غضب في فرنسا بعد تعرض سياسية من أصول عربية للتهديد بالقتل والاغتصاب على يد اليمين المتطرف

باريس ـ «القدس العربي»: تعرضت إنصاف رزاقي، وهي قيادية فرنسية في الحزب الاشتراكي في مدينة فريجيس في جنوب فرنسا، لتهديدات بالقتل والاغتصاب، على يد اليمين المتطرف، وهو ما أثار عاصفة من الاستهجان والاستنكار في الأوساط السياسية والمدنية، كما قرر القضاء فتح تحقيق في الحادثة.
وفي تصريحات خاصة لـ«القدس العربي»، قالت الآنسة رزاقي وهي من أصول جزائرية، وتبلغ من العمر 21 سنة، إن هذه التهديدات «أثارت صدمتي لأنها كانت عنيفة جدا، وتجاوزت كل الحدود، ولم أكن أتوقع يوما أن أتعرض لحملة شعواء مليئة بالحقد والعنصرية، لأنني أحارب أفكار اليمين المتطرف في مدينتي بطريقة حضارية منذ ثلاث سنوات».
وأكدت القيادية الشابة إنصاف أن أسباب هذه المضايقات التي تحولت إلى تهديدات مع مرور الوقت مردها إلى «ثلاثة عيوب» في نظر اليمين المتطرف: أولا لأنني امرأة، لهذا حرضوا على اغتصابي، وثانيا، كوني من أصول عربية جزائرية، فقد نعتوني بالفتاة العربية القذرة، ثالثا، كوني مسلمة فقد وصفوني بالإرهابية المتشددة».
وشددت القيادية اليسارية في مدينة فريجيس، على أن ما تعرضت له «لن يزيدني إلا إصرارا وصمودا من أجل محاربة الفكر العنصري الذي أصبح يهدد قيم التعايش المشترك».
وأضافت إن هذه الحملة الممنهجة بالرغم من خطورتها فإنها «غير خائفة»، لكن عبرت عن خشيتها من المساس بعائلتها خصوصا أن شقيقتها تلقت أيضا تهديدات بالتصفية الجسدية، والهدف من ذلك تقول إنصاف هو «ترويعي وابتزازي».
كما أكدت القيادية في حزب اليسار والطالبة المقبلة على ولوج مهنة المحاماة، في حديثها، أن هذه الحملة التي يشنها اليمين المتطرف ترجع لسببين رئيسيين، أولهما، دفاعها عن الجالية العربية والإسلامية في مدينة فريجيس التي لم تكن تتوفر على مسجد وقد «ناضلت في حزبي من أجل تخصيص مكان للعبادة للمسلمين لكي يتمكنوا من أداء الصلاة في ظروف لائقة وحسنة، مثلهم مثل باقي الديانات الأخرى»، وهو ما أثار غضب دافيد راشلين عمدة مدينة فريجيس والقيادي في حزب مارين لوبن، الذي رفض إعطاء تصريح ببناء المسجد في مدينته. أما السبب الثاني، حسب تصريحاتها، هو عزمها «خوض الانتخابات التشريعية المقبلة، وبالتالي أصبحت منافسة حقيقية لليمين المتطرف في معقله في مدينة فريجيس، وبالتالي يريدون قطع الطريق علي وثنيي عن ذلك، وهو ما لن يحصل».
وعبرت إنصاف رزاقي عن امتنانها لكل الذين تعاطفوا مع قضيتها، حيث انهالت عليها آلاف الرسائل من مواطنين عاديين من كل أنحاء فرنسا، على وجه الخصوص من طرف النساء اللواتي استنكرن التحريض على اغتصابها، وكذلك منتخبين محليين عبروا لها عن مساندتها في محنتها. كما انتفضت عدد من الشخصيات السياسية البارزة ضد هذه التهديدات، وكان أبرزها رئيس الحكومة مانويل فالس الذي شدد على «تضامنه المطلق مع إنصاف التي تتعرض لحملة عنصرية مقيتة من طرف اليمين المتطرف»، وقالت وزير التعليم الفرنسية، نجاة فالو بلقاسم «ما تعرضت له إنصاف، أمر غير مقبول على الإطلاق، ويجب أن تحظى بمساندة كل الذين يؤمنون بقيم الجمهورية».
كما أكدت القيادية الشابة أنها تلقت دعما كبيرا من طرف الحزب الاشتراكي الذي تنتمي إليه، وكان جان كرسيتوف كامبديلييس، الأمين العام للحزب الحاكم، اتصل بها واطمأن عليها وشدد على وقوفه معها ضد «الحملة المسعورة لليمين المتطرف»، كما نصحها باتخاذ مجموعة من الاحتياطات اللازمة خشية على حياتها. هذا ومن المقرر أن تخرج مظاهرة يوم الأربعاء القادم في مدينة فريجيس، بحضور عدة قيادات من مختلف التيارات السياسية، وعدد المنظمات المدنية والحقوقية، تنديدا باستشراء الخطاب العنصري في هذه المدينة بشكل خاص التي يحكمها اليمين المتطرف.
وكانت القيادية الشابة في الحزب الاشتراكي في مدينة فريجيس، قدمت شكوى لدى الشرطة خوفا على حياتها، مما دفع القضاء الفرنسي بفتح تحقيق في الحادثة من أجل تقديم المتورطين للعدالة بتهم «التهديد بالقتل والتحريض على ارتكاب جريمة الاغتصاب، والتصريحات العنصرية».
وفي ختام حديثها قالت إنصاف رزاقي إن حزب اليمين المتطرف أصبح يمثل «خطرا محدقا على مستقبل البلاد»، وتخشى من وصوله للسلطة خصوصا أن فرنسا على موعد مع الانتخابات الرئاسية في غضون أشهر، مؤكدة في الوقت نفسه أن برنامج حزب مارين لوبن «إقصائي وعنصري، سيؤدي إلى كارثة حقيقية في حال تمكنه من الوصول لسدة الحكم، الأمر الذي قد يدخل البلاد في حرب أهلية»، وأضافت «صحيح أنني من أصول عربية وأفتخر بذلك، لكن أفتخر أيضا بكوني فرنسية، وأحب فرنسا وقيم الجمهورية، لهذا لن أترك حزب اليمين المتطرف، ينشر سمومه وايديولوجيته القاتلة، سنواجهه بكل ما أوتينا من قوة».

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..