أخبار السودان

بعد رحيل الترابي ..العرجَاء لمراحها !

حسن وراق

@  نختلف معه أو نتفق ، سيظل الشيخ حسن عبدالله دفع الله الترابي  الذي ووري الثري  صباح أمس  عالما و مفكرا إسلاميا فذا و زعيم سياسيا بارزا  ترك بصماته في خشبة  المسرح السياسي منذ ظهوره لاول مرة في الخمسينات و حتي  لحظة ما قبل وفاته ، نسأل الله له الرحمة والمغفرة  فهو الآن  يسأل عند مليك مقتدر . رحيل الشيخ حسن الترابي  عراب  الحكم الراهن  ، سيظل مؤثرا  وله ما بعده من أحداث متوقعة ،  سيما و أن الجماعة الحاكمة الآن  من تلاميذه و حوارييه الذين قلبوا له ظهر المِجَن  لأسباب كثيرة ليس من بينها الاختلاف الفكري الذي انتفي في ظل المفاصلة بينه وبين تلاميذه و حواريه و هو إنقسام  مصالح أشبه بإنقسام معاوية واحمد سليمان  في 1970 وأسفر عن وجود حزب شيوعي لم يصمد (ساعات) ، إكتفي امينه العام الاستاذ عبدالخالق محجوب  بوصفه ب (جناح معاوية) لأنه يدرك أن بهذه التسمية سينفض الشيوعيون من حوله وهذا ما  حدث .

@ الشبه  بين انقسام الشيوعيين في 1970 و انقسام (مفاصلة) الإسلاميين 1999 ، أن الجناح الاضعف فكريا  و عمليا و جماهيريا ، إستقوي بالسلطة ، الذين إنفصلوا عن شيخهم   يحملون

 مبرر خاص به  يدور  حول  الخلاص  من شخصية الترابي الكاريزمية  المهيمنة التي  تسد الطريق أمام بعض القيادات الطموحة  للوصول الي القمة  والبعض الآخر  عقد الآمال علي  العسكر في قيام و تأمين  دولة الاسلام  وان دور الشيخ إنتهي بنجاح الانقلاب لتتسع دائرة المفاصلة التي جذبت إليها اعداد كبيرة من قبائل الانتهازيين  من (فلول) الاتحاد الاشتراكي و بقية الاحزاب الذين  يؤمنون بالأنظمة العسكرية بغض النظر عن الوجهة العقائدية  لتنتصر وجهة المصالح الذاتية  .كل الهم كان في قطع الطريق أمام أي مصالحة للنظام الحاكم  مع مجموعة الترابي  التي واجهت تنكيل و تقتيل  و أصبحت العدو الاساسي  لحكم عسكر الاسلاميين  وتلاميذه ، الذين  ظنوا أن بالمفاصلة  سيجدون القبول من المجتمع  الدولي الذي يري في وجود الترابي في دست الحكم   يعظم ارتباطه بالإرهاب العالمي و مثلث الشر وبإبعاده  سيحدث انفراج  ،الامر الذي لم يحدث حتي الآن .

@ تيارات المتشددين من تلاميذ الترابي  (صقور الإنقاذ) ، يدركون  أن الترابي  يحتفظ بمرارات  ومظالم كثيرة لتلاميذه وهو لم يخفِ (حقده) عليهم وتصريحاته النارية  كان يغلفها بالتورية والمحسنات البديعية والبلاغية  ليس خوفا منهم ولكن تأدبا واحتراما للمقام الذي يفرض عليه مقالا متزنا ، لم يعط لهم وزنا يستشعرونه بقدر ما هو إحتقار  بائن  ، يتحدث بحرقة شديدة  عن سنوات سجنه بواسطة تلاميذه ايام حكمهم ، أكثر من سنوات حكم الديكتاتوريات السابقة  . شيخ الترابي كان دائما يردد بأن تلاميذه ،  الذين (خانوه) و آثروا أن يصبحوا أعوان للعسكر حرصا علي مصالحهم الذاتية ،  كانوا يترددون عليه  في الخفاء ، يسرون اليه بعظائم أمور الحكم وما يدور  من صراع داخلي  كانت بمثابة ذخيرة له يحسن استخدامها و يناور بها من موقف اكثر قوة ولعل ما إقترحه من منظومة جديدة (النظام الخالف) وجدت قبول  أجمع عليه اهل الحكم لإعادة  توحيد أهل القبلة و جماعات الاسلام السياسية .  شيخ الترابي يري في النظام الخالف  وسيلة لإحداث إختراق في  نظام تلاميذه الذين أذاقوه الويل بينما  بدأ يتشكل  اتجاه قوي داخل النظام  بضرورة  توزيع ازمة  حكمهم  علي قطاع الاسلاميين العريض للدفاع عن بقاء دولة الاسلام التي قامت في السودان وارتبطت بدوائر اسلامية عالمية تري  ضرورة الدفاع عن نظام  الخرطوم بكل السبل .

