محاكاة

اشتعلت نار المنقد جيداً وهي ترسل حرارتها فتلسع (قدرة) الفول بقوة فيضطرب الفول داخلها وهو يتراقص وقد بدأت حباته تكمل مراحل النضج.
بدا حاج (عثمان) متهللا وسعيدا وهو يعبئ أطباق الزبائن بطلبات الفول بعد أن يضيف إليها مقدارا من السلطة والبصل وشيئاً من الجبنة ويغطي سطحها بلمسة شفافة من زيت السمسم فتنتشي الجبنة وتغرق حبات الفول .
كان الزبائن يتوافدون بكثرة على محل حاج (عثمان) لأن مذاق الفول وطلبات الفتة كانت شهية وتعامل حاج عثمان مع الزبائن كان جيدا.
كان حاج (بشير) جار حاج (عثمان) يرقب هذا المنظر كل يوم الصباح ويجلس في كرسي أمام منزله وهو يعد الزبائن ويحسب تكلفة كل طبق ويرقب حاج عثمان وهو يحزم إيراد اليوم بعد أن يرفع الإبهام فوق النقود بينما تنام الخمسات والعشرات فوق السبابة والوسطى أما الخنصر والبنصر فيكملان متابعة عد النقود مع حاج بشير الذي يزدرد ريقه مع كل حركة عد.
وفي المساء كان حاج (عثمان) يوقد النار مجددا لبيع الفول وبجانبه صاج متوسط الحجم تنضج وسط زيته حبات الطعمية.
ظل حاج بشير يرقب كل ذلك ويطلق تنهيدات عميقة من صدره وهو يحسب مع حاج عثمان إيراد اليوم كل ليلة من بعيد حيث يحرك شفايفه مع كل حركة عد (عشرة ….عشرين ….تلاتين…
عندما حل المساء أدخل حاج بشير كرسيه من أمام البيت وجلس في سريره في الحوش الكبير ونادى على زوجته حاجة آمنه وهو يطلعها على قراره : …هوي يا حاجة أنا عاوز أعمل لي (قدرة) فول وصاج طعمية والله حاج عثمان ده بكسب كسب ماعادي …..قالت حاجة آمنة : سجمنا ياحاج كيفن الكلام ده الزول جارك تفتح شغل جنبو كده على عينك ياتاجر والله عيب ياحاج…..!!
أجاب حاج بشير: عيب شنو انتي لو شفتي العشرات والعشرينات ما كان قلتي كده وأنا خلاص حزمت أمري بعدين عاجبك الفلس اللي احنا فيهو ده .
انسحبت حاجة آمنه لا تلوي على شيء بعد أن أعياها النقاش وقد حملت صحن الفول الفارغ والذي كان حاج عثمان قد أخلص في (تصبيطه) لهم رغم أنه (بالدين) .
استلقي حاج بشير على السرير وهو يطالع السماء وكان يرقب النجوم ويرى كل نجمه (طعمية) ويرى القمر (صحن فتة كبير).
وفي صباح اليوم التالي خرج حاج عثمان ليوقد نار المنقد كالعادة ولكنه تفاجأ بنار في الاتجاه المقابل( وقدرة ) فول على الأرض لم ترفع بعد وعمك حاج بشير يجهز في أواني العمل ويرفع يديه محييا حاج عثمان …..هازول ازيك بس اعل ما ضايقناك.
قصة حاج عثمان وحاج بشير صارت ديدن الكثيرين.
تعمل (قدرة) فول تلقى الجبران عملو (قدرة)، تشتري رقشة الحلة كلها تشتري رقشة، تأجر عربتك الهايس ترحيل طلاب الى احدى المدارس تجد كل الأهل أرسلوا عرباتهم تراحيل، تفتح كشك اتصالات كل الجيران يعملوا تحويل رصيد حتى بتاع الخضار يحول رصيد. تفتح محل فضائيات تجد الجميع علق أطباق فوق رأسك، تفتح بنشر طوالي جمبك بنشر، مغسلة عربات جمبها مغسلة، تفتح محل عصير (طبيعي) شهر بس تلقى 20 محل عصير طبيعي، سوبر ماركت جمبو محل سوبر ماركت، محل باسطة طوالي محل باسطة، كوافير جمبو كوافير، صيدلية جمبها صيدلية .
أها مطعم سمك طوالي أي تاجر مشروعو هسع قبل بكرة محل سمك .
ياخي لو غيرت طلاء البيت الجيران (يقدروا مايقدروا) يغيروا طلاءهم واحتمال نفس اللون كمان.
السؤال نحن بنحاكي ليه هل من باب أننا( بنبقر) لنجاح الآخرين أم نحسدهم ونرغب في مشاركتهم رزقهم أم أن القدرة على الابتكار والتطوير والإبداع ليست من شيمنا .
