرعية وليست المليشيات المتمردة على الشرعية كما تفعل الدول الداعمة للجنجوقحت بالمال والسلاح والمرتزقة لتفكيك الجيش السوداني الشرعي وإحلال المليشيا التمردة مكانه ليسهل عليها إبتزازها كما فعلت في ليبيا واليمن والصومال وسوريا ومصر.
    ونحن نسأل مندوبة الولايات المتحدة ليندا توماس، هل قبلت أو تقبل دولتها بمشاريع قرارات حماية مواطني فلسطين المحتلة بقوات دولة على الرغم من أن أسرائيل دولة محتلة؟
    فكيف تريدنا أن نقبل بقوات تحتل بلادنا ونحن دولة مستقلة ذات سيادة لم نعتد على دولة أخرى؟
    أليس هذا هو النفاق بعينه والكيل بمكيالين؟
    (7)
    الصين أيدت القرار من أجل مصلحتها، على الرغم من أن القرار فيه ضرر للسودان وما كانت لتقبله لو كان تدخلا في الصين من اجل حماية شعب الإيغور المحتل، لكنها وقفت هذا الموقف المخزي من أجل مصالحها، فهي أكبر مستورد لنفط دويلة الشر، وأكبر متبادل تجاريا معها، وهي كذلك تريد إرضاء حاكم البيت الأبيض الجديد ترامب حتى يقدم لها تنازلات فيما يخص الضرائب على صادراتها إلى امريكا وفيما يخص الموقف الأمريكي من تايون، وهي تعلم أن ترامب رجل الصفقات (رجل بروغماتي مصلحجي) لن يكون متشددا وحريصا على الدفاع عن إستقلال تايون إذا ما وجد أن الصفقة مع الصين أنفع لإقتصاد بلده، وسيكون موقفه من إحتلال الصين لتايوان باردا مثل موقفه عن إحتلال روسيا الأراضي الأوكرانية، فلماذا لا تقدم له السبت؟.
    (8)
    البرهان ونائبه صححا أخطاء ومخالفات (حكومة وضع اليد وسلطة السفارات) وفكا شراكتهما الخاطئة مع القحاطة ، ولم ينقلبا على أحد، الإنقلاب لا يكون إلا على حكومة منتخبة ديمقراطيا، فهل كانت حكومة حمدوك القحتية كذلك؟
    والبرهان لا يحتاج إلى الفيتو الروسي لتكريس حكمه الواقعي على السودان أو تحقيق الإعتراف الدولي، فجميع دول العالم تعترف وتتعامل مع سودان البرهان، حتى الدويلة الداعمة للتمرد والتي أجبرت سفير السودان لديها أخيرا للتمرد على الدولة السودانية، وجميع المنظمات الدولية ومنظمات الأمم المتحدة ومجلس الأمن يعترفون بحكومة الأمر الواقع البرهانية ويتعاملون معها مثلما يتعاملون مع بقية دول العالم، المليشيا وحاضنتها السياسية قحتقدم هي التي تبحث لها عن إعتراف دولي غير موجود ولن يوجد.
    (9)
    يبدو أن المحامية وصال عبدالله قد نسيت أن روسيا كانت قد وافقت على قرارا صدر من مجلس الأمن يأمر مليشيا الجنجويد بوقف قصف وحصار الفاشر منذ 7 اشهر، فهل ذلك القرار الذي لم تعترض عليه روسيا (سمح بفك حصار ’الدعم السريع‘ المفروض على مناطق مثل مدينة الفاشر؟)
    بالطبع لا، إذا ما الذي يجعل الدعم السريع يفك الحصار عن مدينة الفاشر إذا لم تعترض روسيا على هذا القرار الأسوأ وهي تعلم أن القوات المقترح تدخلها لا تملك تفويضا بقتال أي طرف أو إبعاده عن مواقع سيطرته؟
    كل ما يمكن أن تفعله القوات الدولية التي تريد بريطانيا ودويلة الشر الداعمة للتمرد هو تمرير مشروع في مجلس الأمن يجمد الحرب بين (الطرفين) على ما هو عليه، ولكن لا صلاحية لها لتحرير المناطق المحتلة من مليشيات المرتزقة الغازية، وهذا هو المقصود من القرار حسب سوابق هذه الدويلة وخبراتها المتراكمة في تقسيم الدول العربية بين جهات شرعية وبين مليشيات متمردة (ليبيا واليمن والصومال وسوريا نموذجا) .
    (10)
    كما نقول للسيدة المحامية: “ومتى كانت قوات الدعم السريع “إمتلكت القدرة على الدفاع عن الديمقراطية؟” ومتى “حازت على تعاطف القوى المدنية السودانية الوطنية” يا أيها المحامية وصال؟
    هل درست يوما أن الديمقراطية يمكن الدفاع عنها بالإغتصاب والقتل وتهجير المدنيين أصحاب المصلحة من بيوتهم واحتلالها ومن خلال النهب والسرقة والتدمير وحرق الناس أحياء ودفنهم أحياء؟ أين قرأت ذلك؟

    (11)
    فليكن “تعطيل القرار روسيا مستهدفاً به الغرب وبريطانيا أكثر من الوقوف مع السودان” فنحن مثل كل دول العالم نبحث عن مصالحنا ومن يقف معنا في تحقيق تلك المصالح، ولا يهمنا نوايا من وقف معنا، فإذا تقاطعت مصالحنا ومصالح من يدعمنا فذلك خيرٌ وبركة، فلا يوجد في العالم من ينفع الآخرين ويضر نفسه غير مليشيا الجنجويد وحاضنتها السياسية قحتقدم!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..