ضد الدولة

ضد الدولة

كلما تأملت ما يجرى حولنا وفي محيطنا العربي كلما حمدت الله على نعمة الامن والامان والاستقرار وكلما شعرت بالفخر وبالانتماء لهذا الوطن السودان بكل مكوناته الطبيعية وثقافاته وتقاليده واعرافه وقبائله بكل سحناتها على مختلف تعددها وتجانسها ولعل الله قد حبا هذه البلاد بتفرد في انسانها فقد صهرته وأخرجت منه شعب يحتذى به ومعلم للشعوب في كل شيء وقدوه تحلت بكل صفات الجمال والابداع والكرم والامانة والشهامة والنجدة شعب ابي يعرف الخير ويكره الظلم .
ما دفعني لهذة المقدمة هو ذلك الاحساس الذي اراه في عيون شعبنا الكادح والصابر والذي يئن تحت ضيق العيش واستفحال الحالة الاقتصادية الصعبة وتأثيرها على المواطنين الصابرين والقابضين على جمر ارتفاع الاسعار في الاحتياجات الاساسية من المأكل والمشرب والعلاج والصحة والتعليم يحدوهم الامل بأن يأتي اليوم الذي يتغير فيه حالهم من البوس والشقاء إلى حياة كريمة تتوفر فيها كل متطلبات الحياة فلا يشقى فيها احد في بلادي وحلم يراود ابناء شعبنا بأن يأتي اليوم الذي نرى فيه السودان عملاقاً قوياً ناهضاً تنموياً وعمرانياً زاخراً بخيراته متمتعاً بثرواته وموارده .
لقد حبانا الله بكثير من الخيرات والنعم والانعام والاراضي والانهار فأخرجت لنا من كل الخيرات زرعاً وضرعاً .
ولكننا لم نحسن ادارة هذه النعم ولم نصنها وتركناها نهبنا وضياعاً ولعل السياسات الاقتصادية ومتغيراتها وتعددها وضعف التنسيق والتخطيط بين مختلف القطاعات إدى إلى ما نحن فيه الآن من ضائقة معيشية واقتصادية .
لقد اصبحنا ضد الدولة فاختلفت المعايير وانهارت القيم التي تدعم وتحمى مكتسبات وثروات البلاد والعباد .
لقد انعم الله علينا بهذه الاراضي التي امتلئت قمحاً وقطناً وصمغاً وسمسم وكركدي وحب بطيخ ووعداً وتمنى وانعم الله علينا بثروة حيوانية بمختلف اشكالها والوانها وتعدد مسمياتها .
لقد حمى الله هذه البلاد من تآمر المتأمرين وكيد الكائدين ؛ لم ننكسر ولم نركع لأننا شعبا تقى ومتدين وصابر يعلم أن الله قد جعل لكل ضيق فرجا وأن هذه البلاد بلاد خير وعزة ؛ لم يكسرنا الاعداء فلماذا نكسر بلادنا بانفسنا ونبدد ثرواتنا ونضيع مستقبل اجيالنا واحفادنا ؛ لماذا لا نحافظ على هذه النعم من اجل شعبنا ووطننا ؛ لماذا اصبحنا ضد الدولة بعد ان كنا دولة ؛ لماذا نخرب ونضيع ما بناه اجدادنا… اليس الاولى أن نطور بلادنا لنصبح ارقى الدول بعد ان عمرنا كل الدول بخبراءنا وخبراتنا وامانتنا وصدقنا .
عندما انهار الاتحاد السوفيتي لم ينهار بالصواريخ ولا الدبابات لقد انهار بانهيار الاخلاق والفساد والرشوة وانهيار الخدمة المدنية والمرافق الخدمية لم تشفع لهم كل التكنولوجيا التي ملكوها ولا قنابلهم النووية ولا صواريخهم والقصة معلومة للجميع لقد استخدم عدوهم المكر ولعب على سلاح الخدمة المدنية وقادتها فحقق مالم يحققه بالسلاح والقتال فنال ما أراد وصار يحكم العالم قطب واحد ونحن نخاف أن يخكمنا ذلك القطب الذي يسرق ثرواتنا وعائداتنا ومستقبلنا , ليس نتيجة ضعف منا ولكن بتلك السياسات التي لاتراعي مصالح البلاد والعباد , ووجود من هم لايعلمون مايفعلون ويطلقون القرارات ولايرون إلى أين ذهبت وهل أصابت أم أخطأت ؟! لايراجعون و لايتراجعون تحسبهم جميع وقلوبهم شتى أضاعوا ثروات البلاد وخيراتها وجعلوها نهباًً لضعاف النفوس وتجار العملة .
