الشعبي. .. بوادر مفاصلة

نبض المجالس
هاشم عبد الفتاح
الشعبي ..بوادر مفاصلة
مع ان كل اجواء ما بعد الحوارالوطني كما يبدو تتمحور حول فكرة حكومة وفاق وطني تتقاسمها المجموعة التي جلست تحت قبة قاعة الصداقة الا ان حزب المؤتمر الشعبي الموصوف بانه عراب هذا الحوار يحاول الان غسيل يديه من أي فكرة تقود حزبه للمشاركة في الحكومة المرتقبة هذا ما صرح به الامين العام للمؤتمر الشعبي الشيخ ابراهيم السنوسي في صحافة الامس .
صحيح ان هناك تيارا عريضا من الشعبي يقف ضد فكرة هذه المشاركة وصحيح ايضا ان تيارا اخر يساند فكرة الدخول في حكومة ما بعد الحوار باعتبار ان المؤتمر الشعبي صاحب القدر الاوفر في صناعة الحوار وبالتالي فان هذه المجموعة الباحثة عن مشاركة ربما تتخوف من ان يسرق الاخرين مخرجات هذا الحوار خاصة ان المؤتمر الشعبي كان قد دفع بحزمة من التوصيات المحورية والتي تمت اجازتها عبر الامانة العامة للحوار الوطني ابرزها المطالبة بحكومة انتقالية واقرار مبدأ انتخاب الولاة بالاضافة الي المطالبة بتعديل وضعية ومهام ومسوؤليات جهاز الامن الوطني فتلك هي من القضايا التي اثير حولها جدلا كثيفا ليس داخل قاعة الصداقة فقط وانما حتي علي مستوي القوي السياسية غير الحليفة , فيما تشير التنبؤات والتسريبات السياسية الي ان المؤتمر الشعبي في طريقه الي الانقسام الي تيارين هما تيار المشاركة في الحكومة وتيار الممانعة وان استمرار تمترس كل تيار في خندقه ربما يقود الي مفاصلة داخلية خاصة ان بعض التسريبات داخل مكونات الشعبي تتحدث الان عن حالة عدم رضاء او بالاحري عدم توافق مع الامانة الحالية كما يتحدث اخرون عن “هرولة” غير مبررة من جماعة الشعبي ناحية اسوار المؤتمر الوطني وهؤلاء يعتقدون ان بعض القضايا التي عجلت بالمفاصلة الشهيرة بين الوطني والشعبي لازالت عالقة ويمكن الاستشهاد علي حالة عدم الرضاء هذه بانزواء بعض قيادات الصف الاول عن واجه الحزب منذ رحيل الشيخ حسن الترابي .
تصدعات “القلعة الحمراء”
ما الذي جري للقلعة الحمراء للحزب الشيوعي بالخرطوم (2) حتي تتصدع بهذا الشكل المثيرو الخطير ؟ !, فاكثر من 19 طبيب من القيادات الحية بالحزب الشيوعي منهم من هم اعضاء باللجنة المركزية تتخلي عن ماركسيتها وتقفز خارج القلعة لاعتقادات تظن انها منطقية عجلت فيما بعد بهذا الخروج.
هؤلاء الغاضبين قالوا في مرافعتهم وبيانهم للراي العام ان حزبهم اصيب بالردة الفكرية والمنهجية وتخمة القيادة وان الذين يجلسون داخل “الكابينة المركزية” الان يمارسون فضيلة التصفيات السياسية بابشع ما يكون , الامر الذي اعطي صورة شائهة لهذه الحزب في مسيرته منذ حقبة الاربعينيات .
والذين يؤمنون بنظرية المؤامرة فانهم يعتقدون ان الذي حدث بالامس داخل القلعة الحمراء من استقالات جماعية لمجموعة حية داخل الحزب يرجحون ان تكون هذه الظاهرة اثيرة تفاعلات وتداخلات خارجية يمكن فهمها في سياق الاغتيالات السياسية التي دائما ما تنشط في اجواء الصراعات الفكرية سواء بين الافراد او الجماعات فالحزب الشيوعي يعتبر ضمن القوي التي تقع داخل دائرة الصراع الفكري مع الاخرين علاوة علي ان الشيوعيون السودانيين ربما يشكلون الان جبهة معادية ضد أي محاولة لتمدد ما يسمونه بالاسلام السياسي في السودان ويقفون كذلك في الضفة الاخري للحوار الوطني , كما ان الحزب الشيوعي يواجه ايضا تداعيات حالة من الاحتقان والتشظي الداخلي منذ ابعاد مجموعة الدكتور الشفيع خضر بقرار من اللجنة المركزية قبيل انعقاد المؤتمر السادس للحزب الشيوعي ولذلك فان الاحاطة بكل هذه المعطيات ربما يعطي تفسيرا منطقيا ومقبولا لظاهرة هذه التصدعات داخل “قلعة الرفاق ” . ولكن يبقي السؤال ..هل يمكن لمجموعة الدكتور الشفيع خضر أي دور للتاثير علي مجموعة الاطباء ؟ .