@ رحيل شيخ حسن الترابي المفاجئ رسالة لكل الاسباط ، ستترك آثار عظيمة علي صعيد الحكومة المأزومة و حزب (المؤتمر الشعبي) الذي سيشهد ازمة قيادة   متوقعة ستنتهي بموسم هجرة جماعية  الي المؤتمر الوطني الذي سيصبح أكثر جاذبية لعناصر الشعبي التي كانت (تستحي) من وجود الترابي المنافح و المعارض  بشراسة لنظام تلاميذه . رحيل الترابي سيزيح الستار عن  الصراع المخبوء  الذي كان يديره الترابي بكاريزميته . كل الترشيحات التي بدأت تظهر علي السطح بعد رحيل الترابي  لا يوجد بينها شخصية  تلقي حد من الاجماع والكل يمني نفسه بان يصبح الخليفة . نائبه الشيخ ابراهيم السنوسي الذي  سيخلفه  بنص اللائحة حتي قيام المؤتمر العام  لا يجد سند وسط الشباب لحدته  وانفعاله علي الرغم من تشبهه بالشيخ الراحل . أكثر الاسماء التي تتردد علي الخلافة ،  الدكتور علي الحاج الذي يدعمه ابناء دارفور والغرب  علي الرغم من تحفظ عدد كبير من مثقفي الحزب وقطاع كبير من تلاميذ الشيخ (خلوها مستورة ). عبدالله حسن أحمد احد أقوي المرشحين لخلافة  الترابي  علي الرغم من قربه من الشيخ  و بعده عن قواعد الحزب و هو الاقرب لقواعد المؤتمر الوطني اما بقية المفكرين  امثال المحبوب عبدالسلام و الي حد ما الاستاذ ابوبكر عبدالرازق والذين ابتعدوا كالأستاذ التجاني عبدالقادر و الدكتور حسن مكي فإن عودتهم ستزيد ضرام الصراع  و لا يوجد مخرج لازمة (الخلافة) داخل الشعبي في  ظل غياب الترابي إلا  عبر قيادة جماعية او الذوبان في حزب الحكومة .

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. هههههه خلوها مستوره د. على الحاج الان يقترب من رئاسه حزب الشيخ بقدراته السياسيه المعروفه . وسوف يثير ذلك جدلا كثيفا اما الشيخ إبراهيم السنوسى سوف تقف حدته كحجر عثره كبيرا امام تقدمه واشرعه الحزب مشرعه امام التعقيدات والأزمات .

  2. ( عالما و مفكرا إسلاميا )
    اين تجلى علمه وفكره عبر الحقب التي مر بها السودان منذ الاستقلال ؟؟ ما تشلف ساكت يا حسن وراق .. أن تترحم عليه فهذا حقك … اما ان تصفه عالما ومفكرا فهات لنا نتاج فكره وعلمه وبصماته على مسيرة دوله بأكملها في كل المناحى حتى نصدقك القول .

  3. الأخ حسن وراق كيف يكون رحيل الشيخ الترابى كان مفاجئاً والرجل قد بلغ 84 عاماً ؟؟
    وبالرغم من أن قيمنا وتعاليم ديننا الحنيف ( الدين الحق وليس دين المصالح ) تمنعنا من سب وقذف الأموات فاننا نقول ذهب الشيخ إلى ربه وهو الآن بين يدي رب عادل يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور إن شاء غفر له وإن شاء عذبه بقدر ما إقترفت يداه من ظلم فى حق الكثير من ابناء الوطن .

  4. قطاع واسع من السودانين بالخارج يعلنون العوده الی الوطن بسبب انتفا الأسباب التي دفعتهم للهجرة القصريه …وفي المقابل كتب الشعب السوداني في حالته انه يشعر بالراحه.

  5. أستاذنا وراق:

    أراك اليوم غير متسق…..
    إن تقلها تمت، وإن لم تقلها تمت ، فقلها ومت.

    أو أنعم بباقي عمر – يطول أو يقصر – وأنت متسق ومتصالح مع ذاتك- كما عهدناك -.

  6. قديما قال نابليون بونابرت … الثورات يسرقها الانتهازيون ….
    الانقاذ شانها شان غيرها فقد سرقها الانتهازيون الذين عاثوا في الارض فسادا ونهبوا اموال الدوله وقتلوا وسفكوا الدماء وقمعوا وبطشوا بكل من يعارضهم اويناصحهم او يناطحهم بكلمة حق
    المرحوم الشيخ الترابي كان قد تبرا من تلاميذه العاقين وندم على القيام بالانقلاب على الحكومه الشرعيه المنتخبه ديمقراطيا بدون تزوير او فرض انفسهم بقوة السلاح والبطش
    لا شك ان وفاة الشيخ الترابي ستثير ما في النفوس وستخرجه ثورة جامحة فيما بين الانقاذيين بالتالي فان المرحله القادمه تفاعل وتغيير سيقوده الاسلاميون نفسهم بنفسهم وان من بينهم الصالحين كما فيهم الطالحين شانهم شان اي تنظيم

  7. قطع أرزاق الناس بإسم الصالح العام، أكبر جرائر الترابي، قد نُتجادل في فصل الجنوب بأنه إختيار أهله، وقد نتجادل في الجهاد ضد الإخوة في الوطن بإعتباره فريضة إسلامية، وقد نتجادل حول الإنقلاب ذاته بإعتباره ممارسة شائعة في السودان وغيره من الدول المتخلفة،
    ولكن الإحالة للصالح العام، شئخ مختلف تماماً.

    إرث الترابي قبيح وثقيل، فكيف الخلاص منه؟!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..