كلام من الزمن الجميل

كتب احد القراء باسم “ابن السودان البار” معلق علي مقال بعنوان: التغذية في سن الشيخوخة/ تغذية المسنين/ للدكتور حسن حميدة وقال في موجز النص:
“للأسف الشديد شعبنا السوداني الذي حباه الله بأغني بلد من حيث الثروات الطبيعية والعقول النيرة مثل د. حسن حميدة – هو أسوأ بلد في العالم من ناحية التغذية ؟؟؟ وعلم التغذية يكاد يكون علم مجهول في سوداننا الحبيب ؟؟؟ حتي معظم أطباءنا يجهلون هذا العلم لأنه لا يدرس في جامعاتنا بإهتمام ؟؟؟ ولا يطبقونه حتي في بيوتهم ومع أطفالهم ؟؟؟ الدكتور صاحب البرنامج الطبي بإحدي القنوات الفضائية السودانية ذكر أن الفول المصري غذاء جيد وغني بالبروتينات ينصح به وهذا قول مبتور وخطر علي الصحة وكان يجب أن يكمل الحقيقة العلمية وهي أن الفول المصري كسائر البقوليات به بروتينات نباتية ولكنه غني بمادة حامض اليوريك المسببة لداء النقرس فلإكثار منه خطر وخاصة للذين يعانون من داء النقرس ؟؟؟ والإنسان كذلك يحتاج للبروتينات الحيوانية والتي تختلف عن البروتينات النباتية وهي توجد في البيض والسمك والطيور والحيوانات بأنواعها ؟؟؟ وكذلك أحد أخصائي القلب تكلم عن أمراض القلب ولم يتطرق بحرفية عن دور التغذية في أمراض القلب وهي لها دور أساسي في معظم أمراض القلب وخاصة الإكثار من الدهون الحيوانية ؟؟؟ وكذلك أحد أخصائي الأطفال في برنامج تلفزيوني سألته إحداهن عن تغذية طفلها أجابها :- يعني تأكليه أكلنا العادي الكسرة والملاح ؟؟؟ والأمانة العلمية تقتضي أن يجيبها الجواب الصحيح حتي لو كانت ليس لها أمكانيات مادية للحصول عليه ؟؟؟ والطفل كما هو معلوم يحتاج لتغذية مدروسة ومكثفة لأنه في طور النمو فيحتاج للكالسيوم لنمو عظامه ولبروتينات لنمو عضلاته فاللبن والبيض والفواكه والخضروات جزء رئيسي في تغذيته ؟؟؟ ويا حليل أطفال شرقنا الذي ينخر السل صدورهم بسبب سؤ التغذية وأطفال غربنا الذين يشاركون النمل غذائه وأطفال المدارس بالعاصمة الذين لا يجد جلهم وجبة الفطور التي يجدها الأطفال المشردين من المزابل. الفقير في السودان يتغذي بالبوش وهو الخبز المسرطن مضاف عليه موية فول مصري إن وجدها والغني جاهل بعلم التغذية فتجد كرشه منفوخة ومصاب بعدة أمراض نقرس سكري ضغط قلب وهلم جرر نتيجة للجهل بعلم التغذية هو وزوجته المتخمة بالشحوم ؟؟؟ الفول المشبع بحامض اليوريك هو المسبب الرئيسي لداء النقرس ؟؟؟ ولك التحية دكتورنا الكبير وسنحتاجك بعد الثورة إن شاء الله ؟؟؟ والثورة في الطريق وإن طال الزمن ؟؟؟”
ورد عليه الدكتور حسن حميدة وكان مضمون النص:
“شكرا علي إضافة المفيد للمقالات، وكما عودتنا يا إبن الوطن البار، متمنيا من الله تعالي أن يجعل من ذريتك ذرية بارة أيضا بوطنها وبوالديها. لقد كلفت الجبال بحمل الأمانة، فلاذت منها مهابة، ولكن حملها عوضا عنها بنو الإنسان. نشر العلم والمعرفة أمانة في عنق المدرس الملقن، وعلاج المريض والمسقوم أمانة في عنق الحكيم المداوي، وإفشاء العدل والمساواة أمانة في عنق الوالي الحاكم. يحزنني خروج الآلاف يوميا من بلادنا (بلد فيه كل شيء)، مهاجرين إلي عالم المجهول، من أجل كسب العيش الكريم. في كل دفعة نجد العامل المتفاني، والراعي الأمين، والفني الحريف، والطيار الماهر، والطبيب المتمرس، والمهندس الجدير، والمعلم المربي. هل تساءلت دولتنا يوما، ما هي تكلفة تعليم الطبيب (بتمويل خاص، أو بتمويل من خزينة الدولة)، إلي أن يدرس الطبيب، ثم يتخصص، ثم يحضر، ثم يصبح أستاذا جامعيا في كليته؟، هل تساءلت دولتنا يوما، ما هي تكلفة تأهيل المهندس في مجاله؟، أو كم هي تكلفة تأهيل وتدريب الطيار (أغلي دراسة في العالم)، لكي يتمكن من الإقلاع بأرواح الناس عبر الدول والقارات، ومن ثم الهبوط بها بسلام؟ للأسف صارت الدولة تهدي إلي دول أخري كوادرها المؤهلة، والتي مولت ولحين من الدهر من ضرائب وجبايات فرضت علي المواطن البسيط (العامل، الراعي، المزارع، التاجر، الموظف). وهاهم المؤهلين في بلادنا يبارحون ديارهم مجتمعن، إلي دول أخري لم تصرف في تعليمهم وتأهيلهم شيء. لقد أتوا لها مهاجرين ومجبرين (يقعون لكل دولة في جرح). وكثير منهم لظلوا في بلدهم السودان إذا توفرت لهم ضروريات الحياة. ضروريات الحياة وما أدراك ما ضروريات الحياة، والتي أصبحت في بلدنا السودان، وللأسف الشديد: مكان العمل والراتب الشهري للشخص المتفاني في عمله، ناهيك عن إمتيازات أخري كتوفير السكن التعليم والعلاج. ماذا يفعل بالبديهة من كان له تخصص في مجال، وله أسرة يعولها (أطفال)، ومن ثم يأتي صباح يوم، ويجد نفسه خارج مضمار العمل (مستشفي الخرطوم التعليمي كمثال)… هنا تبقي الهجرة، وفي أنواع الهجرة، الهجرة الأبدية… وهذا هو حال من يهاجر مرغما، مبلل الخدين بدموع حارة، يقوم الأطفال، بتجفيفها بأيادي صغيرة ، تاركين في الخدين نحت غائر، مضمونه: هاجر من أجلنا. أخي يسع، الموضوع كبير، يحتاج لقلوب مرهفة أضرمت فيها نار الوطن الحية، وعقول كبيرة، أولج فيها نور الوطنية الحقة. أتمني من الله ألا يموت في قلوبنا وعقولنا حب بلادنا السودان، حب الوطن، وحب أهله الطيبين، وأتمني منه تعالي أن يرد غربة المتغربين، ويجمع شمل المشردين، ويعيد للسودان مجده المسلوب. السودان، الوطن الذي جار عليه أهله قبل أن يجور عليه الدهر. أنا آسف للإطالة عليك – تحياتي لك”.
كلام من الزمن الجميل: التحية لابن السودان البار لمداخلته البناءة والتحية للدكتور حسن حميدة لرده الكريم.
دكتور احمد ابو الليل
E-Mail: [email][email protected][/email]