كان يا ما كان

كان يا ما كان

استيلا قايتانو

*كان يا ما كان في قديم الزمان في عصر صمت الابناء :
ان تنازعن امرأتان على طفل كل واحدة منهن تدعي انه طفلها ، احتار القاضي في امرهما واصرار كل واحدة على اثبات انه طفلها فخشي الظلم وديدنه ان يحكم بالعدل فعمل بالحكمة والفطنة فامر بان يقسم الطفل بينهما قبلت الاولى اما الاخرى فجزعت ورفضت بان يقطع اوصال الطفل بينهما ووافقت بان تأخذها تلك حينها عرف القاضي الام الحقيقية وهى تلك المجزوعة التي رفضت تقطيع الطفل واثرت آلام الفقد مقابل حياة طفلها فقال صيحيح قلب الام على وليدها فامر باعطائها الطفل وكانت العدالة في صفها.
* كان ياما كان في حديث الزمان في عصر صمت الامهات : ان تنازع ابنان على ام ، كل واحد يحاول اثبات انها امه ، احتار القاضي في امرهما واصرار كل واحد انها امه رغم الاختلاف الكبير بينهما ، كان الاول يبدو عليه انه يستأثر بكل شي فبدا عليه الرضا، كان الاخر معدم ويبدو عليه الحرمان، رغم ذلك كان كل واحد منهما متشدد في ان تلك الام امه، فخشي الظلم وديدنه ان يحكم بالعدل فعمل بالحكمة القديمة التي انقذته في زمن من الازمان والفطنة ذاتها معتمدا كل الاعتماد على ان الحقيقة ستظهر بجلاء كما ظهرت حقيقة الامومة، وابتسم في اسارير نفسه وهو يصدر الحكم فامر بان تقسم الام بينهما ، فصمت الابنان ، شرع القاضي في التنفيذ وامر السياف بان يقطعها الى نصفين احدهما يأخذ النصف الاعلى والاخر النصف الاسفل ، صرخ الابنان في نفس الوقت : لا …. لن اخذ النصف ناقص وتشاجرا …. قال الذي يبدو عليه الرضا : خذ الجزء الاسفل بها ساقين فانت تجيد المشاوير والتشرد لذا فهذا النصف هو الذي يناسبك. قال الذي يبدو عليه الحرمان : لا لن ادعك تستأثر بكل شئ سوف ااخذ الجزء الاعلى فلم انعم بعقلها او قلبها ودفء حضنها من قبل لذا لك النصف الاسفل ، واحتدم النزاع وكادت تقود الى قتال ، واصبح القاضي اكثر حيرة وحرج كيف لا وهو الذي لم تخنه الحكمة من قبل ولم تتلاعب به الفطنة ، صحيح ان قلب الابناء على حجر فاوقف الحكم لحين ان يهدأ الشقيقان ويتشاور هو مع حليفتيه الحكمة والفطنة . قالت الفطنة : اقسمها الى نصفين ولكن بالطول هذه المرة . اضافت الحكمة : هذا عين الصواب حتى لا يظلم احد ، سوف ياخذ كل منهما نصف جثة كاملة دون نقصان وبه كل انصاف كاملة ، ولا ندري كيف يتسق كلمة كاملة مع انصاف الاشياء . اعجب القاضي بالفكرة طالما انها ستبرئ ذمته امام القضاء وامام الله وهو لا يدرى ان حتى الحكمة والفطنة لها زمانها ومكانها , فامر بشطر الام الى نصفين بالطول فوافق الابنان عندما لم يجدا ما يختلفان عليه ، الذي يبدو عليه الرضا غير مبال حسبما ما اوحى اليه دلاله والمعدم ينازع نفسه حسبما املى اليه غضبه . نفذ الحكم وكان السياف يعمل بسيفه جيئة وذهابا شاطرا الام الى نصفين .. نصف ام وامة .. نصف عقل وعلم .. نصف بصر وبصيرة .. نصف حنان و حنين .. نصف ذكرى وذاكرة .. نصف قلب وفؤاد .. نصف فرح وحزن .. نصف ضحكة وابتسامة .. نصف دمع وعرق .. نصف دفء وحضن .. نصف لحم ودم .. نصف احشاء وعظم .. نصف رحم وامومة …نصف …و….نصف …نصف…ونصف الى نصفُ نصفِ ونصف ولكن كان وحده يقف هناك .. الالم في كامل حضوره ، يقف بين نصفي جثة . اخذ كل واحد منهما نصف جثته فرحا ولكن الى حين ، وجد الذي يبدو عليه الرضا نصف جثته كاملا ولكن ليس به قلب ووجد الذي يبدو عليه الحرمان نصف جثته كاملة ولكن ليس به كبد وحمل كل واحد منهما سلاحه واتجه صوب الاخر كل مطالبا ما يفتقده بالقوة وانشغلا بحرب طويلة ونسي كل واحد منهما دفن نصف جثته، الى ان سممت الرائح الكريهة الاجواء وفرض عليهم جيرانهم الحصار ومنعوا من ان يتحاربا بمنطق ان حاربهم الجميع ، حينها عاد كل منهما لنصف جثته الناقصة لدفنها واثناء ذلك اكتشف كل منهما بان في احشاء جثته طفل صغير اهملوه اثناء حرب على نصف جثة ميتة ليضيع منهم امل حياة كاملة، فخرجت منهما صرخة داوية تردد صداها في سماء المكان ليستيقظوا في ساعات الاشراق الاولى من كابوس مجنون ملأ اذنيهما بالعويل والانين ورائحة جثث محترقة ، فلم يتمالكا نفسيهما ولم يشفع لهم الصحيان بان ذلك كان مجرد كابوس مزعج ، اخذا يهرولا في بيتهما الكبير بحثاً عن امهما فوجداها هناك جالسة في الشرفة مستقبلة الاضواء والنسيم ، تلاعب حفيديها اللذان ناما مبتسمين بين ذراعيها التفتت منزعجة على ضجيج جري في المكان وهمها راحة حفيديها وقبل ان تسألهما منزعجة عما بهما ؟ اجاباها بابتسامة كبيرة فقط كأنهما يحمدان الله على ان ذاك كله كان مجرد كابوس و تصادما بكتفيهما في حميمية وحمل كل منهما طفله الى غرفته يغني له اغنية مشبعة باماني الغد ومآلات اليوم وذاكرة الامس ، وتركت هي لتستريح قليلا بعد ان انهكها تشاكسهما في الماضي فلن يتركاها وحدها لتعاني مرة اخرى من مشاكسة حفيديها دون مساعدة منهما ، شعرت بالرضا والامتنان وفي جلستها تلك اخذتها غفوة القيلولة وحلمت بالحقول الخضراء والمواسم الغنية التي لا توحي بالانتهاء يرتع فيها ذريتها ، فعبرت ابتسامة مضيئة سماء وجهها تحاكي تلك العلامة التي تدل على الصواب عندما يرسمها المعلم في كراسة التاريخ .