حتى ناس الحكومة بحاكوا بعضهم البعض مثل والي شمال كردفان الذي قرر نقل تجربة ايلا في تطوير مدينة بوتسودان؛ الى شمال كردفان.
Suheir [email][email protected][/email]
والله يا أختي هذا عدم القدرة علي الابتكار لذلك نحاكي والمحاكاة هي برضها جزء من تدهور الاقتصاد . لكن بالنسبة لوالي شمال كردفان انو يحاكي إيلا دا اجمل شئ ﻷنو دا تطوير وتقدم ومنفعة عامة .
بنحاكى لانو ما عندنا جديد يا استاذة البلد وقفت وكل شيى تعطل والناس تلف وتدور فى حلقة مرغة وناس الجبايات حايمين زى العقارب يلدغوا ويلقفوا فى اموال العباد الشغلة ماشة بالعافية وبالبلدى لا خطط ولا دراسات ولا شيى حكومة متسولة تدخل للناس فى بيوتهم وتاخذ فلوسهم قطعتة رقابهم ومحقت ارزاقهم بلد اصبحت بؤورة فساد وتفشت فيها ظواهر لم نرها من قبل والعسكر مبسوط ورئيسنا يرقص مبسوط ودقى يا مزيقا .
والله كلامك صح عندنا جارنا اشتري رقشة اتنين من الجيران اشترو زيو
والله كلامك صح عندنا جارنا اشتري رقشة حاكوهو اتيني من جيرانا واشتروا رقشة
الظروف الاقتصادية بتخلي الناس تعمل اي حاجة عشان تصلح من دخلها
لكن حاج بشير بالغ
كلامك القلتيه ي اختي العزيزة كله صاح
والله المحاكاة التي نراها تصيبنا ف مقتل
ولم تجد الامعان وقتلها بحثا
وهل هذا نتاج لمستوي التفكير
او ناتج من ضحالة الروية
واعتقد جازما بان كل ذلك له علاقة
بالوضع الاقتصادي لسبب بسيط
على حسب اتساق المثل القائل
الغريق بتعلق بقشة
أو لربما ضيق الحالة وذات اليد
والمتطلبات اليومية ولجوء الانسان للكسب
وزيادة الايرادات والسيولة هي السبب
وذلك يجري علي كل استثمارتنا الموجودة الحالية
وحتى دعايات التلفزيون بعد ان صارت ف الماضي
بسكويت وصابون انتهجت خطا قوامة 360 درجة مقلدة الاخرين
نحو المكياج والعرائس والعلاج بالاعشاب وصالات الافراح
ولا نعلم لمن تقوم هذه اصلا – هل هي عمل ممنهج لتدمير انسان السودان البسيط
ام للطبقات الراقية وزبانية المفسدين
لانها بدورها ازالة الستار عن كثير من المفاهيم القديمة
وبدورها قطعت كل وسائل الاواصر الاجتماعية وهششتها بفعل فاعل
وللاسف الشديد … اصبحنا شعب مستهلك ليس في نمط ابداع واحد
واصبحنا مقلدين ف كل شي من الطراز الاول
ولك تقديري لنبشبك الموضوع
ارجو لك التوفيق في كتاباتك
قصة رائعة و رؤية ثاقبة وهذا فعلا ما ظل يحدث طوال فترة طويلة , والسبب ان الجميع يخاف الابتكار في ظل اوضاع اقتصادية متردية و متهالكة لذلك ظل الجميع يبحث عن التجارب الناجحة دون اللجوء الى البحث عن الجديد .
يا استاذه ارجو ان يحمل المقال القادم عنوان ( محاكاة الحريم )
اناالمحيرني لي الليلة.. حكاية الاتصالات وتركيب العطور… العلاقة شنو.. كانت كتيرة شديد.. بس البركة في الموبايلات.
في العالم كله يمنع منح تصريحات لاي محل عمل اذا كان به مثل هذا النوع من المحلات بل ويوجهون ويساعدون في ايجاد اماكن ليس بها مثل هذه المحلات ! ولكن هؤلاء بخدمون الناس طوعا او كرها لانهم جاؤوا عن طريقهم واحبابنا هؤلاء يخدمون الجبايات ولاهم لهم غيرها
حتى ناس الحكومة بحاكوا بعضهم البعض مثل والي شمال كردفان الذي قرر نقل تجربة ايلا في تطوير مدينة بورتسودان؛ الى شمال كردفان.
يا ريت يا سهير لو كانت المحاكاة فى التطوير كان بلدنا بقت لندن أو باريس أو كوالالامبور لأن الناس ديل يا سهير سفرهم كثير ، لكن ياسهير الخوف تكون المحاكاة فى السرقة والنهب،(نهب المال العام) ورأيك شنو يا سهير ده الحاصل الآن عشان كدا لازم تكلمونا عن نوع المحاكاة دى (نهب المال العام) لأنها دى اللى بتسبب المتاعب وهى خطر على الكل حتى على البيئة!!!! رأيك شنو يا سهير!!