على وقع الطبول وبريق السيوف.. سفينة التسوية تقترب من الضفة الأخرى

الخرطوم – عبد الناصر الحاج
بحسب المتوفر من المعلومات المبذولة الآن على ظهر الوسائط الاعلامية، ربما يكون يوم الغد يوماً استثنائياً من حيث الاقتراب لطي صفحة انقلاب 25 أكتوبر، وذلك وفقاً لتصريحات رسمية أكدت تحديد يوم الغد موعداً لتوقيع الاتفاق الاطاري بين المكون العسكري وقوى الإعلان السياسي التي تضم إلى جانب مكونات الحرية والتغيير المجلس المركزي، المؤتمر الشعبي، والاتحادي الأصل جناح الحسن الميرغني، ومن المحتمل انضمام تكتلات أخرى. والاتفاق الاطاري يمثل حصيلة رؤى توافقية توصلت لها هذه الأطراف استناداً على مرجعية الإعلان الدستوري الذي اعدته اللجنة التسييرية لنقابة المحامين وباركته الآلية الثلاثية والرباعية، بينما ترفضه كثير من المكونات الفاعلة داخل قوى الثورة، بالإضافة لمجموعات أخرى تتحالف مع الحزب المحلول، وكذلك بعض أطراف سلام جوبا وعدد من التكتلات المتحالفة معهم. ويجئ الاتفاق الاطاري المزمع توقيعه غداً، وسط أجواء تعتريها لغة التخوين والرفض من قبل كلا الفريقين الذين يرفضان التسوية، بينما يبتهج به آخرين يعتقدون أنه خطوة تاريخية لانهاء الأزمة السودانية عبر تغليب خيار الحل السياسي القائم على مبدأ الحوار على هدى الثورة السودانية.
طبول الحرب
لعل الشاهد للساحة السياسية الآن، يلحظ أن عدد من التكتلات السياسية التي شكلت الغطاء السياسي الداعم لانقلاب 25 أكتوبر، والتي لم تدخر جهداً في الدفاع عن الانقلاب وتبرير مشروعيته، هي نفسها المكونات التي تقف الآن حجر عثرة أمام امتثال المؤسسة العسكرية للضغوطات الدولية في اعتماد تسوية سياسية أهم أطرافها الحرية والتغيير المجلس المركزي، لتعود بذلك البلاد إلى مرحلة جديدة أشبه بمرحلة ما قبل 25 أكتوبر. وقد نافحت هذه المكونات والتي يأتي على رأسها أطراف سلام جوبا، تحديداً حركتي مناوي وجبريل وعدد من قيادات المسارات الأخرى في الاتفاق، بالإضافة لفلول النظام المخلوع وحلفائه القدامى، بالإضافة لكيان الشرق الرافض لسلام جوبا، وكذلك عدد آخر من كيانات سياسية ظلت تدعم المؤسسة العسكرية سراً وعلانية، نافحت هذه التكتلات طويلاً في إيقاف أية تسوية ثنائية مع قوى الثورة، متعللة برفضها لدستور المحامين لجهة انها تتهم قوى دولية واقليمية بأنها هي التي كانت تقف خلف حيثياته، وفي نفس الوقت ظلت هذه المجموعات تقف متمسكة بمبادراتها هي للتسوية السياسية التي تريدها شاملة لا تستثني أحد – عدا المؤتمر الوطني- مثلما تقول، لكنها في ذات الوقت لم تُعر هذه التكتلات اهتماماً يُذكر بقضايا الثورة السودانية والتي يأتي في مقدمتها تفكيك نظام الانقاذ، و العدالة الانتقالية، والموقف من وجود المؤسسة العسكرية داخل مؤسسات الحكم الانتقالي، فضلاً القضايا التي ترتبط بطبيعة الدولة الدستورية لحل المشاكل الجذرية التي تقف حائلاً أمام تحقيق سلام شامل وعادل مع بقية حركات الكفاح المسلح.
