أوروبا تخشى أن يكون دعاة انفصال بريطانيا مجرد عدميين

معسكر الخروج يتراجع عن بعض وعوده خلال حملة الاستفتاء، ورئيس المفوضية الأوروبية لا يفهم عدم قدرته على توضيح ما يريده فعلا.
ميدل ايست أونلاين
السياسة لا تمارس بثقة مبالغ فيها بالنوايا الحسنة
بروكسل ـ تتزايد الانتقادات الأوروبية لمعسكر مؤيدي الخروج في بريطانيا، بينما يعقد القادة الاوروبيون اجتماعا صباح الاربعاء في بروكسل للمرة الاولى دون مشاركة لندن من اجل تحديد افاق جديدة للمشروع الاوروبي الذي لايزال يعاني من تبعات صدمة خروج بريطانيا.
وشدد رئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر على ان تبدا لندن “بأسرع وقت ممكن” الية خروجها من الاتحاد الاوروبي.
وتساءل يونكر “ما لا أفهمه هو عدم قدرة الراغبين في الخروج عن إطلاعنا على ما يريدونه فعلا”.
ومنذ الفوز المفاجئ لمعسكر الخروج، بدا مسؤولون فيه بالتراجع عن بعض الوعود التي قاموا بها خلال حملة الاستفتاء.
ويخشى على نطاق واسع في دول الاتحاد الأوروبي أن يكون خيار الانفصال لدى كل من دعا اليه كان مجرد موقف سياسي عدمي أو فوضوي ـ حتى وإن لم يكن يتبنى هذا الخيار إيديولوجيا ـ، كان الهدف الأساسي منه إخراج بريطانيا من تموقعها الأوروبي ثم ليكن ما سيكون لاحقا.
والفوضوية تيار سياسي ظهر في القارة الأوروبية ـ وخاصة في روسيا ـ في بداية القرن العشرين وكان يقوم أساسا على فكرة مناهضة الواقع القائم وتدميره كهدف أسمى، أي تغييره جذريا دون أن يكون يملك بدائل واقعية وحقيقية للوضع القائم.
ويقول محللون إن جميع مبررات دعاة الانفصال لم تكون تحتكم لحد أدنى من المنطق والقراءة الموضوعية للواقع، مع تأكيد الخبراء على أن كلفة الانفصال الاقتصادية ستكون باهظة على البريطانيين وخاصة على الفئات نفسها التي روجت للخروج.
ووافق قادة الدول الـ27 الاعضاء الاخرى في الاتحاد الاوروبي على منح بريطانيا مهلة قبل اطلاق الية الخروج رسميا مع التشديد على انهم لن يقبلوا الانتظار “طيلة اشهر”.
وحذرت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل البريطانيين بانه لن يحق لهم “انتقاء ما يريدون” في علاقتهم المستقبلية مع الكتلة الاوروبية، وذلك حرصا منها على عدم انتقال العدوى الى دول اخرى.
وبعد خمسة ايام على الصدمة التي احدثها قرار الخروج، امهل القادة الاوروبيون بريطانيا بعض الوقت مساء الثلاثاء لبدء اجراءات الخروج.
واعلن رئيس الملجس الاوروبي دونالد توسك امام صحافيين اثر عشاء للدول الـ28 ان قادة دول وحكومات الاتحاد الاوروبي يقرون بضرورة “اعطاء الوقت لعودة الهدوء”.
ولم يتراجع كاميرون عن موقفه حول هذه النقطة وكرر انه سيترك لخلفه مهمة تطبيق “بند الخروج” في اشارة الى المادة 50 من معاهدة لشبونة.
وكرر كاميرون التاكيد على ان “قرار تطبيق المادة 50 يعود الى الحكومة المقبلة بعد ان تحدد الهدف الذي تريد تحقيقه”.
وفي مشاركته الاخيرة في قمة اوروبية، اضطر كاميرون الى شرح هزيمته المؤلمة في الاستفتاء الذي اجري في 23 حزيران/يونيو وصوت فيه 52% من البريطانيين على الخروج من الاتحاد الاوروبي.
ودافع كاميرون عن قراره اجراء الاستفتاء “انا اسف للنتيجة بالطبع لكنني لست نادما على تنظيم الاستفتاء لانه كان الامر الصواب”.
وعلق الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند قائلا “كان متاثرا…كان يشعر انه قرار تاريخي وبانه مسؤول”، مضيفا ان احدا من المشاركين “لم يكن يرغب في اذلال كاميرون لان ذلك كان سيعني اذلال الشعب البريطاني”.
ودعا كاميرون في بروكسل الى اقامة “علاقة وثيقة الى اقصى حد” بين لندن والاتحاد الاوروبي بعد الخروج مشددا على ان الدول الـ27 الاخرى ستبقى “جيراننا واصدقاءنا وحلفاءنا وشركاءنا”.
ومع مغادرة كاميرون، توجهت رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستورجن الى بروكسل لتقييم فرص انضمام اسكتلندا الى الكتلة الاوروبية ككيان مستقل.
ويفترض ان تلتقي ستورجن التي تتراس الحزب الانفصالي قبل ظهر الاربعاء رئيس البرلمان الاوروبي مارتن شولتز لكن اي لقاء ليس مقررا في الوقت الحالي مع رئيسي المفوضية او المجلس الاوروبي.
وكانت ستورجن قالت في نقاش حول خروج بريطانيا في البرلمان الاسكتلندي “اذا خرجنا من اوروبا فسيكون رغما عنا”، مشددة على ان الاسكتلنديين “صوتوا بوضوح من اجل البقاء” وكانت نسب التاييد 62%.
وقالت ميركل ان “الاتحاد الاوروبي قوي بما يكفي لتجاوز انسحاب بريطانيا والاستمرار في المضي قدما حتى بعضوية 27 دولة”.
ودعت المانيا وفرنسا وايطاليا، الدول الثلاث التي تعتبر من دعائم الاتحاد ومؤسسيه والقوى الاقتصادية الثلاث الكبرى في منطقة اليورو، الى اعطاء “دفع جديد” للمشروع الاوروبي الذي لا تزال ملامحه غامضة.
وحذر يونكر بان الدول المؤسسة للاتحاد “ليست الوحيدة التي تضع المشروع”، ملمحا بذلك الى وجوب عدم تجاهل دول اوروبا الشرقية التي تبدي استياء لعدم اشراكها بصورة كافية.