كرم الله عباس الشيخ : سكتنا وصبرنا كتير وبلغ السيل الزبى ولن نصمت بعد الآن

الحديث عن دعم الإنتاج و المنتجين غير موجود على أرض الواقع
مستقبل الزراعة في السودان مظلم جدا، وفق هذه المعطيات ، وهذه الطريقة التي يدار بها الاقتصاد
المخزون الاستراتيجي تحول من آلية لدعم المنتجين إلى عصا ترفع في وجههم

في كل العالم نجد الدولة تدعم المنتجين لكن هنا الآية معكوسة والدولة تريد أن يدعمها المنتجون

قرار حل اتحادات المزارعين أدى لغياب الصوت الذي يدافع عنهم
عدم وجود رسوم وضرائب على الإنتاج حديث غير صحيح فكل المحليات والولايات تفرض رسوما على المدخلات والإنتاج يتحملها المنتج

حتى النيابة العامة تأخذ مننا رسوم توثيق ?خمسة? ملايين جنيه !! مع إن رسوم التوثيق في مكاتب المحامين لاتزيد عن ?خمسمائة? جنيها والحكومة تلزمنا بذلك

بعد انقطاع وغياب عن الساحة العامة، وصمت دام لعدة سنوات، أفلحت (التيار) في استنطاق والي القضارف الأسبق، ورئيس اتحاد عام مزارعي السودان الأسبق، المزارع و ?التربال? كما يحلو له ?كرم الله عباس الشيخ?، حاورناه على عجل حول قضايا الزراعة والإنتاج الزراعي من البلاد، من واقع التصاقه وتجاربه وعمله بها.. أطلق عباس نيرانه في أكثر من اتجاه، وهاجم بشدة سياسات الإنتاج الزراعي بالبلاد، منتقدا حديث الدولة عن دعم الإنتاج والمنتجين، وعدّه حديثا غير مجابه للحقيقة في أرض الواقع,. كرم الله قال في حديثه ?صبرنا كثيرا، وصمتنا كثيرا، وبلغ السيل الزبى، ولن نصمت بعد الآن?، من لهجة حديثه يبدو أن كرم الله قد حزم أمره للمواجهة، ولكن هذه المرة قد تكون في الزراعة والاقتصاد، بعيدا عن أروقة حزبه، لانعلم أي الطرق سيسلك كرم الله، ولكن نحيلكم لما دار بيننا من حوار

أجراه : محمد سلمان

كيف تنظر، سيد كرم الله ، لسعر التركيز الذي أعلنته الدولة يوم (الخميس) الماضي بموجب (280) جنيها لجوال الذرة ؟

أولا : أقول إن هذا السعر غير مجز، وذلك من واقع عدد من المعطيات ، من بينها إن سعر السلم القديم بـ(250) جنيها لجوال الذرة ، ظل ثابتا ولم يتغير منذ عدة سنوات، ونجد إن هذا السعر السابق عندما تم تحديده كان سعر الدولار (6,4) جنيهات ، بينما سعر الدولار الآن نحو (21) جنيه، أي تضاعف أكثر من ثلاثة أضعافه ، ونجد إن هذه الزيادة في سعر التركيز التي أعلنتها الدولة ضعيفة جدا، ولاتتجاوز (12%) من السعر السابق، ثانيا عند مقارنة هذا السعر بالزيادة التي أعلنتها الدولة في القمح ، نجد أن جوال القمح كان سعره الموسم الماضي (400) جنيها، وتمت زيادته لـ(450) جنيها، والآن تمت زيادته لـ(550) جنيها، أي أنه في شهور تمت زيادة أردب القمح (300) جنيها، بينما أردب الذرة في أكثر من ?خمس? سنوات تمت زيادته فقط (60) جنيها .. !! وهذا ليس عدلا

