المطلوبات “المستحيلة” ..!

نبض المجالس

تنشغل كل الاسر السودانية هذه الايام بحثا عن وضع يناسب مطلوبات شهر رمضان ..الغاز ..والوقود ..اللحوم ..السكر..الدقيق.. الزيت ..الخضروات وغيرها من المطلوبات المستحيلة في وقت أحكمت الأزمة الاقتصادية قبضتها تماماً على رقاب السودانيين حيث دخلت معظم الأسر بما فيها حتى تلك التي يظنها البعض بانها ميسورة الحال..ولكنها ايضا دخلت في دوامة “المساسقة والرحيح” والمعادلات الاقتصادية بالغة التعقيد طوال ساعات اليوم عبر جهود وحراك “وحيل” متعددة الجوانب فيها كثير من التنازلات وتراجعت معها سقوفات حتى المطلوبات الضرورية فكل أفراد الأسرة باتوا محاصرين ومجبرين بالمشاركة في رفع دخل الاسرة حتى تكافي ميزانيتها الخاصة الحد الادنى من المطلوبات وكل هذا اصبح يتكرر فى مشهد يومي أشبه “بالنفير” بعد أن انهارت “أسطورة” رب الأسرة الموظف بالدولة .
ومع هذه الحالة تبددت كذلك أحلام المغتربين الذين كانوا إلى وقت قريب يتحملون لوحدهم سداد كل فواتير أسرهم من مطلوبات معاشهم إلى تعليمهم وصحتهم والصرف كذلك حتى على اجتماعياتهم، أما الآن فلم يعد المغترب السوداني بذات المجد القديم فهو الآن يبحث عن عودة آمنة وعن سكن وتعليم بعد العودة القسرية من “المهاجر” ..
فالسوق الآن بات كما الغول أو الوحش مكشراً عن أنيابه ليبتلع كل أصحاب الدخول المحدودة فلم يعد هناك منطق ولا قانون حتى تتصاعد نيران الأسعار دون أن تجد من يطفيها أو يحيلها الى برد وسلام، وأظن أن قطاع كبير من هذه الأسر السودانية كأنما هي تتآكل الآن من الداخل بسبب انهيار اقتصادياتها “الصغيرة” والمحدودة .
وربما بعض هذه الأسر أصبحت “مجبرة” لتقليص ضرورياتها لتكن كما القابض على الجمر في سبيل توفير الحد الأدنى من هذه الضروريات.. قصص وحكاوى كثيرة يمكن أن تروى هنا حول إسقاطات الضائقة الاقتصادية وتداعياتها المؤثرة والمباشرة على واقع حياة السودانيين بكل شرائحهم لأن هذه الضائقة لم يسلم منها أحد إلا من رحب ربي فبتنا وكأننا شعباً جائعاً، رغم كثافة المعروض لأن المجاعة بمفاهيم اقتصاديات الأسر قد يعني العجز أو عدم القدرة على مجاراة حركة البيع والشراء لضروريات المعاش حتى لو كانت الأسواق تنعم بقدر كبير من الوفرة (العرض).
وكثيرة هي تلك الأسر التي “عدلت” من مزاجاتها وسلوكياتها “الاستهلاكية” واتجهت الى “اختراع” أنماط واساليب غذائية جديدة في ترتيب مطلوبات “المطبخ” وحاجيات البيت بما يضمن لها البقاء على قيد الحياة، وآخرين من هذه الأسر تملكتهم موجة “الإحباطات” والحيرة فدخلوا في أوضاع نفسية سيئة ربما ستكون نتائجها كارثية أو مرضية بحسب حجم الأثر النفسي الذي تشكله حالة العجز في الحصول على (قوت اليوم)، وفئة أخرى من الذين اشتدت عليهم “وطأة” الضائقة الاقتصادية فكروا في الهروب خارج حدود الوطن أو خارج حدود الأسرة الصغيرة، ولكن يبدو أن أخطر ما في هذه الضائقة حينما يكون هذا الهروب بلا رؤية وبلا بوصلة أو أن يكون نتاجاً طبيعياً لانهيار “نفسي” داخل أفراد الأسرة الأمر الذي ستنفتح أمامه الكثير من قضايا ومشكلات “الإنفاق” والتشرد وجرائم القتل والنهب وكثرة “زوار الليل” وقتها ستكون النتيجة المباشرة لكل هذه التداعيات أن الدولة ستجد نفسها محاصرة بتداعيات اكثر خطرا على المواطن من ازمته الاقتصادية التي تقبض بتلابيبه حينها لابد للدولة ان تكون مستعدة لتوسيع مؤسسات القضاء لأنه كلما انهارت اقتصاديات الدولة اتسعت معها رقعة المنتهكين للقانون والحق العام..وبالتالي تعدد الجرائم والله نساله السلامة واللطف .

الأخبار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..