يموتون علي يد الوطن

حدث كل هذا في مدينة القضارف في أقل من أسبوع واحد.. اختطف ركاب سيارة طفلا لم يتجاوز الرابعة من عمره ثم قذفوا به خارج سيارة الأتوس المسرعة التي لا تحمل لوحات عندما أوشك مطاردوهم على اللحاق بهم فلقي الطفل حتفه على الفور، ويافع شنق نفسه أو وجدوه مشنوقا داخل مدرسته، وتكرر نفس المشهد مع امرأة وجدوها مشنوقة أو شنقت نفسها داخل قطيتها.توالت كل هذه المشاهد في القضارف وليس في بعقوبة أو وزيرستان أو درعا أو قاو أو موغديشو أو بيشاور. هناك من لا يزال يحسن الظن بالولاية ويسميها سلة غذاء الوطن، رغم أن السواعد لا تنتج الغذاء في غياب الأمن والأمان. الضحية في جميع الأحوال لن يملك صفة الضحية ما دام المجرم شبح طليق لا يحمل صفة المجرم، وما دام الوطن قد أصبح الناس يموتون على يده بدلا من الموت لأجله وحبا فيه، ولا عزاء لأحد أو أن العزاء لن يتقبل من أحد إلا بعد الحدث الأكبر. الولاية كلها بدركها وعسسها وعيونها غارقة في فعل ذلك الحدث الأكبر الذي يعلو على ما سواه؛ وهل هناك حدث أكبر من تنصيب وال جديد سيختلف هذه المرة عن سابقه ويعي الدرس. وال يعرف جيدا ما يجب أن يقال ومتى يقال،وما يجب ألا يقال، ويعرف متي يصمت ومتى يتكلم.الوالي القديم أجبره حصاد لسانه على الرحيل المبكر.ولكنهم جميعا، الوالي المقال أو المستقيل، والوالي الانتقالي، والوالي الجديد الذي سيكون نفس الوالي الانتقالي لا محالة،لم يكن أمن الديار مبلغ همهم، والفشقة جزء عزيز من هذه الديار وأكثرها خصبا وغيثا، تخلوا عنها، بمثل كرم ود زايد، للمستوطنين الجدد الذين عبروا الحدود من الجارة العزيزة.
امرأة وطفل ويافع لقوا حتفهم خلال أقل من أسبوع داخل مدينة القضارف و(الحسّابة بتحسب)،في انفلات مجتمعي وتراجع قيمي وتيه أمني لا مثيل له،ولربما يكون القادم أسوأ، وكلهم في شغل شاغل عن أمن المواطن، والشر يغزو طرقات الولاية و يستوطن دروبها، والجيران باتوا على مشارف المدينة، وما من “وجيع” حتى لو كان مدافعا “بالنظر”.

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..