ألم تتم هذه الزيادة في سعر الذرة وفقا لدراسات علمية وأضحة ؟

في أول (أبريل) من العام الجاري، سلم البنك الزراعي دراسة لوزارة المالية والتخطيط الإقتصادي، تبين بأن سعر جوال الذرة (315) جنيها، لكن للأسف لم يبت في هذه الدراسة إلى الآن ، ومعلوم إنه في هذه الأيام حدثت تطورات ومتغيرات كبيرة، وإرتفعت أسعار كل المدخلات الزراعية بصورة كبيرة، وهذا الأمر سيعرض المزارعين في السودان لخسائر كبيرة ، وسيخرجهم من دائرة الإنتاج إلى دائرة الإعسار.. نحن نرفض الذي تم جملة وتفصيلا ، وإن أرادوا الحقائق عليهم الجلوس مع المنتجين، أو إدارات البنك الزراعي المعنية بتكاليف الانتاج، فهذه الزيادة في السعر ضعيفة جدا، وستسبب في كارثة للمزارعين بالبلاد

بالضبط ماهي المدخلات التي سجلت ارتفاعا في أسعارها ؟

كل مدخلات الانتاج أسعارها ارتفعت بصورة كبيرة، الوقود ?الجازولين? سعره ارتفع بنسبة (100%)، أيضا الزيوت ، الشحوم، الإسبيرات، إطارات الآليات والمتحركات والعربات، أسعار الغذاء من (دقيق، زيوت، بصل، سكر، ?.الخ) ، كلها ارتفعت ارتفاعا كبيرا ، وهذا لايتناسب مع واقع السعر الذي أعلنته الدولة.. نريد دراسة علمية تستصحب حتى هذه المتغيرات الأخيرة ، لمعرفة تكلفة الانتاج.. نعم هنالك إنهيار إقتصادي معلوم، ونحن لسنا سببا فيه، ويجب ألا ينعكس على المزارع وحده

ماهو دور المخزون الإستراتيجي في مساعدة المزارعين ؟

المخزون تحول من آلية واحدة من مهامها دعم المنتجين، إلى عصا ترفع في وجه المنتجين، فهو أصبح الآن مهددا لأي ارتفاع في أسعار الذرة بالسوق

كيف ذلك ؟ وضح أكثر ؟

يعني لو أسعار الذرة ارتفعت في السوق، هنا مباشرة يتدخل جهاز المخزون ويغرق السوق بالمحصول، مما يؤدي لإنخفاض الأسعار، والمخزون الاستراتيجي يقوم ببيع محصوله لجهات تقوم ببيعه في السوق المحلي، وهذا لا يساعد في حركة التسويق ، المزارع الآن بين المطرقة والسندان، سندان الاسعار ، ومطرقة المخزون الاستراتيجي

في تقديرك لماذا لا ترغب الدولة في زيادة أسعار الذرة ؟

الدولة مطمئنة لأن لديها مخزون إستراتيجي كبير من الذرة، ونحن نتساءل من الذي حقق هذا المخزون ؟ الإجابة بالطبع المزارع، ونحن لانريد أرباحا طائلة فقط نريد تغطية تكاليف الإنتاج ، والدولة مسؤولة عننا كمنتجين، فسعر التركيز يجب أن يراعي التكلفة الحقيقية للانتاج ، أما بالنسبة لأهمية محصول الذرة فهو غذاء رئيسي للإنسان والحيوان، ويدخل في عدة صناعات، وهو المحصول الرئيسي في القطاع المطري، ومن هنا تنبع أهميته

بصفتك رئيسا سابقا لإتحاد عام مزارعي السودان، أترى إن غياب اتحادات المزارعين، وحلها أثر بصورة سالبة أوضاع المزارعين بالبلاد ؟

نعم بالتأكيد ، قرار حل اتحادات المزارعين أدى لغياب الصوت الذي يدافع عن المزارعين، ونحن من هنا نناشد نوابنا بالمجلس الوطني، ومجلس الولايات، بالدفاع عن المزارعين، ونطالب الدولة بضرورة مراجعة هذه الأسعار، حتى لا تسبب في خسائر فادحة، وحالات إعسار للمزارعين

تكثر الدولة من الحديث عن زيادة الإنتاج والإنتاجية، ودعم المنتجين .. أين واقع هذه الشعارات في السياسات التي ترسمها وتطبقها ؟