تعليق واحد

  1. استيلا ..شكرا علي التورية التي تدل علي عقلك الكبير في استيعاب الحكمة وقلمك المنير في تصوير الجماليات الانسانية.. انتي بنت الحكمة .. وبنت السودان كله .. وموحدة الشعور الوطني ..بللب والعاطفة.. فان بقيتي في الشمال او ذهبتي الي الجنوب فسكنك في القلوب اينما حللتي…. يا وردة البلاد.. لك التحية والاكبار علي جمال الدواخل وسمرة الوجه النضر..

  2. استيلا
    سيكتب دفتر التاريخ عن هذا الكابوس الذي ابكانا
    وسيحدد من كان السبب فيه
    وسيلعن الناس كل من فرق بين الابناء ومزق الام العملاقة
    وسيقول الناس جميع الناس هذا زمانك يا عزيز ،، حينما يعود الابناء الي الحضن الدافيء
    وستبتسم الام فرحة بالعودة
    وستكون عودة ابدية
    سنبكي اليوم ولكن سنضحك غدا
    وان غدا لناظره قريب

    دمتي للوطن الواحد والدم الواحد والنهر الواحد والافق الواحد افق الغابة والصحراء

  3. سلام

    ان من اجمل ما سافتقد من الجنوب قلمك الرائع

    وللاسف انة ليس بحلم
    انة (كابوس) واقع

  4. كم أنت رائعة يا إستيلا … الله لايحرمنا منك ومن طلتك. فأنت تزرعين فينا الأمل والحلم بالمستقبل المشرق للسودان الجديد الموحد الخالي من العنصرية والعنصريين والذي يسع الجميع.

