مقالات وآراء

قضية الشرق .. كلاكيت تاني مرة!!

 

نقوش

لؤي قور

هدد رئيس المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة، محمد الأمين ترك، الثلاثاء، باللجوء لحمل السلاح، ما لم يتم أخذ مخرجات (ورشة القاهرة)، خاصة المتعلقة بقضية شرق السودان، في الاعتبار. ودعا (ترك) لتنحية رئيس لجنة مُعالجة أزمة شرق السودان، نائب رئيس مجلس السيادة، محمد حمدان دقلو، من منصبه.
هكذا يحاول الإخواني (ترك)، الذي استخدمه العسكر كمخلب قط لإضعاف المدنيين في حكومة الشراكة، خلال الفترة الانتقالية الموؤودة، أن يعيد لعب ذات الدور بهدف إعاقة الانتقال. غافلاً عن أنه لم يكن لينجح في مسعاه بإغلاق ميناء بورتسودان لأشهر في المرة السابقة، لو أن العسكريين كانوا (شريكاً جاداً) في الوصول بالفترة الانتقالية إلى غاياتها، بل كانوا معه على ذات الضفة، وكان للعسكريين وقتها هامش كبير لـ (المناورة)، بفعل واقع الشراكة.
فهل ينجح (إخوان ترك) في مسعاهم هذه المرة؟
تأتي تصريحات (ترك) عقب انطلاق مؤتمر (خارطة الطريق للاستقرار السياسي والأمني في شرق السودان)، الأحد الماضي، برعاية الآلية الثلاثية، وبمشاركة القوى الموقعة على (الاتفاق الإطاري)، وهيئات إدارية، ومنظمات مجتمع مدني، فضلا عن أكاديميين، وممثلين لشرق السودان.
وفي تصريحات سابقة هذا الأسبوع، قال ترك – فيما يشبه المن والأذى – إنه (منع مناصريه) من الاعتداء على طائرات أرسلتها الآلية الثلاثية لنقل الوفود المشاركة في مؤتمر شرق السودان، مُطالباً بأن يكون للشرق منبر تفاوضي منفصل، مع الإبقاء على تعليق مسار شرق السودان الذي أقرته اتفاقية جوبا للسلام.
يحاول ترك إذن لعب ذات الدور الذي لعبه في تقويض الانتقال أول مرة، حينما تعامل معه الشريك العسكري على أنه أداة ضغط لإضعاف المدنيين، تمهيداً للسيطرة، إن لم يكن للانقلاب على الحكومة المدنية.
لكن (ترك) هو الذي أضعف العسكر وقتها، وأخطأ المدنيون في التعامل معه على أساس أنه زعيم قبلي محض، وهو (إخواني) معروف بانتمائه لـ (المؤتمر الوطني) المحلول، و(فلولي) كان مرشحاً عن الحزب في انتخاباتهم المخجوجة أكثر من مرة.
وفي نهاية الأمر، كشف المدنيون حقيقة تآمر العسكر على الفترة الانتقالية مع (ترك) وأعلنوا ذلك للناس، ورفضوا ابتزاز العسكر لهم بالأمن، باعتباره من صميم واجباتهم، ما أدى لانقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر.
اليوم يحاول (ترك) وإخوانه لعب ذات الدور الذي لعبوه في تقويض الانتقال الأول، لكن بعد أن مرت مياه كثيرة من تحت الجسر. فمن جهة، هناك واقع فشل الانقلاب باعتراف منفذيه، ومن ثم التوقيع على (الاتفاق الإطاري) الذي أقر فيه العسكريون بابتعادهم بالكامل عن العملية السياسية أثناء الفترة الانتقالية، وأوكلت لهم في ذات الوقت مهام (حماية الانتقال)، ما يجعل حلفاء الأمس فيما يتعلق بـ (ملف الشرق) على طرفي نقيض اليوم، بالإضافة لوجود فاعلين جدد في الملف، في ظل (ضيق) هامش المناورة على العسكر فيما يتعلق بالملفات الأمنية الموكلة إليهم.
أما الحديث عن أن السيد (ترك) يستقوي بأجندة أجنبية هذه المرة، فعن (الإخوان) حدث ولا حرج. لكن الثابت أن (ترك) في واقع الحال أضعف بكثير مما كان يتم تصويره في حملات دعاية الإخوان والثورة المضادة في المرة السابقة، حتى لو تمسح بمسوح (الأجندة الأجنبية) هذه المرة، وأطلق التهديدات الجوفاء.
أما توصيات (مؤتمر خارطة الطريق للاستقرار السياسي والأمني في شرق السودان)، والذي انطلقت فعالياته الأحد الماضي، فستُضمن داخل الاتفاق النهائي، بحسب إسماعيل وايس، مُمثل الآلية الثلاثية، خلال كلمته الافتتاحية التي اعتبر فيها المؤتمر خطوة أولى للحوار والنقاش بشأن الحلول للتحديات في شرق السودان، مُؤكداً الضرورة المُلحة للعملية السياسية في البلاد لمواجهة التحديات التي يواجهها الشرق من مظالم تاريخية. وقال: “توصيات المؤتمر ستُضمن في الاتفاق السياسي النهائي، ويجب أن تُنفذ من قبل الحكومة الانتقالية المدنية المُقبلة في السودان”.
الطريق إلى التحول المدني الديمقراطي طويل وشاق ومليء بالعوائق وغير آمن من ناحية احتمال الردة إلى الديكتاتورية، وغني عن القول إن (الإخوان) وقوى الثورة المضادة لن يوفروا جهداً في محاولة إعاقة الانتقال هذه المرة، وفي كل مرة. فهم أعداء الانتقال بـ (الأصالة)، ولا أقل من أن تستفيد قوى الانتقال المدنية من أخطاء الماضي القريب، لتُقدم تجربة مختلفة هذه المرة، تقوم فيها مؤسسات سلطة مدنية فاعلة، تلتزم بتنفيذ أهداف وتحقيق شعارات ثورة ديسمبر المجيدة دون إبطاء، خلال فترة الانتقال، خاصة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو، وقضايا العدالة التي تعثرت كثيراً عقب انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر.
حفظ الله السودان وشعب السودان..

الديمقراطي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..