الكبير

اسماء محمد جمعة

في شهر نوفمبر 2014 في برنامج مؤتمر إذاعي قال وزير المالية والاقتصاد الوطني بدر الدين محمود إن تخفيض الصرف الحكومي غير ممكن، يوم الثلاثاء الماضي هو نفسه أصدر حزمة قرارات بهدف ترشيد النفقات الحكومية، شملت: تخفيض السفريات، والعلاج بالخارج، ونفقات الوقود والسيارات الحكومية بنسبة 50%.كما قرر تخفيض الإنفاق على البعثات والملحقيات الخارجية، وعدد الدبلوماسيين والإداريين بالسفارات والملحقيات بنسبة 20%.وأعلن وقف استضافة الوفود نهائيًا على نفقة الدولة، وإيقاف عقد المؤتمرات إلا بعد موافقة وزارة المالية، وكذلك حظر شراء العربات الحكومية، أو الأثاث.كما قرر إيقاف التصديق بإنشاء مبان جديدة وتخفيض تكلفة استهلاك كهرباء الوحدات الحكومية وترشيد استخدامها .
السؤال الذي نوجهه للسيد الوزير ، ما الذي تغير في علم الاقتصاد فجعل تخفيض الصرف الحكومي في العام 2014 غير ممكن والان ممكن ؟لا شيء طبعا غير العين الحمراء التى استخدمها الكبير مع الحكومة ،فهي كانت تظن إنه يمكنها أن تفعل ما تريد ما دام الكبير يغط في نوم عميق .
في ذلك الوقت أشاد السيد الوزير بصبر ومثابرة الشعب السوداني وصموده أمام الإجراءات الاقتصادية القاسية التي اتخذت منذ تطبيق البرنامج الاقتصادي الثلاثي الذي سينتهي بنهاية العام الجاري(2014) ،وقال إن هناك استقرارا في سعر الصرف وبدأ الجنيه يتعافى ويحقق مكاسب أمام العملات الأجنبية الأخرى، مما يشير إلى أن هناك تحسناً في الميزان الخارجي،وانتهى العام الجارى وجرى خلفه عامان آخران والعالم الثالت سيلحق بهما بعد أيام قليلة والوضع لم يتحسن بل ما زال المواطن يكابد الإجراءات القاسية واشد ، وعن سعر الصرف فحدث ولا حرج.
وزير المالية كان يقول ذلك الكلام لأن المواطن لا يحاسب الحكومة ومرر لها كل برامجها : مرة خماسي ومرة ثلاثي تحمل تبعاتها من شقاء وتعاسة وهو صامت دون نتيجة ، فتشكره فقط على تحمله تلك التبعات التى يبدو انها لن تنتهي قريبا ،ففي يوم 27 اكتوبر 2016 اي قبل شهر تقريبا وزير المالية نفسه قال وسط تكبيرات وهتافات من نواب البرلمان، أنهم يديرون الاقتصاد السوداني بأمر الله، (و بعد مشي البترول، جانا الدهب والحكومة معاشا علي الله) و قال أن الشعب السوداني صبر علي الوضع الاقتصادي المتردي لأنهم يعرفون أن السودان مستهدف، ووصف ما حدث للاقتصاد السوداني بعد الانفصال بانه معجزة ويجب ان نحمد الله علي ذلك، نعم نقول الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه ، ولكن المعجزة الحقيقية هو ان ما فعلته ايادي الحكومة بالاقتصاد والسودان لم تفعله هورشيما باليابان .
ما قاله وزير الماليه بدر الدين محمود وحتى الوزراء الذين قبله يدل على انهم ليس لديهم (كبير) يحاسبهم ، وكبير أي دولة في العالم هو الشعب، فالحكومة التى لا يراقبها الشعب تفسد وتنحرف ، وإذا ظل الشعب السوداني يتعامل مع الحكومة بالتجاهل ستظل تسمعه هذه الأكاذيب مدى الحياة ولن يجني غير الشقاء والتعاسة ،و أعتقد أنه انتظر الحكومة كثيرا و(اتلومت) معه أكثر وقد آن الاوان لأن تسمعه وتستجيب له وتدفع الثمن .
بصراحة القرار الاخير الذي أصدره وزير المالية بتخفيض الصرف الحكومي والذي أنكره من قبل ما كان له أن يصدره اليوم مالم يتململ الشعب ويفكر في العصيان .

التيار