التعليم العصري ومحاكم التفتيش

د. حيدر إبراهيم علي
صار من البديهي أن أي محاولة لإنجاز التنمية والنهضة الحضارية في أي بلد يتطلب أن تبني البلاد نظاماً تعليمياً عصرياً أي ينتمي لحضارة القرن الحادي والعشرين القائمة على العلم والعقلانية والحرية. ومن هذا المنطلق ازداد الاهتمام بالتعليم والمناهج الحديثة التي تخلق مواطناً صالحاً قادراً على التفكير وحل المشكلات والعيش في سلام وتسامح ويرنو دائماً إلى المستقبل والغد المشرق.
ولكن السودان ظل خارج هذا التاريخ الجديد للتربية والتعليم لأن جيوش الظلام والتخلف مازالت نشطة في الحياة العامة وفي الدولة تعمل بهمة لبقاء السودان في العصور الوسطى.
في الأسبوع الماضي أعلن مجمع الفقه الحرب الصليبية على المناهج الجديدة وعلى مديرها د. عمر القراي. أولا لا أدري من أين استمد المجمع شرعية التدخل في شؤون تقوم على أمرها وزارة التربية والتعليم، وهنا نريد أن نعرف ما هي الأهداف التي تم بموجبها إنشئ هذا المجمع. وكان الإسلامويون يريدون بناء الدولة الدينية- الثيوقراطية- تدريجياً بدأوا بخلق فاتيكان إسلامي من رجال الدين يهدف للسيطرة والتدخل في كل مناحي الحياة العامة فكانت هيئة علماء السودان ثم أمانة الذكر والذاكرين في المؤتمر الوطني ومجمع الفقه ثم الجامعة الإسلامية وديوان الزكاة. وفي الدولة الثيوقراطية يتدخل رجال الدين غير المتخصصين في كل شؤون الدولة وقد ركز الإسلاميون على التعليم والمال (البنوك والشركات). فقد حولوا التعليم من علم ومعرفة وأخلاق عالية إلى أيديولوجية حزبية ضيقة باعتبار أن الأيديولوجيا هي أنجع آليات السيطرة على المواطنين. تدخل مجمع الفقه في قضية المناهج يؤكد صحة المطالبة بفصل الدين عن الدولة، فهنا يقوم رجال دين غير مؤهلين حتى في الفقه الديني، إذ لم تصادفني مؤلفات ومدونات صادرة عن هذا المجمع ولم نسمع عن مجتهدين ومجددين يتبعون للمجمع. ورغم ذلك يعطون أنفسهم الحق في التدخل في مناهج تدريس الفيزياء والكيمياء والرياضيات، بلا معرفة ولا تخصص هذا موقف غير أخلاقي يجعل الجهل يتحكم ويراقب كل حياتنا وأعمالنا.
ظهرت مدارس وتيارات تربوية حديثة بعيدة عن عقول وفهوم الفقهاء التي تعتبر الحفظ هو التعليم والذكاء عندهم القدرة على الحفظ والتلقين بينما الذكاء هو القدرة على حل المشكلات سواء أكاديمية أم سلوكية. وفي أمريكا اللاتينية أهم المثقفون التقدميون بقضية التعليم ومن هناك جاءت تيارات تتحدث عن تعليم المقهورين أو تربية المقهورين Pedagogy of the oppressed وتربية الأمل Pedagogy of hope وهي ثلاثية فكرية دشنت المدرسة الحديثة في التربية التي رائدها البرازيلي باولو فريري Paulo Freire وتبعه تلاميذه في الولايات المتحدة وخارجها وفي العالم العربي حاول التربوي المصري حامد عمار تعريفنا من خلال الترجمة بهذا التراث. ويطالب التربويون والمعلمون العرب بتبني نظريات هذه المدرسة الفكرية الحديثة.
ومن أهم المرتكزات الفكرية لباولو فريري ومدرسته تقسيم التعليم إلى نمطين: تعليم نقدي وتعليم بنكي ويقوم الأول على التساؤل وحرية المستعلم في الشك والبحث الحر بينما التعليم البنكي يقوم على الحفظ والتلقين والاتباع والتقليد فالمعلم يعطي معلومات للطالب الذي يحفظها كوديعة ويعيدها نهاية العام إلى الأستاذ وفي الامتحان يتحصل على الدرجات النهائية في حالة كتابة المعلومات كما هي دون زيادة أو نقصان وهذا تعليم ضد الذكاء الحق وضد الإبداع وهو الذي يسود في مؤسساتنا التعليمية ويعمل مجمع الفقه على تكريسه وبالتالي يخرج لنا المتعلم أو الطالب الخرتيت أي البارد والجامد والذي لا يطور ذاته ولا وطنه.