  5. والتحية موصولة لك ياود الجزيرة على تعليقك الراقى الجميل والتحية لصاحبة
    الوجه الاسمر الجميل

  6. و الله يا استيلا الواحد ما عارفك بتكتبي و في قلمك جن و لا عفريت
    ربنا يحفظك لينا كان في الجنوب او الشمال

  7. الغالية استيلا
    وزر الإنفصال يتحمله الشماليون والجنوبيون لأنهم جميعا عاشو في الأجواء المشحونة لو ان السودان قبل خمسين عاما كان منفصلا لسعى ابناءه الآن للوحدة هذه الآفة موجودة بين الجنوبيون وبعضهم كما م هي بين الشماليين ما تكتبينه يجد االقبول والأستحسان من الشمالين ويتعاطف معه السواد الأعظم انت لست في حاجة إلى الرمزية لأنها سلاح ذكي يستعمل مع من يعاديك إبتداء وانت يا استيلا تعاطف القراء معك يبدو واضحا من خلال تعليقاتهم الإيجابية لقد خسر الوحدويون معركة ولم يخسروا الحرب وانا لا ادعي انني وحدوي الغاية الأسمى ان يعيش البلدين في سلام كما انه من السابق لأوانه ان تتحدثي عن كونك أجنبيه ما دام الإنترنت في تتفاصحي زي انتي دايرة وتلقي قراء ومحبين بعدد الحروف التكتبيها إلا كان ناس الحركة يمنعوكي تكتبي بالعربي لما تكوني قيادية في حكومة الجنوب

  8. ليت الابناء يلتفتون الي معني الام قبل تقسيمها لان ما يقسم من الوجدان اكبر واعمق من اي شيء اخر ونشكر لك اختي قلمك الرأئع وكلمتاك التي نزلت علي قلوبنا الوجلة بردا وسلاما ونحن نتنسم خلالها عبير الامل بالغد المشرق والله عند ظن العبد ان ظن الخير وجده ونحن دائما نظن الخير برب العالمين عسي ان يرحمنا من الفرقة والشقاق انه قادر علي كل شيء

  9. بالدمع السخين وغصة وألم و حزن عميق نودعك يا ستيلا ونودع جنوبنا الغالي ونحن على بعد ايام معدودات من انشقاق بلادي التي احتضنت العشرات من القبائل والثقافات واللهجات ليأتي عابدو الدنيا والسلطان ليمزقوها بلا رحمة …

    غدا يصبح السودان تاريخاً وذكرى ويصبح قلمك يا ستيلا من بلد أخرى وجنسية أخرى ولا حول ولا قوة لنا إلا بالله العلي العظيم …

    يا رب ، أرنا فيهم عجائب قدرتك ووحد قلوبنا والف شملنا واجمعنا في بلدنا آمنين مطمئنين واخسف بمن فرقونا الأرض وارسل عليهم عذابك وسلط عليهم جنداً من عندك عاجلا غير آجل يا رب العالمين ..

    يا حسرتـــــــــــــاه عليك يا بلدي …..
    يا حسرة قلبي عليك يا وطني الغالي …..

    لا حول ولا قوة إلا بالله ، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم …..

  10. اختي الغاليه استيلا

    لا احد يستطيع ان يحجر علي اديب في قامتك السامقه كما الابنوس لا احد يمكنه حجب الشمس عن اطراف وطننا الكبير..بطون امهاتنا لم تنجب العقم انما انجبت كتابا وادبا ومثقفين…تعالوا جميعا نصفق للقيثارة السمراالجميلة التي ظلت تعزف لحنا ابديا للجميع…:cool: حفظك الله يا استيلا….