الدولة تتحدث عن زيادة الإنتاج ودعم المنتجين، لكن على أرض الواقع هذا الكلام غير موجود .. الدولة تريد أن يدعمها المنتجون بالضرائب والرسوم، وترفع شعار إنه ليس هناك رسوم على الإنتاج، ولكن هذا الأمر غير صحيح .. كل المحليات والولايات تفرض رسوم على المدخلات والانتاج، وكل هذه الرسوم يتحملها المنتج، في كل العالم الدولة تدعم المنتجين، وهم يستخدمون تقنيات عالية، لأن الإنتاج هو أساس الاقتصاد السليم، لكن هنا الآية معكوسة فالدولة تريد أن يدعمها المنتج

هل يمكن أن تبين لنا ، سيد كرم الله ، جزءا من هذه الرسوم المفروضة على الانتاج ؟

أولا : هناك رسوم في التجديد للمشاريع الزراعية، ورسوم في الرهونات عنما يرهنها المزارع للبنك، بل حتى النيابة العامة تأخذ منا رسوم توثيق ?خمسة? ملايين جنيه !! مع إن رسوم التوثيق في مكاتب المحامين لاتزيد عن ?خمسمائة? جنيها، لكن الدولة تلزمنا بالتوثيق من النيابة ! وحتى هوامش الأرباح في التمويل عالية جدا ، فالدولة تعمل بعقلية الجبايات، وكل جهة تحرص على أن يكون لها أكبر قدر من الجبايات دون النظر لانعكاسها على المزارع

لكن، سيد كرم الله ، الرسوم الزراعية بحسب قرارات الدولة ممنوعة، بل إن بعض الولايات تتلقى من المركز ما يعرف برسوم ?الفاقد الزراعي? لتعويضها عن رسوم الزراعة ، حتى لا تتحصلها من المزارعين ، كيف يستقيم هذا الأمر؟

نحن مستعدون أن نثبت هذا الأمر، وندعو الدولة لتكوين لجنة تضم الأمن الاقتصادي ومختصين لتقف على حقيقة هذا الأمر، ونحن نخليهم يلتقوا ويقابلوا المنتجين، وشركات المدخلات الزراعية، لمعرفة هذه الضرائب، ومن بينها مثلا ضربية (1,5%) تفرض على كل مدخل |إنتاج زراعي، وهي بالطبع ضريبة على النشاط الزراعي تؤخذ بصورة ملتوية

ثم ماذا بعد، ما هي الخطوة التالية بالنسبة لكم بعد أن أعلنت الدولة السعر الجديد للذرة بواقع (280) جنيها للجوال؟

نعم نحن كنا سكوتا في إنتظار أن تستجيب الدولة لطلبنا بزيادة سعر التركيز للذرة ، تماشيا مع التغييرات التي حدثت وأدت لارتفاع تكلفة الانتاج ، وقد جاءت هذه الأسعار الآن مخيبة للمزارعين، ومحبطة جدا بالنسبة لهم، وهم الآن حزينون جدا لما حدث ، ولكن نحن لن نصمت بعد الآن ، سكتنا كثيرا وصبرنا كتير، وبلغ السيل الزبى ، توسمنا خيرا في حكومة الوفاق الوطني، ولكنها لازالت متمسكة بالنهج القديم، بعدم المبالاة بالمنتجين، وهم أشرف الناس يعملون في ظروف قاسية ، لا فيها خدمات ولا فيها غيره، لذلك لابد من مراجعة هذه السياسات، ولابد من الانحياز للمنتجين، وسماع صوتهم، ونحن مستعدين للجلوس مع وزيرالمالية والتخطيط، ومحافظ بنك السودان، ومدير عام البنك الزراعي السوداني، لمناقشة هذه القضايا

ألست متفائلا ، سيد كرم الله ، بمستقبل الإنتاج الزراعي بالبلاد ؟

مستقبل الزراعة في السودان مظلم جدا، وفق هذه المعطيات ، وهذه الطريقة التي يدار بها الاقتصاد، والمزارعون يعملون في ظروف عصيبة جدا، وما لم يحدث تحول وتغير في هذه السياسات، لايمكن أن نتحدث عن تحول في الواقع، والسودان بلد غني بموارده الزراعية والحيوانية، فقط يحتاج لسياسات رشيدة عادلة تعزز استغلال هذه الموارد.

التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..