أختم بسؤال خبيث ما هو مصير فتوى قتل المتظاهرين التي صدرت للمخلوع أثناء الثورة؟
الميدان
كلامك جميل ربنا يحفظك
يا دكتور حيدر عن اي رجال دين تتكلم هؤلاء مجموعة عطالة فشلوا في الدراسة الاكاديمية واتجهوا الي الطريق الاسهل وهو الدين وهم ساقطين حتي في الشهادة الثانوية
فتوى قتل المتظاهرين التى صدرت للمخلوع قبل أكثر من سبعة سنوات أصدرها المدعو عبدالجليل النزير الكارورى الذى قال :- ضحايا المظاهرات فى سبتمبر 2013 استحقوا القتل لانهم خرجوا عن طاعة ولى الامر !!؟؟ ونسى هذا الدجال أن ولى أمره هذا قد خرج فى يونيو 89 عن طاعة ولى الامر أنذاك الصادق المهدى
عفوا يا دكتور، رجاء لا تقحم الجامعة الاسلامية في موضوع الكيزان، لعلمك اذا لم تكن تعرف عن الجامعة الاسلامية فانها موجوده من ايام الاستعمار منذ عام1912م اكثر من مائة عام باسم المعهد العلمي ثم كلية الدراسات الاسلامية ثم تم ترفيعها الى جامعة امدرمان الاسلامية في عهد الدمقراطية الثانية عام 1963م وليس للكيزان او اي حزب سياسي دور في ذلك.
طيب اشان ما نقحم
يبدو ان الجامعة الاسلامية احد معاقل الكيزان و تفريخهم …. فالنفتح ملف ادارتها و ميزانياتها و انواع انشطة الطلاب و تاريخ الجامعة و علاقتها مع العهد البائد و رموزه..و الاهم تقييم المناهج و مناحي المواد المقدمة. ( يكفي انتاج القتلة ).
لم نسمع عن منبر او مؤتمر علمي قدم بالجامعة عن خراب و لوصية و اجرام الاسلامويين.
ما أجمل رأيك يا دكتور ! بكل تأكيد إن طريقة تفكير هؤلاء العطالى لا بد من أن تزيدنا تمسكاً بالمطالبة بفصل الدين عن الدولة وإلغاء مجمع الفقه الإسلامي لأنه لا عمل له سوى التدخّل فيما لا يعنيه وغرس الفتن بين أبناء المجتمع الواحد و إصدار قرار قوي وحار بإلغاء ديوان الزكاة .. لأننا في الزمن الذي لا يوجد فيه ديوان زكاة كان الناس على دين آبائهم ..محفوراً في وجدانهم .. بائناً في سلوكياتهم .. يخرجون الزكاة ويدفعونها لمستحقيها الذين يعرفونهم كما يعرفون أنفسهم .. لا يوجد في قريةٍ فقير أو محتاج ألا وأنه يعيش كما يعيش الأغنياء فيها .. لا يفوّت فيها أحد ولا يكّبرون عنهم اللّفة أو يكتلونها عنهم .. أما بعد بروز ديوان الزكاة, أضحت تصرف في غير مستحقيها عدا (العاملون عليها) .. وكانت نتيجة ذلك أن زاد عدد الفقراء والمساكين .. وزاد الأغنياء غناً على غناهم بسبب احتكار ديوان الزكاة للزكاة وعدم صرفها على مستحقيها إضافة الي الإستثمار الصِرف في مال الله .. والبيع بالأقصاط للوابورات والركشات والتكاتك أحياناً .. وهبتها كرشاوي لأصحاب المشروعات الزراعية نظيراً لدفعهم الزكاة ولضمان إستمراريتهم في دفع الزكاة في الاعوام القادمه وتشجيعاً لهم على زيادة كمياتها بإعتبارهم زبائناً يستحقون التكريم على وفائهم.
well done!
بس هي امتداد طبيعي لفكر الإخوان وجماعات الهوس الديني حتى لو أسست قبل الاستعمار وكلنا يعلم ماذا حدث فيها للشاعر التجاني يوسف بشير عندما كانت تسمى المعهد العلمي هي نفس أساليب وطرق الكيزان وغيرهم من التكفريين والمهوسيين .
يسقط حمدوك
وقبله العسكر والجنجويد
رايحين بينا وين الجماعه ديل…الله يستر من القادم