الوثيقة “الممزقة”
ليس في الامر عجب ولا غرابة ولا ادهاش ان تظل بلادنا علي مدي سنوات عجاف من الحكم الوطني وهي بلا وثيقة دستورية ولا حتي رؤية متفق عليها للحكم طالما ان هذه الوثيقة صنعتها امزجة النخب السياسية وغابت عنها قطاعات الشعب بتكويناته الاجتماعية والدينية والحرفية , ومع هذا التباين في مزاجات السياسيين والتحولات في انظمة الحكم تتبدد كل محاولات البحث عن ارادة موحدة لانتاج دستور سياسي يدير شان الدولة الي آجال محدودة يمكن ان تتعافي معه الدولة من بعض امراضها القديمة لكن يبدو انه كلما عكفت نخبة او نظام سياسي الي صياغة هذه الوثيقة الدستورية سراعان ما تتقافز بعض المجموعات “الطامحة” للوصول الي عرش الدولة في صراع ازلي لا قدسية فيه ولا وفاء لوطن او شعب .
وبالرجوع الي تجاربنا السياسية السابقة فان القراءة الفاحصة والدقيقة حول ادبياتها وعطاءها فهي تكشف بجلاء ان كل هذه التجارب التي انتجتها النخب السياسية اوحتي العسكرية لم يكن فيها حرص علي بناء حكم رشيد تستند اركانه علي قاعدة جماهيرية لها الحق الكامل في تحديد خياراتها لحكم البلاد ولهذا غاب دورهذه الجماهير او بالاحري تم تغييبها من أي محاولة لصياغة دستور دئم للسودان بل حتي قراراتنا المصيرية الكبري صنعتها النخب, فالسودان الان يحكم بدستور 2005 وهو دستور محدود وموصوف بفكرة مشروعين (مشروع الحركة الشعبية المبني علي فكرة السودان الجديد والمشروع الثاني هو مشروع المؤتمر الوطني وهو مشروع قائم علي برامج ومفاهيم اسلامية ) ولهذا فان كلا المشروعين غابت فيهما تماما قيمة المشاركة او الارادة الشعبية وبالتالي فان الدستور الحالي يواجه ذات المصير الذي واجه التجارب الدستورية السابقة التي اجهضت في ليلها قبل ان يطل فجرها , ربما تنتظر بلادنا كثيرا حتي يفتح الله لها باول حكومة ذات “عمق” قومي حقيقي لتتولي مهمة البحث عن دستور دئم تصنعه الشعوب وتحرسه الدولة .
غاز “ودية” وضحايا
لم يعد لسلعة ” غاز الطهي ” كابح لجنون اسعارها وانفلاتاتها المتكررة والا لما استمرت في قوتها وجبروتها تستقوي يوما بعد يوم في ظل غياب سلطان الدولة والياتها الرقابية رغم ان اسقاطات هذه الحالة الانفلاتية سينعكس وبشكل مباشر علي الحالة السياسية العامة في البلاد وبالتحديد علي حجم الامال والرجاءات والتطلعات التي رسمتها مخرجات الحوار الوطني علي واقع السودانيين في مقبل ايامهم .
لكن يبدو ان التقصي في ابعاد ازمة الغاز هذه ربما يعطي انطباعا قويا بانه لا امل في صلاح اقتصادي ولا حتي سودانا جديدا فالقضية اذن وبالرغم من بساطتها وامكانية معالجتها باجراءات سهلة او مقدور عليها الا انها ظلت هكذا عصية علي الحلول ولهذا لم يعد هناك سقفا او استقرارا ليس لاسعار الغاز فقط في بلادنا وانما كل السلع والمستهلكات اليومية والضرورية ذات الدرجة الاولي من حاجيات المواطن هي ايضا في جنون وفوضي لا يلجمها حاكم ولا يردعها قانون .
ولعل اخطر ما في هذه الزيادات انها ربما في هذه المرة ( أي الزيادة الثالثة) كانت نتاج للقرار الخطير والمثير الذي كان قد اصدرته وزارة العدل الشهور القليلة الماضية والذي بموجبه تم رفع قيمة الدية من 30 مليون الي 300 مليون وبررت الوزارة قرارها هذا بانه محاولة منها لانقاذ شركات التامين من خسائرها وانهياراتها المالية التي يعتقد انها دخلت جراء المطالبات المالية الكثيرة عليها من قبل عملاؤها ولكن في مقابل هذا القرار كانت مساحة الضحايا في حجم شعب بكامله لان احدي حلقات قرار “العدل” انه سدد ضربة قوية علي قطاع النقل والترحيل خصوصا “الاساطيل” التي تعمل في نقل مواعين الغاز (الاسطوانات) من مستودعاتها الي المستهلك وبالعكس فهذا القطاع الكبير تاثر كثيرا بقيمة التامين بمستواه الشامل او حتي الاجباري لان شركات التامين هذه وفي مقابل زيادة قيمة الدية ضاعفت ايضا من القيمة المالية للتامين علي شاحنات نقل الغاز فما كان من الاخيرة الا وان لجاءت للخيار القاسي والجراحات المؤلمة وهو زيادة الاسعار في اسطوانات الغاز فكانت قدرا اسوا هدية يمكن ان تقدمها الحكومة لشعبها وهي تحتفي بحوارها “المعطوب” فمن اذن المسوؤل عن كل الجنون الذي تعاني منه سلعة الغاز خصوصا ان وزارة النفط قد تبرأت من هذه الزيادات الاخيرة ؟ .
هاشم عبد الفتاح
[email][email protected][/email]
اخي هاشم اتابع ما تكتب ولكن تكتب لمن ؟؟؟ اساسا لا توجد حكومة اوسبطه هناك فوضي عامه وعارمه فهل من منقذ ؟؟؟ الحكومة غارقه في هموم اللهف واللهط كل شئ تردي لان الرئيس في برج عاجي وحولة شلل وما فيا وهي التي تدير البلد لذلك منو العوض وعليه العوض