إن ما يحدث من ممارسات في ثرواتنا ومواردنا وصادراتنا المختلفة لهي صورة لما صرنا عليه ضد الدولة ولكن ليس الشعب ؛ ولكن مؤسسات الدولة التي تعمل ضدها أنظر للسياسات التي تحكم موارد البلاد في مجال الصادر وما يحدث فيها من تخبط في السياسات , كم من المنشورات وكم من القرارات بدءاًً بسياسة الحافز ثم سياسة الـ 10% لصالح قطاع الأدوية , ثم سياسة الحافز 70% لصالح القطاعات بما فيها الدواء وفي كل حالة يزداد الوضع سوءاًً وتدهوراًً.
عندما تم التعدي على نسبة الـ10% المخصصة للدواء وذهبت الملايين لغير مستحقيها هل تم دراسة إيجابيات وسلبيات إلغاء قرار الـ 10% والذي كان من الممكن إدخال بعض التعديلات عليه ليصبح أفضل مما هو عليه سابقاًً ولتمكنا من توفير إيرادات كافية من النقد الأجنبي لصالح قطاع الدواء ؛ ولكنها تلك النظرة التي تقفز وتتجاوز لتخرج لنا بقرار آخر بعد أن ذهبت أموال الدواء إلى غير مستحقيها وجاءت سياسة الحافز نسبة الـ 70% والتي هي صورة طبق الأصل لمواصلة نفس الممارسات وضياع الأموال التي تخصص للقطاعات المختلفة بما فيها الدواء , والسؤال الذي يطرح نفسه عن مدى حاكمية ومراقبة بنك السودان تجاه ممارسة البنوك التجارية (الأجنبية والمحلية ) وما نراه من ممارسات وتلاعب في عائدات الصادر والإستيراد الذي يتم عن طريق المستندات والفواتير والذي بلغ فاقده أكثر من 200 مليون درهم وحتماًً سوف نسمع ونرى عن تجاوزات في خصم نسبة الـ70% وتخصيصها ؛ فبالله كيف تحكمون !
كنت أتسآل دوماًً هل عندما يتم إتخاذ أي قرار لهذين القطاعين الهامين سواء في الصادر أو الوارد هل يتم إستشارة الأجهزة التنفيذية الأخرى ؟ وأهمها الجمارك ؟! وإستصحابها في وضع الضوابط والشروط اللازمة للحفاظ على مكتسبات البلاد والعباد ! وذلك لعلمي أن كل مايتم من تجاوزات تحدث نتيجة لغياب هذه الأجهزة وعدم إستصحابها مسبقاًً في إتخاذ القرارات والدليل ذهاب نسبة الـ 10% لغير مستحقيها ولعل مايحدث من ممارسات في سوق النقد الأجنبي لهو مؤشر لما يحدث في هذين القطاعين الهامين ولعل إرتفاع الدولار في ظل هذه السياسات لهو أكبر خلل وضياع لموارد البلاد ومساهمة في خنق المواطن والتضييق عليه في سبل رزقه وإحتياجاته نتيجة للمضاربات التي تحدث لعملية تدوير العملة ( رايح جاي ) وإستنزافاًً لموارد البلاد وعائداتها وهي أعمال ضد الدولة وضد الشعب .
إن السياسات المتعلقة بقطاع الصادر وخصوصاًً التعاقدات الخارجية والمتمثلة في وسيلة الدفع المقدم والتي تعد من أفضل الوسائل عالمياًً ولكنها للأسف تستخدم الآن لضرب البلاد وإستنزاف مواردها وضياعها لاشك أن قطاع الثروة الحيو انية والمحاصيل الزراعية ظلت تعاني وتئن من إغراق للأسواق الخارجية وخصوصاًً سوق الثروة الحيوانية وتدني أسعارها خارجياًً وإرتفاع قيمتها داخلياًً وما يتبع ذلك من آثار سالبة على الوطن والمواطن .