حيث سرعان ما أعلن القيادي بالحرية والتغيير – الكتلة الديمقراطية، مبارك أردول، مناهضتهم للاتفاق الإطاري بين قوى الحرية والتغيير والمكون العسكري. وتعهد بتشكيل أكبر جبهة سياسية وشعبية لهزيمة الاتفاق وأضاف (نحن شاركنا في هذه الثورة دم وعرق واعتقال وتشرد فلن نسمح لقوى أن تختطفها لنفسها، سنكون أكبر جبهة سياسية وشعبية لهزيمتهم وليس ذلك ببعيد). وقال إن إتفاق الشراكة الثنائي الذي سيوقعه العسكريون مع قوى الحرية والتغيير، سيكون مثله مثل الذي وقع في قاعة الصداقة في 8 سبتمبر 2021م، وأضاف (فقط هذه المرة بدون رئيس مجلس الوزراء ). كذلك هدّد رئيس أحزاب وحركات شرق السودان، شيبة ضرار، بإغلاق الإقليم في حال تمّ استبعادهم من التسوية الجارية. وأكّد بحسب صحيفة الحراك الصادرة، السبت، أنّ حكومة المركز إذا تجاوزتهم ولم تشركهم في العملية السياسية، فإنّهم سيتخذّون خطوة تصعيدية أخرى بعد إغلاق البلاد. من جهة أخرى ، لا زالت منصات سياسية محسوبة على المنظومة البائدة، تنشط هذه الأيام في تعبئة جماهيرية واعلامية لافشال الاتفاق في مهده قبل أن يصبح واقعاً لا مناص منه، ويهدد أصحاب هذا التيار بالنزول للشوارع لإظهار الرفض الجماهيري الواسع لهذا الاتفاق، مع تكثيف الدعوة للمكون العسكري بضرورة الانحياز لرغبة السودانيين الذين يرفضون هذا الاتفاق.
بريق السيوف
ليست وحدها القوى المعادية للثورة السودانية وشعاراتها من تقف ضد التسوية الجارية الآن، لكن عدد مقدر من المكونات الفاعلة في قوى الثورة، تقف أيضا ضد الاتفاق الذي يجري الآن، وإن كانت منطلقات هذه القوى تختلف في ظاهرها وباطنها عن مبررات تلك القوى الرافضة للتسوية وداعمة للانقلاب في ذات الوقت. ويأتي على رأس تلك المكونات الثورية، الغالبية العظمى من لجان المقاومة التي تقود الحراك الجماهيري ضد الانقلاب، والتي مهرت هذه المقاومة بأكثر من 120 شهيد حتى الآن والاف المصابين وعشرات المعتقلين. ولطالما أعلنت لجان المقاومة تصديها لأية تسوية مع عسكر الانقلاب دون محاكمتهم على كل الانتهاكات التي تعرضت لها الحركة الجماهيرية خلال السنوات الماضية بعد انتصار الثورة، كما أن لجان المقاومة التي رفضت الدخول في وحدة تنسيقية مع الحرية والتغيير بسبب مشاركة الأخيرة للعسكر قبل الانقلاب، فهي لم تتردد في إعلان جاهزيتها القصوى لإسقاط حكومة التسوية الجديدة في حال قيامها. وفي جانب اخر، يقف الحزب الشيوعي وواجهاته المهنية والمجتمعية في وجه التسوية وكثيرا ما أعلن استعداده لخلق اكبر مظلة تحالفات جماهيرية لاسقاطها. وعلى الرغم من تفهم قيادات الحرية والتغيير لحساسية موقف الرفاق في قوى الثورة، إلا انها ظلت تبشر بهذه التفاهمات على أنها السبيل الأقل كلفة في إنهاء الانقلاب ومن ثم العودة للمسار المدني الديمقراطي وقطع الطريق أمام معسكر الانقلابيين. ويقول ياسر عرمان القيادي في الحرية والتغيير ، أن الاتفاق المرتقب يختلف عن وثيقة العام 2019 الموقعة بين الحرية والتغيير والمكون العسكري، واتفاق 21 نوفمبر 20221 بين العسكر ورئيس الوزراء المستقيل عبد الله حمدوك في عدم مشاركة العسكريين في السلطة على كافة المستويات، مردفا “ستكون السلطة مدنية بالكامل”.
الجريدة
مبارك ارذول يللا ورينا جبهتك العريضة لمناهضة الاتفاق.
عاش مبارك ارذول حرا مسقلا ولايدخل السجن قال شاركت في الثورة.