  11. استيلا

    لك كل الحب من القلب

    اتمني ان تكوني في قلوب كل السودانيين:cool:

  12. لك كل لاحترام وشكرا جزيلا يا استيلا
    هل تدري بان تقسيم الابن كان خيرا من من تقسيم الام لانه يمكن احد الامهات يمكن تلد لنا ابن ولكن بموت الام توقف الانجاب {رحم الله السودان قد مات بطبع}
    وهذه في الحقيقة يالمني ;(

  13. لله درك أيتها الرائعة ،، والله لو لم يفقد السودان بالانفصال إلاك لكفاه، والله يجازي اللي كان السبب.

  14. حقا نصلي صلاةالدمع علي جثمان هذا الذي كان وطنا .. هذا الزبيح اليوم .. منتهك الحمي ..
    مبتور .. موتور .. حزين وفاقد الاطراف .. مشردي المشاعر نحن الان .. حزيني الرؤي .. وكل الدروب معطونة للأخر وحل .. ( زي كابوس ريحة الدم تضمخ جوه .. ولون التراب غصة تسد الحلق ) لكن ..
    ان غدا لناظرة قريب ..
    شكرا استيلا .. فهويتنا ( هي ..هي .. حتي وان كانت بتأشيرة دخول وجواز مقطوع نصفين ) شكرا حزينا لك :eek:

  15. يا سلاااااااااام

    فدىً لعيني طفلة
    غازلت دموعها
    حديقة في الخيال

    وغدا نعود
    حتما نعود

    ما دام هناك أناس مثلك يا استيلا

  16. ارائعة الابداع.. استيلا..

    دمعت عنياي هذا الصباح وأنا أطالع على النت تعليفات آخر زيارة رئيس سوداني للجنوب، اختلجت بداخلي لحظتها وتطابقت مشاعر الحزن باحساسي بانفصال جزء من ذاتي مع ذاك الحزن الدفين الذين يعتريني في كل حين على طلفتي ذات الخمس سنين التي سلبتها مني يدي المنون في الشهور الماضية. ذات الألم والحسرة والدموع المرة..

    يقول المعزون أن طلفتي احتضنتها الآملاك في جنة الخلد لألقاها هناك بعد حين.. تلك نزعة إيمان تواسيني بين فترات استراحات الحزن داخلي من آلام حزن..

    لم يدر بخلدي قط أن تذهب عني طلفتي الجميلة، كما لم استطع الآن تصور سوداناً لن يعود هو السودان بلاجنوب..

    ترى هل أصحو فجأة وأجد أن هذا كان كابوساً ثقيلاً وحديثاً مفترى؟؟؟؟ أو ليتنا ما عشنا لنرى قد عاش من يفصلنا..

  17. Stella
    believe me that peace and love will dominate all sudan and the seperation will be artificial and will never affect our empeded love andsincerity
    all our people in the south and north will come to know very soon that the are really born to live together and share wealth and power. nobody can vandalize our love curse harshly all politician from south and north and dont cry for our beloved country for we will fight for its unity

  18. الله ياخلاسيه هكذا هن نساء بلادى رائعات ابنوسيات امهات لغد اجمل بعد ان تزول العتمه التى ارى زوالها وشيكا

  19. قد لا تصدقيني يا استيلا ان قلت لك اني ارتشف كل صباح من فنجان مقالاتك كما يفعل مدمني القهوة تماما, واني اصاب بالدوار ان لم اتمكن من فعل ذلك , ولكني اصبت بالحالة نفسها اليوم وانا اقرا مقالة اليوم ذلك لروعة ما فيها من عبارات وجزالة الكلمات واهمية وحساسية الموضوع

    شكرا لكل شيء استيلا

  20. ما اروعك يا فخر الشمال قبل الجنوب يالحاسة باحساس البلد انا اقرا وابكي واشرب دمعي حسرة والم والله يكذب الشينةلما ال اليه حال بلدنا

  21. أختنا أستيلا…
    محزنة هي الأوقات التي نتجرع فيها مرارات الحزن على مآلاتنا…
    والأكثر حزناً هو فقد أناس عزيزين جداً علينا كمثلك وأخوتنا في عموم الجنوب.
    بالله عليك… من يملك قلباً قاسياً بعد قراءة مثل تعليقاتك هؤلاء الأحبة المعلقين وبعدها ينادي بانفصال الوطن؟.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..