ولاشك أن مايحدث من قبل بعض الأجهزة الحكومية وخصوصآ وزارة الثروة الحيوانية من ممارسات هي ضد الدولة وخصوصاًً في قطاع الثروة الحيوانية الذي يعاني من التدمير والتجريف والإهمال نتيجة كثير من الممارسات منها ذبيح الإناث وصادر الإناث وتهريبها وغيرها من الممارسات الضارة بالقطيع القومي والتي تتم تحت حمايه ورعايه كريمه من الوزارة في ظل غياب المحاسبة والمسالة تجاه من يقومون بتلك الممارسات مما يجعلنا نتسال عن دور وكيل الوزارة وضعف مستوي اداءه وسلبيته تجاه كثير من القضايا والملفات التي بحوزته والتي سوف نستعرضها ملفآ تلو الاخر وبالمستندات ولا شك ان سلبية متخذي القرار ساهم في كثير من الممارسات السالبه ومنها ما يحدث من ممارسات من قبل العاملين في الوزارة ولا شك ان بقاء بعضهم في بعض المواقع اكثر من 12عامآ لهو امر غريب مما يجعلهم يخلقون امبرطوريات من الفساد المالي والاداري دون النظر الي ما يقومون به من ممارسات اضرت بالبلاد والعباد .
وعندما يصر الوزير وينفي عدم وجود رسوم يتم تحصيلها من قبل الوزارة والبعض يصر حتى الامس في تحصيلها مما يجعلنا نتساءل عن مدي الفساد الذي استحكمت حلقاته في وزارة الثروة الحيوانية ولا شك ان كل ما سقناه من كثير من الممارسات والتي سوف تظهر اثارها في مقبل الايام وفي ظل ظهور اثار كثير من الممارسات علي ارض الواقع والتي سوف يجنى ثمارها بلاشك المواطن من ارتفاع في اسعار الاضاحى وفي كل احتياجاته من علاج وصحه وتعليم وغيرها من ضرويات الحياه
فكيف يطمئن المواطن على أن موارده سوف تعود عليه بالخير في ظل مايجري واشغال البعض في سفريات الخارجية والحصول علي اكبر قدر من النثريات الدولاريه والتي لم نجني منها سوى الخراب والدمار.
لاشك ان غياب دور وزارة التجارة عن ممارسة اليآتها في ضبط عمل الصادر ومراقبه قد خلق فراغآ كبيرآ وذلك لما تملكه من خبرات ووسائل في ضبط عمل الصادر .
ولاشك ان تغير العمل في صادر الثروة الحيوانية من الوزن بالطن إلى البيع بالرأس وما تم من تخريب وممارسات في ظل العمل بالبيع بالطن وما أوصى به كل عليم حفاظاًً على ثروات البلاد من المتلاعبين والمضاربين وتجار العملة الذين إستغلوا صادر الثروة الحيوانية للحصول على عائداتها عن طريق تدوير هذه الأموال بمساعدة بعض البنوك التجارية مستغلين الثغرات التي تحدثنا عنها سابقاًً , على الرغم من إقتناع اللجنة بجدوى تحديد سعر للبيع بالرأس ولكن حتى الآن لم يتم إصدار القرار ليستمر مسلسل إهدار الموارد وضياعها .
وجل ما اختم به مقالي هذا أن هذا الشعب يستحق ان يحس مواطنه بصدق وأمانة القائمين على إدارة موارده ومحاسبة كل من يقصر في واجبه ونحن نستشعر مخرجات الحوار الوطني لتتنزل على أرض الواقع خيراًً وبركة وأملآ من أجل وطن نعيش فيه متساويين ومتحابين ومستفيدين من ثرواته وخيراته , وطن شامخ عزيز سلة غذاء للعالم وقبلة للمحتاجين والناس آجمعين …
ونواصل في فتح ملفات الثروة الحيوانية

ولاحول ولاقوة إلا بالله ,,,

خالد علي محمد خير
مقرر شعبة الماشية السابق
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..