كوادر طبية تعاني من الكدر

أعلن الدكتور مصطفى إبراهيم، مدير مركز ود مدني لأمراض وجراحة القلب، أنه تم إيقاف 45 كادرا طبيا عن العمل بالمركز. ولماذا حدثت هذه الكشة بالجملة؟ أجاب د. مصطفى : لأنهم رفضوا العمل في العنابر وغرف الطوارئ والعناية المكثفة. وبدوري سألت ضحايا الكشة تلك: مش عيب عليكم تتوقفوا عن العمل في مركز يقدم خدمات حساسة وضرورية جدا لمرضى معظم حالتهم حرجة؟ قالوا: نحن نعمل باليومية؟ نعم؟ باليومية؟ هل أنتم عتالة في السوق الشعبي، أم مهمتكم إعداد شبكة تصريف مياه الأمطار في المركز؟ لا، نحن كوادر طبية و»بارا- طبيةpara-medical» نحمل شهادات ولدينا خبرات تؤهلنا للعمل بمركز القلب في مدني أو تندلتي «الحوار الوارد في هذا المقال افتراضي مؤسس على ما جاء في الصحف».
قلت لنفسي سيبك من المكشوشين هؤلاء، لأنهم بالتأكيد سيقولون عن أنفسهم كلاما طيبا، وتوجهت بالسؤال لمدير المركز: لماذا أوقفتم ذلك العدد الكبير عن العمل؟ فأجاب: أوقفنا نظام التعاقدات، وجعلناهم يعملون بنظام رزق اليوم باليوم، وطالبوا بزيادة الرواتب، فرفعناها من 800 الى 1200 جنيه، ولكنهم تقدموا بمطلب تعجيزي برفع الرواتب الى 2000، وأضاف دكتور مصطفى أن جهات معينة تعمل على «إعاقة المركز وزعزعة استقراره»
إذا قرأنا تصريحات السيد مدير المركز جيدا فإنه لم يقم بإيقاف 45 كادرا عن العمل، بل هم توقفوا عن العمل، ولكن حتى إذا كان قرار التوقيف صادرا من إدارة المركز فإنهم «يستأهلون»، ليس الإيقاف فحسب، بل الطرد. كيف يقبل إنسان بالغ وراشد وعاقل أن يعمل في وظيفة حساسة ذات طبيعة تخصصية بدرجة أو بأخرى، نظير راتب باستطاعته أن يكسب أضعافه لو قاد ركشة ما بين دردق وسنكات جبرونا «هذان اسمان لحيين عريقين في ود مدني»، أو «يتخاتتوا» كمجموعة ويشتروا سيارات أمجاد تعمل ما بين مدني وطابت وبركات ومارنجان؟
ويا دكتور مصطفى، إن مركز القلب ليس مركز استخبارات، أو مفاعلا لتخصيب اليورانيوم، حتى تكون هناك جهات تتآمر عليه وتزعزع استقراره. ثم كيف يكون مركز كهذا «مستقرا»، وهو يعجز عن دفع رواتب تحترم آدمية كوادره، التي وجدت نفسها مضطرة عن التوقف عن العمل، وهي مدركة أن ذلك سيؤدي الى «قطع» أكل عيشها، وأنت من قال للصحف إن المركز حصل على الأجهزة والمستهلكات الطبية «عن طريق الشركات وجهات الاختصاص»، ولم تقل من هي جهات الاختصاص هذه، ربما لأنها لو كانت أصلا مختصة، ويهمها أمر المركز لما اضطرتكم للاستجداء من الشركات وتشغيل الكوادر الطبية بنظام الطُلب «جمع طُلْبة، بضم الطاء في الحالتين»
قبل أشهر قليلة، تم افتتاح مجمع الجراحة ذي الطبقات الخمس في مستشفى بحري، وكالعادة تعالى التكبير والتهليل وتطاقشت العكاكيز مع كاميرات الإعلاميين، واليوم تجرى للمريض جراحة في الطابق الخامس من نفس المستشفى، وبعدها يحمله أقاربه «طب العصب» إلى الطابق الأرضي، ومستشفى أم درمان ما زال في سجمه ورماده، ولابد من رفع المريض على نقالة عبر مزلقانين شديدي الانحدار، حتى يصل الى غرف العلاج التي تعافها حتى الفئران، وحيث يقتسم كل خمسة أطباء طاولة واحدة وسماعة بأذن واحدة
وصدر مؤخرا قرار بمنع طلاب علوم المختبرات الطبية من التدرب في المستشفيات، وهو قرار أؤيده تماما، على أمل أن يمنع قرار المنع هذا أجيالا أخرى من الشباب من دراسة علم صار جواز مرور مضمونا للبطالة الشاملة، وما نعرفه عن حال الخدمات الطبية عموما في بلادنا يجعلني اتعجب من تدافع الشباب لدراسة علوم الطب والمختبرات و»الأشعة»، بينما باعة أواني البلاستيك أمام المستشفيات يكسبون في أسبوع من المال، أكثر مما يكسبه الطبيب في شهر، «أعرف صيدلانيا هداه الله الى طريق الصواب، فهجر المهنة وافتتح روضة أطفال فصار يكسب المال وحب الناس وراحة البال».
الصحافة
صبرا ال الطب فان موعدكم الجب
صبرا ال الطب فان موعدكم الجب