مقالات، وأعمدة، وآراء

حدث في العيد

أسماء محمد جمعة

حدث في العيد …… الأسبوع الماضي مر عيد الأضحى المبارك مثلما مر 59 عيداً خلال 29 سنة وشهرين والشعب مثقل بالهم والأوجاع والشقاء، وفي كل عيد يتدهور الحال أكثر فأكثر، وهذا العيد هو الأسوأ على الإطلاق، لأن المعاناة فيه فاقت حد التصور، ولن أذكر الناس بها، ولكن أذكرهم بأن الأعياد والسنوات القادمة ستكون أسوأ ما لم يتغير تعاملهم مع الواقع ويرفضون المزلة والاستسلام، فالطريق الذي تمضي فيه الحكومة سيجعل كل الشعب في حالة موت سريري، عدا أعضاء المؤتمر الوطني الذين سيكون همهم جميعاً الحفاظ على شعب لا يتمتع بشيء من حقوقه، غير التنفس من خلال مبادرات يدعي أنها تقربه إلى الله وهو أبعد ما يكون.

أيام العيد انتشرت صور لأعضاء المؤتمر الوطني وهم يسلمون قطع لحم للمواطنين من خلال مبادرة قام بها الحزب سماها (أشعريون)، ووجدت الصور استنكاراً واسع النطاق، وبغض النظر عن الصور وهي فعلاً (شينة) في حق المواطن ولكن هي طريقة قديمة يمارس من خلالها المؤتمر الوطني هوايته المفضلة بتمثيل دور الخير الذي يعطف على الفقراء، وهو في حقيقة الأمر يستمتع برؤية الانكسار في عيون المواطنين، مع أن ما يجود به هو جزء لا يذكر من ديون المواطنين التي في عنقه.

حسب الأخبار رئيس قطاع الإعلام بالمؤتمر الوطني دافع عن الحملة قائلاً بأن الأصل في الإنفاق يكون سراً وعلانية على أن يكون من غير من ولا أذى، ولكن نذكره بأن ذلك يقصد به عطاء الأفراد الذين يتصدقون من (حر) مالهم وليس الأحزاب الحاكمة التي تأخذ من الحق العام فهذا لا يسمى عطاءً وإنما ابتزاز، كما أنه قال إن الفقر ليس عيباً والناقدون لمبادرتهم يريدون نسف ثوابت المجتمع في الإنفاق والتعاطف، وأن المبادرة مجتمعية لإحياء قيمة كادت أن تندثر من عاديات الحياة،بل وتساءل ماهي الجريمة التي ارتكبناها؟ . تخيلوا هؤلاء البشر، يقولون هذا الحديث وهم يعلمون أن الشعب السوداني هذا لولا تكافله وتراحمه وإنفاقه على بعضه لانقرص عن بكرة أبيه بسبب سياساتهم الافقارية فالمواطنون أغنياء مع وقف التنفيذ، الرجل مضى في حديثه إلى أكثر من ذلك، وقال تمنيت لو أن أحداً كتب مشاهدات الفرحة على وجوه الأطفال والأسر، وهي تتلقى مردود هذه الحملة، وفي الحقيقة لم يرَ أحد في عيونهم غير نظرة الانكسار فهل تفرح قطعة لحم من فقد كل حقوقه في الدنيا .

حسب الأخبار أيضاً أعلن حزب المؤتمر الوطني عن نجاح الحملة إياها وأنهم استطاعوا في يومهم الأول ذبح 658 ثور و1003 خروف ووزعت 319.966 ذراع على الفقراء والمساكين، (باقي اللحم ودوهو وين)، ثم لماذا يوزعون السواعد فقط ؟ ومن أين أتوا بالمال الذي اشتروا به الخراف والثيران، طبعاً مستحيل يكون مساهمات من أعضاء الحزب فنحن نعرف أنهم يأخذون ولا يعطون.

نقلت الأخبار أن نائب رئيس المؤتمر الوطني محمد حاتم قال إن حملة (أشعريون) والمبادرات التي يُطلقها المؤتمر الوطني، تأتي لأن الحزب في خدمة الشعب. وأكد أن الحملة ستستمر طيلة أيام التشريق بغرض “التقرب لله سبحانه وتعالى وأن هناك 49 مبادرة جديدة ضمن الحملة لتخفيف أعباء المعيشة عن كاهل مواطني ولاية الخرطوم. ومحمد حاتم سبق وأن أطلق هو نفسه العام الماضي مبادرة شعارها (زيرو حفر كوش عطش) ومساعدة المواطنين، ولم نرَ غير زيادة في الحفر والكوش والعطش ومزيد من الرهق والمعاناة

للمرة المليون نقول إن المبادرات التي يقوم بها المؤتمر الوطني ليس لها علاقة بمساعدة الشعب ولا تقدم له أي شيء بل تأخذ منه أكثر مما تعطيه، وهذا ليس عمل حزب حاكم وإنما عمل منظمات مجتمع مدني، وحقيقة المواطنون تساعدهم السياسات التي تنفذ عبر الدولة وتسهم في تحقيق التغير الحقيقي وتجعلهم يغادرون محطات العطالة والجهل والمرض والفقر التي ظلوا منتظرين بها ثلاثة عقود إلى رحاب الرفاهية .

عموماً المؤتمر الوطني مشكلته أنه لا يفكر بعقلية حزب حاكم ولذلك ستظل أفكاره ومبادراته، كلها تدور حول الحفاظ على استمرار الوضع الراهن، وللأسف باسم الدين والقيم ولو أنتج مليار مبادرة لن تحل مشكلة أبداً.

التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..